إعداد/ دجوار أحمد آغا
لدى انتصار الثَّورة الشَّعبية ضدَّ نظام الشَّاه في إيران عام 1979 استبشر الشعب الكردي في روجهلات كُردستان وقادته السِّياسيين خيراً وتأملوا الأحسن في التعامل من جانب الحكومة المركزية في طهران ممنين النفس بالحصول على بعض حقوقهم المشروعة في إدارة مناطقهم بأنفسهم. لكنَّ الذي جرى فيما بعد بحقيقة الأمر كان تنكُّر لحقوق الشَّعب الكردي العادلة وكذلك الابتعاد عن المنهج الديمقراطي في هذه الثورة التي كانت في بداياتها شعبية وشارك بها جميع من ذاق الظُّلم والاضِّطهاد على يد نظام الشَّاه المستبد.
عندما لم يستطع النِّظام الحاكم في إيران حسم القضية الكُردية عسكرياً، لجأ إلى طُرق أخرى من بينها عمليات الاغتيال السياسي ومنها اغتيال الدكتور صادق شرف كندي في17- 9- 1992 بمطعم ميكونوس في برلين قلب ألمانيا.
من هو الدكتور صادق شرف كندي؟
ولِدَ الدكتور صادق شرف كندي عام 1938 في قرية ترخه التَّابعة لمدينة بوكان، تُوفي والده وهو صغير حيث تكفَّل بتربيته وتنشئتهِ أخوه الأكبر الشَّاعر الكُردي الكبير هجار موكرياني. درس المرحلة الابتدائية والمتوسطة في مدارس بوكان ومهاباد بينما أنهى الثانوية في تبريز ومن ثم سجَّل في جامعة طهران قسم الكيمياء والتي حصل على الإجازة الجامعية فيها سنة 1959.
كان الشَّهيد الرَّاحل متميزاً ومتفوقاً دراسياً في سائر المراحل. بعد تخرجه من الجامعة عاد إلى كُردستان حيث درّس مادة الكيمياء في مدارس أورميه ومهاباد حتى عام 1965. وخلال هذه الفترة منح كامل طاقته وكل ما لديه من معلومات علمية لطلابه واهتمَّ بهم بشكل منقطع النّظير. بعد ذلك تم إرساله ضمن بعثة لوزارة العلوم الإيرانية إلى فرنسا عام 1972حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء الصِّناعية من جامعة باريس. عاد بعدها إلى طهران ليُدرّس مادة الكيمياء الصِّناعية لطلاب جامعة طهران.
نشاطاته السِّياسية
تعود بدايات تعامله مع الحزب الديمقراطي الكُردستاني – إيران – الى بداية عام 1973م حينما كان طالباً في جامعة باريس يُجهز لرسالة الدكتوراه في الكيمياء الصِّناعية حيث تعرَّف على الشَّهيد الدكتور عبد الرحمن قاسملو الذي كان بدوره يُدرّس مادة اللُّغة والثَّقافة الكُردية في جامعة السّوربون في باريس. وبعد اطّلاعه على سياسة الحزب وإيمانه بها انتمى إليه وكان عضو ارتباط بين قاسملو وبعض المناضلين القدماء. عُين عضواً مشاوراً للَّجنة المركزية عام 1978م وفي العام نفسه أُنتخب عضواً للَّجنة المركزية في المؤتمر الرابع ثم عام 1980م عضواً للمكتب السِّياسي. وفي عام 1986م عُين معاوناً لسكرتير الحزب. وفي خريف من عام 1989م انتخب في اجتماع اللَّجنة المركزية سكرتيراً عاماً للحزب إثر استشهاد الدكتور قاسملو في فيينا ثم انتخب في المؤتمر التَّاسع سكرتيراً عاماً للحزب.
اغتياله في قلب ألمانيا
بصفته السّكرتير العام للحزب الدِّيمقراطي الكُردستاني في إيران والذي هو عضو فعّال في منظومة الاشتراكية الدولية، شارك الدُّكتور صادق في مؤتمر الاشتراكية الدولية المنعقد في برلين عاصمة ألمانيا. وخلال استراحةٍ له في مطعم ميكونوس ببرلين حيث كان عملاء نظام الملالي الرجعي الإيراني يراقبونه عن كثب ويتابعون تحركاته، انتهزوا الفرصة المناسبة وأقدموا على اغتياله برفقة ثلاثةٍ من رفاقه (فتاح عبدولي وهمايون أردلان عضوي اللَّجنة المركزية للحزب وصديق إيراني يُدعى نوري دهكري) في وضح النَّهار في السَّابع عشر من أيلول 1992.
بهذه العملية القذرة والتي تُعد امتداداً لسياسة نظام الشَّاه الذي كان دوماً يسعى وراء المُناضلين الثوريين بهدف تصفيتهم. نرى نفس النَّهج ونفس الطَّريقة يتبعها نظام الملالي المُقيت بحيث يسعى جاهداً من خلال الإعدامات وعمليات الاغتيال، إلى كسر شوكة المقاومة الشَّعبية الآخذة في الازدياد ضدَّ هذا الظُّلم المُمارس بحق الشَّعب الكُردي.
خُلاصة القول، القوى المُحتلة والمستعمرة لكُردستان تسعى جاهدةً لإسكات صوت شعب كُردستان من خلال اغتيال مفكريه وقادته السياسيين والمناضلين وهو ما تتشارك به جميع الأنظمة الحاكمة على كُردستان على الرُّغم من خلافاتها الفكرية والمذهبية والعرقية إلَّا أنَّها فيما يتعلق بالقضية الكردية فإنِّها تتفق حتماً وخير دليل على ذلك مؤتمرات الأستانة ومؤتمر بغداد الأخير.[1]