إعداد/ مثنى المحمود
تُطلق السريانية على اللغة والنصوص الآرامية المُستخدمة من قبل المسيحيين في الشرق الأوسط والأدنى ولها شواهد وأوابد في جلِّ مناطق سوريا أهمها “النقوش”.
وجدت جذور النقوش السريانية في الأشكال المحلية المنطوقة والمكتوبة في القرون الأولى من العصر المسيحي في الرها (أوري في السريانية هي رها باكور) وكامل مملكة أسروينا التي امتدت إلى شمال سوريا، امتزجت في هذه المملكة الثقافية الإغريقية الآرامية مع التأثيرات العربية القوية.
الدين “المسيحي” باب السريانية
انتشرت المسيحية من الرها إلى بلاد ما بين النهرين وكُتب فيها أول أدب مسيحي باللغة الآرامية، وقبل كل شيء ترجمة الكتاب المقدس، ولهذا السبب انتشر هذا الشكل من اللغة والكتابة الآرامية بين المسيحيين وكان مستخدماً في سوريا مع اليونانية.
والمثير للدهشة أن أقدم النقوش السريانية المعروفة التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس الميلادي لم توجد في رها بباكور ولكن وجدت في سوريا، في المناطق القريبة من أنطاكية وفي القسم الشمالي من الهضبة الكلسية (جبل باريشا، جبل الأعلى جبل سمعان)
سوريا بلد السريان ومهد نقوشهم
اكتُشف حديثاً نقش سرياني على الفسيفساء في قرية النبغة بالقرب من جرابلس، وهذا يُمثل حديثاً مهماً في انتشار السريانية غرباً إلى سوريا، وجدت النقوش السريانية بشكلٍ رئيس في أنطاكية، ومنطقة حلب وعلى طول منطقة الفرات في الجزيرة (الحسكة) وفي بعض الأماكن السهلة (عكار البويرد والأندرين) وبعيداً نحو الجنوب كما هو الحال في القريتين، حيث كُتب بالسريانية، ومار موسى الحبشي وقارا حيث زُينت الكنيسة بالزخارف الملونة والكتابات السريانية، في الوقت الحالي الكنائس مجتمعات الثقافة السريانية (السريان الكاثوليك والأرثودكس، والكلدان المارونية) في حلب ودمشق ومعرة صيدنايا بالإضافة إلى شمال وشرق سوريا هناك بعض النقوش السريانية.
تقنيات متنوعة
وجدت جميع النقوش على الحجر مع بعض الاستثناءات على الفسيفساء، حُفرت معظمها ولكن البعض منها استخدمت تقنية النقش النافر، الخلفية حول الأحرف المنخفضة) تكون عادةً النقوش القديمة المكتوبة في خطوط عمودية ولكن في بعض الحالات رُسمت عمودية لكن رُتبت في خطوط أفقية من اليسار إلى اليمين، خلافاً للاتجاه الطبيعي للخط السرياني.
توجد النقوش عادةً على المباني الدينية، وبشكلٍ رئيسي الكنائس في الغالب توضع حوال المدخل على السواكف أو بالقرب من الأبواب، أو المكان المرئي بشكلٍ جيد من الخارج أو داخل المبنى وقد تكون جزءاً من زخرفة الكنيسة قد يمثل النقش ذكرى تأسيس أو ترميم المبنى، وتدعو أحياناً لإحياء ذكرى الأفراد الذين ساهموا في تمويل العمل، تحتوي البعض منها على معنى ديني كما هو الحال مع الدعوة إلى الاحتفال في الثالوث المقدس، كُتبت بعضها على الجدران من قبل بعض الأفراد تلك تكون خاصة بأسماء الأشخاص الذين يرغبون في وجود أسمائهم في مكان مقدس، وهي تكون حول الأبواب، أو خلف حنية الكنائس توجد بعض النقوش القليلة على أبواب المباني المدنية كما في باشوقة أو يمكن أن تكون توقيع المهندس المعماري، الأب وابنه، على فيلا باموقا، كما يمكن أن تكون أحياناً أو بعض الإهداءات إلى الكنائس، تثبت على وجود النقوش ثنائية اللغة الإغريقية والسريانية.
دلائل وأماكن
هناك العديد من القرى والأماكن التي لا تزال شاهدة على امتداد السريانية على جل الرقعة الجغرافية السورية نذكر منها:
تل معطين: مذبح بخور صغير وجد في تل مطعن (شمال سوريا) كان موجود في متحف الرقة (يعود تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي) كان الموقع ضمن المملكة أسروينا. يكرس الذبح لآلهة غير معروفة ويمكن مقارنته مع الذابح المشابهة في تدمر. ينتمي النقش إلى آرامية الرها التي تُعبّر أصل السريانية.
النبغة: وجدت فسيفساء بالقرب من قرية النبغة الكبيرة في منطقة جرابلس، عليها نقش سرياني يؤرخ إلى 406 407م. يحتفل النقش بتجديد الموزاييك. الموجود في ضريح الشهيد القديس كان في الدير، وبذلك لدينا أول دليل أثري على الرهبنة في شمال سوريا على الأقل في نهاية القرن الرابع الميلادي.
باصوفان: بنقش بناء قصر مكرس إلى مار فوقاس في فترة ما بين 492/491و 469/495 الميلادي.
قلب لوزة: نقش على الحجر أعيد استخدامه في جدار أحد الأبنية الحديثة، ومكانه الأصلي غير معروف. يبدأ بمناجاة الأب، الابن وروح المقدس، رُسِمت الأحرف بشكلٍ أفرادي وعامودي، ولكنها رتُبت في ثلاثة خطوط أفقية.
خربة حسن: ساكف مزخرف موجود عند مدخل الكنيسة وهو تخليد لذكرى الانتهاء من بناء الكنيسة عام 507 ميلادي وجميع نفقات البناء التي دفعت عليه (النقود المواد اللوازم).
مار موسى: أساطير في اللغة السريانية في لوحات زخرفة في حنية الكنيسة في دير مار موسى في القلمون.[1]