حوار/ هايستان أحمد
روناهي/ قامشلو ابنة مدينة الحسكة ونهر الخابور، وجدت نفسها طفلة تغني، اكتشفت ذلك بنفسها، كانت تغني في المدرسة وسط إعجاب وتشجيع أساتذتها، وكانت حصة الموسيقى فرصة لتغني وتعبر عن موهبتها فيها، إضافة إلى مشاركتها في فرقة الكورال التابعة لمركز الأنشطة الموسيقية، لتصبح الأغاني روحاً تستمد منها الحياة.
“كنا نغني أغاني للسيدة فيروز والأغاني الميردلية الجزراوية، مما صقلت موهبتي لأنتقل إلى ممارسة الغناء بلغتي الكردية الأم ضمن فرقة كردية” هكذا بدأت الفنانة جيان خليل من مواليد 15/2 /1983م حوارها معنا، فتعمقنا في أغوار مسيرتها الفنية وكان لنا معها هذا الحوار:
كيف كانت بدايتك مع الفن؟ ومن أي نافذة دخلتِ إلى عالم الغناء؟
البداية كانت منذ الطفولة كنت أغني لكبار الفنانين، مثل فيروز ونجاة الصغيرة والسيدة أم كلثوم، والفنان محمد شيخو والكثير من الأغاني من الفلكلور الكردي، وسط تشجيع من الأهل والأقارب والأصدقاء. وكانت فضائية ميديا تبث أغنياتي، أهمها (آزم كچا پر جوان) من كلمات وألحان أخي سلمان، وذلك شجعني أكثر وتجاوزت مرحلة هامة.
كيف كانت تجربتك الفنية بين الوطن والغربة؟
تركت مدينة الحسكة منذ حوالي 15عشر عاماً، وفي دمشق وجدت وسطاً فنياً، فقد شاركت في عدة حفلات ومهرجانات سواء كانت في أعياد نوروز أو غيرها، كانت أهم مشاركة لي وقوفي على مسرح دار الأوبرا بدمشق مع الفنان الراحل سعيد يوسف، ضمن مهرجان سوريا بعيون كردية. وهناك شجعني الأستاذ والناقد الفني عبد الوهاب بيراني، ثم انتقلت إلى أوروبا لأبدأ مرحلة جديدة، واستطعت رغم كل الصعوبات أن أستمر وأقوم بتجهيز عدة أعمال غنائية.
لكن تجربة الغربة لها دوماً غصة وحزن، وخاصة أن الوطن يشهد حرباً لا تنتهي وشعبنا هناك يعاني الأمرين، وأتمنى أن يعم الأمن والسلام وأن نغني لجمال وبطولات شعبنا المقاوم في وجه الإرهاب.
في مجتمع تسوده الذهنية الذكورية بشكل كبير كيف واجهتِ هذه الصعوبات؟
في البداية كنت الفتاة الكردية الوحيدة التي تغني علناً أمام الجمهور في الحفلات، لذا كنت أواجه ذلك الواقع الرافض لي؛ ولكنني لم أبالِ كثيراً بردات الفعل السلبية، وبقيت الموسيقى المتنفس لي لأعبر بها عن مدى حاجة المرأة للحرية لكي تبدع، وتشعر بوجودها، لاستكمل طريق الفنانات الأوائل اللواتي تركن بصماتٍ هامة في مسيرة الغناء، أما الآن فالصورة مختلفة كلياً فهنالك تشجيع لكل المواهب الشابة بغض النظر عن الجنس، سواء أكان أنثى أم ذكر، والأمر مختلف ما بين الآن والوقت الذي بدأت فيه أخطو خطواتٍ صعبة من أجل الغناء.
من الذي أخذ بيد جيان إلى عالم الفن وشجعها على المتابعة؟
أخي سلمان كان له الدور الأبرز في تشجيعي، وهو من قدمني للجمهور وقام بتصوير وتسجيل أغاني الفيديو كليب بمساعدة قناة ميديا في البدايات، بالإضافة إلى فرقة نوروز آنذاك التي منحت صوتي مساحة جيدة، وكانت بداية تعريفي للجمهور؛ وكان إصراري على ممارسة الغناء ومحبتي العميقة للفن هو الدافع القوي والأساسي لاستمرار مسيرتي الفنية، ولا أنسى كل الأصدقاء الذين شجعوني وبقوة، وأحترم كل من وقف ضدي فالعقلية المتخلفة ربما كانت العائق وهم أيضاً كانوا ضحايا لها.
ما هو اللون الغنائي الذي تحب جيان أن تؤديه في الغناء؟
في البداية كنت أحاول أن أقلد الفنانين الكبار وإحساسهم، أما الآن فإنني أعبر عن روحي بالموسيقى الكردية التي تقترب من الموال والتي تحوي مساحة بوح وتعبير أعلى، وأغني أيضاً الأغاني العربية الطربية. عموماً تبقى الموسيقى مساحة للتعبير، والأغنية والموسيقى الكردية في تطورٍ مستمر، وباتت وسائل التواصل الاجتماعي وازدياد المحطات التلفزيونية الكردية تنقل الصدى الكردي إلى العالم كله؛ مما يجعل الأغنية الكردية في مرحلة جديدة قادرة على إثبات نفسها أمام رياح العولمة الفنية.
الفن رسالة، والفنان هو من يؤدي هذه الرسالة، ما الذي تريدين إيصاله للعالم من خلال صوتك؟
الزمن الحالي يفرض اهتماماً بالغاً بالموسيقى والفن الكردي، ونحن بحاجة لفِرَقٍ على مستوى عالٍ من الاحترافية والأداء، والسعي لتطوير الفن عن طريق الاهتمام بالموسيقى السيمفونية وفن الأوبرا وتقديم نماذج موسيقية تليق بالزمن الذي نعيش فيه، وبالأخص بعدما بات الشرق والغرب على دراية بالشعب الكردي وما عاد مجهولاً ومهمشاً كما كان في السابق.
التراث الكردي غني وذاخر، ماذا يتوجب على الفنان حالياً للحفاظ على هذا التراث؟
بنفس العزيمة التي ينبغي بها تطوير الأغنية الكردية علينا أن نحافظ على مستوى الأغاني التراثية والفلكلورية، لأنها الأساس الذي ارتكزت عليه الموسيقى الحالية، لذا أجد أنه من الضروري الاهتمام بالفلكلور وتنظيم مهرجانات موسيقية وجوائز خاصة للفن التراثي الفلكلوري، فمن لا قديم له لن يكون له خطوات نحو المستقبل.
ماذا تخبئ لنا جيان من أعمال قادمة، وما طموحاتها القادمة؟
حالياً أجهز بعض الأعمال الفنية الخاصة بي، وأتركها مفاجأة للجمهور، قريباً ستبث عبر محطات التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي.
كلمة أخيرة تريدين توجيهها إلى محبيك من خلال صحيفتنا.
أشكر صحيفة روناهي التي كان لها دوام الاهتمام بكل قضايا الفن والفكر والتاريخ الكردي، وأتمنى أن أغني قريباً على مسارح روج آفا أغني للمقاومة والسلام.[1]