رغم إخلاصه الشديد للقصيدة، قرَّر الشاعر الكوردي السوري غمكين مراد التحليق بأجنحة إبداعه في فضاء السرد، حيث أعلن أخيراً إصدار باكورة أعماله الروائية عن إحدى دور النشر الكويتية تحت عنوان جِنِّي. في حوار، مع غمكين مراد، تحدث عن تجربته مع القصيدة
ححوار: الجريدة الكويتية
رغم إخلاصه الشديد للقصيدة، قرَّر الشاعر الكوردي السوري غمكين مراد التحليق بأجنحة إبداعه في فضاء السرد، حيث أعلن أخيراً إصدار باكورة أعماله الروائية عن إحدى دور النشر الكويتية تحت عنوان جِنِّي.
في حوار مع غمكين مراد، تحدث عن تجربته مع القصيدة قائلاً: حينَ يكتُبكَ الشعر، لا قوانين، لا قرار، لا منطلقات، تكونُ أنتَ خميرةً لطحينِ الرُّوح، أنتَ عجينةٌ لخبزِ الرُّوح في تنورِ الكلمات، لتخرج طازجاً من رحم حياتين قد امتزجتا خيالاً وواقعاً بمخاض الشعر المقدس. لكن يبدو أن الرجل المفتون بالشعر انجذب إلى عالم الرواية وأطلق العنان لجِني السرد الذي بداخله، معلناً إصدار رواية جِنّي أولى تجاربه السردية.
يدرك المتابع لتجربة المبدع الكوردي غمكين مراد، حرصه الشديد على اتخاذ خطى مدروسة بعناية فائقة في ساحة الأدب العربي المزدحمة بالكتابات والتفاصيل، لكنه استطاع مبكراً أن يحجز لقلمه مساحة وفيرة وغنية بالإبداع، تعكس تجربة ثرية وفريدة من نوعها، فقد استطاع أن يلفت الأنظار إلى فلسفته في كتابة قصيدة النثر منذ صدور ديوانه الأول الروح أوسع من أن يلبسها جسد عام 2011، مروراً بناموس لا وضاقت الروح وانتهاء بهوَ هوَ قلبي.
يرى كثير من النقاد أن الشعر فقد جزءاً كبيراً من سطوته وبريقه، ونحن الآن نعيش زمن الرواية، لكن مراد كان له تعليق واضح في هذا الشأن: لا يمكن أبداً أن يحل صنف أدبي أو شيء ما، أي شيء محل الشعر من وجهة نظري، الشعر ليس مهنة، بل حياة أخرى نخلقها وتخلقنا، نعيشها وتعيشنا، يكفي الشعر سطوتُه على الروح ولتكن كل التصنيفات الأخرى بكل سطوتها مليكة الحياة القائمة على الدخل الحياتي والتسخير الكلماتي، وهذا الكلام غير قابل للتعميم فيما يخص الروايات المزلزلة للحياة الداخلية فينا.
قال مراد ذلك قبل أقل من عام، لكنه فاجأنا قبل أيام بإعلان صدور روايته الأولى جِنِّي عن دار فاء للنشر بالكويت، وذلك بعد أن عاش في رحاب القصيدة لسنوات عِدة أنتج خلالها أربع مجموعات شعرية متميزة.
والرواية الجديدة التي تحمل توقيع الأديب السوري، تُجَمِّل الحياة بكلِّ تشعباتِها وأزمنتها في سيرة روح واحدة مُكررة دوماً وأبداً أياً كان الزمان والمكان والكائن في حالته المُعاشة داخلاً وخارجاً.
وجاء على الغلاف الأخير للرواية ما كتبه المؤلف على النحو التالي: مُذ كانت الحياةُ وكان الإنسان، كان الحبُّ والوجعُ والبقاءُ والذُرَّى والبحثُ..، ثيماتُ هويةٍ تتلاقحُ في الجوهرِ أرواحاً تتشظى: مُسافِرةً، مُحَلِّقةً، هائمةً، غريبةً، مَنفيِّةً،.. بنفسها وعن نفسها وإلى نفسها، دائرةً حول صخبِ الكمال دون ولوجِ مركزه الصمت. بعد حين عائدةً إلى الرُّوحِ الأُسِّ مُشبَّعةً بحياةٍ خالِقةٍ كأعمقِ ثورةِ جنونٍ على الحياة المخلوقةِ، من أمسٍ مضى، إلى يومٍ عائشٍ، إلى غدٍ يأتي، كأزمنةٍ متواقتة في شهقاتها، مغروسةً في كُلِّ رُوح، حسبُها مُتمايزة كسرٍّ للبقاء.
هي رواية الرُّوح الدائرة عن لمِّ شملِ شظاياها من بدء الخليقة كأزل إلى أبدها مُخيرةً، مُسيِّرة، تائهةً، مُحلِّقة، مُحترقةً نقيةً، مُشوَّبَةً.... موصوفةً بكُلِّ ما في الحياة عبر وجودها كخلق إلهي أو كانفجار أعظم ناسفةً إياها بحياةٍ واحدة تستحقُ أن تُعاش.
يشار إلى أن غمكين مراد تخرج في كلية العلوم الفيزيائية والكيميائية وهو مدرس للمادتين، وصدر له شعراً: الرُّوح أوسع من أن يلبسها جسد عن دار الغاوون في بيروت، وناموس لا عن دار مومنت ورقية ورقمية في لندن، وضاقت الرُّوح وهو هو قلبي عن دار الأمل الجديدة في دمشق.[1]