شيخ ستار برزنجي يعد احد العلامات الفارقة للرياضة في كركوك، حقق منجزات رياضية جيدة على المستوى الوطني وقاد الفرق المدرسية للمحافظة للحصول على بطولات عديدة في انواع مختلفة من الرياضة على مستوى العراق....
حاوره: طارق كاريزي
رجل تجاوز العقد الثامن من عمره، الا انه مازالت تبدو عليه ملامح النشاط والحيوية، فهو التربوي واستاذ الرياضة الاول في كركوك. شيخ ستار برزنجي يعد احد العلامات الفارقة للرياضة في كركوك، حقق منجزات رياضية جيدة على المستوى الوطني وقاد الفرق المدرسية للمحافظة للحصول على بطولات عديدة في انواع مختلفة من الرياضة على مستوى العراق. خلال زيارة جماعية لنا الى منزله في حي رزكاري في مدينة كركوك، تيسرنا لنا معرفته عن قرب، علاوة على طرحي عدد من الاسئلة في مسعى منيّ لتصفح محطات من سيرته كشخصية تربوية وتربوي رياضي. بداية سألناه:
*الرياضة فن الشباب او هواية مرهونة بالمرحلة العمرية للانسان، لكنك في هذا العمر مازالت رياضيا؟
-(اجابنا مبتسما) حقيقة تقدم السن له تداعياته المختلفة بالنسبة للانسان، واولى هذه التداعيات هي تراجع قواه الجسدية والعضلية. صحيح، نعم انا لازلت رياضيا من حيث الروح وتعلقي الدائم بهذا المجال الحيوي من حياة الانسان والشعوب. لقد جذبتني الرياضة حد العشق حتى باتت جزءا اساسيا من تكويني الشخصي.
*كيف جرى التنسيق لديك بين الرياضة والتربية؟
-من حسن الحظ انني تخصصت في مجال التربية الرياضية. وقد التقت لدي هواية الرياضة واحتراف التربية لتكونان متلازمتان ايجابيتان لدي، وقد شكلت هذه المتلازمة الفرصة الكبرى بالنسبة لي كي احقق الكثير من احلامي وتطلعاتي وان اكون عونا للمواهب الرياضية بين الطلبة. ومن خلال تعانق الحرفة والهواية لدي، فقد استطعت الاسهام في تربية الكثيرين من الطلبة في كركوك ومن بينهم العديد من الرياضيين البارزين.
*كيف كانت علاقتك بالطلبة من خلال كونك استاذ مادة الرياضة؟
-اذكر هنا لكم واقعة حصلت لي مع احد الطلبة. انتقلت الى التدريس في مدرسة احدى قرى كركوك. اليوم الذي باشرت فيه الدوام كان اليوم الاول لبدء العام الدراسي. نظرا لكون بداية العام الدراسي يخلو من التدريس وغير منتظم بعد، ولا وجود لجدول الحصص، فانتهزت تلك الفرصة ومن اجل الهاء الطلبة كي لا يشعروا بالفراغ اثناء وجودهم في المدرسة، رميت كرة قدم في ساحة المدرسة وشجعت التلاميذ للعب. جاء احد الطلبة بالكرة واراد مراوغتي، الا انني اخذت منه الكرة بالمراوغة فسقط على الارض مرميّا، فقام وشتمني في الحال. ولعل سبب تجراءه لشتمي كونه لا يعرف انني احد معلمي المدرسة. تعاملت مع الحالة بروح رياضية، واصلت اللعب معهم وانتهزت فرصة وناولت نفس الطالب الذي شتمني كرة كي يسجل هدفا. وبعد تسجيله الهدف انتابه شعور طيب وشعر بالانشراح النفسي. وبعد انتهاء اللعب جاءني وطلب العفو والمعذرة مني. طوال سنين عملي في سلك التربية، تعاملت مع جميع الطلبة من منطلق واحاسيس الابوة. طلبتي كافة يشهدون لي بذلك والوسط الرياضي في كركوك على اطلاع فيما اديت من واجب لجهة تأهيل اجيال من الرياضيين.
*كنت من اوائل الاعلاميين الرياضيين كورديا؟
-تاريخ الحركة الرياضية ومثلما تم توثيقه في مؤلفات لاختصاصيين في الرياضة يشهد بانني اول اعلامي قدمت برامج رياضية عبر شاشة التلفاز باللغة الكوردية. قدمت عام 1971 اول برنامج رياضي باللغة الكوردية عبر قناة تلفزيون كركوك، هذه القناة التي كان بثها يغطي كافة محافظات كوردستان العراق، بل ان بثه كان يصل الى المناطق الحدودية من كوردستان ايران ايضا. واصلت تقديم برنامجي الرياضي هذا لمدة 24 عاما.
*هل من ذكريات تود الاشارة اليها خلال عملك في تلفزيون كركوك منذ نصف قرن؟
-لقد كانت الامكانات التقنية قليلة جدا، قناة تلفزيون كركوك كانت بمثابة النافذة الاعلامية الوحيدة للاعلام المرئي في عموم كوردستان العراق. لقد كانت هناك كاميرة واحدة في القناة. اخذنا هذه الكاميرة الوحيدة في احدى المرّات لتصوير مباراة كرة قدم بين فريقي اربيل والسليمانية. تم تصوير الشوط الاول من المباراة، واذا باحد منتسبي القناة قد جاء الى السليمانية من اجل ان يأخذ الكاميرة، اوضحت له بان المباراة لم تنتهي بعد، الا انه قال بان ادارة القناة تريد وصول الكاميرة باسرع وقت الى كركوك لتصوير امر مهم، فهل تتحمل انت مسؤولية تاخير تنفيذ الامر. عليه ومن باب النزول عند رغبة وامر ادارة القناة، تم ارجاع الكاميرة الى كركوك. وبعد مرور مدة كنت اتلقى المكالمات الهاتفية من الجمهور الرياضي خصوصا من جمهور السليمانية يستفسرون عن سبب عدم بث المباراة عبر شاشة القناة، فكنت اختلق الاعذار والحجج على شاكلة كون الفلم قد تعرض للتلف ولهذا لم نستطع بثه مع شديد اعتذارنا.
*سمعنا بان لك اهتمامات ثقافية، ومكتبتك تشهد بذلك؟
-انا سليل اسرة ثقافية الفت الثقافة والعلوم والمعارف. لقد كانت لدي مكتبة غنيّة فيها العديد من المصادر المهمة والمخطوطات النادرة لآبائنا واجدادنا، ولعل اهم هذه المخطوطات سبعة مخطوطات للعالم الجليل والطبيب الشهير شيخ محي الدين كركوك، المخطوطات السبعة جميعها كانت في علم الطب والاعشاب والادوية. فقد اشارت المصادر الى ان الشيخ الجليل والطبيب المعروف شيخ محي الدين كركوك كان عالما بجميع انواع الزهور والاعشاب والنباتات في كوردستان، يجنيها ويصنع منها انواع الادوية ويستخدمها في معالجة المرضى. هذه المخطوطات المهمة مع عدد آخر من المخطوطات ومكتبتي بالكامل وارشيفي الرياضي قد تعرض للسلب والنهب بعد عودة قوات الحكومة العراقية في نهاية آذار من عام 1991 الى كركوك وبسط سيطرتها على المدينة. وكذلك تعرض ارشيفي ومكتبتي للنهب والسلب للمرّة الثانية عام 2003 وذلك تزامنا مع الغزو الامريكي للعراق وسقوط النظام السابق.[1]