تقرير/ هايستان أحمد
روناهي/ قامشلو: في حديقة الفن الكردي الكبيرة والزاهية تنمو أزهار الإبداع لتعطي أجمل الصور الفنيّة بعبقٍ ورديٍ لطيفٍ، ومن بين تلك البراعم زهرة جميلة صغيرة لم يكتمل نموها بعد؛ تأخذ من خيوط الشمس ألحاناً ومن أنهار كردستان كلماتٍ، فتغني وتزهر ويفوح العطر.
للغناء والموسيقى دور فعَّال في الحياة؛ فهي صديقة الروح وونيسة القلب في كل الأوقات، فعندما يريد الإنسان أن يخفف عن نفسه يلجأ دون علمه إلى الموسيقى والأغاني التي تُحاكي مشاعره وتضبط أعصابه، وقد كان الغناء رفيق كل المناسبات وبالأخص في تراث الشعب الكردي، وفي كل تفاصيل حياته اليومية، ولهذا كان ومازال الغناء والموسيقى من أولويات اهتمام الكرد، ولمع نجم الكثير من المغنيين الكرد الذين تميزوا بصدق إحساسهم وجياشة مشاعرهم والتزامهم بالفن الرصين.
حب كبير للموسيقى
ومن بين تلك النجوم سطع ضوء سهيلٍ صغيرٍ بعمره كبيراً بفنّه، فكانت أغانيه تلامس القلب دون استئذان؛ فصوته وحبه للغناء زاد على أغانيه حلاوة، ومشاعره تنبعث من كل كلمة تخرج من فمه الصغير، إنه الطفل “سردار رجب سربست” من مدينة قامشلو الذي يبلغ السابعة من عمره، أحب الغناء والموسيقى وجذبته ألحان والده منذ عمر السنتين. لربما يراود الشك الكثير حين يُقال سنتين فقط، ولكن والد سردار يؤكد: “تفاجأت عندما غنى معي وهو في هذا العمر الذي كان قد بدأ تواً بالكلام، فأنا أحب الموسيقى وأعزف على الطمبور كثيراً وفي أحد الأيام حين كنت أعزف وجدت سردار يغني بكلِ جهده لتكون الكلمات سليمة وهو في هذا العمر الصغير”، كانت المفاجأة كبيرة ورافقتها الدهشة والإعجاب والتشجيع، ومنذ ذلك الوقت يرافق سردار جلسات أبيه الموسيقية لتكتمل الصورة الفنيّة بأبهى حلتها ليكون الطفل المغني الصغير إلى جانب والده العازف، وغنا معاً الكثير من الأغاني الكردية.
“أريد أن أكون فناناً عندما أكبر”
وفي حديثنا مع الوالد أشار إلى حبه للفن والموسيقى والذي ورَّثه لأطفاله الثلاثة، فعائلته كلها تجيد الغناء وبشكلٍ جيد، والعيش في كنفِ عائلة محبة ومشجعة على مواهب أطفالهم كانت ثمرة نجاحٍ قطف منها الأولاد العلم والمعرفة وتذوقوا الفن الملتزم، وهدفهم أن يصل أولادهم إلى أعلى المراتب ويحققوا نجاحاتٍ باهرة في المستقبل. وعن حبه للفن تحدث لنا سردار رجب سربست قائلاً: “أريد أن أكون فناناً غنائياً في المستقبل وأغني أفضل الأغاني الكردية”، سردار يجيد الغناء بكلِ إتقان وبدون أخطاءٍ ويلتزم بالسلم الموسيقي حسب النوطة، إنه فنانٌ بهذا السن فكيف سيكون عندما يكبر؟
طفل بهذا العمر الصغير يسعى إلى تعلم العزف على الطمبور أيضاً، هذا الأمر يخلق في النفس بريق أمل بالأجيال القادمة على أنهم سيحافظون على الفلكلور والغناء الكردي وسيرتقون بالفن الكردي إلى منابر العالم، وكما اتضح لنا أن التشجيع أهم من الإبداع والموهبة، فعندما يفتح الأهل أعينهم أكثر على هوايات ومواهب أطفالهم يرتقي الأطفال إلى مراتب عليا، فالطفل بذرة صالحة مثمرة إن عرفت كيف تعتني بها وتسقيها وترعاها بالحب والاهتمام.[1]