القاص والروائي حسن جاف. لسانه وقلمه دأبا النقد ولم يتردد ابدا من توجيه سهام نقده حيثما اقتضى الحال، ولم يكن ابدا يهاب النتيجة مهما كانت قاسية. انه اديب المعي تشهد له سيرته بانه كاتب ملتزم بقيمه الوطنية ودفاعه المستميت عن شعبه ووطنه..
حاوره: طارق كاريزي
الاديب المشاكس والقلم الجريء، ربما هو التعريف الاكثر كثافة واختزالا للاستاذ القاص والروائي حسن جاف. لسانه وقلمه دأبا النقد ولم يتردد ابدا من توجيه سهام نقده حيثما اقتضى الحال، ولم يكن ابدا يهاب النتيجة مهما كانت قاسية. انه اديب المعي تشهد له سيرته بانه كاتب ملتزم بقيمه الوطنية ودفاعه المستميت عن شعبه ووطنه، وفضح من خلال ادبه الممارسات القمعية التي نفذتها السلطات العراقية ضد ابناء شعبه، بل ان العديد منن قصصه ورواياته هي نصوص وثائقية تستعرض وتدين القمع الواسع الذي مارسته سلطات الاحتلال ضد شعب كوردستان لقاء مطالبته بحق العيش الكريم والتمتع بالحرية والاستقلال اسوة بباقي الشعوب والامم.
لعل من سخريات القدر ان يدفع المدافع عن الحق والمجاهر به ضريبة موقفه باهضا. لقد تعامل الآخرون مع القاص والروائي حسن جاف من موقع كونه يمارس الشغب ويثير الفوضى! هكذا فهموا تصديه لنقد ما رآه خطأ، فقلم هذا الكاتب الجريء عهد على عدم التهاون مع السلبيات والتصدي لها من دون مبالات بالضريبة المنتظرة من وراء ذلك.
التقيته في دار موكرياني للطباعة والنشر، كان جالسا على كرسيّة وبدى عليه الاعياء والتعب بشكل واسع. مع انه مازال يعتني بهندامه ويداري اناقته بشكل تام، الا ان اكثر من عقدين امضاهما وحيدا فريدا بعد استقرار اسرته في ديار الغربة، انهكته الى حد كبير. اخذت التقط صورا متتالية له، فانبرى يقول:
-انت مجنون، الآخرون يلتقطون صور الفاتنات وانت تلتقط صورا لي بوضعي البائس هذا.
محاورة حسن جاف لا تخلو من المزحة والطرافة، قلبه يباري الالماس في بياضه، عليه فان كل المشاكسات التي تلمسها منه، ما هي الا مناورات بريئة ومحاورات لطيفة تفتح ابوات المواضيع المختلفة على مصاريعها. مع انه يعيش حالة اجتماعية عسيرة، الا انه مازال يحافظ على رزانته وتوازنه، وقال موضحا وضعه الحياتي:
-الوحدة قاسية وقد شلّتني تماما من الكتابة وجمّدت يراعي من العطاء.
وتابع مبينا ظروف حياته القاسية من الناحية الاجتماعية انني اعيش وحيدا منذ 22 عاما، فالاسرة غادرت كوردستان بسبب الحصار المزدوج الذي فرض من قبل بغداد والامم المتحدة وجعل الاوضاع الاقتصادية في كوردستان تسعينيات القرن الماضي في غاية الصعوبة، وبعد ان استقرت الاسرة في ديار المهجر، كان من المقرر ان التحق بهم، الا انني لم اغادر كوردستان.
سألته، ولم تراجعت عن قرار رحيلك وهجرتك؟
-ليس من السهل ترك الوطن وراء ظهرك وعبور جسر الذكريات التي تمتد عميقا في بعدي الزمان والمكان (عمر تمضية في جغرافية الوطن) بما في البعدين من محاطات ساخنة، نعم ليس من السهل القفز فوق مسيرة عمر مديد قضيه بين الادب والنضال الوطني والانساني.
*طيب لم سمحت للاسرة بمغادرة الوطن؟
-ليس بخاف على المطلعين الذين عاشوا في كوردستان اثناء تلك المرحلة العسيرة بان الحياة في البلد باتت صعبة للغاية بسبب حصار مزدوج خانق فرض على كوردستان حيث بات المرء في حيرة في مسألة تلبية الاحتياجات الاساسية لافراد اسرته، فقد باتت الاسرة تحت طائلة ظروف عسيرة جدا. والهجرة رغم مشاقها ورغم متاعبها بل ورغم مخاطرها الجمّة، باتت تشكل بارقة الامل الوحيدة للباحثين عن حياة افضل من التعاسة التي المت بشعب كوردستان وهو يدفع ضريبة دفاعه عن حريته واستقلال ارضه. لذلك كانت بمثابة الفرصة في زمن معتم، لكنني تراجع شخصيا عن الهجرة بسبب عدم قدرتي على قطع الاواصر التي تربطني بوطني وشعبي، انه سحر المكان الذي اسرني.[1]