ولد في كنف عائلة كوردية وطنية عام 1948 في قرية كرباوي القريبة من مدينة القامشلي في جنوب غرب كوردستان، حيث كان منذ نعومة اظافره محباً للغناء وبرزت تلك الموهبة معه منذ الصغر...
جمال برواري
اسمه محمد صالح شيخموس احمد (محمد شيخو) و المعروف ب( بافي فلك) من الفنانين الكورد الكبار ظهر في السبيعينات من القرن الماضي وعرف بحسه الغنائي الوطني ، ارتبط ارتباطاً وثيقاً بقضايا امته القومية وغنى على حبيبيته كوردستان ووصفها اجمل الاوصاف وكذلك عرف عنه انه اكثر من مثل بأغانيه الم وعذاب شعبه ونضاله في سبيل قضيته وكفاحه لاجلها ،حيث جاب جميع اجزاء كوردستان وحمل مآسي شعبه على ظهره وغنى أجمل الاغاني واشتهر بين جميع فئات المجتمع الكردي ، ولد في كنف عائلة كوردية وطنية عام 1948 في قرية كرباوي القريبة من مدينة القامشلي في جنوب غرب كوردستان، حيث كان منذ نعومة اظافره محباً للغناء وبرزت تلك الموهبة معه منذ الصغر ، رغم تحفظ المجتمع والنظر الى الغناء والطرب على انه من المحرمات الا انه لاقى التشجيع والدعم من اهله وخاصة والده الذي كان يغني معه في ليالي الشتاء الطويلة ويطرب من حوله وهو مازال يانعاً وصغيرا ، كان عمه نجاراً ومحباً للموسيقى والاغاني الكوردية ، حين كان محمد شيخو يعمل آلات العزف من التنك والكالونات البلاستيكية ، بعدها قام عمه يتصنيع طنبورا حقيقياً له وتأثر بها كثيرا وكانت انعطافة كبرى في مسيرته الفنية:
درس المرحلة الابتدائية في قرية خجوكي ، والاعدادية في القامشلي ، بالاضافة الى تلقيه العلوم الدينية في القرية ، في عام 1965 تعرض لمرض في عينه واصيب عيناه بالنقص مما ادى الى اعفائه من خدمة العلم في سوريا ، وبسبب صعوبة الحياة وقساوتها بالاضافة الى مرضه ترك الدراسة وعاد الى القرية للعمل بالفلاحة مع اهله ، وبسبب عمل عائلته في الزراعة وفلاحة الاراضي تجول في العديد من القرى في المنطقة ، وفي حله وترحاله تعرف في قرية “خربي كرما” على خليل يزيدي وحسين طوفي وحليم حسو حيث رافقهم محمد شيخو الى العديد من الحفلات والامسيات آن ذاك ، وتلك الليالي صقلت تجربته الغنائية ، وتعلم اللغة الكوردية وقرأ نتاجات كبار الشعراء الكرد وخاصة جكرخوين وحفظها.
في عام 1970 ذهب الى بيروت لدراسة الموسيقى ، وفي ذلك العام بدأت مرحلة جديدة في كوردستان العراق ، ولاجل دعم ثورة كوردستان العراق قامت لجنة الفن الكوردي في لبنان بالتعاون مع فنانين امثال ( محمد شيخو، سعيد يوسف، رفعت داري، عزالدين تمو، محمود عزيز شاكر، شيرين برور و رمضان نجم اومري ) باحياء العديد من الحفلات والامسيات الغنائية.
وفي حفلة صالة سينما ريفولي عام 1972 بحضور رئيس الوزراء اللبناني في ذلك الوقت صائب سلام قدم ولاول مرة محمد شيخو بعض اغانيه، ومن ثم بث راديو لبنان الرسمي بعض اغانيه ومنذ ذلك الوقت اطلق عليه اسم محمد شيخو ، واصبح عضواً في اتحاد فنانين لبنان ، وتعرف على العديد من الفنانين اللبنانيين الكبار امثال نصري شمس الدين ، فيروز ، وديع الصافي ، عاصي الرحباني و سميرة توفيق. عند بدء الحرب الاهلية في لبنان عاد الى سوريا واسس فرقة فنية في مدينة الرميلان حيث تدخلت الاجهزة الامنية ومنعت نشاطاتها.
في عام 1972 التقيت بالفنان الكبير محمد شيخو في الاذاعة الكوردية تعحبت باصابعة الطويلة كأنها خلقت خصيصا للعزف على الة الطنبور كان يملك قامة طويلة وصوتا رخيما رافقتة الى ستدويو التسجيل للاذاعة الكوردية وسجلت معه حوارا لمدة نصف ساعة كما اذكر كان قد سجل عددا من الاغاني لصالح الاذاعة الكوردية وذاع صيتة بعد ان سجل الاغاني واشتهرت اغنيتة (ئه مان دلو ئه ما دلو _اه ايها القلب الى بغداد ، ثم اعاد الزيارة اليها مجددا عام 1973 و سجل عددا اخر من الاغاني للاذاعة الكوردية، بعد زيارته بغداد اشتهر حين ذاك بين كورد كوردستان العراق ، وقام تلفزيون كركوك بتقديم برامج عنه وبثت اغانيه ، وفي تلك الفترة عقد الصداقات العديدة مع فنانين كوردستان العراق امثال شمال صائب ، كولبهار ، تحسين طه ، محمد عارف جزيري ، عيسى برواري ، وكذلك العديد من الشعراء والشخصيات المثقفة وغنى من قصائد الشاعر بدرخان سندي ، سكفان عبدالحكيم ، خلف زيباري و مصطفى الاتروشي ..:
وفي عام 1974 عاد الى سوريا وسجل اولى نتاجاته الفنية في دمشق بإسم “كوري ” وبسبب مضمون اغانيه الوطنية تعرض للضغط على يد السلطات السورية وبعد ذلك اضطر الى الهرب ومغادرة سوريا والالتحاق بصفوف البيشمركة على ذرى جبال كوردستان العراق .:
بعد اتفاقية الجزائر عام 1975 ونكسة ثورة ايلول ذهب مع البيشمركة الى كوردستان الشرقية (ايران) واقام في معسكر ربت واصبح لاجئاً و شكل فرقة فنية من جرحى وشباب المعسكر، وزار مدينة مهاباد وسجل فيها احدى اهم اعماله ( أي فلك ) وكذلك كاسيت ( من مهاباد منبع دماء الشهداء) وبسبب مضمون اغانيه السياسية والقومية تدخل السافاك الايراني و طالبه بالكف عن الغناء ، و نفوه الى مكان بعيد جداً بالقرب من بحر قزيون على حدود اذربيجان، وهناك تعلم اللغة الفارسية ، وقام بتدريس اللغة العربية في احدى المدارس .
تعرف على الفتاة التي ستصبح شريكة عمره نسرين حسين ملك ابنة احد بيشمركة جمهورية مهاباد حيث كان عائلتها ايضاً منفة الى هناك و كانت احدى طالباته واحبها واغرم الى حد العشق وغنى لها اغنيته المشهورة ( نسرين) وتزوجها رغم المعوقات الامنية التي كانت السلطات الايرانية تقف حجر عثره امامه في كل خطواته وانجب منها اربعة اولاد ، فلك ، ابراهيم ، بروسك وآخر توفى اسمه بيكس .
وبتهمة الشيوعية احيل الى محاكم الحرس الثوري بعد انتصار الثورة الإسلامية ، وبعد صدور العفو في سوريا تنقل بين السفارة السورية في طهران و الدوائر الإيرانية حتى عاد مع اولاده الى مدينته التي احبها، وفي عام 1983 عاد الى سوريا واقام في مدينة القامشلي وأسس فرقة موسيقية وقام باعطاء الدروس الموسيقية وسجل آخر اعماله عام 1986، وفي عام 1987 فتح محل تسجيلات بإسم فلك ومن جديد تدخل السلطات السورية واغلق محله بالشمع الاحمر نظراً لما يحمل اغانيه ومحتويات محله الطابع القومي ، وفجأة اصيب بمرض ادخل على اثرها المستشفى الوطني بالقامشلي وتوفي في التاسع من آذار عام 1989 و بمشاركة شعبية واسعة ولا نظير لها في مدينة القامشلي وعلى صدى آخر اغانيه ( عندما اموت، ايها الاحياء ، لا تدفنوني، مثل الجميع ، كل اذار ، ايقظوني )وارى الثرى في مقبرة الهلالية و ترك خلفه المئات من الاغاني الوطنية والقومية .
ربما كان له موعد مع الربيع ربما كان له موعد مع شهداء آذار مع شهر آذار بمآسيها وويلاتها لقد اضاف هماً على هم بموته وفي ريعان عطائه وشبابه ، ها نحن نوقظك مجدداً ايها البلبل الحزين بعد رحيلك وفي آذارك نتذكرك وسنظل نتذكرك وستبقى علماً من اعلام الفن الكوردي و ستتذكرك الأجيال طويلا ،لأنك تمثل التراث والفلكلور الكوردي الحقيقي.
المصدر: صباح كوردستان.[1]