الاغنية الفولوكلورية (الحيران ) سمة من سمات التراث القومي الدال على الاصالة وعراقة الامة الكوردية التي تعتزبه وتولي الاهتمام به كفن غنائي ومقام كوردي اصيل...
جمال برواري
ان الامة الكوردية اسوة بالامم الاخرى على الكرة الارضية تمتلك فولوكلورا حيا اصيلا والامة الكوردية احدى الامم الحية الغنية بتراثها الزاخر العريق تمكن الحفاظ على هذا التراث وتقاليدها وتاريخها وان هذا ىالتراث والفولوكلور يشكل الحجر الاساس لاداب كل امة ،الفولوكلور مادة خامة وهو مصدر للفنانين والادباء والكتاب. والاغنية الفولوكلورية (الحيران ) سمة من سمات التراث القومي الدال على الاصالة وعراقة الامة الكوردية التي تعتزبه وتولي الاهتمام به كفن غنائي ومقام كوردي اصيل يمتلك خصوصية وما زال يحتفظ بوجوده وديمومته وفاء واخلاصا للماضي المشرق يعكس الحياة بجميع نواحيها وخصائصها في الريف الكوردستناي ومنه انتقل الى المدينة الالتفات الى الغناء الفلكلوري ومن ضمنه الحيران بشكل موسع .
يتناول الدكتور مارف خزندار الحيران بهذا الشكل (تستخدم كلمة الحيران لموضوع شعري والذي ينظم باللهجة الكرمانجية الجنوبية وهو سائد في مناطق هولير وكووية ورواندوز ومهاباد وسنة وبشكل خاص بين الخيلانيين .
اما رزكار خوشناو فهو يصف الحيران بهذه الصورة (الحيران خاص لمنطقة سوران وقد رسخت جذوره بشكل خاص في هذه المناطق وقد اصبح لسان حال الناس في سهل اربيل وقسم من منطقة الخوشناوتي وقسم من منطقة بسدر )
ان السياق الشعري لجمل الحيران غير متكامل والحيران يتناول الحب ووصف وجمال المراة والطبيعة وفي قالب مطرز مفعم بالعاطفة الخيالية المحببة والتي تحمل السامع بشكل كامل الى بحر الحب والعشقوالهيام والحياة الجديدة .
اما الكاتب اسعد عدو في تعريف الحيران يقول (الحيران نوع من المقام ونغمخاص ،مغم ناي الرعاة في السهول والوديان وسفوح الجبال وان هذا الصوت الرخيم يمثل عراقة الكورد واصالته .
اما الكاتب سعدالله شيخاني وهو ايضا احد المهتمين بهذا المجال فيقول (الحيران في بحر الغناء الكوردي له طابع خاص فكان دائما مهذبا ومتربيا حاملا هموم العشاق والمحبين ومصاعب الحياة وشقائها .
الحيران هو ذلك النغم الصافي ينبعث من حناجر ناي رعاة كوردستان وهي تروي لنا الحياة البسيطةالساذجة للمجتمع الكوردي وجمال ورقة المراة وجمال طبيعة كوردستان وجبالها ومراعيها وبساطة اهلها يصف لنا العاطفة المحبوسة في قلوب اعماق قلوب العشاق والحيارى والحيران هو سجل للعشاق .
وهناك الحيران الجبلي ويشمل عشائر وقبائل الخوشناوتي وشقلاوة وهيران وهرير وصلاح الدين وبشدر وكوية وقلعة دزة .
كما يوجد حيران سهل اربيل وهو خاص بسهل اربيل وعشائر گەردی ودزيي .
حين يهم مغني الحيران الابتعاد عن مركز اقامته ويهيء الى رحلة ورحالة للهجرة من مكان اقامته نحو منطقة اخرى في كوردستان فحين يخرج من قراج ومخمور ويتوحه الى منطقة خوشناوتي لرعي الاغنام والعمل والكسابة وقد يشعر ويحس بالغربة فيطلق الحيران ذاكرا شبرا شبرا مسثط راسه يغني الحيران يلهب الحرقة في قلوب العشاق .
كما يتناول الحيران الشيخوخة ويتمنى ان يعود الى عهد الشباب ليمارس الفتوة كالسابق يغني بصوت خفيف وحزين وهاديء ويعبر عن تذمره واستيائه من داء الشيخوخة .
وهناك نوع اخر من الحيران يهدف الى اثارة الضحك وقضاء الوقت اثناء ليالي الشتاء القارص الطويلة شباب القرية يجتمعون ويبدؤون بالصخب فكل منهم يغني حيرانا لكي يقضون الليلة بالفرح والمرح ومن اشهر المغنين الذين اشتهروا بغناء الحيران الفنان الراحل رسول بزار گەردی وحسن سيساوي .
خلال عملي في الاذاعة الكوردية التقيت بالفنان الراحل رسول گەردی كان يحب المرح ويروي لنا حكايات مرحة كما زرته في مسكنه في اربيل برفقة مدير الاذاعة الكوردية المرحوم شاكر منصور حسن والمرحوم سكفان عبدالحكيم
الفنان رسول محمد عبد الله (رسول بيزار گەردی) من مواليد 1926 ومن قرية قەللادكه في منطقة گه ردى في محافظة هه ولير. وعندما كان طفلا توفي والده وتربى فقيرا مصدوما. ومنذ صباه كان مغرما بقصائد الشعراء والمطربين وبالاخص كان مولعا بالمقامات الكوردية مقام حيران ويعتبر استاذا لمقام حيران تعلم مبادئ القراءة والكتابة في المدرسة الابتدائية ولم يتمكن من مواصلة الدراسة بسبب ظروفه الخاصة. دخل الاذاعة الكوردية في بغداد سنة 1947 وقدم حفلات غنائية اسبوعيا ومباشرة على الهواء وسجل للاذاعة الكوردية في بغداد 392 مقاماً واغنية لمدة 42 ساعة ويعتبر ثاني مطرب لكثرة اغانيه بعد الاستاذ علي مردان حيث سجل 60 ساعة من الاغاني والمقامات والاناشيد للاذاعة الكوردية في بغداد وكان رجلا كريما مرحا يهتم كثيرا بهندامه وهو يرتدي الملابس الكوردية كما كان يحترم نفسه وفنه في ذات الوقت فلم يكن مهتما بالمادة وكان كريم النفس ورجلاً مضيافاً وفي شريط ارشيفي بصوته في الاذاعة الكوردية يتحدث عن ذكرياته يقول بان اجرة الحفلة الغنائية لمدة نصف ساعة كانت دينارين ونصف فقط وعن تسجيل صوته لاول مرة على شريط وايرسيم تعجب كثيرا واعتقد بان شخصاً يقلد صوته وعندما سافر الى لندن للتداوي ذكر لهم بان اسمه رسول بيزار كه ردي فسجلوا مختصر اسمه R.B.G وعندما رجع الى العراق سألوه عن صحته قال اصبحت سلاح R.B.Gورجعت. ويتحدث عن سهراته الليلية مع المطربين علي مردان وطاهر توفيق وحسن جزراوي وغيرهم. ترك الفنان رسول گه ردى كثيراً من فنه وادبه واكثر الاغاني والمقامات من كلماته وهناك قسم قليل منها لشعراء اخرين جمع انتاجاته الادبية والفنية في كراسة (بزار- تنقيح) و(گوله ميلاقه ى كوردستان- ورد زنبقة كوردستان) و(شيرين وشلير). توفي في 18 تشرين الاول 1994 عن عمر يناهز 68 سنة في هه ولير.
المصدر شريط ارشيفي بصوته.
+الحيران مفهوما ومضمونا وظهورا تاليف غفور مخموري ترجمة د كمال غمبار.[1][1]