شفق نيوز/ لمّا قام شامي كرماشاني الشاعر الكوردي الكفيف والأمّي بأكبر عملية جراحية في الشعر الكوردي الكرماشاني وترك النظم باللهجة الگورانية وكتب اول قصيدة شعرية اجتماعية باللهجة الكرماشانية بعنوان كرانشيني= الايجار، وكتب اول شعر سياسي قولبه على شكل سؤال ماذا نعمل يا دكتور مصدق؟ والى ان كتب اول قصيدة غزلية عروضية الوزن بعنوان اتركيني وقال بتهكم وسخرية: إمّا سيقتلني الفراق في الاخير، أو همّ الشعر الحديث كان كثيرا ما يردد: لما يخلط التراب بالماء ويضعها في القالب، ويسمى الطين طابوقا، وافتى بعدم تقليد الشعراء الكورد لشعراء الحداثة الفرس، وهو لم يعلم انه باعماله الثلاثة السابقة اجرى اكبر تحديث في المحتوى واللهجة الكوردية الكرماشانية، ولم يعلم بانه اصبح منطلقا للحركة الحديثة في الشعرية الكوردية، وعندما كان الشاعران تمكين وبعده پرتو يكتبان القصائد كانا يمثلان تواصلا للموجة الحديثة، ومن الجدير ان نقول بان بابك دولتي قام بتهديم البنيان القديم باضافة بناء حديث بجماليات يمكن ملاحظتها كمسار حديث للشعر الكوردي.
وهذا الشاعر الحداثوي، اصبح خارجا عن المسار القديم وفتح آفاقا جديدة امام الشعر الكورد بدراية وقصد منه على عكس ما فعله شامي كرماشاني من دون ان يدري.
ومثلما قلنا ان شامي على الرغم من انه كان واحدا من اكبر الذين ادخلوا الحداثة للشعر الكوردي، لم يكن يعلم ما العمل الذي قام به بفتحه ابواب الشعر الحديث امام الشعر الكوردي الجنوبي وايضا سيس الشعر الكوردي وجعله اجتماعيا وايضا استعان بكلام الازقة والشوارع في المدينة والقرية وزان بها اللغة الشعرية الكوردية وهذا اصبح اساسا للحداثويين الاخرين لينجي اللغة الكوردية من العقم ويقوم بتوليد شعراء اخرين من امثال بابك دولتي.
شفق نيوز/ من الافضل ان تحدثنا بنفسك عمن هو بابك دولتي وكيف تعرفه لنا؟
بابك دولتي- ياله من سؤال صعب وعجيب!
يتوجب ان اقول عندما انظر الى بابك دولتي من الخارج، كأنه في هذه الحياة رأى تكرارا كبيرا في تناسخها، الكثير من الناس ليسوا كذلك، كانه في العقود الاربعة الاخيرة عاش العديدون الاخرون باسم بابك دولتي.
وبابك دولتي هذا الذي ترونه الان يختلف كثيرا عن الاخرين، وهذا لا يعني تمييزا لاحد منهم على الاخرين، الهدف من كلامي هو ان كل واحد من هؤلاء الذين تسموا ببابك لهم خصوصياتهم، فمنهم من هو طفل كالاطفال الاخرين، ومنهم من هو مليء بالاحساس، وآخر عالم، واخر جاهل، وواحد قاس جدا. كل هذا الاضطراب في النفس يعود الى انني اشعر بالغربة مع كثير منهم.
شفق نيوز/ وماذا عن شعره؟
بابك دولتي- وشعره ايضا يعبر عنه.
عندما كان اكثر شبابا، كان يكتب اشعار الحب، وبعدها قليلا تحول الى الشعر الاجتماعي، والان على الاغلب يدقق في تفاصيل قصائده. حتى في اللغة الفارسية يسير على هذا المنوال، ورأى في مسيرته الكثير من الامور الصعبة؛ عندما يقوم جميع الشعراء بالكتابة بالاحاسيس والمشاعر المجردة، يأتي آخر وينفرد ويكتب شيئا آخر. في الحقيقة ان الدرس المستوفى من هذا كله انه لا يجب الاستمرار بالكتابة الى النهاية مثلما كنا نكتب كما لو كنا برعما في السادسة عشر من العمر.
شفق نيوز/ ايهما اسهل بالنسبة لك الكتابة بالفارسية ام بالكوردية؟
بابك دولتي- حسب رؤيتي ان للشعر لغة واحدة وهي لغة الشعر وهي لغة عالمية اينما كانت لها عدد من القوانين التي يتوجب مراعاتها اينما كنا. واول قوانينها الرؤية الجديدة. من الافضل دائما ان يكتب شيء لم يكن قد كتب من قبل. وفي هذا المجال ليس هناك فرق بين الفارسية والكوردية وكل شيء متعلق بما نكتبه.
وايضا بهذا الصدد كون الكتابة بالكوردية قليلة فانه العمل الكوردية اسهل. الكاتب اذا كانت له امكانية فانه يستطيع بسهولة ان يخدم بهذه اللغة وان يكون متميزا فيها.
شفق نيوز/ هل تحولت من هناك الى هنا وتركت الكتابة بالفارسية واتجهت الى الكتابة بالكوردية، ام من هنا الى هناك؟
بابك دولتي- في البداية بدأت بكتابة الشعر الهجائي الكوردي، في الحقيقة لم تكن اشعارا جيدة كونها تفتقر الى الخيال الكثير وكذلك الفكر المتميز. ومن ثم تحولت الى الشعر الفارسي وطبعت عدة كتب، والحمد لله تحصلت على التقدير الذي يساوي معاناة الكتابة.
ومنذ حفنة من السنين احسست بضرورة الكتابة باللغة الام بقصد ان يرى الكتاب بلغتنا الكوردية طرقا احدث لعل محبي اللغة الكوردية يسمعون الى كلام مختلف حسب امكانيتي.
شفق نيوز/ اشعارك لها خصوصيات تختلف عن الشعراء الذين يكتبون للغة من مجايليك وهم ليسوا (محبي الماضي) كثيرا بل حداثويون؟ كم كان لتمكنكم من الشعر الحديث الفارسي، من اثر فيك؟
بابك دولتي- انا لا اعاني في الكتابة في الشعر الحديث ولا اعذب نفسي كثيرا به. انا هكذا اعتقد. ومعتقدي هذا هو انه ليس هناك اي فرق بأي لغة تكتب، فهي لوحدها تمنح نفسها الشكل والصيغة.
انا عندما توجهت للكتابة باللغة الكوردية كنت على وعي ان اكتب شيئا مختلفا. فلو كانت كتابتي حسب الاهواء العامة وانا على هذا المستوى من الفكر والمعتقد كنت في النتيجة سأفضح نفسي فقط.
شفق نيوز/ قل الحقيقة، استاذ، هل انت تصوغ شعرك، ام ان شعرك هو من يصوغك؟
بابك دولتي- قديما كان العرب يعتقدون بان كل شاعر له ملاك في خدمته. وهو الملاك الذي يقوم بتكوين تلك المعاني الشعرية في ذهن الشاعر ويحث قلبه على البوح بها. الاصلاحيون الروس قلبوا الفكر رأسا على عقب. وكانت نظرتهم ان الالهام لا وجود له والشعر يجب ان يصنع ويصاغ.
يقول الكسي تولستوي:لم يجد الفكر طريقه الى نصل قلم اي شخص ابدا.
انا اعتقد ان صدر البيت الشعري الاول الهامه سماوي اما عجزه وباقي الشعر يتوجب على الشاعر ان يصنعه بنفسه، وعجز البيت الشعري مرتبط بمدى ثقافة الشاعر ومدى معرفته بالحياة وكم قيمة افكاره، و.. وانا بنفسي اقوم بنظم اشعاري.
شفق نيوز/ الشعراء الكورد الذين يكتبون باللغة الفارسية المتطورة، عندما يتوجهون لكتابة الشعر الكوردي يتقهقرون الى الوراء ويتحدثون عن حياة الكهوف والخيم وحياة الريف واستعمال جلود الحيوان لصناعة اللبن. لماذا يحدث هذا الامر برأيك؟
بابك دولتي- هناك من يتبع المتلقي والسامع، ومن الواضح ان الناس هنا يحبون كل ما يتعلق بالطبيعة والمناطق المفتوحة واي شيء طبيعي، ولكن في هذا الوسط يتوجب على الشاعر ان يعلم ماهو ملقى على عاتقه، فاذا اراد فقط ان يكتب ما يرغب به الناس، فما هي وظيفته في هذا الخضم؟
ان كتابة الشعر عن الاشجار والكهوف وجلود الحيوانات التي يصنع بها اللبن ليس سيئا ولكن بشرط ان يمنحها ميزة وتميز وخصوصية، اي ان ينظر الى معانيه من منظار آخر جديد، لا ان يتم تداول عدد من الكلمات ويعاد ويكرر طرحها بذريعة ان الناس يحبون طرح مثل هذه الموضوعات، فاذا كان الامر مقتصرا على هذا الهدف فانا افضل الا يحبه الناس اصلا!!.
شفق نيوز/ نتذكر فيما سبق كان بعض الرجعيين(المتعلقين بالشعر القديم) يكيلون لك الاتهام في مجالسهم بان بابك دولتي يريد ان يحدث خرابا في الشعر الكوردي، واليوم اختفى هؤلاء وتوجه الالاف هنا وهناك نحو الطريق الذي قمت انت بتعبيده وفتحوا طرقا اخرى جديدة، حدثنا عما حدث في الماضي وعما يحدث اليوم..
بابك دولتي- انا احب جميع الذين قاسوا المعاناة من اجل المحافظة على اللغة الام وهم اصدقائي ولكن ارى انه جاء الوقت الذي ان ينهض شخص ويشمر عن ساعديه ويتحمل العبء. ربما نحن نعتبر انفسنا رواد وقادة ولكن الناس ليسوا بجنود لنا ليطيعوا اوامرنا ويأكلوا من بقايا القصعة المكررة ويصمتوا.[1]