الندافة مهنة من المهن الشائعة التي اشتهرت وعرفت في اغلب مدن العراق، رغم ان المناطق الشعبية اكثر تعاملاً معها.
وقد حافظت هذه المهنة على نفسها امام التطورات التقنية للآلات الحديثة، وبقيت تتنفس الحياة من جيل الى آخر عبر التوارث من الاباء الى الابناء.
والنداف هو الشخص الذي يهيئ لنا مستلزمات الراحة لجميع المفروشات من وسائد ومنادر ولحف وجودليات. وبهذا التعريف لهذه المهنة التراثية ، نعلم انها مهنة تطورت بتطور الحياة . حيث انتشرت هذه المهنة التراثية بصورة واسعة ولا يكاد يخلو منها أي حي شعبي او منطقة معينة لمحافظة من محافظات العراق وتشاهد ، محلات الندافة على نطاق واسع ، والنداف يمارس مهنتين في آن واحد عمل الخياطة والرسم لانه يخيط المفروشات بكل احتراف ويرسم الزخارف والروسومات على (اللحف) . فالنداف الجيد يجب ان يتقن حرفة الخياطة ومهارة استخدام الابرة ورؤية تصميم المفروش وتطريزه على نحو جميل ومقبول . وعند اتقانه لمهنته تذيع شهرته ويرتاده الناس بفضل مهارته واتقانه لعمله.
عدة النداف :
وتتكون عدة النداف من (عصا مرنة) وهي من اغصان شجرة الرمان (وقوس خشبي) فيه وتر من سلك معدني مع (مطرقة خشبية) يقوم بندف ونفش القطن عند تمرير القطن من خلال الوتر ، اضافة الى الابرة والخيط والكشتبان الذي يتم فيه دفع الابرة داخل القطن . والسوط ، يقوم النداف بعمل الفرش والوسائد القطنية والصوفية ، وكذلك في عمل الأغطية وخياطتها ، وهناك انواع كثيرة من الاقطان لا يعرفها الا الندافون وهي متباينة في الجودة والاسعار فقطن اللوكة (ابو الجوزة) سعره 3000 دينار وقطن الشراحي سعره 2500 دينار وقطن ابو العطب ب2500 دينار وقطن الفانيلا (ابو الخيط) ب1500 دينار وقطن الزيوت ب500 دينار وهو نوعية سيئة جدا . وكذا الحال بالنسبة للاصواف المتنوعة ايضاً وهي صوف البطانيات سعره 1500 دينار وصوف (البتك) وهو رخيص نوعا ما وله شعبية بين العوائل الفقيرة فتستخدمه لعمل المفروشات المنزلية . واغلب المواطنين يفضلون القطن ، والبعض الاخر خاصة المناطق الريفية يفضلون الصوف لتواجده لديهم ، فيأتون به لعمل المنادر (الدواشك) واللحف والوسائد (المخدات). حيث جرت العادة أن يتنقل النداف بين البيوت والعوائل العراقية بكل اطيافها للقيام بعمله ، وخاصة في مواسم الزواج على الرغم ما حدث من تطور على مستوى الصناعات النسيجية . ومن الطقوس التي كانت سائدة لدى عوائل الكرد الفيليين حينما يقدم ابنهم على الزواج تبدأ العائلة بتجديد (تنجيد) الافرشة وبعض الاثاث والمقتنيات التي يحتاجها العريسان ، حيث تدعو العائلة الفيلية النداف الى دارها ليبدأ بندافة الافرشة ، حسب طلب اهل العريس ، والجهاز الكامل للزواج عبارة عن دوشكين لسرير نفرين ولحافين وخمس وسائد. وعند انتهاء النداف من عمله ، تقوم العائلة الفيلية بنثر النقود والحلويات على فراش الزوجية تبركاً ، مصحوبة باطلاق الهلاهل والزغاريد . لاشك ان مهنة الندافة تحمل طابعاً تراثياً لا يمكن التغاضي عنه ، برغم موجة استيراد الاسرة الاجنبية ، فقد شهدت مناطق الكرد الفيليين في بغداد بروز عدد كبير ممن امتهنوا هذه المهنة ، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر : حسين لك (ابو موسى) و(مقبل) النداف وحميد (ابو عصام) وابراهيم (ابو فوزية) . ومن الاسباب التي تهدد هذه المهنة التراثية بالانقراض الاستيراد للمفروشات الجاهزة والتي عادة ما تكون من مناشىء سيئة مثل الصين وتايوان ولا يمكن تفضيلها قياساً على الفراش العراقي ، لكن المستهلك يفضلها بسبب تدني الاسعار وجاهزية السلعة فالمواطن الآن على سبيل المثال لا يمكن ان ينتظر النداف لايام عديدة من اجل انجاز (لحاف او دوشك او مخدة) ، الا ان هناك حقيقة يعرفها الجميع ان البضاعة العراقية تصمد وتعمر طويلاً.[1]