كان رئيس قسم العلاقات الكوردية-الأرمنية بجامعة يريفان، فهرام بتروسيان، من بين المشاركين في المؤتمر الدولي لتعريف جرائم داعش ضد الكورد الإزيديين بسنجار كجرائم إبادة جماعية، والذي نظمه مركز رووداو للدراسات. يتحدث بتروسيان في هذا اللقاء مع شبكة رووداو الإعلامية عن كيفية العمل على تحريك ملف الإبادة الجماعية للإزيديين ويؤكد أن على الإزيديين تجاوز مرحلة إظهار أنفسهم بمظهر الضحية:رووداو: ما هي النقاط المشتركة بين الإبادة الجماعية للكورد الإزيديين والإبادة الجماعية للأرمن؟ وكيف يمكن أن نفيد من تجربة الأرمن؟ ,,
كان رئيس قسم العلاقات الكوردية-الأرمنية بجامعة يريفان، فهرام بتروسيان، من بين المشاركين في المؤتمر الدولي لتعريف جرائم داعش ضد الكورد الإزيديين بسنجار كجرائم إبادة جماعية، والذي نظمه مركز رووداو للدراسات. يتحدث بتروسيان في هذا اللقاء مع شبكة رووداو الإعلامية عن كيفية العمل على تحريك ملف الإبادة الجماعية للإزيديين ويؤكد أن على الإزيديين تجاوز مرحلة إظهار أنفسهم بمظهر الضحية:
رووداو: ما هي النقاط المشتركة بين الإبادة الجماعية للكورد الإزيديين والإبادة الجماعية للأرمن؟ وكيف يمكن أن نفيد من تجربة الأرمن؟
فهرام بتروسيان: في الحقيقة، عندما نتناول موضوع الإبادة الجماعية، يرغب بعض المتخصصين في المقاربة بين عمليات الإبادة الجماعية، لكن لا ينبغي لنا أن ننظر فقط إلى النقاط المشتركة بين عمليات الإبادة الجماعية تلك، بل يجب أن نرى نقاط الاختلاف أيضاً. مر الكورد، الإزيديون والأرمن بتجارب إبادة جماعية، واليوم نريد جميعاً أن تكون لدينا رؤية أوضح لما حصل وما يجب أن يجري الآن. من خلال النظر إلى تجربة أرمينيا، يجب تقسيم العملية إلى عدد من المراحل، الأولى هي الإقرار بالإبادة الجماعية، الثانية إدانتها، الثالثة العمل دون تكرارها، والرابعة معاقبة المتورطين فيها. في أية حالة، ومهما كانت خصوصيات الإبادة الجماعية، يجب العمل على هذه الأمور التي ذكرتها، وعن الاختلافات بين عمليات الإبادة الجماعية تلك، كانت الإبادة الجماعية للأرمن هي الأولى في القرن العشرين، كما هو معروف. كانت تلك الإبادة الجماعية مأساة كبرى حلت بالأرمن. كان لها تأثير على هويتنا. لكننا الآن بصدد العمل على مسألة أخرى، وهي مسألة تجاوز الشعور بأن تكون ضحية. عند وجود هذا الشعور وعدم تجاوز المأساة، ستكون هناك آثار نفسية، وهذا يولّد مسألة الهوية. إذا تمعنّا في عمليتي الإبادة الجماعية، نجد أن هناك مشكلة واحدة في كلتا الحالتين، لكن كانت هناك طرق مختلفة للتعامل مع آثار الإبادة الجماعية.
أرى أن هناك اختلافاً كبيراً بين عمليتي الإبادة الجماعية، لماذا؟ الاختلاف الكبير هو أن الإبادة الجماعية في عهد الإمبراطورية العثمانية نفذته الدولة، بينما الإبادة الجماعية للإزيديين، نفذه تنظيم داعش، ورغم أنه يحمل اسم الدولة الإسلامية، فإنه ليس بدولة. لكن كما أشرت من قبل، تمكن الإفادة من تجربتنا لنيل الإقرار بها. إذا عدت إلى سؤالك عن كيفية استخدام تلك التجربة، فإن جوابي عليه جاء في أعلاه. يجب أن تكون هناك خطة، وأن تكون هناك ستراتيجية. خريطة تاكتيكية. لا يجوز العمل اعتماداً على العواطف وحدها، بل يجب أن تكون هناك ستراتيجية تتضمن مجموعة خطوات تاكتيكية. يجب أن تكون متفقة مع القوانين الدولية. كما يجب الأخذ بوسائل مختلفة. كما أسلفت، يجب اجتياز تلك المراحل، وكلما جرى ذلك بسرعة كان أفضل. هناك مشكلة في قضية الكورد الإزيديين وهي مشكلة استمرار معاناتهم، وعدم انتهاء آلامهم. يجب، قبل كل شيء، أن يتوقف ذلك، يجب علينا حل هذه المشكلة، ثم العمل على التخلص من آثارها.
رووداو: في أية مرحلة نحن من عملية التعريف بالجرائم التي ارتكبت ضد الكورد الإزيديين بأنها إبادة جماعية؟
فهرام بتروسيان: في الواقع، من المؤسف أننا مازلنا في المرحلة الأولى من العملية. لماذا؟ لأن رد فعل المجتمع الدولي كان بطيئاً وضعيفاً للأسف. فرغم صدور قرار مجلس الأمن في العام 2014، إلا أن الحكومة الأمريكية لم تقر بتلك الأحداث على أنها إبادة جماعية إلا في العام 2016. ثم جاء تقرير الأمم المتحدة. نحن كنا أكثر نشاطاً في قضية الإبادة الجماعية للإزيديين، فبعد التقارير الأولية المتعلقة بالإقرار بالإبادة الجماعية، أعلن رئيس أرمينيا، السيد سركيسيان، بالاشتراك مع حكومة أرمينيا أن الأحداث التي جرت على الإزيديين إبادة جماعية، وأنهم يدينونها، ووجه الرئيس وزارة الشؤون الخارجية والسفارات بالعمل على هذه القضية وإطلاع المجتمع الدولي عليها.
في الحقيقة، يجب أن تمر الأمور بعملية. مثلاً، أصدر برلمان أرمينيا قراراً، هذا القرار لم يكتف بالإقرار بالإبادة الجماعية للإزيديين بل أدانها أيضاً.
رووداو: ما الذي يجعل المجتمع الدولي يخشى الإقرار بالإبادة الجماعية؟
فهرام بتروسيان: القرارات مختلفة، فهناك قرارات تقر بها فقط، وهناك قرارات تقر بها وتدينها، ولا تجد في كل القرارات قراراً يضم النقاط الأربعة المتمثلة في الإقرار، الإدانة، الحيلولة دون تكرارها ومعاقبة مرتكبيها، فمحاكمة المذنبين تدخل ضمن مهام المجتمع الدولي والقوى العظمى. هناك دول تهتم بالقضية وتعبر عن التعاطف، وتستطيع الإقرار بها وإدانتها، لكن قد لا تستطيع تلك الدول منع تكرارها ولا معاقبة مرتكبيها.
رووداو: ماذا قدم برلمان وحكومة أرمينيا للكورد الإزيديين؟
فهرام بتروسيان: نعم، وكما أسلفت، كان إعلان رئيس أرمينيا الخطوة الأولى. أما قرار برلمان أرمينيا بخصوص الإبادة الجماعية للإزيديين، فقد كان الخطوة الثانية، وكانت هناك خطوة أخرى تمثلت في تقديم العون المالي للإزيديين. استقبلنا في أرمينيا مهاجرين إزيديين وقمنا بإسكانهم في عدد من المناطق. وجد قرابة الألف إزيدي الملاذ الآمن في جمهورية أرمينيا. إن مسألة الإزيديين ومسألة كورد أرمينيا والكورد الإزيديين مسائل هامة جداً بالنسبة إلينا. إذ توجد نسبة جيدة من الإزيديين في أرمينيا، كما أن هناك ألفي كوردي مسلم. نحن نبذل كل مساعينا ليكون لنا دور في حل هذه الحالة، ولن ندخر جهداً في هذا المجال.
رووداو: كيف يستطيع الكورد الإفادة من تجربة الأرمن؟
فهرام بتروسيان: قبل كل شيء، لم نكن نحن المبادرين في هذا المجال، لكننا فقط بدأنا بجمع الأدلة والوثائق. يجب البدء بالعمل، وأن لا يقتصر العمل على المصادر المتوفرة، كمذكرات الضحايا، بل يجب جمع الوثائق اللازمة التي تثبت الحقيقة. ثم، صدقني، سينبري آخرون لمساعدتكم، سيأتيكم خبراء أجانب، وكما أشار أحد زملائي، خلال المؤتمر، الخبراء الأجانب منشغلون الآن أكثر من الأرمن بالعمل على الإبادة الجماعية للأرمن. حتى أن عدد الخبراء الأتراك يفوق عدد الخبراء الأرمن.
رووداو: ما هي الأدلة التي يجب جمعها؟
فهرام بتروسيان: تعلم أن أكثر موضوع شائك هو أن آلام الإيزيديين لاتزال مستمرة، ويوماً بعد يوم، يفقدون بصورة تدريجية ومستمرة المزيد من الأدلة والوثائق التي تثبت تعرضهم للإبادة الجماعية. المشكلة هي أنه على الرغم من هزيمة داعش، فإن هناك مجاميع مازالت تحمل وتتبنى آيديولوجية داعش. أعتقد أنه يجب العمل على اجتثاث هذا الفكر. تجب إعادة النازحين إلى مناطقهم، فالألم سيستمر طالما أنك لم تستعد موطنك.
في الحقيقة، عندما أتحدث عن جمع الأدلة لا أقصد فقط وثائق داعش التي تثبت وقوع الإبادة الجماعية. بل يجب التنسيق مع المنظمات الدولية كالأمم المتحدة والمنظمات الأخرى، للعمل بموجب ستراتيجية مشتركة على معرفة أين هم وإلى أين سيصلون.
إن جمع الأدلة هو نقطة واحدة ضمن العملية، والأمر الأهم هو إدراك أن الطريق أمامهم طويل، ويحتاج إلى ستراتيجية، وإلى التقدم خطوة فخطوة، لفهم خارطة طريق الوصول إلى حل. هذه الخريطة لا ينبغي أن تؤدي فقط إلى الإقرار بل إلى المعاقبة أيضاً.
رووداو: على المستوى الدولي، ماذا فعلت حكومتكم للتعريف بقضية الكورد الإزيديين كإبادة جماعية؟
فهرام بتروسيان: كلف الرئيس الأرميني السابق، السيد سركيسيان، وزير الشؤون الخارجية وجميع سفاراتنا في الخارج بالعمل على هذه المسألة والتأكيد عليها، والاتصال بالدول والأطراف المتعاطفة للتنسيق بشأن هذا الموضوع ومساعدة المهاجرين.
وعلى المستوى الدولي أعتز بأن أرمينيا كانت الدولة الأولى التي نشرت الخبر، وكان برلمان أرمينيا أول عضو في الأمم المتحدة يتبنى قراراً بشأن الإبادة الجماعية للإزيديين، ولا شك أن لهذا الأمر أهمية كبيرة على الصعيد الدولي.
رووداو: ما الذي يجب القيام به لكي يعود الكورد الإزيديون إلى ديارهم؟
فهرام بتروسيان: قبل كل شيء، لدينا معلومات تتحدث عن تغيير ديموغرافي في سنجار، هذه مشكلة كبيرة. يجب أن يتوقف هذا التغيير الديموغرافي. لأن إسكان القبائل العربية في تلك المناطق يحول دون تمكن الإزيديين من العودة إلى منطقتهم. للأسف من المستحيل أن يعود الإزيديون جميعاً، فقد هاجر كثير منهم إلى الخارج. لن يعود الإزيديون إلى ديارهم ما لم يتأكدوا من أن كارثة كهذه لن تتكرر. [1]