على بُعد ستة كيلو مترات عن مدينة القامشلي ترقد بلدة هيمو تحت ظلال أشجار السرو والصنوبر الباسقة لتعانق الشمس عند غيابها بعد أن ذاقت من لهيبها المحرق ما ذاقته خلال وقت الظهيرة؛ لتعود مُجدداًَ كما في كل الليالي وتحكي قصتها للنجوم المرصعة في صدر السماء الصافية.
ففي الماضي لم تكن تلك البلدة التي يفتخر قاطنوها بتعدد قومياتهم ودياناتهم ويتباهون بروح المحبة والأخوة السائدة بينهم؛ سوى تجمعٍ سكانيٍ صغير يضم عوائل مختلفة في الديانات؛ إذ يؤكد ذلك الحاج سيد أمين من مواليد /1922/م أحد أقدم سكان البلدة؛ قائلاً: «كانت التلة التي يُطلق عليها اسم هيمو عبارة عن قريةٍ صغيرة يعود تاريخ نشوئها إلى أكثر من قرنٍ ونيّف؛ وأول من وضع حجر أساس لبناء منزلٍ فيها هو الحاج طاهر محمود ثم توافدت العوائل إليها لتشمل الأكراد والأرمن والسريان إضافة لعائلة واحدة من الإيزيديين. لكن بعدما تطورت المدن وازدادت احتياجات الناس؛ لم يبق من السكان الأصليين في الوقت الحالي إلا عدد قليل بعد أن هجرها الكثيرون وعلى رأسهم الأرمن الذين غادروها إلى جمهورية أرمينية ومن بينهم مختار القرية ويدعى مجيد يحيو كما تركها قسمٌ من الأكراد الذين استقروا في مدينة القامشلي».
[1]
كان توسع تلك القرية الصغيرة أمراً ضرورياً لإنقاذ أكثر من مئة عائلة أُجبروا على ترك منازلهم التي احتلتها مياه نهر الفرات خلال ثمانينيات القرن الماضي؛ لذلك كانت قرية هيمو القديمة الملاذ الوحيد لهؤلاء؛ وعن ذلك يتحدث الحاج علي مصطفى الحمد مختار البلدة قائلاً: «بعد فيضان نهر الفرات في محافظة الرقة سنة /1974/م أُجبرنا على ترك أراضينا التي غمرتها مياه النهر وأتينا إلى هذه البلدة؛ يومها كان عدد تلك العوائل قرابة /174/ عائلة استقروا في بيوتٍ وأراضٍ زراعية خصصتها لهم القيادة السياسية في سورية تعويضاً عما خسروه في مناطقهم، بعدما انضممنا إلى قرية هيمو توسعت رقعة هذه القرية وأصبحت تسمى هيمو الشرقية والغربية وحتى الآن جميع قاطني هذه البلدة تربطهم علاقات أخوة ومودة».
[2]