أجرت شبكة رووداو الإعلامية، مقابلة حصرية مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حيث تم التطرق خلال المقابلة الى مسألة الإستفتاء وإستقلال إقليم كوردستان، بالإضافة الى مناقشة حل المسألة الكوردية في منطقة الشرق الأوسط، وايضاً الأزمة السورية، والكثير من المواضيع بخصوص المنطقة.وأجريت المقابلة في مقر الخارجية الروسية في موسكو، من قبل مراسل شبكة رووداو الإعلامية في روسيا خالد حسين، وفيما يلي نص اللقاء: <<
أجرت شبكة رووداو الإعلامية، مقابلة حصرية مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، حيث تم التطرق خلال المقابلة الى مسألة الإستفتاء وإستقلال إقليم كوردستان، بالإضافة الى مناقشة حل المسألة الكوردية في منطقة الشرق الأوسط، وايضاً الأزمة السورية، والكثير من المواضيع بخصوص المنطقة.
وأجريت المقابلة في مقر الخارجية الروسية في موسكو، من قبل مراسل شبكة رووداو الإعلامية في روسيا خالد حسين، وفيما يلي نص اللقاء:
طابت أوقاتكم، أنا خالد حسين، من عاصمة روسيا، من وزارة خارجية روسيا الاتحادية نكون معكم لإجراء حوار خاص مع سيرغي فيكتوروفيتش لافروف، الذي يشغل منصب وزير خارجية روسيا الاتحادية منذ 13 عاماً. فهو يؤدي دوراً مهماً في صنع القرارات وحل المشكلات على مستوى العالم. واليوم نجري معه هذا الحوار حول عدد من الموضوعات، وتكون المسألة الكوردية أهمّ موضوعات حوارنا.
رووداو: السيد سيرغي فيكتوروفيتش لافروف، طابت أوقاتكم. أريد أن أبدأ من زيارة رئيس حكومة إقليم كوردستان العراق إلى سانت بطرسبرغ. على ضوء زيارة السيد نيجيرفان بارزاني لسانت بطرسبورغ ولقائه معكم واجتماعه برئيس روسيا الاتحادية السيد فلاديمير فلاديميروفيتش بوتين، كيف ترون العلاقات بين روسيا و كوردستان العراق في المرحلة الراهنة؟
سيرغي لافروف: مع الكورد، مع العرب والكورد، لنا علاقات عريقة وجيدة جداً. ثمة علاقة تاريخية قديمة، تماماً على غرار الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي، حيث كان لابن الشعب الكوردي البار مصطفى بارزاني ومرافقيه دور في بلادنا ، اليوم أيضاً لنا علاقة جيدة جداً مع كورد العراق . منذ عام 2007 لنا قنصلية في هولير، وفي موسكو ممثلية لإقليم كوردستان العراق. إننا نعزّز علاقاتنا مع جميع الحركات السياسية في كوردستان العراق . ونقوم بذلك بطريقة لا تؤثر سلباُ في علاقاتنا مع حكومة العراق . كما أننا نطور علاقاتنا الإنسانية والتربوية. ففي كل عام نمنح العراق كراسي التعليم والزمالة، وفي هذا الإطار لممثلية كوردستان العراق حصتُها المستقلة من تلك الزمالات. منذ ثلاثة أعوام ونصف العام، مجموعتنا الإعلامية في هولير( روسيا اليوم RT) تعمل على نقل المعلومات بصورة مباشرة لمواطنينا ومواطني البلدان الأخرى، بصورة عامة علاقاتنا جيدة جداً و مفيدة جداً لكلا الجانبين.
رووداو: هل يمكننا القول بأن زيارة السيد نيجيرفان بارزاني كانت خطوة لبداية علاقة جديدة على مستوى جديد ما بين روسيا و كوردستان العراق؟
لافروف: دعني لا أقول أن علاقاتنا جديدة و في مستوى جديد . أكرر أن علاقاتنا عريقة و تقليدية وقد طورناها لسنوات طويلة، خاصة مع رئيس الحكومة والمسؤولين الآخرين في الإقليم الكوردي. إنها استمرارية لتوجّه في علاقةٍ، كما قلتُ، تدخل في مصلحة روسيا الاتحادية و كوردستان العراق. وفي هذا الإطار دور الكورد السوفييت، أولئك الكورد الذين يعيشون في روسيا، ينبغي أن يوضع نصب الأعين، حيث كان لهم دور هامّ في تلك العلاقة الجيدة التي ربطتنا بصورة عامة مع الكورد في إطار العلاقة العامة مع العراق.
رووداو: حسناً، سمعتُ السيد بوتين عدداً من المرات كان في خطاباته يتحدث بإيجابية عن الكورد. إلى أي درجة روسيا مستعدة لمساعدة الكورد لمعالجة مشكلة الكورد في الشرق الأوسط وتحقيق حقوقهم؟
لافروف: بالتأكيد لنا علاقات كثيرة وجيدة مع الكورد وأكرر أن علاقتنا عريقة ونعرف بعضنا البعض بصورة جيدة. إن بلوغ الشعب الكوردي، أسوة بجميع شعوب الأرض، لرغباته وحقوقه المشروعة، بالنسبة إلينا هو موضع اهتمام. إن نظرنا إلى تاريخ العراق، وخاصة في عام 2003 حيث شُنّت حرب غير مشروعة، حين أقدمت قوة خارجية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على تدمير هذه البلاد القائمة حالياً والتي لا يتم إصلاحها بسهولة، وفي الحقيقة كان لذلك تأثير في العلاقات بين هولير وبغداد. نحن نعلم أن هناك مسعىً لحل كثير من المسائل الدستورية، خاصة تلك المتعلقة بمسألة الأرض والمتعلقة بمسألة توزيع الميزانية والموارد التي يتم الحصول عليها من النفط. دائماً كانت هولير و بغداد، تسعيان في عدد من المراحل، لحل تلك المسائل وعدد من المسائل الأخرى . لقد عقدتا عدداً من الاتفاقيات لحل المشكلات بينهما في إطار الحوار السياسي. مرة أخرى أقول إن رغبات وأهداف الشعب الكوردي أسوة بالشعوب الأخرى، يجب أن تتحقق، وذلك وفق القوانين الدولية، وهذه لها علاقة بذلك القرار الذي نعتقد أنه القرار الأخير لاربيل لإجراء الاستفتاء.
رووداو: كما هو واضح فإن كوردستان العراق يستعد لإجراء الاستفتاء. كيف تنظر روسيا الى استفتاء كوردستان العراق من أجل الاستقلال؟
لافروف: سابقاً قلتُ إننا ننظر إلى مسألة الاستفتاء الكوردي على أنها تعبير عن رغبة الشعب الكوردي، ما أعرفه هو أن أغلب سكان الإقليم الكوردي يدعمون إجراء هذا الاستفتاء. إننا ننظر الى الموضوع على أنه بعد القرار النهائي بخصوص هذه المسألة يمكن التفكير في كل شيء له علاقة بنتائج هذه الخطوة، كالنتائج السياسية، النتائج الجيوبوليتيكية، الديموغرافية والاقتصادية، من مبدأ أن المسألة الكوردية خرجت حالياً من إطار حدود العراق الجديد، ولها تأثير في جميع مشكلات وقضايا جزء من الدول المجاورة لكم. في هذا الإطار، فإن لتلك المسألة، مسألة الكورد، دوراً كبيراً ومكانةً سامية ضمن عملية معالجة تلك المشكلات القائمة في المنطقة حالياً. أملنا هو أن يطرح الشعب الكوردي رغباته في إطار سِلْميّ، وعلى نحو مماثل يكون تطبيق نتائج الاستفتاء أيضاً في إطار سِلميّ. لذلك ينبغي أن توضع العوامل الموجودة في المنطقة، نصب الأعين، وهي ما تحدثت عنها سابقاً، وأن توضع رؤية جيران العراق نصب الأعين. ما أعرفه هو أن لرئاسة الإقليم الكوردي علاقات مع الدول المجاورة للعراق، جيران دولة العراق في جميع عواصمها.
نحن مستعدون للتعاون مع بغداد و اربيل في هذه العملية بصورة يتحقق فيها الاحترام المتبادل، على نحو ما أظهر التاريخ من أن الأمور المتعلقة بمستجدات إجراء التصويت، أن التصويت لا يعني دائماً أن جميع المشكلات والمسائل تحلّ في يوم واحد، وأكرر مرة أخرى أن هذه العملية هامة جداً ويجب أن تجري بهدوء وجدّية من منطلق ذلك المعنى العظيم بأن المسألة الكوردية هامّة للمنطقة برمتها.
رووداو: حسناً، ثمة سؤال هامّ جداً، إذا قرر كوردستان العراق، بعد الاستفتاء، أن يكون إقليماً مستقلاً، من مثل إقليم جنوبي أوسيتيا وأرجازيا وبعض الأقاليم الأخرى، هل روسيا مستعدة لأن تستمر في علاقاتها مع كوردستان العراق؟
لافروف: أتدري أنه من الأفضل ألا يتمّ التعليق على موضوع افتراضي. وكما قلتُ إننا كيفما ننظر إلى الحالة الداخلية القائمة في العراق، بالتحديد في الإقليم الكوردي، نريد ألّا نُخمّن كيف سيكون ذلك كله في الواقع العملي.
أنتم تعلمون أنه في جنوبي أوسيتيا، كانت المشكلة بصورة أخرى. في جنوبي أوسيتيا جرى هجوم كامل من قبل نظام ساكاشفيلي، وكانت ثمة معلومات موثوقة بأنهم، بعد جنوبي أوسيتيا، سيهجمون على أبخازيا. لذلك فإن الموضوع هنا كان حماية أرواح الناس، ولم يكن أمامنا خيار آخر.
رووداو: كيف تقيّم العلاقات الاقتصادية ما بين روسيا و كوردستان العراق، خاصة بعد أن توسّعت أعداد وأنواع الاتفاقيات والعقود بين الشركات الروسية و كوردستان العراق؟
لافروف: أجلْ، وأذكّركم بأن بيننا مصلحة ثنائية مشتركة، وفي هذا الموضوع نرغب في أن تتطور العلاقة الاقتصادية والتجارية بيننا. إننا نشجع هذه العملية، وكما قلتُ في هذا المجال، مقصدي في مجال التجارة والاستثمار، فإن علاقتنا مع كوردستان العراق لا تؤثر سلباً في أي جهة أخرى ولا تلحق الضرر بعلاقتنا مع الحكومة المركزية في بغداد. منذ أمد طويل، لنا في كوردستان العراق، شركة ضخمة جداً، تعمل في المجال الاقتصادي، وهي شركة غازبروم. أعتقد أنها تعمل في حقلين للنفط مع شركائها في كوردستان العراق. في شهر شباط الماضي، شركة أخرى في المجال الاقتصادي، وهي شركة روس نفط، وقّعت عقداً مع شركائها في اربيل، وفي إطار الملتقى الدولي الاقتصادي في سانت بطرسبورغ بإتمام تلك الاتفاقية، تم التوقيع على عدد من الوثائق. برأيي أننا حالياً مع كوردستان العراق في مصلحة ثنائية مشتركة، إذ أقرؤها من جهة أن نتائج مكاسبها تعود على جميع المشاركين.
رووداو: حسناً، الآن ننتقل إلى موضوع الأزمة السورية. لإطالة الصراع في سوريا تأثير في إطالة الأزمة في الشرق الأوسط. لروسيا دورٌ هامّ من خلال المشاركة في عملية حلّ الأزمة السورية. بحسب تقييمكم، ما هي أحدث المستجدات التي يُتوقّع أن تظهر في المستقبل القريب في هذا البلد؟ ماذا يمكن أن تفعله الرئاسة الروسية لحلّ الأزمة السورية ومواجهة الإرهاب في المنطقة؟
لافروف: الحقيقة، قبل كل شيء، يجب أن نتحدث عن أن الأطراف السورية نفسها يجب وتستطيع أن تعطي القرار في ذلك، لأن الحلّ النهائي لهذه الأزمة هو في أيديهم وحدهم، ويتوقف عليهم. فإن ما تمّ الاعتراف به في مجلس الأمن الدولي وتم التوقيع عليه وبتوضيح مكتوب هو أن الشعب السوري وحده يستطيع أن يقرر مصيره. كما أن المجتمع الدولي واللاعبين الخارجيين والجيران يجب أن يفعلوا شيئاً للقضاء على الإرهاب وأن يخلقوا بأفضل السبل جواً يتفق فيه السوريون أنفسُهم عبر طاولة المفاوضات على ماهية الوطن الذي يرغبون في العيش فيه مستقبلاً. ثمة أمر آخر لا يمكن تجنّبُه، وهو أننا لا نستطيع التهرب من المفاوضات. كتب في وثائق مجلس الأمن أنه يجب أن تكون سوريا بلداً ديمقراطياً وعَلمانياً. هذه مسألة هامّة جداً، لذلك فإن معظم قوى المعارضة التي لم تتأسس على الأرضية الديمقراطية ترفض بصورة مطلقة أنه من الضروري، لاطمئنان وحماية جميع الأطراف، أن تكون الدولة في سوريا المستقبل دولة عَلمانية. يجب أن يكون هذا البلد بلداً لجميع المجموعات، المجموعات الإسلامية، والمجموعات السياسية يكون لها حقٌّ وضمانة، ويجب أن يتوافر لها الأمن، بحيث تكون ثمة ضمانة في أن يشارك الجميع في مؤسسات المجتمع. هذا هو الإطار العام الذي يتفق عليه الجميع، وفي هذا الإطار المحدد، يمكن إيجاد سبيل محدّد لمسألة حلّ الأزمة السورية. إننا نتشارك بالعمل مع مجموعة من الدول من أجل خلق هذه الحالة، حيث كانت بداية هذا العمل بمواجهة داعش وجبهة النصرة ومثيلاتهما والمجموعات الإرهابية الأخرى التي عُرّفت في مجلس الأمن الدولي بأنها مجموعات إرهابية. كما أننا نعمل من أجل حماية عملية الهدنة ما بين قوات الحكومة السورية وجزء من مجموعات المعارضة، تلك المجموعات التي ليس لها أي خصوصية إرهابية. هذا شرط رئيسي لكي تشمل عملية إعلان الهدنة تلك المجموعات وأن يُعتَرَف بها شريكاً في هذه العملية. الحقيقة أن أحد أعمالنا هو إيصال المساعدات الإنسانية للناس، أولئك الذين وقعوا تحت تأثير هذه الحرب، ولهذه الغاية أنشأنا المناطق الآمنة، حيث اتفقنا مع تركيا وإيران لهذه الغاية في إطار محادثات آستانة. وفي أثناء تنفيذ عملية إنشاء المناطق الآمنة، فإن كلّاً من الولايات المتحدة الأمريكية والأردن انضمتا إلى الاتفاقية، حيث اتفقت روسيا وأمريكا والأردن، في 7 تموز على إنشاء أول منطقة آمنة في جنوبي الجمهورية العربية السورية. في الأيام الأخيرة، قبل ساعات من الآن تتم مناقشة تفاصيل تلك الاتفاقية بخصوص كيفية إدارة تلك المنطقة الآمنة. ومن خلال عدد من الموضوعات، مثل تلك المؤسسة التي تراقب عملية الهدنة ووقف الحرب، من خلال وجود ثقة بخصوص إيصال المساعدات الإنسانية وبخصوص حدود تلك المنطقة الآمنة، بصورة يستطيع فيها المواطنون التنقل ضمن المنطقة وأن يستطيعوا الخروج من المنطقة أيضاً.
ما تحدثت عنه هو مخرج الحلّ الذي اتفقنا عليه في آستانة. حالياً هي تدخل حيّز التطبيق، بحسب معرفتي، ما عدا منطقة جنوبي سوريا، سيتم إنشاء ثلاث مناطق آمنة أخرى. مخرج الحلّ ذاك يوحد أشياء كثيرة ويكون سبباً في حماية أرواح السكان والمواطنين عن طريق عملية وقف المواجهات المسلحة وفي الوقت نفسه هو مُعين على إيصال المساعدات الإنسانية للمناطق المحتاجة إليها. باعتراف الأغلبية وبصورة عامة، كانت مباحثات آستانة بذلك النشاط القائم، مساعداً جيداً لعملية مباحثات جنيف التي وصلت قبل تسعة أشهر إلى طريق مسدود، وكان بالإمكان أن تنشط في الشهر الأول من هذا العام.
لدينا الاستعداد، وبصورة فاعلة أن نعمل مع ستيفان دي مستورا، ومع جميع المشاركين في عملية الحلّ هذه، ومع ممثلي الحكومة السورية وجميع تلك الدول التي تريد المساعدة في إيجاد عملية الحلّ، وأن نعمل مع دول الاتحاد الأوربي، ومع الولايات المتحدة الأمريكية وجميع الدول الإقليمية الإسلامية.
الحقيقة أن أهمّ مسعى هو أن تجري المحادثات المباشرة بين ممثلي الحكومة السورية وممثلي المعارضة المسلحة. أقصد تلك الأطراف المتصارعة التي يواجه بعضها بعضاً بالسلاح، من الحكومة السورية ومن أحزاب المعارضة السورية، أولئك هم أهم اللاعبين في هذه العملية، ونحن راضون إن شارك ممثلو أحزاب المعارضة في عملية مباحثات جنيف، كما أن بين أولئك الذين هاجروا وشُرّدوا من يستطيعون تأدية دور و يستطيعون أن يحموا أرضهم بالسلاح، لكن بشرط أن يكون الجميع في إطار الدولة السورية.
رووداو: بخصوص مشروع الدستور الذي اقترحته روسيا لسوريا، ما هي آخر نتائج المباحثات حول هذا الدستور؟
لافروف: العملية تبدأ حديثاً، فحينها نشرنا نموذجاً من مشروع للدستور، هذا كان عبارة عن رؤيتنا، لكن ليس كما لو أنّه أمرٌ نفرضه من الخارج على هذا البلد، ربما بمعنى أنكم إن أردتم فتفضلوا، حيث إننا قدمنا هذا المشروع، لأنه حينها في نهاية العام الماضي كان قلة من الأشخاص يريدون التحدث عن الدستور، وكلٌّ منهم كان له تفكيره ومصلحته الخاصة به، ألا وهي بلوغ السلطة. كان لكل منهم هدفه الخاص به في عملية حل الأزمة السورية.
هذا المشروع من نموذج الدستور هو معدّ بطريقة بحيث يكون فيها لكل طرف دورٌ في المجتمع، لماذا هو هامٌّ، لأن بعض الأشخاص في البداية كانوا يقولون سنسقط نظام بشار الأسد، وبعد ذلك نحل جميع المشكلات، أولئك الأشخاص ما كانوا يفكرون في بلدهم، فقط كانوا يفكرون في أن يبلغ كلٌّ منهم السلطة. كان بعضهم يقول إننا لسنا على استعداد لإجراء أي محادثات سياسية إن لم يتحقق وقف إطلاق النار في جميع أراضي سوريا. هم قالوا ذلك، لكن لم يصيبوا، لأنه تبين أن ذلك غير ممكن التحقق، على الأقلّ ما كان عليهم أن يطالبوا بوقف الحرب ضد الإرهاب.
يمكننا أن نقول إذاً خلال مُدة طويلة، لم يستطع شركاؤنا في أمريكا، إبّان إدارة باراك أوباما، تمييز الإرهابيين من المجموعات الجيدة في المعارضة السورية. الآن، في إطار إنشاء المنطقة الآمنة، استطعنا تحقيق ذلك، وظهرت نتائج ذلك في هذه المنطقة. كما أن أولئك الذين كانوا يقولون إنه بدون التغلب الكامل على الإرهاب لا يمكن أن نسعى إلى حلّ الأزمة السورية في أي مكان، وهم أيضاً لم ينجزوا عملاً جيداً ولم يكونوا متعاونين في مباحثات جنيف.
لنا ثقة كاملة بأن مشروع الدستور يمنح الثقة لكل المجموعات السورية، التي تحدثتُ عنها، جميع المجموعات الدينية وغير الدينية وجميع المجموعات السياسية تشعر بالاطمئنان في القوانين الجديدة، تلك القوانين الضرورية التي توضع للحكومة السورية، عندما تدرك تلك المجموعات أن لها ضمانة، حينها يكون أكثر سهولة ليتفق الجميع على تقاسم السلطة في البلد. حينها يكون أكثر سهولة في اقتراح أي شخص لأي منصب ومسؤولية في الدولة، ويكون أكثر سهولة لحماية التوازن في مواجهة الفوضى.
إننا ندعم تلك النتائج التي تحققت في الجولة الأخيرة من مباحثات جنيف بخصوص ما اقترحه دي مستورا من حيث وجوب العمل في أربعة اتجاهات، الاتجاه الأول هو كيف يمكن لسوريا أن تضبط نفسها في هذه المرحلة بطريقة تمكنها من الاستفادة من إمكانات المعارضة أيضاً. والاتجاه الثاني هو مسألة الدستور، وكيف يمكن إعداد الدستور، اما الاتجاه الثالث فهو كيف يتم الاستعداد للانتخابات، أما الاتجاه الرابع فهو التأكيد على استمرار الحرب ضد الإرهاب.
برأيي أن تلك التطورات في مباحثات جنيف محل تصديق من قبلنا جميعاً، ما عدا المجموعات المتقلبة والعنيفة داخل المعارضة ، لكن يمكن أن توضع تلك المجموعات خارج العملية السياسية، لأنها أثبتت عدم قدرتها على الاتفاق.
رووداو: في عملية حل الأزمة السورية، كيف تنظر روسيا إلى حقوق وواجبات كورد سوريا؟
لافروف: إننا ننظر إلى كورد سوريا بصفتهم إحدى المجموعات المعترف بها، التي تحدثتُ عنها، حيث يجب أن يشارك كورد سوريا في الاتفاقيات ويجب أن تكون لدى كورد سوريا القناعة بأن حقوقهم تُصان في إطار الحكومة السورية.
رووداو: نحن نرى حواراً جافاً بين السياسة الخارجية لروسيا وأمريكا. هل هناك أملٌ في أن تجد روسيا وأمريكا باباً للتنسيق لحلّ المشكلات بينهما، حتى تُحلَّ بهذه الطريقة، الصراعاتُ في المناطق المختلفة من العالم؟
لافروف: لا بد أن نجد طريقاً للتنسيق مع أمريكا، بل يجب ذلك. فإن كنا حقيقةً وبشكل جدّي، نريد أن يكون لنا، أقصد روسيا وأمريكا، دورٌ في الساحة الدولية، فيجب أن نجد طريقاً للتنسيق، بحيث نكون متعاونين معاً لحلّ المشكلات المعقدة في مختلف مناطق العالم، من أجل تلك المشكلات المرتبطة بمنع الأسلحة المحظورة، وإيجاد طريق لحلّ المشكلات المرتبطة بالإستراتيجية، لتأمين وتقوية الأمن لإستراتيجياتنا. جميع الأطراف تعترف أن دور روسيا وأمريكا في جميع المجالات لا مثيل له، ولا أحد يستطيع أن يؤدي هذا الدور بدلاً منّا. يجب أن يكون لنا دورٌ في حلّ تلك المشكلات. ما يظهر حالياً في العلاقات بيننا وبين أمريكا، بلا شك هو أمرٌ لا يدعو إلى السرور. بقيت لنا مشكلات كثيرة جداً من عهد إدارة أوباما، فتلك القرارات التي صدرت في البداية هي الآن كالنار في طريقنا.
أصيبت إدارة أوباما بالصدمة من نتائج الانتخابات الأمريكية، وفي الفترة المتبقية لهم في البيت الأبيض، أرادوا أن يؤدوا أعمالاً سيئة فحسب. في أيامها الأخيرة كان الهدف الرئيس لإدارة أوباما تدمير العلاقات الأمريكية الروسية.
إننا ندرك كم هو صعبٌ حالياً أن يكون في البيت الأبيض شخصٌ يفكر بطريقة منطقية، بهدف تجنب ذلك المرض الناجم عن فوبيا روسيا الذي أصابهم. مرّت كل هذه الأشهر على الإدارة الجديدة ولم يبحث أحدٌ في ذاك الموضوع، حيث لم يستطيعوا تقديم دليل واحدٍ موثّق على أن روسيا تدخلت في الشأن الداخلي الأمريكي . الناس العاديون على اية حال ، لكنْ لم أكن أعتقد أبداً أن سياسيي أمريكا يمكن أن يصابوا بهذه العقد النفسية بخصوص روسيا. سابقاً عندما كنت أعمل في نيويورك، كان لدي حوارات مع أغلبهم، وقد كان انطباعي عنهم بصورة مختلفة ، لكن ما أشهده الآن من الأمريكيين هو محل دهشة بالنسبة إلي.
الآن أرى أن أغلب الذين يتحركون في هذا الاتجاه إزاء روسيا، يؤدون تحركاً غير طبيعي. الساسة الأمريكيون أنفسهم يدركون أن ذلك ليس أمراً جيّداً، ويجب بأي شكل من الأشكال أن ينهوا هذا التحرك والتفكير إزاء روسيا. مع الأسف، هم أنفسهم وبأيديهم يضعون أنفسهم في إطار سياج يكون بعدها الخروج منه صعباً، لكن على أية حال، من الضرورة بمكان أن أقول إن ذاك المزاج الذي يكون فيه أولئك الأشخاص لا أحد يستطيع مساعدتهم في التخلص منه إن لم يحاولوا هم أنفسهم ذلك، وإلا فإنهم سيعانون مشقّة كبيرة من جرّاء هذه الآفة. أكرر مرة أخرى بأنهم لا يستطيعون إثبات أن روسيا تدخلت في الشأن الداخلي الأمريكي. حتى أنهم لا يملكون سبباً واحداً لهذا . ما يظهر على صفحات الصحف وشاشات التلفزيونات في الولايات المتحدة الأمريكية هو استخفاف فحسب، إنه مثل تلك الكلمة الني تقال عندنا، فمعذرة، مع أنها ليست كلمة مناسبة، إلا أننا نقول في هذا الموضوع إنه مَصّ الأصبع.
تلك الأهداف التي أعلنها الرئيس ترامب مع معاونيه قبل إجراء الانتخابات بخصوص التنسيق مع روسيا الاتحادية، بالتأكيد فإن جوابنا لهم بالطريقة نفسها هو بالتنسيق مع أمريكا، أولاً اللقاء بين رئيسي البلدين في إطار اجتماع G20 الذي عقد في هامبورغ في 7 تموز، حيث تحقق ذلك بعد ثلاث اتصالات هاتفية بين الرئيسين، وفي ذلك اللقاء تحقق الاتفاق بخصوص إنشاء المنطقة الآمنة في جنوبي سوريا.
بهذا الشكل، أثبتنا بقوّة أننا قادرون على العمل معاً لإيجاد الحلّ، بطريقة تكون محل اهتمام أغلب المناطق بصورة أوسع وفي منطقة أوسع لحل مجموعة من المشكلات العالمية المختلفة. كما أننا اتفقنا مع أمريكا على إيجاد مدخل لحلّ أزمة أوكرانيا، على النحو السابق حيث وُضعتْ خطة من أجل ذلك، وتلك الخطة لا تزال حتى الآن قوية ونعمل بها، وقد اتفقنا على التباحث بخصوص إنشاء مجموعة من طرفينا لحلّ كل مشكلة تعترضنا بخصوص مجال الأمن الإلكتروني.
بعض أعضاء الكونغرس في واشنطن اشتكوا من الرئيس ترامب بخصوص أن فكرةَ اتفاقيةٍ من هذا النوع سطحيةٌ، وقالوا إن ترامب يجلس مع الشيطان على الطاولة. برأيي أن تلك رؤية طفولية جداً، لأنه إذا كانوا على هذه الدرجة من القلق والتردّد بشأن قيامهم فتنسيقٍ غير قانوني مع روسيا في المجال الإلكتروني، فأنا أقول إن كل إنسان طيب يرى بأنّه من الضروري أن يتحدث بشكل مباشر إلى الطرف المقابل بخصوص كل موضوع يكون عنده موضع شكّ.
منذ سنوات طويلة في مركز الأمم المتحدة نسعى إلى أن تكون جميع دول العالم مستفيدة ومنسّقة فيما بينها في المجال الإلكتروني، ولهذه الغاية، أعددنا عدة مسوّدات بخصوص الأمن الإلكتروني، لكنهم يشكّون في أننا لا نريد أن نتحدث بصورة مباشرة وعلنية حول هذا الموضوع. حقيقةً إن هذا الموضوع صعب، لكني آمل أن لايعترض المجتمع الأمريكي على إدارته الحالية في مجال المباحثات مع روسيا و ان يفسح هذا المجال لادارته.
رووداو: ما دور روسيا في حلّ المشكلات القائمة بين عدد من الدول العربية، مثل قطر والعربية السعودية والبحرين وغيرها؟
لافروف: نحن تحدثنا في هذا الموضوع. إننا على تواصل مع جميع أطراف هذا الصراع. الرئيس بوتين اتصل هاتفياً عدة مرات مع عاهل المملكة العربية السعودية ورئيس تركيا ومصر، كذلك مع ولي عهد الإمارات العربية المتحدة ومع أمير قطر. وقد اجتمعت مع نظرائي، مع وزير خارجية قطر، واتصلت هاتفياً مع شركائنا الآخرين، الدول الأعضاء في مجموعة التعاون والتنسيق الروسية والبلاد العربية، وتباحثنا على مستوى الرئيس علناً، في هذا الموضوع. إننا نريد لهذه المشكلة أن تُحلَّ على أساس إعطاء الأهمية من جميع الجوانب وعلى أساس أن حلّ هذه المشكلة من مصلحة جميع الأطراف المشاركة في هذه العملية. إننا ندعم هذا المسعى الذي يقوم به أمير الكويت، وفي إطار هذا المسعى أو من أجل إتمامه، إنْ كانت روسيا الاتحادية قادرة على القيام بعمل مفيد ، فإننا مستعدون لتحرّكٍ يكون مفيداً ومجدياً. إننا نرى أن البلدان الأخرى لها أيضاً مساعيها لحل هذا الموضوع. ريكس تيلرسن كان في تلك المنطقة وأدى عدداً من الأعمال واللقاءات الهامة، وبحسب علمي فإن فرنسا والمملكة المتحدة كانتا مستعدتين للتعاون. نحن نتعاون من أجل كل شيء من شأنه أن يسد الطريق أمام هذه الحالة المعقدة، حتى لا تمضي هذه المنطقة الهامة من العالم نحو أزمة طويلة الأمد.[1]