ان مسألة تعديل أو اعادة صياغة دستور اقليم كوردستان مسألة مهمة و شاملة، حيث من جهة طرأت تغيرات كبيرة على الظروف، و من جهة أخرى شهدت خطوات كوردستان صوب مستقبل اختلافاً كبيراُ<<
ان مسألة تعديل أو اعادة صياغة دستور اقليم كوردستان مسألة مهمة و شاملة، حيث من جهة طرأت تغيرات كبيرة على الظروف، و من جهة أخرى شهدت خطوات كوردستان صوب مستقبل اختلافاً كبيراُ، كنا سابقاَ نفكر في كيفية بناء دولة فدرالية، ولكن الآن تشهد هذه الدولة انهياراَ واضحاً حيث يفكر كل مكون عراقي في مستقبله، وفي خضم هذه المرحلة الحساسة اوصى برلمان كوردستان بقانونه المرقم 4 في 2015 لجنة خاصة لأعادة كتابة دستور الأقليم، السؤال المهم هنا هو: كيف تتعامل هذه اللجنة مع المتغييرات الجديدة؟ يجيب عن هذا السؤال و الأسئلة الأخرى السيد سيروان زهاوي رئيس لجنة اعداد دستور اقليم كوردستان من خلال هذا اللقاء:
* لقد باشرت لجنة اعداد مشروع الدستوراعمالها منذ اسبوعين ، ماذا انجزتم خلال هذه الفترة و كيف تسير الأمور؟
- باشرت لجنة اعداد مشروع الدستور اعمالها بموجب القانون المرقم 4 الصادر من برلمان كوردستان، حيث بدات اولاَ بوضع منهاج داخلي خاص باللجنة لأدارة اعمالها و كيفية عمل اللجنة لأعداد المواد الدستورية، وكذلك انتخاب رئيس اللجنة لهذه المرحلة، و من ثم حاولنا كتابة ديباجة الدستور، وبعدها سندخل في صياغة المواد الدستورية، وسنبدأ لهذا الموضوع أولاَ بمناقشة المبادىء الأولية ومن ثم فصول حقوق الأنسان و الحريات و الجزء الآخر و هو تحديد صلاحيات مجلس النواب و مجلس الوزراء و مجلس القضاء، وفي الختام نصل الى الجزء الآخر وهو الأحكام الختامية، و هكذا يتم اعداد الدستور في الفترة المحددة له، انا اتوقع ان ننجز مشروع الدستور في غضون ال 90 يوماً المحدد له، وفي حال عدم انجازه في هذه الفترة سوف نطلب من برلمان كوردستان منحنا فترة أضافية قليلة، و في كل الأحوال يتم اعداده ليعرض على شعب كوردستان للأستفتاء.
* كرئيس للجنة مشروع اعداد الدستور اشرتَ الى ان ديباجة الدستور تم اعداده، هل لك انْ توضح اكثر حول هذه الديباجة؟
- هذه اللجنة تسعى الى كتابة دستور لوطن يمر بمرحلة حساسة و يخطو نحو تقرير المصير و الأستقلال، لذا فإنّ ديباجة الدستور يشير الى وطن اسمه كوردستان و انّ مواطنيه كوردستانيون بأختلاف القوميات أو الديانات، وهكذا لقد تم ذكر اسم كوردستان فقط في هذا الدستور دون الأشارة الى قومية او دين، وحتى لم يذكر فيه الشعب الكوردي، ان مقدمة كتابة الدستور هذه المرة وفي هذه المرحلة تختلف كثيراً عن المراحل الأخرى، لذا فإن الدستور يُكتب بعقلية متفتحة جداً، انه منفتح جداً على المكونات القومية و الديانات المختلفة في كوردستان و لا نشعر فيه بأي اختلاف ديني أو قومي، كلهم مواطنون في هذا الوطن و متساوون في الحقوق و الواجبات، و بصراحة اكبر هدفنا هو انْ يضمن الدستور الحد الأعلى من الحقوق و الحريات لعموم المكونات القومية المختلفة في كوردستان، لذا فإن الديباجة ستصبح هوية الدستور يؤكد على وجود مواطنين كوردستانيين في هذا الوطن و ليس الكورد أو التركمان أو الكلدوآشوريين، او هذا مسلم أو ذاك مسيحي أو ايزدي،كلهم متساوون أمام القانون.
* اذا بقينا على اختلاف هذه المرحلة، لأتضح لنا ان المناطق التي كانت تسمى في السابق مناطق المادة 140 أو المتنازع عليها قد تحررت في الوقت الحاضر و هي تعد جزءاً من كوردستان حسب واقع الأمر، كيف تعاملتم مع هذه المسألة ضمن هذا الدستور؟
- كما اشرت من قبل، بعد الأنتهاء من الديباجة نأتي الى مرحلة صياغة المسائل الرئيسة، وهي مسألة اللغة، أي تحديد اللغات الرسمية في اقليم كوردستان، ثم تحديد العلم، العاصمة، النشيد الوطني، هذه كلها هوية لأي دستور، أما بصدد المناطق الكوردستانية المحررة حديثاً، يجب ان يخصص لها مكان داخل هذا الدستور، و وضع آلية لتحديد الحقوق للمكونات الأخرى و المتعايشة مع الكورد في تلك المناطق، وعليه ينبغي المحافظة على معتقداتها الدينية و حقوقها لأنها تعيش مع الكورد منذ مئات السنين ومنها التركمان و العرب الأصلاء و الكلدو الآشوريين.
* المسألة الأخرى هي اجراء الأستفتاء و حق تقرير المصير لشعب كوردستان، كيف يتم تثبيت حقوق شعب كوردستان في هذا الدستور؟
- لم نصل الى هذه الفقرة في الوقت الحاضر، ولكن حسب رأي و وجهات نظر عموم اعضاء اللجنة فإن مسألة الأستقلال و حق تقرير المصير ستكون من الأولويات و المسائل الرئيسة في الدستور، و عندما نتحدث عن تقرير المصير فإنه يلازمه الأستفتاء، ولكن قد يجوز تحقيق ذلك لأن بعض الأمم في العالم قرر الأستقلال و لكن من دون اجراء الأستفتاء، و برأي فإن الأستقلال هو اكبر من الأستفتاء، ولهذا السبب عندما يتم تثبيت هذه المادة في الدستور و من ثم يجري الأستفتاء حوله، حينئذٍ تتحول هذه الفقرات الى قرار لشعب كوردستان و لا يحق لأي حد التدخل فيه.
* لقد اشرت بأنه لم يذكر اسم اي قومية أو ديانة في الديباجة، ولكن البيشمركه كحامي الوطن يُعدّ النقطة المشتركة بين عموم المكونات القومية و الدينية، ماذا بشأن البيشمركة و كيف تتعاملون معه في هذا الدستور؟
- لقد ذكر في الدستور اسم كوردستان و البيشمركة، وذلك لكون البيشمركة قوة وطنية و تضم عموم المكونات باختلاف القوميات و الديانات، كالمسحيين و الايزديين و المسلمين و الكورد و التركمان و الكلدوآشوريين وبينهم قادة عسكريين، الدستور يتعامل مع قوات البيشمركه كقوة نظامية مؤسساتية شاملة.
* ضمن حديثنا عن المسائل الرئيسة نشير الى النظام الأقتصادي و الضرائب في اقليم كوردستان، ماذا بهذا الشان في الدستور؟
- النظام الأقتصادي و دفع الضرائب جانب رئيس في المبادىء الأولية للدستور، لقد طرحنا بهذا الصدد خيارات عدة نجري بشأنها مناقشات مستفيضة، وعلى سبيل المثال هل سيكون النظام الأقتصادي للأقليم نظام اقتصاد السوق كنظام رأسمالي أم سيتحول الى نظام اشتراكي أو اقتصادي مختلط؟ وبالنسبة الى مسألة الضرائب سيتم تحديد هذا الجانب في الدستور، مع مراعاة العدالة للمواطنين و ينبغي انْ لاتكلف الضرائب عبئاً ثقيلاً على الشعب، ونتبع في ذلك الضريبة التصاعدية اي يتم تحديدها وفق دخل المواطن، أما بالنسبة الى مسألة الثروات الطبيعية فإنها تدخل ايضاً ضمن المبادىء الرئيسة ويجب ان تكون ملكاَ لعموم شعب كوردستان، والتفكير في الاجيال القادمة لأن الثروات الطبيعية( النفط و الغاز) لا يمكن ان تظل ابد الدهر، و سوف يشار الى صندوق خاص للأجيال من ايداعات و توفير الأموال المستحصلة من هذه الثروة.
* الجانب الآخر من الدستور يتعلق بكيفية تنظيم العلاقات الدولية الكوردستانية، باعتبار انّ الدستور سوف يتم اعداده لأقليم فدرالي، و كما تعلمون ان للأقليم علاقات دولية واسعة، ماذا بهذا الصدد؟
- كما اشرت اليه من قبل، الدستور سوف ينظم لوطن معين، هناك بعض المسائل تخص العلاقات بين الأقليم و العراق، هذا الجانب سوف يشار اليه في نهاية الدستور و ضمن الأحكام المؤقتة و يخص كيفية تنظيم العلاقات بين الأقليم و العراق، و ما يتعلق بالعلاقات الدولية سوف تكون هذه النقطة ضمن المبادىء الأساسية للدستور، ولهذا نجري مناقشات وافية عن هذه النقطة، وخاصة حول الأتفاقيات الدولية الموقعة مع الأقليم، هل يتم التعامل معها وفق القانون، أم في اطار الدستور، أو على شكل التصنيف؟ و من المهم ان يجري التعامل مع الأتفاقيات المتعلقة بحقوق الأنسان وفق الدستور، اما ما يتعلق منها بالمجالات الأقتصادية و الأجتماعية فمن المفضل معاجتها وفق القوانين، و بالنسبة الى مستوى العلاقات مع دول الجوار، لقد جرت مراعاة أسس احترام حسن الجوار، و نحن كشعب مسالم نتطلع الى بناء علاقات مفتوحة مع العالم، لينظر العالم الى شعب كوردستان بأنه شعب يحب التعايش و التسامح بين عموم مكوناته.
* ما يتعلق بموضوع اعادة انتخاب رئيس اقليم كوردستان، من الواضح ان كل الصلاحيات سيتم توزيعها ضمن الدستور، الآن نحن بصدد مسألة اعادة رئيس الأقليم، ولأنه لم يبق من الفترة الرئاسية الآّ قليل و لايمكن اجراؤها خلال هذه الفترة، كيف يتم التعامل مع هذه المسالة؟
- من المهم في البداية التميز بين أمرين، حيث اننا نتحدث في الدستور عن الصلاحيات، نعم يتم ذكر رئاسة اقليم كوردستان في الدستور كمؤسسة مهمة في الأقليم، و كذلك نتحدث عن البرلمان و الحكومة و السلطة القضائية، المسألة الأخرى هي انها ليست لهذا الدستور أية علاقة مع انتخاب رئيس اقليم كوردستان، السبب لأن موعد انتهاء الرئاسة هو يوم 19 آب 2015 و لايمكن التصويت على الدستور و اقراره خلال هذه الفترة، وحتى لو تم ذلك فإن مسألة انتخاب رئيس الأقليم تحتاج على الأقل الى شهرين بغية استكمال الأجراءات، المهم هنا هو كيف يتعامل البرلمان مع هذا الواقع خشية عدم حدوث فراغ قانوني بعد التأريخ المذكور اعلاه، ومن الواضح ان هناك توجهين لهذه الحالة، الأول هو انتخاب رئيس الأقليم من قبل الشعب بشكل مباشر، و التوجه الثاني هو انتخابه من داخل البرلمان، و هناك توجه ثالث وهو عقد مؤتمر وطني عام يشارك فيه البرلمانيون و الوزراء و ممثلو الأحزاب السياسية، ليجري استفتاء يقرر من خلاله شعب كوردستان ما يصبو اليه، وليقرروا ما يرغبون في هذا الجانبن هل انهم يريدون اختيار الرئيس بشكل مباشر، أم من قبل البرلمان، و اذا كان الراي العام لشعب كوردستان يتوقف على انتخاب الرئيس بشكل مباشر لذا عليه الأنصياع الى القرار، أما اذا قرر الشعب اختياره من قبل البرلمان فعليه الموافقة ايضاً على النتائج، لذا فإن الأنتخاب المقبل لرئيس اقليم كوردستان و كتابة الدستور شيئان مختلفان، صحيح اننا ندون في الدستور صلاحيات رئيس الأقليم ولكن هذه لاتخص هذا الموعد بل للمستقبل لأن الموعد على وشك النفاذ، الموضوع المهم في هذه المسألة هو اننا لن نكتب الدستور لشهر أو شهرين، بل نكتبه ل 50 -100 السنة القادمة، المسألة الآن مؤقتة، المهم يجب اجراء الأنتخاب أو البحث عن حل وسط، نتسائل اليست لدى البرلمان صلاحية تعديل القانون رقم 1 الخاص باعادة انتخاب رئيس اقليم كوردستان؟ انه قادر على ذلك بدون شك، ولكن بالتعاون مع رئاسة اقليم كوردستان من اجل ايجاد حل وسط، و بالنسبة للسلطات الأخرى على نفس المنوال، فمثلاً اذا اراد البرلمان تعديل قانون السلطة القضائية ينبغي عليه التنسيق مع السلطة القضائية، و الحالة ذاتها مع انتخاب رئاسة الأقليم.
* كيف هو حال الأجواء السياسية داخل اللجنة، والى أي مدى يدعم رئيس اقليم كوردستان و الأحزاب السياسية جهود اللجنة و هل تتمتعون بالصلاحيات الكاملة لدى كتابة دستور وطني للأقليم؟
- قبل كل شىء اود انْ اوضح للقراء الكرام انّ رئاسة اقليم كوردستان تقدم الدعم الكامل للجنة، كما هو برلمان و حكومة الأقليم و الأحزاب السياسية، لذا فإن اللجنة مستقلة و محايدة 100% والأجواء السائدة داخل اللجنة حتى الآن تسير بشكل ايجابي، لقد قمتُ بأدارة جلسات اللجنة و لم الاحظ اي تعكير للأجواء حيث هناك نفاهم و احترام للأراء فيما بيننا و عند حدوث اي اشكال ما، نتوصل الى حله بالحوار و وجهات النظر المشتركة.
* اخيراَ ماذا تقول لشعب كوردستان بصدد الدستور الجديد؟
- اقول لشعب كوردستان باننا نأمل انْ نكتب دستوراَ حديثاً يعكس آراء و تطلعات عموم مكونات الشعب و الأحزاب و القوى السياسية الكوردستانية، اغتنم فرصة الحديث هنا ان اشير الى نكتة سياسية رواها في حينها الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلنتون ومفادها( يتساءل عالم بايولوجي- علم الأحياء- هل تعرفون سر بقاء 25 الف نوع من العناكب؟ يجيب عن السؤال بنفسه ويقول: السبب هو ان العناكب استطاعت معاً بناء شبكة لحمايتها من الأعداء، ثم يتوجه الى الكونغرس و يقول لأعضائه: اذا اردتم انْ تنجحوا و تحمون انفسكم فإعملوا معاً، و مثلما عملنا معا خلال كتابتنا للدستور الأمريكي و بذلك اصبحت امريكا القوة الوحيدة في العالم). اذاً نحن الكورد مهما كنا مختلفين في الآراء ينبغي انْ نكون متحدين في المصير و في خدمة وطننا و شعبنا.
ترجمة/ بهاءالدين جلال[1]