تمر علينا في هذه الايام ذكرى تنفيذ جرائم الانفال، ابشع انواع الجرائم التي اقترفت ضد المدنيين الابرياء من شعب كوردستان، من قبل النظام البعثي البائد.
عمليات الأنفال نفذها نظام الديكتاتوري صدام حسين ضد المواطنين المدنيين الكورد، بدأت في 22 شباط العام 1988، واستمرت لغاية 6 ايلول من نفس العام، وتعد من اخطر صفحات القتل الجماعي الحكومي في تاريخ الحكم البعثي في العراق، الأنفال عبارة عن ثمانية مراحل عسكرية شاركت فيها قوات الجيش والقوى النظامية بصورة مباشرة، منها (الفيلق الأول الذي كان مقره في كركوك، الفيلق الخامس الذي كان مقره في أربيل)، القوة الجوية، القوات الخاصة، الحرس الجمهوري، قوات المغاوير، دوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات العسكرية والحجوش، أقسام الأسلحة الكيمياوية والبايولوجية، بالاضافة الى جميع الدوائر الخدمية التي وضعت في خدمة تنفيذ هذه العمليات.
مراحل حملات الأنفال
* الأنفال الأولى: منطقة السليمانية، محاصرة منطقة (سركه لو) في 23 شباط لغاية 19 مارت/1988.
* الأنفال الثانية: منطقة قرداغ، بازيان ودربنديخان في 22 مارت لغاية 1 نيسان.
* الأنفال الثالثة: منطقة كرميان، كلار، باونور، كفري، دووز، سنكاو، قادر كرم، في 20 نيسان من نفس العام.
* الأنفال الرابعة: في حدود سهل (زيي بجوك) أي بمعنى منطقة كويه وطق طق وآغجلر وناوشوان، في 3 مايس الى 8 مايس.
* الأنفال الخامسة والسادسة والسابعة: محيط شقلاوة وراوندز في 15 مايس ولغاية 26 آب.
* الأنفال الثامنة: المرحلة الأخيرة، منطقة بادينان، آميدي، آكري، زاخو، شيخان، دهوك، في 25 آب ولغاية 6 ايلول من نفس العام.
وهنا الحديث عن الأنفال هو حديث عن حملة قتل جماعي وابادة منظمة وفقاً لجميع المقاييس، هذا يعني ان الأنفال كانت الخطوة الأولى لابادة المجتمع الكوردستاني. وتدمير القرى في كوردستان، وستراتيجية حملات الأنفال كانت تدمير جميع القدرات الدفاعية التي يتمتع بها المجتمع الكوردستاني.
وجرائم الأنفال التي تسبب في استشهاد (182000) الف انسان كوردي، بدأت بعمليات عسكرية، والمناطق التي نفذت فيها الجرائم انقسمت على ثمانية مراحل، المرحلة الأولى من الحملات بدأت في منطقة السليمانية 22/2/1988، وكانت المرحلة النهائية لحملات الأنفال والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان في 6/9/1988، استخدمت في مراحل حملات الأنفال جميع انواع الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي من نوع الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور.
والأنفال ووفقاً للمقاييس الدولية للجرائم تدخل في اطار جرائم الابادة الجماعية (الجينوسايد)، وهذه الحقيقة تمت الاشارة اليها بوضوح في تقرير المنظمات الدولية لمراقبة حقوق الانسان، وتحرك ملف الأنفال في المحكمة الجنائية العراقية العليا، وفي يوم 21/8/2006 القيت أول مرافعة عن الأنفال في بغداد، وقد اصدرت المحكمة قراراها الحاسم حول ملف الأنفال، وتم وفقاً لذلك تعريف جرائم الأنفال بجرائم الابادة الجماعية (الجينوسايد).
وجاء ضمن ملف الأنفال أسماء المئات من المتهمين كمنفذين رئيسيين لهذه الجرائم، لكن تم استجواب ومحاكمة المتهمين (صدام حسين رئيس جمهورية العراق، علي حسن المجيد أمين سر مكتب الشمال لحزب البعث، سلطان هاشم قائد الجيش، صابر عبد العزيز الدوري رئيس مؤسسة الاستخبارات العسكرية، حسين رشيد التكريتي نائب المسؤول عن تنفيذ حملات الأنفال، طاهر توفيق العاني محافظ نينوى، فرحان مطلق الجبوري مسؤول الاستخبارات العسكرية في شمالي العراق).
نبذة عن الجرائم التي اقترفها البعث ضد الكورد
1 – تهجير وابعاد الكورد الفيليين عن موطنهم الى خارج البلاد، وهذه العملية بدأت في منتصف السبعينيات من القرن الماضي واستمرت حتى نهاية الثمانينيات.
هذه الجريمة بدأت بسحب الجنسية العراقية عنهم، ولكي يسلبوا من حق العيش في العراق، وقد تم في هذه العملية تهجير الالاف من العوائل الفيلية في منطقة كرمسير كمندلي وقرلوس وقزانية وبدرة وجسان الى ايران، كما تم مسبقا عزل المئات من الشباب الفيليين وواجهوا مصيراً مهجولاً.
2 – تغييب البارزانيين، مايقارب (8000) شخص كوردي من عشيرة بارزان، في حملة اعتقالات عشوائية بدأت في صبيحة يوم 30/7/1983، حيث حاصرت القوات الامنية والجيش مجمع (قوشتبة) بالقرب من مدينة أربيل، المعتقلين كانت تتراوح اعمارهم مابين (12-70) عاماً، والسبب الوحيد لاعتقالهم هو انهم كانوا من عشيرة بارزان، وتم نقل المعتقلين الى جنوب العراق بحماية عسكرية، كانوا جميعهم من المدنيين العزل، وبعد هذه الحادثة جاء صدام حسين الى كوردستان ووصف البارزانيين بأنهم مجرمون، واعلن انهم نالوا جزائهم، وبعد سقوط نظام صدام حسين تم العثور على جزء من رفات هؤلاء الضحايا في الصحاري الجنوبية وتم اعادتها الى كوردستان ودفنها في منطقة بارزان.
3 – استخدم الأسلحة الكيمياوية ضد سكان القرى في العام 1987، في يوم 15/4/1987، قام البعث وعن طريق الطائرات الحربية بقصف منطقة (سركلو وبركلو) في سهل جافايتي بالأسلحة الكيمياوية، وفي اليوم التالي 16/4/1987 قام البعث بقصف قرى (باليسان، شيخ وسانان) في سهل باليسان، وفي هذا القصف استشهد اكثر من (320) شخصاً مدنياً، وهذه الكارثة كانت من أخطر الجرائم، حيث كانت بداية استخدام النظام البعثي للأسلحة الكيمياوية لمواجهة الجماهير والمواطنين الذين يسكنون القرى، وهذه الجريمة أدت الى الحاق أضرار كبيرة ببيئة كوردستان الجملية بالاضافة الى الأضرار البشرية التي سببتها، حيث احترقت البساتين والأراضي الزراعية وانتشرت الأمراض القاتلة كضيق التنفس وشلل الدماغ والعديد من الأمراض الاخرى.
4 – جرائم الأنفال: حملات الأنفال التي تسبب في ابادة (182000) الف انسان كوردي، بدأت بعمليات عسكرية، والمناطق التي نفذت فيها الجرائم انقسمت على ثمانية مراحل، المرحلة الأولى من الحملات بدأت في منطقة السليمانية 22/2/1988، وكانت المرحلة النهائية لحملات الأنفال والمعروفة بخاتمة الأنفال في منطقة بادينان في 6/9/1988، استخدمت في مراحل حملات الأنفال جميع انواع الأسلحة المحرمة دولياً وخاصة السلاح الكيمياوي من نوع الخردل والسيانيد وغاز الأعصاب والفسفور.
5 – قصف مدينة حلبجة بالأسلحة الكيمياوية في 16/3/1988، حيث قام النظام البعثي بقصف مدينة حلبجة في منطقة شارزور بالأسلحة الكيمياوية عن طريق الطائرات الحربية، ووقع ضحية هذه الجريمة أكثر من 5000 الاف شخص من النساء والأطفال والشيوخ والشباب في عدة دقائق، واصيب الاف آخرين بجروح، ونفوق الاف من الحيوانات، وآثار الأسلحة الكيمياوية مازالت باقية لحد الآن على أرض وسكان هذه المدينة، كما تسبب هذا القصف بانتشار العديد من انواع الأمراض القاتلة منها، نسبة كبيرة من مرض العقم، الأمراض الجلدية، مرض العوق لدى الأطفال الرضع، ازدياد نسبة مرض السرطان، ضيق التنفس، ضيق الرئتين، الأمراض النفسية والعصبية.
6 – تغيير أماكن السكن بالأراضي المحرمة، وفقاً لقرار النظم البعثي تم تغيير العديد من القرى الآهلة بالسكان في كوردستان الى اماكن محرمة، وفي بداية العام 1975 تم تغيير المنطقة الحدودية بين العراق وايران على طول 30 كم الى منطقة محرمة، وهذا كان جزءً من تهجير سكان القرى الى المدن الجنوبية في العراق والمجمعات القسرية. وهذه العملية استمرت، وفي العام 1987-1988، تم توسيع نطاق هذه العملية وتم اتخاذ القرار بتغيير جميع المناطق التي نفذت فيها حملات الأنفال الى مناطق محرمة، لكي يتم اعتبار أي شخص يتواجد في هذه المناطق بالمجرم والخارج على القانون ويقتل، وفقاً لهذا القرار تم تدمير أكثر من (4500) قرية في كوردستان، فقط في سنوات 1987-1988.
7- تدمير واحراق الالاف من مناطق العبادة من المساجد والحجرات والكنائس، وتنفيذ هذه الحملة تزامن مع تدمير وأخلاء القرى، وتم خلالها احراق الالاف من النتاجات الدينية والأدبية المكتوبة والكتب المقدسة.
8 – التغيير الديموغرافي للمناطق الكوردستانية في اطار عملية تعريب تلك المناطق، وهذا عن طريق اخراج وتهجير وابعاد المواطنين الأصلاء من هذه المناطق واسكان أناس آخرين في مكانهم، وهذه الحملة بدأت باصدار العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل، وخاصة في محافظة كركوك، والمناطق الكوردستانية الاخرى في حدود محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين وهذه العملية تبعتها عملية اخرى لتغيير الهوية القومية.
9 – الاعتقال والاعدام والقتل الجماعي لجميع الأشخاص والمجموعات التي كانت لها وجهات نظر مختلفة عن معتقدات حزب البعث، وخلال هذه العملية الاجرامية جرى قتل الالاف من الأشخاص في سجون أبو غريب وقصر النهاية وسجن الموصل والسجون الاخرى، بعض منهم وفقاً لقرارات قضائية والبعض الآخر وفقاً لقرار ما يسمى بمحكمة الثورة.
وهذه الجرائم بصورة عامة وجريمة الأنفال بصورة خاصة كان لها تاثير كبير وصعب على حياة ومستقبل المجمتع الكوردستاني، صحيح أنها أصبحت تاريخاً من الناحية الزمنية، لكن تاثير وتداعيات هذه الجرائم مازال باقياً لحد الآن بصورة مباشرة على الفرد والمواطنين جميعاً، وقد ادت الى تدمير البنى التحتية للمجتمع بشكل تظهر تاثيرتها بشكل مباشر ليومنا هذه.
قصة من جرائم الانفال
الانفال.. تلك الجريمة الشنعاء السيئة الصيت التي هزت ضمائر العالم وايقظته من سباته العميق، نعم فتلك أحداث لجرائم لاتزال اصداؤها وقصصها تروى عن شهود عيان حقيقيين عاشوا جرائم الانفال وهي حقيقة وأغرب من الخيال ماثلة بشخوصها الحقيقيين الذين يروون تفاصيل الجرائم باليوم والساعة والدقيقة والمكان، عوائل كثيرة تم اعدامهم بالجملة بلارحمة وبلاضمير!! ولكن ارادة الله سبحانه عز وجل ارادت ان تبقي على شهود الجريمة أحياء في منطقة نقرة السلمان حيث نجا منها الصبي الكوردي تيمور من عملية اعدام جماعي لعوائل كوردية من نساء وأطفال، حتى احتضنته عوائل عربية أصيلة من عشائر الجنوب اصحاب النخوة من أهالي السماوة وعرضوا أنفسهم وعوائلم لابل عشيرتهم الى خطر الإبادة والموت على أيدي جلاوزة النظام المقبور.
عشيرة عيشم الزيادي من أهالي السماوة الطيبين يتحدثون عن قصة تيمور الحقيقية والتي جرت أحداثها في العام 1988 في زمن النظام المقبور.
حسين فالح يتحدث عن تفاصيل قصة تيمور الصبي الكوردي الذي نجا من الموت المحتم بأعجوبة حيث يقول: في احدى ليالي العام 1988 جاء عمي الى خيمتنا وقال: لقد عثرت على صبي كوردي يدعى تيمور حيث تمكن الهرب من الموت المحتم من مقبرة جماعية كانت قد اعدت قبل اعدام عوائل كوردية كلها من النساء والاطفال، وهذا الطفل عندما وصل الى الخيمة حيث كانت الكلاب تنبح وهذا يعني وجود شيء ما خارج الخيمة فخرجنا جميعا مندفعين لمعرفة السبب، وكانت المفاجأة انه صبي عمره 10 سنوات ويرتدي زيا كورديا مغطى بالدماء ومصاب باطلاق ناري بكتفه وجروح اخرى في انحاء جسمه، وكان خائفا ومرعوبا، فقمنا بخلع ملابسه الكوردية واحرقناها وذلك لان السلطات لو علمت به لقتلته وقتلنا جميعا وعالجناه بالطب الشعبي لدينا لاننا في صحراء ولاتتوفر رعاية طبية أو مستوصف.
ويضيف حسين قائلا: لذلك قمنا في نفس الليلة بنقله الى قرية قريبة من السماوة كي نعالج الجرح ونخرج الاطلاقة من كتفه.. قبل ان يصلنا هذا الصبي ليلا كنا نلاحظ في وقت العصر وجود حركة غير طبيعية قرب سجن نقرة السلمان حيث الشفلات تحفر وتعمل سواتر وكنا نظن انها ممارسات عسكرية بعدها سمعنا اطلاقات نار بكثافة وكنا نظن انه تمرين عسكري ولكن الحقيقة كانت عملية اعدام جماعي لعوائل كوردية من النساء والاطفال..
ويؤكد حسين بقوله: وفي ذلك الليل الحزين اجتمع والدي مع أعمامي الستة في منطقة آل عيشم وفي منزل الشيخ محمد ابن عمي حول كيفية الحفاظ على هذا الصبي لانه لو علمت سلطات صدام آنذاك بوجوده فانها كانت ستقتل كل من في القرية بمن فيهم الطفل لذلك قرروا ان يبقى تيمور في دارنا وتمكنوا من احضار احد الاطباء وائتمنوه على سر الطفل وتم علاجه لمدة ثلاثة اشهر، وفي هذه الفترة كانت امورنا صعبة في القرية بسبب هروب معظمنا من الخدمة العسكرية لعدم قناعتنا بحروب صدام حيث كان يرسل الدوريات المختلفة ويتم نصب سيطرات من قوات الامن والشرطة والاستخبارات والمخابرات والحزبيين والجيش الشعبي، كذلك كانت تلك القوات تقوم بمداهمات على قريتنا بحثا عن الهاربين، وكنا نخاف على تيمور بالرغم من انه لايعلم احد بقضيته غيرنا.. وقد حضر الى دارنا ابن عمر فاضل كيطل عيشم وحاليا هو مقيم في امريكا مع تيمور.
ويضيف حسين قائلا: لذلك قرر ابن عمي فاضل نقله الى مكان آخر لعلاجه ونقله بواسطة تراكتور ووضع فيها خمس قطع اسفنجية كبيرة كي يستلقي عليها تيمور اثناء نقله لان المنطقة وعرة جدا وهو ينزف، وهكذا نقله الى منطقة تبعد عن القرية ب10 كم عن قريتنا كي يكون بعيدا عن منطقة تتعرض للتفتيش عن الهاربين من الجيش، وهكذا كانت مشيئة الله رب العالمين ان يبقى تيمور على قيد الحياة ليشهد ضد صدام حسين نفسه في محكمة الانفال.
كما قال الشيخ محمد كطيل عيشم شيخ العشيرة: وهكذا اقترح والد حسين فالح أن يأخذ تيمور الى المدينة لأنها ليس عليها تركيز مثل قريتنا، وهكذا أخذناه الى البيت وقام خطيب شقيقتي بعلاجه ولم نكن نعرف ما هي الآلام التي يشكو منها ولكننا نشعر بها، واستمرت الحالة الى ان شفي تماما.
ويسترسل بالحديث شيخ محمد ويقول: كان لوالدي صديق كوردي مقيم في السماوة منذ اكثر من 15 عاما فأكثر وطلب منه شخصيا المساعدة في كتمان السر وقال له والدي ان هذا الطفل وحياته أمانة في أعناقنا واريدك ان تساعدنا في ترجمة اقواله وحاجته ووافق صيدق الوالد وتمت مقابلتهم معا وتحدثا وتعانقا وبكى الجميع بعمق لهذه الحالة المأساوية بعد ان عرفوا حقيقة الواقعة التي ألمت بضحايا الانفال ومن ضمنها والدة تيمور وذكر له اسماء والدته وعماته من الاقارب والاهل.
واضاف قائلا: ترجم لنا صديق الوالد الاحداث التي مر بها تيمور واخبره بان قوات النظام السابق ألقت القبض عليهم جميعا النساء والاطفال في السليمانية وتم نقلهم الى نقرة السلمان حيث كانت الشفلات تعمل على حفر خنادق كبيرة لتكون مقبرة لهم وتم رصفهم بشكل جماعي وتم رميهم بالرصاص عشوائيا ثم بدأت الشفلات بدفنهم ودفن العديد من الاطفال احياء.
وعن كيفية نجاة تيمور من الموت قال لنا ان والدته كانت احتضنته مع شقيقه قبل لحظات من اعدامهم وقد حالفه الحظ انه كان في نهاية الحفرة ولم يدفن بعمق بل بقي التراب عليه وسمح له بالتنفس حتى بعد ان انتهى الاعدام والدفن وذهب الجلادون، حيث قال تيمور انه تمكن من ابعاد التراب عنه شيئا فشيئا وحل الظلام وتوجه الى حيث القرية مشيا على الاقدام وهو مضرج بدماء الضحايا.
خالد عبد عيشم يقول عن تيمور: لقد ساورتنا الشكوك والخوف بعد ذلك من ان ننفضح ويكشف سرنا من قبل الشرطة والامن والحزبيين والجيش وغيرهم، لان السلطات اذا علمت آنذاك فانها كانت ستبيد المنطقة بأكملها، وكان تيمور كثير البكاء والخوف ويردد اسم والدته رحمها الله، وكنا نتحدث معه ونقول له ان اهلك شهداء وهم الآن جميعا في جنات الخلد، وهكذا بقي تيمور يعيش ظروفا نفسية صعبة اكثر من 7 اشهر حتى كنا نمازحه لانه عند عودتي من المدرسة اجد ان البيت كلهم يبكون مع هذا المسكين.
ويضيف خالد قائلا: لقد كانت شقيقة حسين مدرسة حاسبات وجلبت له الكتب لتدريسه اللغة العربية كي يخرج للشارع ويتحدث بشكل طبيعي كي لاتعرف عناصر النظام هويته، ووفرنا له الكثير من اجواء الراحة النفسية ونعامله كفرد من العائلة ووفرنا له الالعاب والتسلية كي ينسى ماحصل لأهله وهكذا بدأ يجيد اللغة وكنا نخاف أن يخرج من المنزل، واتذكر انه كان يكره احدى الالعاب التي جلبتها والداتي له وهي عبارة عن شفل فكان يمسك بالشفل ويحاول تمزيقه باسنانه ويكسره الى قطع لانه كان يتذكر كيف دفن بالشفل..
ويعود حسين ويسترسل القول: مرت فترة وبعدها تركناه يمارس حياته كطفل يلعب الكرة ويحتك بالاطفال وبدأ الناس يسألون عنه فاخبرناهم ان والدته متوفية وسيعيش معنا في البيت كأخ لي وهكذا اقتنع الناس بهذه القصة واستمرت حياته حتى بعد ثلاث سنوات، واتذكر اني جلبت قميصا فيه صورة صدام والذي كان يوزع مجانا على المدارس وعندما شاهده تيمور بدا عليه الغضب واخذ يشتم صدام ويمزق الصورة.
ويضيف حسين قائلا: هكذا قررنا ان يعيش معنا الى الابد لاننا لم نتوقع ان يسقط نظام صدام وكنا نتوقع ان يورثه عدي وقصي والعشيرة وقد اصبح تيمور فردا من العائلة ومنا نقول انه هبة من السماء لان لدي 7 شقيقات واصبح تيمور شقيقي واصبح القلق والخوف يساورنا كلما وقفت سيارة للشرطة او الامن في المنطقة ونشك بانهم علموا بالامر..
واخيرا يقول حسين: لقد كانت قصة تيمور وواقعته حدثا مهما لتحمل قضية شعب بعربه وكورده، كان النظام البائد يقتل ويدمر ويحرق كل شيء ولايميز بين كوردي وعربي .. واليوم نحن الآن في احضان كوردستان لنحمل قضية الكورد والعراقيين جميعا ليشاهد ويسمع العالم مرة اخرى حجم المأساة التي عاناها الشعب العراقي بعربه وكورده وقومياته وطوائفه كلها.. لقد اصبح تيمور رمزا لعلاقات المحبة والخير بين العرب والكورد وليعيد الى الاذهان قصة شعب ضحى بالكثير لينال حريته من الدكتاتورية المقيتة.
ويضيف الشيخ محمد قائلا: لقد مضت مدة وبدأ يحن الى اهله واعمامه في منطقة كلار ورغب ان يزورهم وهذا الكلام قبل احداث عام 1991 اي قبل الانتفاضة في كوردستان ولان شقيق فاضل كان يعرف السليمانية جيدا واعطاه تيمور عنوان اعمامه فذهب هناك للبحث والسؤال عن اهل تيمور ولكن بخوف وتوجس وحذر لان جلاوزة النظام كانوا منتشرين في كل مكان، وهكذا وجدوا العنوان والقرية وقالوا لاهله انهم عثروا على طفل في الشارع واخذنا عنوانه واسمه تيمور احمد عبدالقادر واقر اعمامه انه ابن اخيهم، ثم عدنا الى السماوة وجئنا به الى كلار ولكننا خوفا من ان ينكشف امره وان لايكون هؤلاء اعمامه فعلا عملنا له فتحة من السيارة وقلنا له انظر من السيارة هل هؤلاء اعمامك حقيقة فنظر اليهم وقفز فرحا.. وهكذا قابلهم فرحا مستبشرا بعودته الى دار أهله وكانت لحظات الفرح والبكاء والدموع تمتزج معا..
وهكذا عاد الى اهله.. واصبحت لدينا مشكلة كيف سنفارق تيمور الذي عاش معنا وكانت لحظات وداع صعبة جدا لنا ولاهل القرية النساء والاطفال والشباب والرجال!!.
الاحكام الصادرة ضد المتهمين في قضية الانفال
اصدرت المحكمة الجنائية العراقية العليا الخاصة بجرائم الانفال، يوم الاحد 24/6/2007، احكاما بالاعدام والسجن المؤبد على خمسة متهمين في قضية الانفال.
1- الاعدام شنقا على المتهم علي حسن المجيد الملقب بعلي الكيمياوي إثر ادانته بارتكاب ابادة جماعية وجرائم ضد الانسانية في جرائم الانفال.
وقال القاضي محمد العريبي الخليفة الذي ترأس الجلسة: إن المحكمة ادانت المتهم علي حسن المجيد بتطبيق سياسة حزب البعث (المنحل) واهداف (المخلوع) صدام حسين في شمال العراق واصدار اوامر للجيش والقوات الامنية باستخدام الاسلحة الكيمياوية في هجوم واسع النطاق اسفر عن استشهاد الالاف من المواطنين الكورد.
2- حكم الاعدام شنقا على المتهم سلطان هاشم أحمد الطائي وزير الدفاع.
3- حكم الاعدام شنقا على المتهم حسين رشيد التكريتي معاون رئيس الاركان.
4- حكم السجن مدى الحياة على المتهم صابر عبد العزيز الدوري مدير الاستخبارات العسكرية.
5- حكم السجن مدى الحياة على المتهم فرحان مطلق الجبوري بتهمة المشاركة في التهيئة لجريمة الابادة الجماعية.
6- واسقط القاضي التهم عن طاهر توفيق العاني المحافظ الاسبق لنينوى لانعدام الأدلة.[1]