ترجمة/ بهاءالدين جلال
ستوران ستيفنسون السياسي السكوتلندي المعروف والذي يمثّل بلاده في الأتحاد الأوروبي منذ عام 1999 وهو رئيس الوفد البرلماني للأتحاد الأوروبي الى العراق و أحدى الشخصيات المعروفة دولياً و اوروبياً، كما أنه هو رئيس مجموعة اصدقاء ايران الحرة،البرلماني ستوران ستيفنسن يراقب اوضاع العراق عن كثب من داخل برلمان الأتحاد الأوروبي،ويجتمع مع الوفد العراقي لتقييم اوضاع العراق،لذا فإنّ تصريحاته تعكس موقف برلمان الأتحاد الأوروبي،وتلك التصريحات تتجسد في تنفيذ الدستور و بناء عراق ديمقراطي وفدرالي، لذا وبعد أنْ تعقدتْ العملية السياسية في العراق و توجه نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الى التفرد والدكتاتورية ما حدا بالسيد مسعود بارزاني رئيس اقليم كوردستان الى اتخاذ موقف متشدد ازاءه، نجد أنّ ستيفنسون بعث برسالة تأييد الى الرئيس البارزني بأسم وفد برلمان الأتحاد الأوروبي،وقد أجرت كولان هذا اللقاء الخاص مع ستوران ستيفنسون مجيباَ فيه عن الأسئلة المتعلقة بالأوضاع السياسية في العراق و موقف البرلمان الأوروبي:
* بأعتباركم رئيساَ لوفد برلمان الأتحاد الأوروبي الى العراق و تراقبون الأوضاع عن كثب ومطلعون على العملية السياسية في العراق و التي تمر بأزمة خطيرة،كما ترون أنّ نوري المالكي يتخذ خطواته نحو الدكتاتورية ، نتساءل تُرى اين سيتجه العراق الآن؟
- إنّه سؤال معقول،وذلك لأنّ ((ويقصد الثلاثاء 25/9/2012 اخصص هذا اليوم كاملاَ لرئاسة الأجتماع السنوي داخل البرلمان مع وفد مجلس النواب العراقي،والذي يزور بروكسل منذ عدة أيام،وسنعقد سلسلة من اللقاءات وسنتناول فيها مجمل هذه المسائل ))وما أريد تأكيده هنا أنّ العراق بحاجة الى حكومة شراكة وطنية ،حكومة تعترف بالديمقراطية و الحرية وحقوق الأنسان و حقوق المرأة،وما يبعث على الأسف هو أنّ اتفاقية اربيل لم يتم تنفيذه بالكامل،وبقي الجزء الأكبر منها دون تنفيذ،المناصب الوزارية الرئيسة كالداخلية و الدفاع لم يشغلها وزراء آخرون و هي محصورة بيد رئيس الوزراء نوري المالكي،وبقاء سلطات و صلاحيات كبيرة بيده في هذه الظروق لاتخدم العملية الديمقراطية،أنا ارغب في مناقشة تلك المواضيع مع الوفد البرلماني الذي سيحضر الأجتماع معي غداَ،وما يثير القلق في نفسي أنني زرت بغداد قبل حوالي عشرة أشهر حيث أكدوا لي أنَ الأمورسوف تتحسن، منها أنّ عدد ساعات توفير الكهرباء يرتفع من 4 ساعات الى 12 ساعة ومن ثم الى 24 ساعة، ويتم توفير المياه الصالحة للشرب مع بناء شبكات الصرف الصحي و المجاري،والآن تبين لي أنّ كل هذه الوعود لم تتحقق ،فضلاً أن انتاج النفط تراجع الى مستوى عام 2003، اين تذهب هذه الأموال؟ و اذا لم تصرف لتأمين الكهرباء و مياه الشرب للمواطنين في العراق اذاَ ما مصير هذه المبالغ الطائلة؟ هذا هومبعث القلق بالنسبة لي،ستكون رسالتي غداَ للوفد هي اننا مستعدون للتعاون من اجل اعمار العراق شريطة أنّ يكون على اساس الحكم الرشيد، ويجب أنْ يعكس اداء الحكومة العراقية ومهماتها مبادىء الوحدة الوطنية في البلاد،لقد وصلتنا مؤخراً شكاوى كثيرة حول المحاكمة الأخيرة و اصدار حكم الأعدام بالنسبة لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي،انها فضيحة وعار، لقد تم اجبار افراد حمايته على الأعتراف تحت التعذيب، ولقي أحدهم حتفه بسبب الضرب و التعذيب،والكثير من المحاكمات التي جرت دون الأستناد على المعايير القانونية المعترف بها دولياً،وهذا لايمكن قبوله ،نحن نتطلع الى بديل لهذا الحكم ولتلك الأوضاع، والاّ سوف تكون لها تداعيات على المساعدات الأقتصادية التي تمنحها اوروبا الى العراق مستقبلاً.
* في رسالة بعثتموها الى الرئيس البارزاني تؤكدون فيها دعمكم المطلق لمواقفه ازاء العملية السياسية في العراق، هل أنّ اظهار هذا التأييد و الدعم من قبلكم يعكس دعم برلمان الأتحاد الأوروبي للعملية الديمقراطية في العراق و اعادة بناء البلد كدولة فدرالية؟
- تأييدي للرئيس البارزاني - الذي التقيته في اكثر من مناسبة – هنا في بروكسل لعدة مرات وفي قصره بأقليم كوردستان،تأييدي له و لأقليم كوردستان سببه الأختلاف الكبير بين اربيل و بغداد،وكذلك الأختلاف بين الأقليم والمناطق الأخرى من العراق،لأنّ الأرهاب لايحدث داخل الأقليم، وحكومة اقليم كوردستان قامت بأيواء الكثير من النازحين ومن مختلف الأقليات، من المسيحيين و العرب و التركمان ،ومع أنّ هذا يثقل من كاهل حكومة الأقليم اقتصادياً ولكن الأقليم قد فتح ابوابه على مصراعيها أمام النازحين والذين يجدون في الأقليم ملاذاً آمناَ لايجدونه في أي منطقة أخرى من العراق،ويشهد اقليم كوردستان الآن طفرة نوعية من الأعمار حيث الفنادق و الأسواق – وعندما زرت اربيل- شعرت بأنّ الحياة الأعتيادية تسود الأقليم،وسبب ذلك هو أنّ هناك حكومة ديمقراطية تدير امور البلاد و تمتلك اقتصاداً متيناً،مع وجود خطة أمنية محكمة تمنع حدوث العمليات الأرهابية بفضل قوات البيشمركة التي تحمي الحدود، واعتقد يجب أنْ يكون هذا درساَ تتعلم منه باقي المناطق الأخرى من العراق.
كولان:يُلاحظ الآن في اقليم كوردستان أنّ معظم دول الأتحاد الأوروبي تفتخ قنصلياتها في اربيل و تتزايد نسبة الأسثمار وشركات دول الأتحاد الأوروبي في الأقليم،كيف تقرأون العلاقات الأقتصادية والتجارية بين اقليم كوردستان و بين جهود الأتحاد الأوروبي؟
- اعتقد أنها علاقات تجارية صحية،ورجال الأعمال الأوروبيون يعتقدون أنّ استثمار رؤوس الأموال في أمان،في حين أنّ الأستثمار في اجزاء العراق الأخرى غير مستقر ويثير مشكلات،وذلك بسبب مستوى الفساد و اعمال العنف و انعدام عملية قضائية ملائمة،مالم يتم تطهير البلاد من هذه الحالات الشاذة و يتعاون ممثلو جميع الأطراف فأنّه من الصعب أنْ يتوجه المستثمرون الى تلك المناطق،أنا أعمل على حث وتطوير تلك العملية ولكنها تتعقد اكثر فأكثر،عندما تلاحظ أنّ عمليات ارهابية قد استؤنفت وتحدث عملية الأغتيالات يومياً وتذهب ضحيتها العشرات من المواطنين.
* لقد رد السيد مسعود بارزاني بشدة على سياسات نوري المالكي،حتى أنّه اعلن بأنه لايمكن قبول التفرد الذي يفرضه المالكي وهنا تؤيد الأطراف السياسية العربية و السنة مواقف البارزاني تلك،بأعتقدكم الى أي مدى يستطيع الرئيس البارزاني في هذه المرحلة اخراج العملية من ايدي الدكتاتورية؟
- بلاشك أنّ الأتفاقية التي وقعت في اربيل بحضور السفير الأمريكي بعد الأنتخابات التي كانت مثار خلافات في العراق ، هي الحجر الأساس لحكومة توافقية، و كان من المقرر أنْ تكون حكومة شراكة برئاسة نوري المالكي،ولكن من المؤسف إنّ هذا لم يحدث، واعتقد انّ الرئيس البارزاني يستطيع أنْ يعلّم رئيس الوزراء دروساً ليطلع على اوضاع اقليم كوردستان وكيف أنّ الأستقرار فيه ادى الى النمو الأقتصادي، وزيادة الأستثمار الخارجي وتزايد ثقة الغرب بالأقليم و مستقبله،سيما أنّ تركيا هي الدولة الأكثر استثماراً في اقليم كوردستان،ومن الممكن أنْ يتحول من كان يكن العداء لك الى صديق اذا ما تم توفير اجواء الأستقرار والسلام له، ما يؤدي بالنتيجة الى نموالأقتصاد و تطوير العملية السياسية.
* ثبت فعلاً أنّ الشيعة في العراق ميّالون اكثر الى ايران ، و بالمقابل تقوم تركيا بدعم العرب السنة،وعلى سبيل المثال وجود طارق الهاشمي الآن في تركيا بالرغم من صدور قرار الأعدام بحقه من قبل بغداد،اذاّ نستطيع أنْ نقرأ المشهد بأنّ ايران تحاول أنْ تلعب دوراَ مؤثراَ في العراق،السؤال هو كيف يتمكن العراق حل مشكلاته وهو بين ايران و تركيا؟
- اعتقد أنّ هذا السؤال مهم جداَ،حيث لاشك فيه أنَّ هذه هي وجهة نظرالكثير في اوروبا و امريكا،ولكن تشكّل ايران في الوقت الحاضر خطراَ كبيراَ على السلام في المنطقة و على العالم ايضاً، وذلك بسبب التأييد الواضح و العلني من ايران للنظام السوري وتزويده بالأسلحة و المعدات العسكرية،كما انها الأن بصدد انتاج الأسلحة النووية ولها نفوذ كبير على السياسة التي ينتهجها نوري المالكي،وهذا موقف غير سليم، وعلى المواطنين في العراق عدم القبول بالتدخل الأيراني المباشر في شؤون العراق الداخلية.
* على الصعيد العلاقات الدبلوماسية بين اقليم كوردستان و اوروبا،نلاحظ أنّ زيارات الرئيس البارزاني قد زادت و نستطيع القول بأنها شملت معظم دول الأتحاد الأوروبي،كيف تقيمون الأستقبال الكبير للرئيس البارزاني على هذا المستوى الرفيع من قبل دول الأتحاد الأوروبي؟
- هم يعتبرون الرئيس البارزاني بأنه الشخصية المرموقة في العراق،و كذلك كقائد اقليمي الذي حقق الأمن و الأستقرار في اقليم كوردستان،لذاا فأنهم ينظرون الى تلك الزيارات من منظور الصداقة وأنّ زيارته الى هنا تستحق الأهتمام والتقدير.
*وجود النفط و الغاز في اقليم كوردستان،جعل الأقليم كدولة ذات مصادر للطاقة،وكما تعلمون صادرات الأقليم من النفط والغاز الى اوروبا تجري عبر الأراضي التركية،هل أنّ النفط كان سبباَ لزيادة التقارب بين اقليم كوردستان و بين الأتحاد الأوروبي؟
- بالتأكيد فإنّ النفط يشكل اهمية كبيرة،ليس فقط لأقليم كوردستان بل لعموم العراق،كما لديكم اتفاقات دستورية حول توزيع موارد النفط والغاز،لذا يجب متابعة تلك الأجراءات الدستورية ووفق القوانين الدولية،ولكن حقيقة أننا نعتمد الى حد معين على تركيا في استيراد النفط و الغاز من اقليم كوردستان وهذه اشارة الى الأهمية الكبيرة لموقع الأقليم ما جعل الأتحاد الأوروبي ينظر الى اقتصاد الأقليم نظرة تقدير.
* لقد أكد السيد مسعود بارزاني مرة اخرى في ايطاليا أنّ بقاء الكورد مع العراق مرهون بتنفيذ الدستور،وكذلك تحول العراق الى دولة ديمقراطية،ويرى الجميع الآن أنّ حكومة بغداد لاتنفذ الدستور و لاتنتهج الديمقراطية،وهذا يعني أنّ البارزاني يسعى الى فصل اقليم كوردستان عن العراق و اعلان دولةمستقلة،اذاً كيف يكون موقف الأتحاد الأوروبي من اعلان الدولة الكوردية المستقلة؟
- بدون شك انها مسألة حساسة جداَ،انا من سكوتلندا وقد اقترحتْ عام 2014 اجراء استفتاء بصدد معرفة اراء المواطنين حول انفصالهم عن بريطانيا(المملكةالمتحدة)، انها فكرة خاطئة حيث انني لست مع انفصال سكوتلندا كشعب،اعتقد أنّ هناك ضغوط ومسائل اخرى لها تأثير كبير على اقليم كوردستان،وهذه مسألة حساسة الى حد كبير وتخلق قلقاً و عدم ارتياح واستقرار لدى دول الجوار،وعلى سبيل المثال في تركيا و ايران كما في مناطق العراق الأخرى،واعتقد ايضاً أنْ يتم تأجيل مثل هذه المسألة الحساسة الى مابعد- اقرار حكومة الشراكة الوطنية في بغداد - التي تخدم عموم ابناء الشعب العراقي وتمثّل مصالحهم و تتجنب المشكلات والخلافات الداخلية.[1]