أ .د. علي القرداغي هو الأمين العام للأتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ونالت وجهات نظره، كعالم وخبير في مجال العقود والتعاملات المالية في الشريعة الأسلامية، ثقة المحافل والأوساط الأكاديمية و جامعات العالم الأسلامي، و قد عاد الأستاذ القرداغي الى الأقليم بعد أنتفاضة شعبنا، ولعدة مرات وهي المرة الثانية التي تلتقيه مجلة(كولان) وقد أنتهزنا الفرصة في هذه المرة وتوجهنا اليه وبكل صراحة ببعض الأسئلة حول الأوضاع الراهنة والوضع السياسي في أقليم كوردستان و ما جاوره.. ونحن على يقين تام من أن فضيلته قد حافظ هلى نهجه المحايد بأحاديثه أينما تطلب الأمر ذلك و يخصص وقته الثمين للأستشارات الأكاديمية وأدناه نص المقابلة:
* مع لقاءاتكم المحدودة مع القيادة الكوردستانية كلما عدتم الى الوطن، حبذا لو تضعنا في صورة الوضع الراهن في أقليم كوردستان و بجانبيه السلبي والأيجابي؟
- بسم الله الرحمن الرحيم، بودي أن أشير في البداية الى أننا عندما نقوم بزيارة كوردستان بين فترة وأخرى، نكون على بينة من أوضاعها، و كما هم من يعيشون فيها.. لذا فأن ما نراه نحن هو أن أقليم كوردستان يعيش عملية إعادة إعمار مستديمة و يشيد فيها عمارات و منشآت عديدة بمرور الأيام.. وأن أعداد الشركات فيها هي في أرتفاع مضطرد وأرى مناظر الشوارع والطرق أبهى وأجمل في كل زيارة وأعتبر ذلك جانبا جيدا وأيجابيا، ومع ذلك فإنه يتنا هى الى سمعنا أنه لو تم أستخدام إمكانيات الأقليم بشكل أفضل فإننا سنحقق فيه نتائج أفضل ايضا و يحدوني الأمل أن تنظم القدرات المتوفرة في كوردستان بشكل أحسن و نحقق المزيد، في إعادة أعمارها بشكل أبهى، و ذلك يعني أن الموازنة المخصصة لأقليم كوردستان لم تستخدم بعمومها في مجال الأستهلاك بل في مجال التطوير والأبداع و مشاريع أنتاجية وأستثمارية، هذا من الناحية الأقتصادية، أما من الناحية السياسية فقد ظهر الى الوجود ، بفضل الله تعالى وهمة شعب كوردستان والبيشمه ركة الأبطال، وعموم الأحزاب السياسية، ظهر أقليم تمكن من إدارة شؤونه، كأقليم فدرالي، بصورة جيدة و هو أمر إيجابي أيضا بالنسبة الي أما من الناحية السلبية أو الجوانب التي لدينا ملاحظاتنا عليها هي أننا كنا نأمل إيلاء أهتمام أكبر بسيادة القانون، و كذلك توحيد كل المساعي لنتمكن من تنفيذ و تطبيق المادة(140) من الدستور العراقي، وذلك لأن هذه المادة قد وضعت و(ركنت) في الدستور العراقي منذ عملية تحرير العراق أي ما يقارب ثمانية أو تسعة أعوام، وأملي هنا أن يجري التأكيد عليها و توضع فوق جميع الجوانب و تبذل مختلف الأطراف مساعيها، ومن الناحية السياسية ايضا، وكما كان(جان جاك روسو) يدعو الى عقد أجتماعي مجتمع الديمقراطي، كنت آمل مثله أن يكون هناك عقد أجتماعي بين جميع المكونات السياسية، و تحديد الواجبات والحقوق وفقه وكذلك تحديد المبادئ الوطنية لشعب كوردستان وفق ذات العقد و بحيث لا يمكن لأي طرف- الحكومة والمعارضة – من تجاوز و خرق تلك المبادئ الوطنية الثابتة، عندها سيتمكن كل طرف من مساءلة الطرف المقابل و فقها وإبلاغ بأنه قد تجاوز ذلك(الخط الأحمر) وكلي أمل أن يعقد هذا العقد لأنه بدون ذلك (لا سمح الله) فإن التوجهات المتطرفة، ومن أي طرف كانت، وتنطلق من تأثيرات التدخل الخارجي أو الأغراءات المادية، قد تجري أشكاليات على هذه الثوابت الوطنية، فيما سيكون الشعب على بينة تامة، في حال ابرام مثل هذا العقد الأجتماعي ، من تفاصيل الثوابت تلك والتي ستكون خطوطا حمرا ليس للحكومة فحسب بل وللمعارضة أيضا، وكمثال على ذلك نجد أن الولايات المتحدة ، ورغم وجود معارضة كبيرة في سائر مناحي الحياة، تحظى مع ذلك بثوابت وطنية هي بمثابة خطوط حمر ولن يتمكن أحد من تجاوزها أو خرقها وهي خطوط تبين المظهر العام للسياسة الأمريكيةو تبقى ثابتة مهما تغير رؤساء مثل أوباما أو بوش . .
* كانت مجلة كولان قد أجرت معكم لقاء عقب أنتهاء أنتخابات تموز عام 2009 بفترة قصيرة و نوهتم فيه الى حلول مرحلة ظهور معارضة قوية في أقليم كوردستان.. فما هي قراءتكم لتعامل أطراف المعارضة والحكم فيما بينها خلال الأعوام الثلاثة هذا؟
- بودي أن أؤكد هنا... أن وجود معارضة قوية هو ظاهرة أيجابية و ضرورية بالنسبة لأية حكومة ديمقراطية وها نرى اليوم بصورة عملية و بكل معنى الكلمة، وجود معارضة فعالة في أقليم كوردستان كما أن للحكومة بالمقابل، والحمد لله، وجودها بكل معنى الكلمة أي أن لهما معا وجودهما في ظل أقليم كوردستان.. وهنا فإنني أعتب على الطرفين أيضا.
* وما هي تلك الأنتقادات؟
- بالنسبة لي ليست هناك أية مصالح مع أي طرف (الحكومة والمعارضة) إلا أنني أشعر بأن البعض في داخل المعارضة قد تجاوزوا على مسائل تتعلق بأستقرار الأقليم أو تلك التي تعتبر ثوابت وطنية وبالمقابل فإن الحكومة تعلن مناهج عديدة للأصلاحات إلا أنها لم تتخذ هي الأخرى خطوات جيدة بهذا الأتجاه.. وكلي أمل أن براجع الطرفان نفسيهما أي أن تتخذ الحكومة خطوات أكثر نحو أجراء الأصلاحات و مكافحة الفساد، هنا لا يسعني أخفاء أن الحكومة تنوي العمل بهذه الأتجاهات ما يحتم على الجميع مساعدتها والتعاون معها ثم أن المعارضة الحقيقية والوطنية برأيي هي أن تخبر الحكومة صراحة بسلبياتها وأيجابياتها، ولا يجوز أن نقول للحكومة أن أعمالكم هي سيئة و سلبية مهما حسنت أم ساءت، و هذا أملي في أن نبتعد عن التفكير الحزبي في معالجة المسائل الرئيسية في مرحلة هي أنما الأسمى في ذلك وثقوا أن الأنتقاد هذا يسهل الأقتراب بين الجميع، و يتوجب علينا بالنسبة للمرحلة الراهنة في أقليم كوردستان ، حيث الأستقرار والأمان والحمد لله، أن نخطو من المفهوم الثوري وننتقل نحو مفهوم الدولة فإن أوضاع الأستحقاق الثوري تختلف عن أوضاع الدولة وأستحقاقاتها حيث نجد أن مشروعي الأصلاحات طرحهما السيد مسعود بارزاني والمعارضة هما جيدان كمشروعين ومع ذلك فمن رأيي كمواطن أعتيادي، أن يكون هناك ميثاق وطني بين جميع الأطراف لكي تتوحد كل الأطراف و ليس الأحزاب السياسية فحسب، في إطار ذلك الميثاق، الوطني وأجراء الحوار و التفاوض على جميع المسائل المهمة في إطاره، أيضا و بمشاركة الأشخاص الأعتياديين والمفكرين و المثقفين والأحزاب السياسية أي ِأن تهتم الحكومة بآراء وهولاء الأشخاص كما أهتمامها بالأحزاب السياسية المعارضة، وفي المجالات السياسية والأقتصادية والأجتماعية. الخ.. وأن يعقد بعد ذلك مؤتمر وطني وقد أكدت مراراً على أن على الحكومة والمعارضة أن تدركا(وهذا ما هما على علم به) أن كوردستان ليست كالصومال أو أفغانستان لأنهما ستبقيان دولتين مهما حلت بهما من أمور و لهما حدودهما المحمية، غير أننا نحن الكورد، لو اختلفنا فيما بيننا لا سمح الله، فإن اليقين أن بغداد، حتى وإن أمتلكت دبابتين مستهلكتين سوف ترسلهما الى كوردستان ما يدفعني للتأكيد على ضرورة حرصنا جميعا على أتباع أفضل سبل التوحد و لتأتي المعارضة و تشترك في هذا المسعى أيضا ولا أرى أي خير في وجود معارضة قوت داخل هذا الأقليم، غير أننا، و كوننا في مركب واحدة فسنغرق جميعا، إن غرقت هي لا سمح الله.. فيما سنوفق و ننجو جميعا إن وصل الى شواطي الأمان وهي قناعة أتمنى، أن نصل اليها جميعا.
* ماذا بأمكانكم أن تعملوه لحكومة الأقليم إن هي أستشارتكم أقتصاديا؟
- لقد تمت بالفعل أستشارتنا والحمد لله وأبلغونا بما يمكننا أن نقدمه، نعم بإمكاننا أن نقدم لهم مشروعا أقتصاديا متكاملاً في مجال التنمية وهنا بودي الأشارة الى اننا قد أجتمعنا اليوم(4/9/2012) مع عدد من المسؤولين في الوزارات والخبراء، لدراسة ما يمكن أن أقدمه للأقليم في هذا المجال، وبأمكاني هنا أن اقدم لهم مجموعة من المقترحات ووجهات النظر العملية الى جانب إمكانية التعاون معهم على المستوى الخارجي سيما عن طريق المصارف و البنوك التي نشرف عليها نحن و تشجيع المستثمرين الذين يستشيروننا عن طريق جملة من الشركات وفتح فروعها في الأقليم حيث بأمكاننا، تقديم خدمة جيدة لشعبنا و دون أي مقابل، وعلى مستوى السياسة الداخلية أو المحلية، ورغم أننا نتعاون بأستمرار في توحيد البيت الكوردي إلا أنني قد دعوت السيدين الرئيس مسعود بارزاني والرئيس جلال الطالباني الى توظيف كل إمكانياتهما لحماية وحدة البيت الكوردي، فقد قلت للسيد الطالباني، ورغم كونه مريضا و دعائنا له بالشفاء العاجل، المهم أن تضعوا هذه الوحدة و تطوير العلاقات مع بغداد و دول الجوار فوق كل أعتبار، وأكدت ذلك للرئيس البارزاني أيضا وأبلغاني بانهما يعتبران هذه المسألة، وبكل جدية أولوية لكل أعمالهما، ونحن مستعدون لأبداء كل التعاون في ذلك بأعتباري أمينا عاملا للأتحاد العالمي لعلماء المسلمين ولدى علاقات جيدة مع جميع الدول الأسلامية.
* الم يحن الوقت بعد لأن ينال الكورد موقع(المراقب) في المؤتمر الأسلامي؟
- نعم قد حان ذلك بالفعل، ونحن مستعدون للتعاون في هذا المجال وبرأيي أن تكون الخطوات السائرة نحو تركيا وغيرها من الدول هي جزء من مساعي توطيد علاقتنا مع جيراننا وقد أبلغت المسؤولين بإن مصالحنا أي مصالح أقليم كوردستان هي قبل كل شء مع ضرورة ان تكون ونبنى علاقتنا المشتركة مع سائر الدول وبالأخص تركيا بأعتبارها دولة لها تأثيرها في العالمين الأسلامي والعربي كما أبدى غالبية المسؤولين في دول (الربيع العربي) عند لقائي بهم، أستعدادهم للقاء أي وفد كوردي وأجراء لقاءات وحوار مع حكومة أقليم كوردستان بصورة رسمية كون الظروف مؤاتية لذلك بالفعل.
* في سياق العلاقات الكوردستانية ، نلاحظ وجود نوع من (البرود) أو الفتوربين أطراف منها سيما بين البارتي و كوران، ما يتوجب مداراتهما وإعادة التفاهم فيما بينهما؟
- سبقا أن قلت بأهمية تعزيز العلاقة بين الديمقراطي الكوردستاني والأتحاد الوطني لقطع الطريق أمام اي تصور خارجي بوجود خلافات داخلية بينهما وإلإ فنحن على دراية بحسن علاقاتهما المشتركة و يديران الحكومة معا وقد لا يحدث بينهما أي خلاف- إن شاالله وفي ذلك فقد التقينا، عند زيارتنا الأخيرة للأقليم في تموز الماضي، مع السيد نوشيروان ثم المعارضة الأسلامية والأستاذ صلاح الدين ايضا، وكان عندها أمينا عاما للأتحاد الأسلامي والأستاذ على بابير ثم التقينا من هذا الجانب السيد نيجيرفان بارزاني و قابلنا السيد مسعود بارزاني أيضا، هذه كانت في الواقع بعض مساعينا على أمل أن تتوسع نحو نتائج جيدة إن شاءالله.
* كيف ترون المشكلات القائمة بين الكورد والعرب السنة وبين الحكومة الأتحادية وما الواجب أن تتقدمه الكورد في هذا الجانب؟
- مصلحة الكورد والعراق بصورة عامة تتطلب تطبيع العلاقات بين الأقليم وبين بغداد، وبأمكان السيدين مسعود بارزاني و جلال طالباني أيجاد الحلول لأية معضلة ربما تكون موجودة مع الحكومة الأتحادية ومع الجانب السني العربي أيضا فليس من مصلحة أحد حدوث أية مشكلة بين أي من الأطراف السياسية وهو أمر يتفق عليه الجميع ما يحتم علينا أزالة المشكلات وبالمناسبة فقد سعينا مؤخرا و عن طريق الأتحاد العالمي للعلماء بهذا الأتجاه إلا أن المؤتمرات العام هذا قد أستجد وبالتالي أجلنا مساعينا تلك وكان في نيتنا زيارة الأقليم على مستوى رفيع عن طريق وفد من الأتحاد العالمي ولقاء السيدين مسعود بارزاني و جلال طالباني و من ثم السيد نوري المالكي والأتصال مع السيد السيستاني ، وهي مهمة متواصلة وسنستمر فيها كأتحاد عالمي للعلماء عسى ان نقول خيرا بين المكونات الرئيسة في العراق و تهدئة الوضع المتوتر القائم حاليا و بودي إعلان حقيقة أن العالم العربي وفي غالبيته قد أستحسنوا هذا التقارب الجيد بين العرب السنة وبين الكورد ومع ذلك يتطلب الأمر تقاربا مماثلا مع الحكومة الأتحادية فنحن عازفون ولا نرغب في تفسير هذا الأمر بشكل طائفي، إلا أن أي تقارب يجب أن يكون على أساس تأمين الحقوق المشروعة للكورد وأستنادا الى مواد الدستور العراقي التي لم يطبق معظمها وبالأخص المادة(140) التي تعود مسؤولية تنفيذها للحكومة الأتحادية التي تلكأت بنوع من الخمول في تنفيذ بنود تلك المادة وقد يكون هناك نوع من الأهمال من الجانب الكوردي إلا أن السلطة المركزية تتحمل المسؤولية الأولى في ذلك والتي أهملت الدستور في هذا الجانب، كما أننا بحاجة في ذات الوقت، الى تهدئة الوضع لأن أستقراره هو أساس بالنسبة للمكونات الرئيسة في العراق و يجب أن يكون للكورد، كمكون رئيس علاقات وطيدة مع الأخوة العرب، سنة و شيعة، ولا نرى إطلاقا تحويل المشكلة الى خلاف مذهبي أو أتني لأن الصراع الطائفي يضر بكل الأطراف وأملي أن تكون قيادات الكورد والشيعة والسنة بمستوى منع تحويلها الى خلافات طائفية .
* ذكرتم أن الدول العربية تستحن وراغبة في تقارب الكورد مع العرب السنة، فهل بالأمكان إيجاد تفاهم بهذا الأتجاه مع أختلاف و جهات النظر أزاءها وعلى مسائل الفدرالية و مشكلة المناطق المقتطعة مثلا؟
- القسم الأكبر من الخلافات الداخلية بين الطرفين يعود الى عدم الفهم المتبادل فضلا عن الجانب النفسي وفقدان الثقة بينهما ما يعني أن أي تفهم جيد للكورد مع العرب السنة والشيعة سيدفع الطرف الأخر لأتخاذ أو تبنى فهم جيد للكورد أيضا وبرأيي أنه يمكن معالجة غالبية المعضلات فقد كانت الفدرالية بالنسبة للسنة أمرا صعبا إلا أنهم الآن يطمحون للفدرالية وهنا ينبري تساؤل :
إن كان العرب السنة يطالبون بالفدرالية لديالى و الرمادي أو ليس من حق الكورد المطالبة بها؟ وبرأيي ان التفاهم مع العرب السنة في مسائل الفدرالية و كركوك و حقوق الشعب الكوردي هو أسهل من السابق وعلى القيادة الكوردية الأستفادة من هذا التفاهم هذا فضلا عن الجانب القانوني حيث تم تثبيت الفدرالية للكورد بشكل قانوني و سيتحقق الفهم الشعبي أيضا لكي يكون حاميا لهذا المكسب القانوني وعموم المكتسبات التي تحققت حتى الآن.
• ألم تبذلوا أية محاولة، على مستوى الأتحاد العالمي لعلماء المسملين لأيجاد مثل هذا التفاهم على مسألة الفدرالية بين المكونات العراقية؟
- هو أمر وارد في فكرنا إلا أننا لم نبلور شيئا من ذلك على مستوى لجان الأتحاد العالمي حتى الأن إلا أن الية تنفيذ ذلك هي أمر ضروري لأن متطلباته هي مهمة بالنسبة لجميع الأطراف وبأمكاننا أن نكون حكاما في ذلك كما أن الزمن هو الآخر مسالة حاسمة فما كان ممنوعا قبل(5) سنوات مثلا هو الآن مسموح كما كانت الفدرالية مسألة خطرة لدى العرب السنة أي أن الزمن كفيل بتحسن وضع الكورد أكثر من ذلك مستقبلاً شرط أن يتمكن الكورد من توظيف هذه المسائل بشكل جيد فالسياسة تعني قدرات (فن اجراء الممكن)، وأعني قدرات تستند الى البيئة والوقت المناسبين .
* وكيف ترون بأعتباركم سياسيا وأكاديميا في مجال الأقتصاد، ما نوه اليه الرئيس مسعود بارزاني بشأن(تشكيل الدولة)..
- أنا أرى من الوجهة الوجدانية أن من حق الشعب الكوردي، أسوة بجميع شعوب العالم ، أن تكون له دولته المستقلة كون جميع شعوب العالم لها دولها و حقها في تقرير مصيرها و مطالبة الكورد بذلك تعتبر حقا مشروعا فالعالم الأسلامي ليس عالما واحدا، ثم ليست لدينا دولة الخلافة الأسلامية بل لدينا(57) دولة أسلامية و زهاء(22) دولة عربية، وهي مسألة أعتيادية إلا أن ذلك مرتبط و يعتمد على القدرات والأمكانيات والظروف، سلباً وأيجابا وهل يمكن ذلك أو يحصل من حيث الظروف الدولية المتاحة وهذا أمر يتطلب دراسته بكل دقة.
* وهل بأمكاننا أن ندير شؤوننا أقتصاديا في حال قرارنا بتشكيل دولة ؟
- المشكلة تكمن في أن اقليم كوردستان يعيش الآن وضعا تتجلى فيه الخلافات بين دول الجوار ما يعني إمكانية التفكير الجدي في هذه المسألة في حال وجود أي أتفاق مع تلك الدول .
* مع حلول حزب العدالة والتنمية التركي في سدة الحكم في بلاده فقد أستجدت أوضاع مذهلة فعلاقات أقليم كوردستان مع تركيا هي في تطور بالأخص عندما نرى فتح قنصليتها في اربيل,
فما هي فوائد ذلك بالنسبة لموضوعنا ؟
- أنا أعتبر ذلك شيئا مهما جدا فتعزيز العلاقة الثنائية هذه هو أمر جيد سيما وقد قدم حزب العدالة والتنمية الجيد في مجال حقوق الكورد هناك وأعتقد أن التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو بشأن أقليم كوردستان و زيارته لمدينة كركوك وللأقليم مؤخرا هي، أيضا خطوة متقدمة بالنسبة للقضية الكوردية ولدي قراءات كثيرة بشأن هذه الزيارة منها أولا : تعني أن تركيا أصبحت منفتحة و تقول نحن ملتزمون بحماية مصالحنا وأستثماراتنا المتزايدة هذه في الأقليم وأخيرا تقول نحن لا ننحاز لأي طرف بل الى كل الأطراف من كورد و تركمان والقوميات الأخرى.
• كيف ترون المحاور القائمة في سوريا و معطياتها وتداعياتها ؟
- أنا في الواقع اراها محاور معقدة ومتشابكة بين المصالح الداخلية والأقليمية والدولية وهي مصالح مختلفة فيما بينها، إلا أن كل معطيات السنة الآلهية والمشكلات الدولية وأسس التاريخ تسير نحو مسألة واحدة وهي نظام بشار الأسد سائر نحو الأنتهاء بل أنتهى فقد فقدالشرعية وأقدم على قتل شعبه ومن الصعوبة بمكان أن يتراجع الشعب عن ثورته ثم أن الأوضاع لا تشبه مسار عام 1982 حيث قتل النظام الآف الأشخاص دون أن يعلم بها أحد.... فهناك اليوم أعلام ضخم وفعال يقوم بفضح تلك الممارسات وأن الدول التي تساند النظام السوري اليوم إنما تتعرض الى اضرار كبيرة لأنها تهئ بذلك الكثير من الحقد بينها وبين الشعب السوري وأن حقد الشعوب لا يمكن الأستهانة به.. وبقناعتي أن بشار الأسد قد سقط وعند سقوطه ستستجد مشكلات و خلافات أقليمية في العراق والمنطقة بصورة عامة.. وقد نجلس معاً حينذاك ونتحدث عن ذلك التحول .
• و كيف تكون نتائج و معطيات تلك التحولات ؟
- ستكون النتائج أيجابية بالنسبة للمنطقة و للكورد أيضا في العراق و سوريا... فقد كان النظام السوري لا يعترف في السابق بوجود الكورد في بلاده وكان يعتبرهم لاجئين قدموا من تركيا وتم سحب الجنسية من(800) ألف منهم ولم يكن يعتبر الآخرين منهم حتى مجرد أقلية و رسالتنا للشعب الكوردي في سوريا، في هذه الظروف الحساسة هي حتمية وحدة صفوفهم وأهدافهم وأن تكون مطاليبهم في مستوى المعقول فالمعروف أن لنا، في أقليم كوردستان برلمانا و حكومة، إلا أننا، ومع كل النضال والمقاومة والتضحيات التي قدمناها منذ أيام الراحل الشيخ عبدالسلام والشيخ محمود الحفيد والملا مصطفى البارزاني في عام 1933 ومن ثم ثورته في عام 1961 فقد تم لنا تشكيل برلمان كوردستان العراق في عام 1992 فقط والذي قرر أن نمارس الفدرالية في الأقليم وكان ذلك قرارا حكيما حتى أن الرئيس مسعود بارزاني يعلن ويقول أزاء تشكيل الدولة و يبرز : (إن لم يتم تنفيذ الدستور)، ولا يقول (مباشرة) وعلى شكل تهديد ما يجعلني أطلب من الأخوة كورد سوريا أن يطرحوا مطاليبهم بصورة معقولة والتعاون مع أقليم كوردستان- حكومة و معارضة- طريقا لتحقيق نتائج جيدة .
• والى أي مدى يتمكن أقليم كوردستان من الأستفادة من نتائج التحولات التي شهدتها الدول العربية سيما وأن التيارات الأسلامية المختلفة هي الممثلة الرئيسة فيها ؟
- بإمكاننا على الأقل أن نقول لتلك التيارات أن الكورد هو شعب مسلم وعلينا أن نعترف لهم بأنهم ليسوا مواطنين من الدرجة الثانية ولا نتطلع، كما يقول الرئيس البارزاني، الى أن نكون أفضل من العرب بل نريد ألا نكون مواطنين من الدرجة الثانية فحسب، وعلى جميع الأطراف حماية المكتسبات التي تحققت و بكل أخلاص.. مع شكري لكم.
أ.د. علي القرداغي في سطور
- ولد عام 1949 في بلدة قرداغ- السليمانية
- يحمل شهادة الدكتوراه في الشريعة والقانون و مختص في مجال العقود والتعاملات المالية و حصل عليها بدرجة أمتياز من جامعة الأزهر وكان قد حصل فيها عام 1980 على شهادة الماجستير في الفقه المقارن و بدرجة(أمتياز) أيضا.
- كان الأول على مستوى كلية الشريعة الأسلامية في بغداد عام 1975 و قبل ذلك كان الأول على مستوى كوردستان في المعهد الأسلامي عام 1965.
- و يعمل الآن، و فضلا عن كونه الأمين العام للأتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أستاذا و رئيسا لقسم الفقه الأصولي في كلية الشريعة والقانون والدراسات الأسلامية بجامعة قطر و رئيس مجلس أمانة جامعة التنمية الأسلامية في أقليم كوردستان و رئيس الرابطة الأسلامية الكوردية.
- له (28) كتابا و بحوث متنوعة وشارك في صياغة المشاريع الأقتصادية للعديد من دول العالم منها على سبيل المثال تركيا و ماليزيا و أندونيسيا و مستشار في مجموعة من المصارف المعروفة في العالم.[1]