ترجمة/بهاءالدين جلال
البروفيسور براندن اوليري استاذ العلوم السياسية و مدير برامج (Penn) للأزمات العرقية في جامعة بنسلفانيا و المدير السابق لمركز سلومون للدراسات السياسية الدولية،والخبير في الشؤون الكوردية و العراقية وكان أحد مستشاري الدستور الدولي شارك كمستشار عن اقليم كوردستان في كتابة الدستور العراقي،وهو احد الأكاديميين الثلاثة الذين ألّفوا كتاب(مستقبل كوردستان في العراق)، وللحديث عن اوضاع العراق الراهنة و كيفية حل المشكلات العالقة بين اربيل و بغداد و مستقبل الأقليم وجهت له كولان عدداَ من الأسئلة .
* يُلاحظ أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تبدي الآن بالغ اهتماماتها بتعزيز علاقاتها مع اقليم كوردستان و على مستوى رفيع، ماهي قراءتكم للسياسة الأمريكية الحالية حيال الأقليم ؟
- يتزايد الوعي في الولايات المتحدة الأمريكية بأستمرار بشأن التحالف القوي الذي يربطها بالأقليم ويكاد يكون الحليف الوحيد بالنسبة اليها في العراق، واذا مانظرنا الى الأوضاع في سوريا لوجدنا أنّ المالكي يدعم النظام السوري،و بخلاف ذلك نجد انّ الرئيس البارزاني لايدعم النظام،والولايات المتحدة على علم بأن ايران ترسل الأسلحة و المعدات العسكرية الى سوريا،وأنّ العراق يستخدم اجوائه لتمرير الأسلحة، بالرغم من وجود اتفاق ستراتيجي بين الولايات المتحدة و العراق، لذا فإنّ زيارة الوفد الأمريكي الى اقليم كوردستان تُفسّرعلى أنها دليل واضح على أنّ للأمريكان توجهاَ ايجابياً ازاء الأقليم،كما علينا تفسير الأوضاع من منظور آخر وهو أنَ اقليم كوردستان تربطه علاقات جيدة مع تركيا،وكلما تحسنت تلك العلاقات و تطورت كلما اصبح ذلك عاملاً مساعداً بالنسبة الى الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير علاقاتها وتعزيزها مع اقليم كوردستان لأن الولايات المتحدة تعتبر تركيا الحليفة الستراتيجية والرئيسة لها في الشرق الأوسط.
* العلاقات بين اقليم كوردستان وبغداد لاتشهد الأستقرار، والمالكي لايريد أنْ يعترف بالحقوق المثبتة للأقليم في الدستور العراقي ليمارس اعماله،السؤال هو لماذا لاينصاع المالكي الى الدستور؟
- أنا متفق تماماً مع الشطر الأول من سؤالك، فإنّ الحكومة التي يرأسها المالكي فشلت في تنفيذ المواد الرئيسة من الدستور، سيما ما يتعلق منها بالمادة 140 حيث تعهد المالكي بتنفيذها عندما تسنم السلطة للمرة الثانية، الى جانب عدم اعترافه بحقوق الأقليم حول التنقيب عن النفط والغاز وسياسة تطوير أقتصاده،أما بالنسبة الى الشطر الثاني من السؤال فهو واضح جداً حيث أنّ العراقيين وسيما المقيمين في اقليم كوردستان على بيّنة من أنّ للولايات المتحدة اعتماداَ و ثقة أقل من السابق ما يتعلق بقدراتها في الشرق الأوسط في الوقت الحاضر،لذا فإنّ امريكا لاترغب في التدخل في العراق بسبب قضايا وخلافات داخلية ، ولكنها تستاء اكثر عندما ترى أنَ المالكي يقدّم الدعم للنظام السوري وهذا ما يجعلها تولي اهتماماً اكبر بأقليم كوردستان. وأنا على ثقة بأن الولايات المتحدة الأمريكية تصرف جهوداَ كبيرة من اجل تعزيز العلاقات بين الأقليم و تركيا،ما يؤدي الى زيادة الثقة بين الأقليم و الشركات المستثمرة خاصة شركات النفط، ونتسائل ماذا يمكن أنْ يحدث في الأنتخابات المقبلة واذا جرت بشفافية وعدالة و نزاهة، عندها تبقي أمام المالكي فرصة أقل ليفوز مرة أخرى، ومن الواضح أنّ المالكي يحاول تثبيت سلطته و يخطو بأستمرار نحو الدكتاتورية ، ولكن علينا الأنتظار لحين اجراء الأنتخابات المقبلة.
* الأختلاف الآخر بين اقليم كوردستان وبغداد يكمن في أنَ البارزاني يدعم الشعب السوري فيما يقوم المالكي بدعم الأسد من اجل البقاء في السلطة، تُرى لماذا يرغب المالكي في ذلك؟
- قبل كل شىء أعتقد أنَ استمرار حكومة الشراكة صعب جداً،خاصة اذا كان للطرفين في الحكومة اتجاهان مختلفان في السياسة الخارجية،وهذان الأتجاهان يتجسدان في الموقف المعلن لكليهما ازاء سوريا، الواضح أنّ المالكي امضى فترة من حياته في سوريا وهوالآن يتزعم حزباً شيعياً قريباً من ايران ، والأيرانيون يعتبرون بشار الأسد و النظام العلوي شريكين لهم في المنطقة، ما يثير الأستغراب أنَ المالكي كان من المقرر انْ يتزعم حزباً ديمقراطيا ً ويقود عراقاً ديمقراطياً ولكنه في الأخير أخذ يدعم نظاماً دكتاتورياً متسلطاً في سوريا شبيهاً بالنظام الدكتاتوري لصدام حسين، لذا من الصعب أنْ نعلم لماذا يميل المالكي الى هذا النظام،وهذا الدعم سوف يخلق له مشكلة كبيرة فمن جهة نجد أنّ المالكي وقّع على اتفاق ستراتيجي مع الولايات المتحدة الأمريكية،ومن جهة اخرى يعتمد جيشه كلياً على التدريب العسكري الأمريكي و تقنياتها ،ولو سحبت امريكا دعمها العسكري من المالكي بسبب استمراره في سياسته الخارجية الخاطئة فإنّ خسارة كبيرة سوف تلحق بحكومته.
* انتم مطلعون على مواقف البارزاني الذي يؤكد سيادته دائماً على تنفيذ الدستور،وقول سيادتهاذا لن يتم تنفيذ الدستور، فإننا لانستطيع العيش في عراق ينتهك الدستور ولايتعامل معاملة ديمقراطيةالى أي حد تتفهم الولايات المتحدة الأمريكية مواقف البارزاني تلك؟
- لستُ متأكداَ في الوقت الحالي بشأن مشرعي السياسة الخارجية الأمريكية و ما لهم من ملاحظات حول هذه المسألة،ولكن موقف البارزاني واضح و صريح جداً لمن يريد الأهتمام بهذه القضية،وما ذكرتموه يؤكد أن ّ البارزاني اشار بكل وضوح الى أنّ أي خرق للدستور هو مسؤولية تقع على عاتق بغداد و حكومة المالكي،وعندما صوّت الكورد على الدستور عام 2005 كان الهدف منه هو اقامة عراق ديمقراطي و ليس ظهور دكتاتور جديد، ومن اجل حسم المشكلات المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها،و صوتوا ايضاَ من اجل حقوقهم فيما يخص مواردهم و ثرواتهم النفطية، وأي محاولة من المالكي سواء العسكرية أو اخرى وبأي شكل من الأشكال من اجل تعزيزمواقفها الدكتاتورية، فهي لاتستفزالعالم بأعلان الأستقلال من قبل اقليم كوردستان،واعتقد أنّ تركيا قد تقبل به،ولكن لاأعتقد أنْ يحدث هذا فوراً، ولكن لوحدث ذلك فإنّ ذلك يتطلب وجود مخرج واضح لحسم المناطق المتنازع عليها،وإنّ أسوء السيناريوات هو أنْ يُعلن الأستقلال و المناطق المتنازع عليها لايزال غير محسوم امرها، لذا ارى من المستحسن أنْ يكون الرئيس الباارزاني اكثر حذراً في الأصرار على حقوق اقليم كوردستان،كما يجب أنْ يُولي اهتماماً كبيراً بتوفير منطقة آمنة في سوريا، و نتسائل هل يستطيع الكورد في سوريا تنظيم صفوفهم؟
* الى أي حد يستفيد الكورد من التغييرات التي تحصل في المنطقة،خاصة بعد سقوط نظام الأسد؟
- هذا يتوقف على الأحداث و على الجهة التي سوف تنتصر في سوريا،ولم تطرح المعارضة السورية حتى الآن المرحلة الأنتقالية المقبلة والتي قد تكون مهمة بالنسبة الى الكورد،وعلى الكورد أنْ يستعدون لتشكيل تحالف مع الأطراف المعارضة للنظام،وعلىيهم ايضاَ اجراء اتصالات و مباحثات مستفيضة الآن و الأصرار من اجل تثبيت حقوقهم ،لأن التأجيل الى ما بعد سقوط النظام يضر بهم بعد انتصار جهة معينة التي قد يصعب التفاهم معها لاحقاً،ومن الأهمية بمكان أن ينظم الكورد صفوفهم الآن لنيل حقوقهم اسوة بكورد العراق،خشية من أنْ يتسلم دكتاتور جديد سني مقاليد الحكم في سوريا وهم غير راغبين في أن يكون حزب العمال الكوردستاني اللاعب الرئيس بين كورد سوريا،واذا حدث ذلك فإنّ ذلك سيؤدي الى الأضرار بالشراكة الحالية بين اقليم كوردستان و تركيا.
* تلعب تركيا دوراً اساسياً في المنطقة و في الربيع العربي، وتشهد العلاقات بين اقليم كوردستان و تركيا مرحلة متقدمة،اذاَ ماهي اهمية تركيا بالنسبة الى الآقليم في الظروف الراهنة؟
- بدأت تهدئة التشنجات في العلاقات بين الحكومة التركية و اقليم كوردستان حوالي عام 2006وهي الآن في غاية النمو و الأزدهار، ومن اجل تعزيزتلك العلاقات بشكل افضل بأعتقادي يجب أنْ يُسمح للكورد في تركيا أنْ يلعب دوره و المشاركة في صياغة دستور البلاد، وبالتالي ينعكس ايجاباً على العلاقات بين الحكومة التركية و الكورد في ذلك البلد، المشكلة هي أنّ الكثير من كورد تركيا ينظر بأعجاب كبير الى حزب العمال الكوردستاني ويقدم الدعم له، ومن اجل ايجاد بعض الآليات لأجراء حوارات بين عموم المجموعات التي تمثل الكورد في تركيا و الحكومة التركية يتطلب وقف اطلاق النار و كافة العمليات العسكرية،مع وجود استعداد PKK الكامل للمشاركة في العملية الديمقراطية، كما أنّ هذه المسألة تعتبر مهمة بالنسبة الى اقليم كوردستان ايضاَ لحل القضية الكوردية في تركيا بصيغ سلمية و ديمقراطية.[1]