ترجمة/بهاءالدين جلال
الدكتور حميد اكين أنفر هو استاذ العلاقات الدولية في جامعة كديرهاس في استنبول و محاضر للدراسات التركية في جامعة بريستون، تحدث خلال مقابلة اجرتها معه (كولان) عن الأوضاع الراهنة في سوريا و تداعياتها في المنطقة.
* تواصل المصادمات و الأشتباكات بين قوات النظام و المعارضة في سوريا، ولكن ليست بأستطاعة أي من الطرفين حسم الموقف لصالحه، و نتسائل الى متى يبقى المجتمع الدولى متفرجاً على هذه الأوضاع و التي يذهب فيها يومياً العشرات من المدنيين الأبرياء بين قتيل و جريح؟
- هناك ثلاثة سيناريوهات- الأول،النصر الحاسم للمعارضة و طرد الأسد و جزء من قادة البعث من سوريا، وفي هذه الحالة من المحتمل أنْ تتبع الأدارة المؤقتة التي تتولى السلطة في البلد نهجاً سنيَاً- اسلامياً مع استمرار التأزم في العلاقات بين القادة الجدد و السابقين من الوسط البعثي،السيناريو الثاني،يتعلق بتوصل المعارضة مع الأسد الى اتفاق، حيث يبقى الأخير في الحكم مع قيام المعارضة بأجراء تعديلات مهمة واملاء بعض التغييرات على السلطة الحاكمة، واذا ما حقق هذا السيناريو سةف يسود السلام في سوريا لفترة قصيرة، ولكن من المعلوم أنّ الأسد سوف يحاول بمرور الزمن التراجع عن تلك التعديلات و فرض السلطة المركزية في البلد مرة اخرى،السيناريو الأخير هو قيام الأسد بدحر المعارضة من خلال معركة استنزاف مزمنة و بالنتيجة خروج قوات الأسد منهكة و ضعيفة و يؤدي ذلك الى حدوث الفراغ في السلطة كما حدث ذلك في العراق عام 1991.
* يعتقد الكثير من الخبراء أنّه على الرغم من أنّ الأزمة في سوريا هي أزمة دولة معينة، ولكن لها تداعيات على الدول الآخرى مثل تركيا و لبنان و ايران و عموم المنطقة،و السؤال هو هل أنّ الأزمة السورية تحولت الصراع بين السنة و الشيعة ؟ حيث تقوم السعودية و تركيا بدعم المعارضة فيما تسعى ايران و العراق و حزب الله اللبناني الى بقاء الأسد في السلطة،و بمعنى آخر هل اصبحت سوريا ساحة حرب بين الشيعة و السنة؟
- نلاحظ في سوريا بوادر من الحرب الطائفية،وذلك من خلال بسط السيطرة الخارجية و استخدامها في افتعال الأزمات على اسس طائفية حيث تمنح ايران الحق لنفسها في حماية المنطقة الشيعية،في حين تسعى تركيا و دول الخليج الى أنْ تتولى السنة مقاليد الحكم في البلاد،وما يتعلق بأيران فإن ضياع سوريا هو ضياع الجناح الشمالي من الحزام الشيعي،و كذلك فقدان فرص الوصول الى لبنان و فرض تأثيرها على اسرائيل،و بالتأكيد فإنّها حرب ايرانية لحماية جناحها الشمالي – حزامها الشيعي- القريب من اسرائيل وأنّ هذه الأولوية سوف تحوّل سوريا الى ساحة صراع طائفي حاد.
* وفق بعض المصادر الخبرية ،حتى لو سيطرت المعارضة على العاصمة دمشق فإن النظام السوري لن يرحل،كما أنّ الخبراء و المراقبين السياسيين يتوقعون لجوء الأسد الى لبنان من اجل تشكيل دولة علوية و بناء علاقات مع حزب الله و حماس،وهذا امر خطير للغاية، هل هذه الأمور تشكل بداية لأنهيار سوريا و خلق اجواء من المخاوف في المنطقة يبرمتها؟
- مما لاشك فيه أنّ اذا هُزم الأسد آجلاَ أم عاجلاَ فإنّ النظام سينهار ايضاً، و قد يؤدي ذلك الى احتمال انشاء دولة علوية جديدة،ولكن تلك الدولة سوف تعيش تحت تهديد الأقلية السنّية ،كما أنها تنتهج العلمانية ولايستبعد انضمامها الى اسرائيل.
* الكورد هم جزء من سوريا وقد تم انتهاك حقوقهم طيلة اربعين عاماَ من حكم الأسد،وقد انسحبت قوات نظام الأسد من المناطق الكوردية في الوقت الحاضر وهذا ما سنح الفرصة للكورد للمارسة حقوقهم،تُرى الى أي مدى يصب ذلك في مصلحة الكورد؟
- هذا يتوقف على انسحاب القوات السورية هل هو نهائي أم لا،و لو عادت قوات الأسد بعد هزيمة المعارضة الى تلك المناطق حينها يصعب على الكورد تحقيق الحكم الذاتي، وعلى عكس ذلك يظهر في شمال البلاد فراغ اداري ،و بالتأكيد سيوفر ذلك فرصة سياسية جديدة أمام الكورد.وهذا يعتمد أساساً على امكانيتهم في تنظيم امورهم العسكرية للوقوف بوجه المعارضة التي تدعمها تركيا و دول الخليج.
* حسب بعض المراقبين تلعب تركياَ الدور في سوريا نيابة عن الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الغربية بصورة عامة،هذا في حين أنّ تركيا لم تكن مستعدة للأنضمام الى قوات الناتو في اسقاط نظام القذافي في ليبيا،هل يمكن القول بأن الدول الغربية تثق بتركيا في أنْ تلعب دوراً مهماَ في المنطقة؟
- تستطيع تركيا توفير الدعم السياسيي و الشرعية الدولية كما بأمكانها فتح ابواب التعاون و التجارة و الأستثمار،وما تقوم به تركيا في الأزمة السورية لتحقيق الأهداف محدود جداَ، لأنّ ذلك يتوقف ايضاً على مستوى اعمال العنف و الصراعات و كيفية انهاء الأوضاع المتردية حالياً في سوريا.
*تتخذ الأوضاع السورية منحاَ مأساوياً حيث تشرد الملايين من المواطنين و قُتل و جرح منهم عشرات الآلاف، و نتسائل لماذا يقف المجتمع الدولي موقف السكوت عما يجري في سوريا من كوارث انسانية مؤلمة؟
- يعتقد المجتمع الدولي بأن تركيا و الأردن بأستطاعتهما لوحدهما ادارة أزمة النازحين و اللاجئين، وهذا تفسير خاطىء،النقطة الأخرى هي أنّ المجتمع الدولي عاجز عن اختيار اسلوب التدخل في مثل هذه الأزمات، حيث استمرار القتال و من الصعوبة بمكان التدخل المباشر في منطقة طاحنة و معقدة للغاية .[1]