البروفيسور ديفيد ايل فليبس المدير الحالي لبرامج بناء السلام و الحقوق في معهد جامعة كولومبيا،وهو احد الدبلوماسيين البارزين في امريكا و شغل سابقاً منصب المستشار في وزارة الخارجية الأمريكية و المتخصص في السياسة الخارجية الأمريكية و شؤون كوردستان و تركيا و العراق،البروفيسور فليبس حلّ لمرات عدة ضيفاًَ على صفحات (كولان)،اما هذه المرة التقته وهو يزور اربيل العاصمة وفي جلسة مفتوحة تمت مناقشة عدد من القضايا و عبر الأسئلة الآتية:
ترجمة/بهاءالدين جلال
*ما الهدف من زيارتكم الحالية الى اقليم كوردستان و كيف ترون الأوضاع فيه سيما الأوضاع في كركوك؟
- كانت اولى زياراتي الى اقليم كوردستان في كانون ثاني من عام 1992،هدف زيارتي الأخيرة هو لقاء اصدقائي القدماء و كذلك الأطلاع على التطورات التي يشهدها الأقليم.
*بأعتباركم نظمتم عدداَ من الندوات في الولايات المتحدة الأمريكية حول المادة 140 الدستورية و شاركتم ايضاً في بعض الكونفرانسات ذات العلاقة، هل تعتقدون ان هناك اى امل في الأفق لتنفيذ المادة المذكورة؟
- حدثت تطورات كبيرة في كركوك بفعل نشاطات المحافظ نجم الدين كريم،وقد توسعت مساحة الخدمات فيها،كما شهدت العلاقات بين المكونات تقدماً ملحوظاً،واذا كانت الحكومة العراقية تعتبر نفسها ملتزمة بالدستور فعليها تنفيذ المادة 140،لقد صوّت العراقيون على الدستور و تمت مصادقته لذا فإنه ليس للحكومة العراقية الحق في تأخير التزاماتها ازاء الدستور،وتنفيذ هذه المادة سوف يحسم موقع كركوك.
* كيف سيصبح مصير كركوك في حال عدم تطبيق المادة 140؟
- لايجوزابداَ تجاهل الأوضاع في كركوك،واذا لن يوافق العرب في كركوك على الأنضمام الى اقليم كوردستان فهذا خيار و قرار خاص بهم،وبأمكان اهل كركوك التحاور حول عملية السلام في محافظتهم،حينها يصبح الكثير من المحافظة جزءاً من اقليم كوردستان العراق.
*كيف تقيمون الزيارة الأخيرة للسيد نيجيرفان بارزاني الى بغدادو لقاءه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي و دور المحادثات في حل المشكلات العالقة؟
- هذه ليست اول مرة تتوصل فيها بغداد و اقليم كوردستان الى اتفاق بشأن حل المشكلات،ولكن لو جرى تقسيم العراق فإن مسؤولية و تبعيات ذلك لاتقع على عاتق الكورد.
*ولكن ليس امام الكورد غير المحادثات مع بغداد؟
- للكورد شراكة ستراتيجية مع بغداد و انقرة و طهران،و نحن نتطلع الى نجاح العراق كدولة فدرالية و تعددية و متعددة القوميات،ورغم ذلك نجد ان لهيب الحرب الطائفية بين السنة و الشيعة يكاد ينتشر بسرعة،اذاً لماذا يصبح الكورد جزءاً من دولة فاشلة؟
* اصبح اقليم كوردستان في الوقت الحاضر جزءاً من الأوضاع المتوترة في العر اق ، وهدفنا هو حماية الأستقرار، كيف يمكن حماية استقرار الأقليم عبر الحوار؟
- مبادىء هيلسنكي التي وردت في«Helsinki final act»1985 تسمح بتغيير الحدود عبر اتفاق ثنائي،وفي حال قرر الكورد و العرب عدم العيش معاً في اطار دولة واحدة،فإن من حق الطرفين اجراء حوار سلمي للأنفصال واعلان الأستقلال.
- وهل تعتقد ان الولايات المتحدة الأمريكية سوف تسمح بذلك في حين تؤكد مراراً على بقاء العراق كدولة موحدة؟
- تتطلع الولايات المتحدة الأمريكية الى بقاء العراق كدولة موحدة ضمن حدوده الحالية،لا اظن انه اجراء سليم، للولايات المتحدة حليف واحد في العراق الا و هو الكورد.
*وما وجهة نظر تركيا؟
- ادركت تركيا المكاسب الأقتصادية و الأمنية من خلال تعلملها مع اقليم كوردستان،و اذا ما تم استقلال الأقليم يجب أنْ يكون ذلك بالأتفاق مع تركيا و تحت حمايتها،لأن وجود جار يؤمّن الأستقرار و السلام و التنمية هو من مصلحة تركيا.
* ولكننا نرغب بأقامة علاقات مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية،وهل هذا حلم و كيف يتحقق؟
- اتذكر في اول زيارة لي لأقليم كوردستان في 1992 اقمتُ في بناية مهجورة خالية من كل الخدمات الأساسية من مياه الشرب و الكهرباء ، ولكن انظر الآن الى الأوضاع في الأقليم فإنها تغييرت كثيراً.
* هناك كبرى الشركات العالمية تعمل الآن في اقليم كوردستان وعلى سبيل المثال ايكسون موبيل و غيرها، ماذا يعني ذلك في تصوركم؟
- يعني انّ الأقليم منفتح بوجه الأستثمارات العالمية،كما انّ الشركات الأمريكية تسعى الى الحصول على حصتها في هذا الأقليم المزدهر.
* وهل على المستوى السياسي يلقى الأقليم ذات الأهتمام من الولايات المتحدة الامريكية؟
- مراعاةً للعلاقات التأريخية بين اقليم كوردستان و امريكا على الأخيرة العمل على مساعدة الأقليم مثلما فعلتْ في 1991مع تركيا في مسألة النازحين من خلال عملية مراقبة شمال العراق و فرض منطقة منع الطيران و لمدة 11 سنة منذ عام 1992 حتى 2003،و تعاونت مع قوات البيشمركة لتحرير العراق من حكم صدام حسين،وكان من المفروض انْ لاتلجأ الولايات المتحدة الأمريكية الى الأستنغناء عن مواصلة الحوار مع بغداد بشأن الأوضاع في العراق،كما عليها ايلاء اهتمام خاص بعلاقاتها مع الكورد.
* الأستقرار في العراق يخدم بالدرجة الكبيرة مصالح الولايات المتحدة الأمريكية،وادارة اوباما تهتم اكثر بالواقع الراهن،وليس بالديمقراطية في العراق، ما رأيكم؟
- ادارة اوباما ملتزمة بالعراق الفدرالي و ذات السيادة،و بالجمهورية العراقية،وفي نفس الوقت بأقليم كوردستان،و مع ذلك فإنها قلقة بشأن الصداقة بين تركيا و اقليم كوردستان العراق،لأنها تتخوف من قيام تركيا بحث الأقليم للأبتعاد عن العراق،و قد لايكون التقارب بين تركيا و الأقليم على حساب الأبتعاد عن بغداد،و بأمكان تركيا التعاون مع الأقليم و ان يصبحان شريكين، اما العراق فإنه يستطيع كدولة فدرالية الأستمرار اذا قام بتنفيذ الدستور بشكل كامل،ولكن المالكي فهو يعمل على جر البلاد الى الهلاك و الهاوية.
* باعتباركم مطلعون على الوضع الداخلي في اقليم كوردستان،و الحزب الديمقراطي الكوردستاني و الأتحاد الوطني الكوردستاني ملتزمان بالأتفاق الستراتيجي ، برأيكم الى اي مدى الألتزام بهذا الأتفاق يُعد مهماَ بالنسبة للأقليم؟
- على كورد العراق ان يكونوا موحدين و يخدموا اقليم كوردستان على اساس وجهة نظر مشتركة،و قد لاحظنا ذلك في السنوات المنصرمة ومن الضروري مواصلة النهج ذاته.
*هل نستطيع القول ان الأتحاد و البارتي تمكّنا من ارساء دعائم نموذجٍ للبناء القومي في الشرق الأوسط؟
- مستوى التطور الديمقراطي في كوردستان العراق اعلى من اي دولة عربية في المنطقة، ولو قارننا بين دول الجوار التي دمّرتها الحروب الأهلية و بين اقليم كوردستان لوجدنا ان الأخير يقدم نموذجاَ متميزاً من النمو الديمقراطي.
* وماذا تعني تركيا بالنسبة الى اقليم كوردستان؟
- تركيا و اقليم كوردستان شريكان ستراتيجيان و تربطهما علاقات امنية و اقتصادية مشتركة.
* الشراكة الستراتيجية تحمل معان كثيرة،وهل هي في المجال الأقتصادي أم السياسي؟
- في المجالين معاً،فأقليم كوردستان يتصل بالغرب عبر تركيا،وهناك اهداف مشتركة بين الكورد في العراق وتركيا،الى جانب التعاون في مجال الطاقة.
*في حين يصدّر اقليم كوردستان النفط عبر تركيا فإن حكومة بغداد تعارض هذا الأجراء، هل بامكان الأقليم التعامل في هذا المجال من جانب واحد؟
- لأقليم كوردستان الحق في تطوير مصادر طاقته و تصدير منتجاته النفطية الى الأسواق،وهو يتعامل وفق الضوابط و الأجراءات المعمولة مع هذا الملف.
*هل انعكس تطور العلاقات بين تركيا واقليم كوردستان على تطوير عملية السلام في المنطقة؟
- بالتأكيد، لقد حصل ذلك،انظر الى عملية السلام بين تركيا و حزب العمال الكوردستاني.
* اجرينا في الأسبوع الماضي لقاءً في اربيل مع حسين جليك نائب اوردوغان، حيث اكد ان قضية PKK هي قضية الأرهاب و ليست الكورد، كيف تنظرون الى قضية PKK في تركيا؟
- لقد ناضل PKKفي تركيا نيبابة عن 20 مليون كوردي من اجل الحقوق الديمقراطية و الثقافية و لقد تغييرت الظروف حالياً حيث حولت تركيا PKK الى شريكها في السلام و تتحاور مباشرة مع عبدالله اوجلان،و ان اخراجه من قائمة الأرهاب سوف يفتح الأبواب بوجه تحسن العلاقات بين الجانبين.
* ولكن الولايات المتحدة الأمريكية و الأتحاد الأوروبي لم تخرجا حتى الآن PKK من قائمة الأرهاب؟
- الولايات المتحدة الأمريكية و الأتحاد الأوروبي تتابعان تركيا حيث ان الأخيرة لاتستطيع حل القضية الكوردية في بلادها مالم تتحاور حول تفاصيل سلام طويل الأمد مع PKK وان جزءاً من هذا الحوار هو اخراجه من قائمة الأرهاب.
* من هو شريك السلام؟
- هاكان فيدان رئيس مؤسسة المخابرات التركية (ميت)يجري حالياً محادثات مع اوجلان، فهو يعمل بالنيابة عن اردوغان، لذا فان اردوغان و اوجلان هما شريكا السلام.
* و هل يستطيع اوجلان ان يصبح شريكاً للسلام و هو الآن في السجن؟
- اوضاع السجن بالنسبة لأوجلان سوف تتغير خلال تلك المباحثات السياسية.
* الى اي مدى يستطيع اقليم كوردستان دعم عملية السلام الستراتيجي، خاصة دور الرئيس مسعود بارزاني و رئيس الوزراء نيجيرفان بارزاني؟
- لولا مشاركتهما الفاعلة في هذه العملية لما تمكن من الوصول الى المرحلة الحالية،انا متأكد بأنهما سوف يواصلان توجيه النصائح و الأرشادات الى الطرفين من اجل تطوير عملية السلام و تحقيق السلام و الأستقرار الأقليميين.[1]