البروفيسور مايكل ديش هو أستاذ و رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نورت داما و مؤسس و مدير معهد سكروكرافت للشؤون الدولية و خدم خلال الأعوام 2004 – 2008 في كلية بوش للشؤون الحكومية و المخابرات و الأمن و صنع القرار بجامعة تكساس .. وقبل ذلك كان استاذ أو مديراً لمعهد باترسن للشؤون الدبلوماسية و التجارية بجامعة كنتاكي و قد تحدث لمجلة كولان عن مخاطر الدولة الفاشلة في عالم اليوم و اساليب تعامل الولايات المتحدة مع مثل هذه الدول
البروفيسور مايكل ديش هو أستاذ و رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة نورت داما و مؤسس و مدير معهد سكروكرافت للشؤون الدولية و خدم خلال الأعوام 2004 – 2008 في كلية بوش للشؤون الحكومية و المخابرات و الأمن و صنع القرار بجامعة تكساس .. وقبل ذلك كان استاذ أو مديراً لمعهد باترسن للشؤون الدبلوماسية و التجارية بجامعة كنتاكي و قد تحدث لمجلة كولان عن مخاطر الدولة الفاشلة في عالم اليوم و اساليب تعامل الولايات المتحدة مع مثل هذه الدول .
* المشكلة الرئيسة للقرن الحادي و العشرين هي اليوم عبارة عن وجود الدول الفاشلة و الضعيفة و التي أصبحت مساحة للفوضى و التخبط و عدم الاستقرار و الآن ملاذاً للإرهابيين أيضاً و تأثيرات تلك التداعيات على أمن المنطقة و أمن العالم في بعض الأحيان ..فكيف يتم التعامل مع مثل هذه الدول ؟
- لقد تعاملت الولايات المتحدة، و لفترات طويلة، مع الدول الفاشلة، و بالأخص بعد انتهاء الحرب الباردة، حيث تصاعدت تلك المشكلة نحو قمة أجندة السياسة الخارجية سيما في تسعينيات القرن الماضي، و ربما إبّان بدايات حربي العراق و أفغانستان حيث كانت الولايات المتحدة آنذاك مرد مختلف مشكلات الدول الفاشلة و ذلك عن طريق عملية بناء الأمة لأن الفشل عادة يتسبب في ايجاد و سيادة كل أنواع عدم الاستقرار و العنف في هذه المنطقة المهمة، وبالأخص تسبب الوضع العراقي في إعادة التفكير بأمكانيات الولايات المتحدة في معالجة مشكلات الدول الفاشلة أو المتعثرة عن طريق عملية البناء القومي أو بناء الأمة .. و الملاحظ أن ما عايشناه في ظل إدارة أوباما كان عبارة عن اتباع طريق مختلف و سواء كان ذلك في سوريا أم ليبيا، و كان إما عن طريق الاحتواء، كما هو موجود اليوم في سوريا أو التدخل غير المباشر كما حصل في ليبيا .
* إلى أي مدى يشكل الوضع الأمني المتدهور في دول الشرق الأوسط تهديداً للأمن و السلام في العالم ؟
- الواقع إن صنّاع السياسة الأمريكية هم مستمرون في التأكيد على إظهار أهمية قطع الطريق أمام تهديدات الوضع السوري للمصالح الأمريكية .. إلا أن ما طرأ عليه تغيير هو أنه كان لدينا ثقة كبيرة في أعوام التسعينيات و بدايات حرب العراق و ذلك بالتعامل المباشر مع المشكلات أو بتعبير آخر المباشرة بعملية البناء القومي لمعالجة مشكلات الدول الفاشلة، إلا أن تجربتنا، سيما في العراق قد دفعت بالكثير من الأمريكيين و صنّاع القرار للتفكير في أن هناك بعض الدول الفاشلة التي لا يمكن انقاذها أو معالجتها و هنا لابد من التساؤل : كيف لك أن تتعامل مع المشكلات الموجودة بالفعل مثل تحول تلك الدول الى ملاذات للإرهابيين و غيرها من المشكلات و لعل ما أريد بيانه هو أن تفكيرنا قد اتبع مساراً آخر و نفضل أن نشارك بصورة غير مباشرة و كما يحصل معنا في إفريقيا و الذي يبدو أننا قد قررنا بأنه أفضل في بعض المناطق بأن تحتوي المشكلة، و اعتقد إن هذا هو ما نتبعه اليوم في سوريا .
* وسط وجود المشكلات الدينية و الأثنية و دول فاشلة في المناطق النامية و التي تكون عادة عاجزة عن إدارة شؤونها ، و وجود الفساد السياسي و الاقتصادي و الإداري في كل مكان ..هل تتوقعون معالجة الخلافات الأثنية أو الدينية في تلك الدول و بناء مؤسسات قوية للسيطرة على هذا الوضع المأساوي ؟
-هذه في الواقع هي توقعات صعبة، فيما تقوله هو صحيح تماماً في أن وجود النظام و الاستقرار و الحكم الفعال هي شروط مسبقة و أساسية للديمقراطية و النظام السياسي الفعال فقد كنا في السابق نؤكد على بناء المؤسسات الحكومية و إعادة بنائها قبل أن نباشر بديمقراطيتها، و قد نجح هذا الاسلوب في بعض الأماكن إلا أن هناك دولاً لديها مؤسسات سياسية في غاية الضعف و تم فيها تقسيم البلاد على أسس دينية أو اثنية و ليس هناك أية طرق لبناء حكم فاعل فيها، و العراق نموذج جيد في هذا المجال، لأننا قمنا ببناء بعض مؤسسات الحكم الراسخة و القوية في بغداد أو شاركنا في بنائها و ها أن الجيش العراقي هو أقوى و أكثر قدرات قياساً بعامي 2004 و 2005 إلا أنه يعاني من تقسيم أثني و ديني أعمق أي أن تلك المؤسسات الحكومية و العسكرية القوية التي قمنا ببنائها قد تعرضت إلى شتى أنواع المعضلات بسبب الطائفية السائدة في البلاد ما أودى بالوضع الى مسارات أسوء و الأصح أنه لا يمكن معالجة هذه المشكلات مالم نلجأ إلى حل جذري مثل التقسيم و لدينا امثلة عملية على ذلك كما أن القضية الكوردية في العراق هي أقل مشكلة قياساً بمشكلة الشيعة أو السنة، ويعود جانب من المشكلة إلى أن الإقليم الكوردي هو اليوم في مستوى عال من الإدارة الذاتية أو الحكم الذاتي إلا أن ذلك لا يساعد في معالجة و تقوية الدولة العراقية لأنها في أفضل الحالات هي مجرد حل مؤقت ..
* إذا ما كانت الولايات المتحدة كقوة خارقة (سوبر باور ) عاجزة عن حل مشكلة الدول المتأخرة و الفاشلة و الضعيفة ؛ فلماذا لا تسمح لقوميات تلك الدول بأن تتولى بنفسها تقرير مصيرها و نقول على سبيل المثال : لماذا لا تكون للكورد دولتهم المستقلة طالما كانوا راغبين في ذلك ؟
-إن كنتم تقصدون : لماذا لا تشجع الولايات المتحدة على التقسيم؛ فالجواب هو أن التقسيم ليس حلاً مثالياً دون نواقص . لأنه سيكون أمراً ناجحاً على المدى القريب، إلا أنه يتسبب أحياناً في حدوث العديد من المسائل أو المشكلات الخطرة على المدى البعيد، هنا لابد من الاشارة الى تقسيم الهند و باكستان الذي كان المانع على المدى القصير، لحدوث حرب داخلية في الهند الكبرى، غير أنه لم يكن السبب على المدى البعيد في عدم محاربتهما لبعضهما البعض كدولتين مستقلتين و السبب الآخر هو رسوخ مفهوم وحدة الأراضي في القانون الدولي، وهو مرد آخر لقلق الولايات المتحدة و ترددها في مساندة مثل هذا الحل كطريق معالجة ..
ألا يتوقع أن يقوم العالم باتخاذ أية خطوة لتحديد تلك الكارثة الإنسانية في سوريا ؟ و لماذا تقف الأمم المتحدة مكتوفة اليدين إزاء كل عمليات القتل و المآسي فيها ؟
المشكلة، في سوريا على وجه الخصوص، تكمن في عدم وجود معالجة سهلة لأن نظام الأسد قد تعامل بشكل سيء للغاية من جهة و هناك مجموعات داخل المعارضة لا نريد بصراحة أن نراها في سدة الحكم من جهة أخرى، أي أنه ليس هناك أي حل لدى أمريكا القوية عسكرياً بهذا الشأن، و الحل الوحيد هو أن نكون بمنتهى الحذر في تشجيع الشعوب لإسقاط حكوماتها، و أن تتفهم بأن لإسقاط الدكتاتوريات ضرائبها أيضاً من النواحي المالية و البشرية و عندما لا نرغب في بقاء نظام ما ؛ فإن علينا أن نفكر جيداً في : هل أن المعارضة، ستكون أحسن من الحكومة الموجودة في السلطة ؟
* و ما هو رأيكم في تصور و تقارير مراكز البحث بشأن الدولة الفاشلة في أن سايكس بيكو قد انتهى بالفعل ؟
-لا أرى أن بإمكاننا تغيير أو إعادة صياغة خريطة العالم بلمح البصر أو بعصا سحرية، ذلك العالم الذي توجد فيه دول فاشلة، -لأنك بذلك تخلق مشكلات سياسية جدية من الصعب معالجتها و لنأخذ إقليم كوردستان على سبيل المثال : فلو أعدت صياغة الحدود التي هي انعكاس للتوازن الديمغرافي للكورد ؛ و هي مسألة لا تشمل العراق فحسب، بل و تشمل الأراضي التركية و الايرانية أيضاً ؛ فإنني عند ذلك أضمن بأن تركيا و إيران و الحكومة العراقية ستكون أعداء صلدين للوقوف بوجه مثل هذا الحل، و برأيي أن الحل الأوفر حظاً هو عبارة عن ( تقسيم أمر واقع ) و وجود إقليم ذي إدارة ذاتية على غرار ما هو موجود في إقليم كوردستان اليوم مع عدم وجود مساندة أمريكية أكبر لحكم ذاتي أرفع مستوى للكورد .. أي أن السبب الكامن وراء عدم احتمال مساندة الولايات المتحدة لاستقلال كوردستان هو المقاومة العنيفة لهذا التوجه من قبل العديد من دول المنطقة، فهي عملية في غاية التعقيد و على الكورد أن يلتزموا الصبر و التمهل فلو كنا نعيش اليوم في عالم مثالي ؛ لكان للكور فيه دولتهم المستقلة، و قد يحدث ذلك في النهاية لأن إدارة حكم ذاتي أو تونومي هادئ و يحث الخطى بحذر هو أفضل من ممارسة الضغط لكي يكون لك استقلالك و دولتك بشكل مباشر فهو يعجل من حدوث الحرب !!
ترجمة دارا صديق نورجان .[1]