رووداو ديجيتال
أكد المساعد السابق لوزير الطاقة الأميركي والنائب الحالي لرئيس شركة (كَي إتش إن)، ماثيو زايس، ان غاز كوردستان مهم وعنده احتياطي كبير ويمكن أن يحل محل الغاز الروسي وكذلك الإيراني، وينقل عبر تركيا إلى جنوب أوروبا.
وأضاف ماثيو زايس، في مقابلة مع شبكة رووداو الاعلامية، انه خلال الأشهر العشرة الأخيرة وجدنا أزمة سياسية في بغداد، ففي تشرين الأول الماضي جرت انتخابات ولم تشكل حكومة حتى الآن، وأعتقد أن أغلب المراقبين للعراق يعلمون أن لإيران دوراً مهماً في السياسة العراقية، وقد امتد هذا الدور إلى المجال العسكري، منوها الى ان الميليشيات العراقية معروفة، وهناك تخمينات تقول إن الحشد الشعبي بات أكبر من الجيش العراقي.
وأدناه نص المقابلة:
رووداو: السيد ماثيو، أهلاً بك في رووداو وشكراً على هذه الفرصة.
ماثيو زايس: شكراً على الاستضافة، ديار.
رووداو: نشرتم مقالاً عن التهديدات التي تواجه قطاع الطاقة في إقليم كوردستان، قلتم فيه: التهديدات الإيرانية لقطاع الطاقة في إقليم كوردستان تمثل عقبة كبرى في طريق سوق النفط، لماذا رأيتم هذا الرأي؟
ماثيو زايس: شكراً على استضافتي ديار، في الحقيقة يمثل هذا مجرد تحليل للأرقام، حيث ينتج إقليم كوردستان نحو 450 ألف برميل نفط في اليوم، وما اتفقت عليه أوبك بلص هو زيادة أولية لشهري تموز وآب بمقدار 200 ألف برميل في الشهر، لهذا فإن ما يدخل الأسواق من إقليم كوردستان يعادل ما سيأتي من أوبك بلص في شهرين، هذا عند عدم الأخذ بحقيقة الكمية التي تضاف إلى إنتاج أوبك بلص التي نادراً ما تتفق مع ما يتم إنتاجه، لأن أوبك تنتج دائماً أقل من المستوى المحدد، لذا إن دخل نفط كوردستان الأسواق حالياً سيكون له تأثير أكبر على المحادثات الجارية داخل أوبك لرفع مستوى الإنتاج.
رووداو: أود أيضاً الحديث عن زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط واجتماعاته مع محمد بن سلمان وبقية زعماء الخليج وربما مع رئيس الوزراء العراقي أيضاً، لكنني أتساءل: هل أن أميركا أهملت قطاع الطاقة في إقليم كوردستان؟ وإن كانت قد فعلت ذلك فلماذا؟
ماثيو زايس: أعتقد أن أميركا أهملت هذا القطاع. ففي السنوات الأخيرة، ركّزت أميركا في القطاع النفطي بإقليم كوردستان على الالتزام بأن يكرس النفط للاستثمار في تأمين المساعدة المالية للمشاريع الطاقوية الأميركية في إقليم كوردستان، وقسم بسبب أنسب المشاريع الاستثمارية في العراق، لكن أعتقد أن كوردستان عموماً تَراجعَ في السياسة الخارجية الأميركية، لتحل محله أولويات أخرى. أظن أن هذا كان سيظهر في الزيارة القادمة للرئيس الذي يريد إحياء ثقة حلفائنا في الشرق الأوسط، وأرى أن كوردستان يجب أن يكون بينهم.
رووداو: قلتم إنه في حال أهملت أميركا قطاع النفط في إقليم كوردستان الذي يمكن أن يكون بديلاً عن زيادة إنتاج أوبيك، ستكون زيارة الرئيس بايدن غير مجدية، ما الذي يجعل زيارة الرئيس بايدن إلى الشرق الأوسط مفيدة وتحقق المزيد من المكاسب لأميركا؟
ماثيو زايس: أعتقد أن زيارة الرئيس مهمة، وسيلتقي حلفاءنا المهمين في السعودية، لكن جدول الأعمال هذا يجب أن يضم إقليم كوردستان أيضاً بسبب الدور المهم لإقليم كوردستان، وكونه واحداً من حلفائنا الستراتيجيين على المدى البعيد، وهو شريك لأمننا القومي في القضاء النهائي على داعش، وأغلب القوات الأميركية في العراق متواجدة حالياً في إقليم كوردستان. كما أن قطاع الغاز والنفط فيه مهم، لم نتطرق إلى الغاز حتى الآن، لكن غاز كوردستان مهم أيضاً. فعنده احتياطي كبير ويمكن أن يحل محل الغاز الروسي وكذلك الإيراني، وينقل عبر تركيا إلى جنوب أوروبا. لهذا ليس بسبب الغاز، بل بسبب قطاعه النفطي المهدد حالياً من إيران، هو مهم جداً ويجب أن يكون ضمن جدول الأعمال الرئيس للرئيس في زيارته التي ستأتي الشهر المقبل.
رووداو: كيف تستطيع أميركا المساعدة، وتساعد إقليم كوردستان في ممارسة دور أهم في تأمين النفط للأسواق العالمية؟
ماثيو زايس: أعتقد أن على أميركا أن تجدد التعبير عن التزامها بالاهتمام لبغداد والعراق عموماً. خلال الأشهر العشرة الأخيرة وجدنا أزمة سياسية في بغداد، ففي تشرين الأول الماضي جرت انتخابات ولم تشكل حكومة حتى الآن، وأعتقد أن أغلب المراقبين للعراق يعلمون أن لإيران دوراً مهماً في السياسة العراقية، وقد امتد هذا الدور إلى المجال العسكري فالميليشيات العراقية معروفة وهناك تخمينات تقول إن الحشد الشعبي بات أكبر من الجيش العراقي. هناك حرب من الناحية السياسية، وسبب هذه الحرب هو أن الكتل المدعومة من جانب إيران تريد حكومة حسب رؤاها وليس حسب رؤى الآخرين. زادت إيران حالياً ضغوطها من خلال المحاكم العراقية، ولمسنا هذا في عدد من القرارات، وكيف أن القرارات جاءت نتيجة أغلبية الثلثين، أو القرار المتعلق بأهلية السيد هوشيار زيباري وقرار المحكمة الاتحادية حول قانون النفط والغاز في كوردستان، هذه تمثل الإجراءات التي تتبعها إيران في استخدام المحاكم، المحاكم العراقية، وهو نفس التأثير الذي تحدثه بالطرق العسكرية وتستخدم البرلمان أيضاً للضغط على كوردستان وفي نفس الوقت على دور كوردستان في التوازن بين بغداد وواشنطن أيضاً.
رووداو: لإقليم كوردستان قانون للنفط والغاز منذ العام 2007، برأيكم لماذا أصدروا هذا القرار في المحكمة العليا العراقية ومباشرة بعد انتخابات 2022، أقصد 2021؟
ماثيو زايس: واضح تماماً أنه قرار سياسي، وكما أسلفت: هذا قرار سياسي صدر تحت تأثير إيران في قرار المحكمة، لكن على إقليم كوردستان أن يعتز بأن عنده قانون للنفط والغاز في حين لم يصادق العراق بعد على قانونه للنفط والغاز. أعتقد أن من بين الأمور المهمة التي لم يلمسها الناس، هو أن اتخاذ قرارات حول كون العقود التي أبرمت في ظل قانون نفط وغاز إقليم كوردستان غير دستورية، هو أنها تشمل كأمر واقع العقود التي أبرمت في جنوب العراق، لأنها أيضاً لم يصادق عليها البرلمان العراقي. لذا، ومن هذا المنطلق، ستكون كل العقود العراقية معرضة للمساءلة القانونية.
رووداو: هل ترى أن هذا سيغير رأي السياسيين العراقيين، أو لنقل هل أن السياسيين العراقيين فعلوا هذا تحت ضغط إيران أم لا، لكن هل ترى أي أمل في أن يهيء قرار المحكمة هذا فرصة لحل المشاكل بين إقليم كوردستان وبين بغداد؟
ماثيو زايس: أعتقد أن هذا ممكن، ومن الأسباب التي منعت رد فعل جدي من واشنطن والمجتمع الدولي هو أن شيئاً لم يتغير سوى صدور القرار، وكل الشركات في إقليم كوردستان، ومن بينها شركاتنا، تواصل الإنتاج في إقليم كوردستان، لم يحدث تغير تجاري، والذي يتغير هو إرادة المستثمرين للعمل في العراق وإقليم كوردستان في حال غياب حل، لكن يجب أن يكون هناك حل، وإلا فإن ما سيحدث في أسوأ السيناريوهات هو قيام أردوغان بإغلاق أنابيب نقل النفط من عدمه، وعندها سيعلم العالم كله أن هذه المشكلة الكبيرة تسببت فيها بغداد تحت تأثير إيران.
رووداو: وهل تعتقد أن أردوغان سيغلق الأنبوب؟
ماثيو زايس: أعتقد أن هذا واحد من الخيارات الممكن اتخاذها في حال جاء قرار محكمة باريس في صالح بغداد وقال إن تركيا بسماحها بمرور نفط كوردستان من خلاله، انتهكت الاتفاقية الخاصة بأنبوب نفط بغداد – تركيا، وأعتقد أن أردوغان يريد النأي بنفسه عن هذا، وتركيا وأنقرة ليستا سعيدتين بأن بغداد لا تريد الحوار لحل هذه المشاكل، وقد كتبتُ عن هذا أيضاً. هناك مجموعة أمور يمكن أن يتفق عليها العراق وتركيا ومنها أنبوب نقل النفط هذا ومشكلة المياه والمشكلة الأمنية ومسألة سنجار أو مسألة الاستيراد والتصدير، هناك مجموعة قضايا يستطيعان التفاوض بشأنها ويكون الطرفان، الشعبان العراق والتركي، منتصرين بالتساوي. لكن إن رفضت بغداد الحوار في الأخير، سيكون إغلاق الأنبوب واحداً من الخيارات المتاحة للرئيس أردوغان، وحسب فهمي فإن الخيار لا يزال مطروحاً على طاولته.
رووداو: عندما كنتم في وزارة الطاقة، عملتم أنتم ووزارة الطاقة على تقرير حول قطاع الطاقة في إقليم كوردستان، ماذا كان هدفكم الرئيس من العمل على هذا التقرير؟ ولماذا لم ينشر؟ وهل نشر أم لم ينشر؟
ماثيو زايس: في الواقع، كان هذا عن قطاع الغاز، وأحد أهداف هذا العمل كان بيان وجود احتياطي مهم بقطاع الغاز في كوردستان، ملائم للتنمية وجلب الاستثمارات كالذي جرى العمل عليه في قطاع النفط. إنه استثمار دولي مهم، وإن نجح، سيتم إنتاج الغاز اللازم، ليس فقط لسد احتياجات إقليم كوردستان الداخلية، بل لمد العراق بالغاز، وتصديره إلى تركيا أيضاً. هذا أيضاً مهم، لأن تصدير هذا الغاز إلى تركيا يمكن أن يمثل بديلاً عن الغاز الروسي والإيراني اللذين تتزود بهما تركيا حالياً. يمكن أن يكون هذا دعماً لسوق الغاز الأوروبي أيضاً، والذي يحتاج إليه بشدة، وسيحتاجون إليه في فصول الشتاء القادمة بشدة.
رووداو: إلى أي حد يستطيع إقليم كوردستان تأمين الغاز للدول الأوروبية، ويمكن أن يصبح قطاع الغاز في إقليم كوردستان بديلاً عن الغاز الروسي؟
ماثيو زايس: أجل، هذا ممكن إذا توفر الاستثمار في كوردستان في الوقت المحدد ونفذت الخطة، الدراسة التي أجريناها تشير إلى كيفية إنجاز هذا.
رووداو: هناك خلافات بين إقليم كوردستان وبغداد، برأيكم ما الذي ينبغي أن يفعله كوردستان للتوصل إلى اتفاق مع السياسيين والحكومة في العراق؟ أين هي نقطة قوة كوردستان في هذا المجال؟
ماثيو زايس: أعتقد أن عند الطرفين نقاط قوة، والحل يجب أن يكون بصورة تحقق النصر للطرفين بالتساوي، بحيث يمكن أن يستمر استقدام الاستثمارات إلى إقليم كوردستان، ويكون هناك اتفاق مع بغداد في نفس الوقت. من بين الحلول أن يكون هناك تنظيم للتسويق، أن تتولى الحكومة الاتحادية العراقية تسويق نفط العراق وإقليم كوردستان، ونقطة الخلاف هي المصادقة على العقود القائمة حالياً، وضمان تدفق الأموال على إقليم كوردستان والشركات العاملة فيه. هذا أمر لا تستطيع بغداد القيام به الآن، ولا تستطيع أربيل وبغداد الاتفاق عليه، ولهذا نمر الآن بوضع خطير للغاية، ربما سيؤدي إلى حرمان أسواق النفط من 450 ألف برميل في اليوم.
رووداو: أظن أن عند (كَي إتش إن) مبادرة لجمع الغاز المصاحب، فهل لك أن تزودنا ببعض المعلومات عن هذا المشروع، ومتى بدأ ومتى سينفذ على الأرض؟
ماثيو زايس: قدر تعلق الأمر ب(كَي إتش إن) غازنا مختلف بعض الشيء، لأن الحكومة هي من تملك غازنا، وليس كما في الحقول الأخرى التي تمنح ملكية الغاز المصاحب للشركات، وقد عملنا في السنتين الأخيرتين على العثور على حل تجاري نستطيع من خلاله الحصول على غازنا ونقله إلى دهوك لاستخدامه في تشغيل محطة الكهرباء، لإنتاج الكهرباء وتأمين الطاقة الكهربائية للمدينة، ولهذا نعمل الآن على تلك الحلول للحصول على الغاز واستخدامه لإنتاج الكهرباء في المنطقة.
رووداو: هناك تقارير تتحدث عن عمل الحكومة العراقية على إجبار شركات النفط والغاز على الانسحاب من إقليم كوردستان، فهل تلقت (كَي إتش إن) أي رسائل كهذه من الحكومة العراقية لتنسحب من إقليم كوردستان؟
ماثيو زايس: لا، لم نتلق أياً من هذه الرسائل، أنا لا أريد الحديث عما يحدث من الجانب القانوني، لكن لم يحدث أي تغيير في الجانب التجاري، عقودنا أبرمت بموجب قانون النفط والغاز لإقليم كوردستان لسنة 2007، وهي مع حكومة إقليم كوردستان، وسنواصل أعمالنا إلى أن نحصل على رخص بصورة قانونية.
رووداو: وكيف تجدون الهجمات الأخيرة التي استهدفت حقل كورمور الغازي؟
ماثيو زايس: أرى أنه رقم آخر تضيفه إيران للضغط على إقليم كوردستان وتخويفه، وهذه ليست المرة الأولى، ففي الأسبوع الماضي كانت هناك ثلاث هجمات على حقل كورمور، وهي ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها هذه الحقول، ففي هذه السنة فقط كانت هناك خمس هجمات، ما تفعله إيران هو استخدام الميليشيات لضرب الأنبوب الناقل أو مصافي النفط في إقليم كوردستان، والآن كورمور الذي هو حقل غازي مهم ويمكن أن يكون قسماً من الغاز الذي تحدثتُ عنه ويُصدّر إلى تركيا، إنهم يستخدمون الميليشيات والمحاكم في نفس الوقت للتخويف.
رووداو: رداً على تلك الهجمات، ما هو رد الفعل المطلوب من أميركا، اطلعنا على بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية أدانها وطلب التحقيق فيها، هل تستطيع أميركا أن تفعل أكثر من هذا؟
ماثيو زايس: لا شك أنها تستطيع فعل ما هو أكثر، لأنهم يعرفون من الذي شن الهجمات، وفي الأخير يجب تحميل بغداد المسؤولية، لأن الميليشيات التي نفذت الهجمات، باستثناء الصواريخ التي دمرت منزل شيخ باز، كل الهجمات الأخرى التي نفذت في العراق، نفذتها الميليشيات وهذه الميليشيات تمولها الحكومة العراقية عن طريق الحشد الشعبي، ولهذا تستطيع أميركا تحميل بغداد المسؤولية وهذا ما يجب أن تفعله.
رووداو: سؤالي الأخير، كيف ترون مستقبل قطاع النفط والغاز في إقليم كوردستان؟
ماثيو زايس: أرى أن هذا مرتبط بما سيحصل في بغداد، وما هو الاتفاق الذي سيتم التوصل إليه مع بغداد في هذا الاتجاه، وكذلك الاتفاق بين بغداد وأنقرة. أعتقد أن المستثمرين على المستوى العالمي، يراقبون إقليم كوردستان ويجرون تقييمات لمعرفة ما إذا كان هذا المكان سيظل باستمرار مناسباً للاستثمار، وكما تعلم أنت أيضاً، العالم الآن في حاجة ماسة للنفط والغاز، وهذا سوق متخم بالمتنافسين على الاستثمارات، وكوردستان مكان ملائم للاستثمار فيه، لكن هناك أماكن أخرى أيضاً. لذا فإن الأمر متوقف على بغداد وما تبديه سياسياً، أو أن تقرر أربيل المستوى الذي تسمح به لقدوم الاستثمارات إلى إقليم كوردستان.
رووداو: قلت إنه السؤال الأخير، لكني سأزيد عليه سؤالاً آخر، هل ترى أن لدى بغداد أي نية حسنة لحل الخلافات مع إقليم كوردستان؟
ماثيو زايس: أعتقد أن هناك مسؤولين كباراً في بغداد، يساندون بالتأكيد حلاً يخرج منه الطرفان منتصرين بالتساوي، لكن الذي ليس واضحاً هو هل أن السياسة في بغداد تسمح بالتوصل إلى هكذا حل، أعتقد أن هذا أمر نتمناه جميعاً ويجب أن نكون متأكدين من بذل كل ما من شأنه أي يُحدث هذا.
رووداو:، شكراً جزيلاً، شكراً جزيلاً على هذا الحوار المفيد، أرجو أن نلتقي مجدداً في رووداو، وبالأخص في إقليم كوردستان.
ماثيو زايس: شكراً جزيلاً ديار. [1]