-عن تفاصيل المشكلات الحالية العالقة بين حكومتي العراق الاتحادي و إقليم كوردستان و توقعات الأخيرة بمعالجتها عن طريق الحوار مع بغداد , و خطط الإقليم إن عجز الحوار عن ذلك و كيفية معالجة حكومة الإقليم لمشكلة قيام بغداد بقطع رواتب موظفي الإقليم و تأثيرات إيقاف أو قطع الموازنة على الاستثمار و إيقاف المشاريع الخدمية و الانمائية و الإعمارية لإقليم كوردستان فقد حدثنا السيد سفين دزه يى , في حوار صريح عن أبعاد هذه المشكلة :
* هل لكم أن توضحوا لنا تفاصيل تصدير النفط من إقليم كوردستان إلى الخارج و مشكلاته مع بغداد و تعقيداتها ؟
- هناك الآن مجموعة من المواضيع الحساسة بين أربيل و بغداد , و بقيت عالقة حتى الآن , قسم منها قانوني و دستوري , إلا أنّها قد بقيت دون حلول منذ سقوط النظام السابق , في حقبة وزارات علاوي و الجعفري و من بعدهما المالكي , وكانت كل الحلول مؤقتة , وربما تم التركيز فيها على قضايا جانبية دون المسألة الرئيسية , ومنها على سبيل المثال ,تنفيذ المادة (140) من الدستور , غير أنّ المسألة أو المشكلة الرئيسية في هذه المرحلة هي موضوع النفط وتصديره من الإقليم و الذي بدأ منذ تأسيس التشكيلة الخامسة لحكومة الإقليم , و وصل الأمر الآن إلى تصديره عن طريق أنبوب نفطي , على مبدأ حق دستوري مكفول لإقليم كوردستان بعد عام 2005 و يقضي بإمكانية تصدير الإقليم للنفط المكتشف في حقوله بعد عام 2003 , أما بالنسبة للحقول النفطية العاملة قبل هذا التاريخ فإن من حق الإقليم و بالتعاون مع الحكومة الاتحادية , إدارة هذه الحقول و تصدير النفط إلى الأسواق العالمية , و قامت حكومة إقليم كوردستان على هذا الأساس بتشجيع بعض الشركات العالمية للمجيء إلى الإقليم و إجراء مسح ميداني بشأن إمكانية وجود النفط و الغاز في محافظات ( أربيل و السليمانية و دهوك)و تبين وفق ذلك أن احتياطي إقليم كوردستان يبلغ ( 45 ) مليار برميل من النفط فضلاً عن كميات هائلة من الغاز الطبيعي .. و كان أن توافدت عدة شركات صغيرة من أوربا و الهند و غيرها على الإقليم , وكان ذلك بحق مجازفة كبرى في البداية أن تستثمر أية شركة أموالها في شيء هي غير مطمئنة على استرداده. و كانت النتائج مشجعة للغاية و دفعت السياسة النفطية الناجحة لحكومة الإقليم بكبريات الشركات العالمية للاستثمار فيه , ثم إعداده للتسويق أو التصدير إلى الأسواق العالمية , وكانت الحكومة الاتحادية بالمقابل لا تصدق هذه الحقائق الميدانية من احتياطي هائل و مجالات للتصدير و ساعدت تلك الشركات الكبرى في تأمين بنى مالية و مصادر هائلة للعمليات النفطية في إقليم كوردستان الذي فند بذلك كل الادعاءات غير القانونية في تصدير النفط عن طريق التهريب . لأنه لم يكن لتلك الشركات أن تستثمر أموالاً هائلة في القطاع النفطي إن لم تكن واثقة من دستورية العمليات النفطية هذه أو تغامر بسمعتها الدولية فما كان من الحكومة الاتحادية إلا أن اعترفت بدستورية و قانونية العمليات النفطية في الإقليم إلا أنها تؤكد على أن تقوم حكومة الإقليم بتصدير ما مجموعه (400) ألف برميل من النفط إلى الخارج يومياً وأن الأقل من ذلك إنما يضر ببرامج الحكومة الاتحادية , و ورد في مشروع الموازنة العراقية , وأضاف دزه يى , ربما لا يمكن الآن تصدير مثل هذه الكمية إلا أن المقرر أن تزيد مستقبلاً للوصول إلى (2) مليوني برميل يومياً , وهي إحدى المسائل التي نسعى لمعالجتها و متابعة لذلك فقد قام وفد حكومة إقليم كوردستان يوم 25/12/2013 برئاسة السيد نيجرفان بارزاني بزيارة بغداد للتباحث بشأنها , وهي مسألة تشجعنا عليها الحكومة الاتحادية كونها توسع من ايراداتها المالية التي تحتاجها لتعزيز بنيتها التحتية إلا أن مسؤولية حكومة الإقليم تقف عند حد إيصاله إلى الحدود, أما ما بعد ذلك فإن الحكومة الاتحادية هي التي تتحمل مسؤوليته حسب رأيها , عن طريق شركة العمليات النفطية العراقية (سومو) و يتم الاحتفاظ بمبالغها في صندوق ايرادات تنمية العراق (IDF) في نيويورك و يتم هناك خصم أو استقطاع نسبة 5% منها لصالح صندوق تعويض دولة الكويت , لتعود المبالغ بعدها إلى البنك المركزي العراقي , وتقع ضمن مسؤولية وزارة المالية العراقية لتقوم الحكومة الاتحادية بمنح 17 % منها لإقليم كوردستان أي أن الأقليم سيقع بذلك مرة أخرى تحت رحمة بغداد , و وزير ماليتها , إذا ما كان يرسل حصته أم لا كما يحدث الآن و يتلخص مقترح حكومة إقليم كوردستان مقابل ذلك في ( كون الإقليم الذي يملك حقاً دستورياً لتصدير النفط , ونستقطع منه حصة إقليم كوردستان مباشرة و يعود الباقي الى بغداد , لتتصرف به كما تشاء , وأكثر من ذلك فإن حكومة إقليم كوردستان تقبل بمشاركة الحكومة العراقية في عموم العملية وصولاً إلى تركيا و الوقوف على تفاصيل إحالة المزايدات و تسلم المبالغ المالية و ما شابه , و عند زيادة تلك المبالغ عن حصة الإقليم الدستورية فإنه سيعيد الباقي إلى بغداد , أما إن نقصت عن ذلك فعلى بغداد أن تكمل هي حصة الإقليم و هكذا , إلا أن بغداد لا تزال تصر على السيطرة بشكل منفرد على العملية كاملة , وتكون شركة ( سومو ) هي الطرف الوحيد في بيع النفط و ايداع مبالغه لدى البنك المركزي العراقي ليتولى وزير المالية الاتحادي التوقيع على حصة الإقليم منها و كيفما شاء , , هذه في الواقع كان الجانب الأهم من الجولات التفاوضية الثلاث , بين أربيل و بغداد , حيث لاحظنا في الجولة الأخيرة موقفاً مرناً جداً من نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة د. حسين الشهرستاني و حاول إيجاد أجواء مناسبة للتوصل إلى نتيجة ,هذا جيد , إلا أنّ المهم هنا هو مسألة السياسة العامة للحكومة العراقية لأن تلك السياسة هي التي تحسم هذا الأمر و ليس موقف شخص معين , سيما و العراق يسير في هذه المرحلة نحو أجراء أنتخابات عامة تقرر اجراؤها نهاية شهر نيسان 2014 . وربما يتم توظيفها من قبل المالكي كورقة ضغط انتخابية ضد إقليم كوردستان , إلا أن حكومة إقليم كوردستان , قد دافعت في الاجتماع الأخير و بكل صراحة , عن ضرورة أن يكون لها دور رئيس في تصدير النفط و اتفقنا أن تكون هناك شفافية تامة و إسهام كامل للحكومة الاتحادية في هذه المسألة , وكان ردهم أنهم يقومون بدراسة هذه المقترحات و تلبية ما يوافق عليه القانون , وكمثال على ذلك هو فتح حساب مالي باسم إقليم كوردستان في صندوق إيرادات تنمية العراق (DFI) و تسجيل تلك المبالغ هناك مباشرة و إرسالها الى البنك المركزي / فرع إقليم كوردستان و قالوا عن ذلك سنقوم بدراسته من الناحية القانونية و سنرد عليكم لاحقاً و نحن الآن بانتظار ردود بغداد و سيكون للإقليم بالطبع ملاحظاته و أن حكومة الإقليم ستبقى تؤيد اتباع طريق الحوار المباشر و التفاهم فيها .
* وما مدى ضمان الدستور العراقي لنجاح الإقليم في عملية التحاور في بغداد هذه ؟
- لو أردنا الحديث عن الدستور العراقي , فإن فيه العديد من الفقرات والمواد التي تساند إقليم كوردستان , إلا أنّ عدم تنفيذها يعني خرق الدستور و القوانين العراقية , وخير مثال على ذلك هو قطع رواتب موظفي الإقليم فضلاً عن كونه ممارسة غير إنسانية و الملاحظ أنه يتم في العراق يومياً خرق الدستور في جميع المسائل و خير حل لذلك هو إحالة الحكومة الاتحادية الى المحكمة الفدرالية أما مكنون قرار المحكمة فهو أمر آخر , إلا أن المهم هو الفترة التي تستغرقها الإحالة و القرار و التنفيذ و كان الدليل الساطع هو رد المحكمة العليا للمادة 23من الدستور لانتخابات محافظة كركوك و لصالح المحافظة و إقليم كوردستان أيضاً
* ولماذا لم تتقدموا للمحكمة الاتحادية بهذا الشأن حتى الآن أم أنكم تنتظرون نتائج الاجتماعات المشتركة ؟
- هنا لابد من ابداء ملاحظة مهمة بشأن الموازنة حيث تم تحديد نسبة 17% منها كحصة للإقليم إبان وزارة السيد اياد علاوي و هي نسبة مؤقتة لحين إجراء تعداد سكاني عام في العراق و تناقصت هذه النسبة بشكل سنوي إلى أن تصل في هذا العام نسبة 9,9% منها إلى الإقليم و السبب هو زيادة المصاريف السيادية سنوياً و فصلها عن الموازنة العامة و تحول نسبة 17% مما تبقى منها لإقليم كوردستان , أي أن نسبة 17% كانت مبلغاً جيداً إذا لم يتم استقطاع المصاريف السيادية من أصلها , فهناك على سبيل المثال مجموعة مؤسسات في الإقليم مثل هيئة النزاهة و هيئة حقوق الإنسان و غيرها التي تشمل موازنتها ضمن المصاريف السيادية إلا أن الحكومة العراقية لا تمنحهم إياها و لا تستفاد من المؤسسات المماثلة لها في بغداد و غيرها من المسائل التي لا تصل الإقليم أبداً بينما تستقطع حصة الإقليم منها عن طريق بغداد فضلاً عن صياغة حقول عديدة تقوم بغداد بصياغتها دون التشاور مع إقليم كوردستان كما أن النسبة المحددة لموظفي الإقليم من قبل بغداد هي 17% بينما تبلغ النسبة الحقيقية منها 23% ما يولد لدينا وبشكل مباشر عجزاً مالياً .. و كانت الحجة التي تتذرع بها الحكومة الاتحادية في اشكاليات صرف رواتب موظفي الإقليم و من ثم ايقافها , بأن الموازنة العامة لم تتم المصادقة عليها من مجلس النواب , وقد أيدت التصريحات الأخيرة لوكيل وزارة المالية العراقية أن هذه المشكلة حدثت بالنسبة للإقليم فقط دون باقي مناطق البلاد , أي أن ذلك كان قراراً سياسياً , وأبلغنا الوزراء الكورد في الحكومة العراقية أثناء وجودنا في بغداد , أنه يتم توزيع الرواتب في وزاراتهم و أنه يتم صرف نسبة 1/12 من الموازنة وفق القانون إلى أن تتم المصادقة عليها و بما فيها المستحقات المالية للمشاريع , غير أنه لم يتم عدم أرسال الموازنة التشغيلية و الاستثمارية للإقليم فحسب بل أن رواتب الموظفين لم ترسل أيضاً .. و بصدد أي قرار حول صرف رواتب الموظفين لشهر شباط ,قال دزه بيي : نحن لا نعلم مدة سريان الإجراء الحكومي الاتحادي الذي قال عنه وكيل وزارة المالية أنه قرار سياسي غير ان السيد نيجرفان بارزاني رئيس حكومة الإقليم قد انتقد الحكومة الاتحادية بشدة كونها تتلاعب بقوت الناس و أنه ليس سياسياً و لا قانونياً و لا دستورياً و لا انسانياً , و أبلغهم بصراحة أنه لا يقبل بهذا الأمر اطلاقاً و أنّ عليهم أن يراجعوا سياستهم و قراراتهم و أكد لهم : لا تتوقعوا منا أن ينصاع إقليم كوردستان بهذا الضغط ,فيما قال الطرف الآخر أنهم غير مخولين بمناقشة ذلك , بل سيعودون بتلك الملاحظات لرئيس مجلس الوزراء , و قد اتخذنا الآن بعض الطرق و الأساليب الجدية , وصدر قرار عن مجلس وزراء الإقليم بإعادة الايرادات الذاتية لبعض الوزارات مثل الكهرباء و البلديات و الداخلية إلى حكومة الإقليم للاستفادة منها في تامين الرواتب , وهي اجراءات كفيلة بمعالجة المشكلة إلى حد ما إلى جانب توفر مصادر أخرى منها استقطاعات الشركات الاستثمارية , إلا أنها حلول مؤقتة أيضا, و بصدد آخر لقاءات رئيس حكومة الإقليم مع رئيس الوزراء التركي قبل زيارة بغداد و أهدافها قال المتحدث الرسمي باسم حكومة الإقليم ؛ علاقاتنا تلك , وبالأخص بعد عام 2008 و 2009 أوثق سيما من الناحيتين الاقتصادية و السياسية كما أن ملف الطاقة يؤدي هو الآخر دوراً فعالاً في هذه المسألة و في تعزيز تلك العلاقات ,إلى ذلك فإن تركيا هي اليوم بحاجة إلى استقرار جيرانها ومنها الآثار السلبية لأحداث سوريا , التي ترتبط بما طوله 900 كم من الحدود المشتركة مع تركيا , ما يدفع بالأخيرة أن تتوخى استقرار إقليم كوردستان كونه سوقاً رائجاً لتركيا فهناك اليوم مشاريع استثمارية تركية في الإقليم بقيمة 10 مليارات دولار و غيرها من مسائل الطاقة و حدد الجانبان التزامهما بالاتفاق المبرم بين بغداد واربيل خلال الشهور الأخيرة , و أنهم يساندون المباحثات الثنائية تلك للتوصل إلى اتفاق يكون في صالح عموم الشعب العراقي و أن من شأن وحق حكومة إقليم كوردستان أن يتخذ أي قرار بصدد أسلوب بيع النفط ,..
* و ما مدى دعم الاتحاد الأوربي لإقليم كوردستان في هذه المسألة ؟
- وجهة نظر الاتحاد الاوربي تختلف عن الولايات المتحدة , فالملاحظ عليه أنه بصورة عامة يساند الإقليم , ويعتبرون التجربة الراهنة في إقليم كوردستان تجربة ديمقراطية ناجحة , رغم نواقصها كما أن هناك قطاعاً خاصاً في البرلمان البريطاني لدعم إقليم كوردستان , وقد حققوا الكثير بالفعل ..
* وماذا إن لم تتوصلوا مع بغداد إلى أي اتفاق ؟
- لو عدنا إلى تاريخ الحركة التحررية الكوردستانية لو وجدنا أننا لم نساوم مع الحكومات المركزية في أي زمان أو مكان و في أصعب الظروف و الأحوال.. فيما لم يرفض الطرف الكوردستاني منذ عام 1961 ( اندلاع ثورة ايلول التحررية) و إلى يومنا هذا التوافق مع أي توجه للحوار و لكن دون أية تنازلات أو مساومات ما يحتم ألا يساوم على الحقوق الدستورية لشعب إقليم كوردستان إلا أننا راغبون في الحوار لمعالجة هذه القضية أو ايجاد طرق معتدلة .
ترجمة : دارا صديق نورجان.[1]