البروفيسور تانر اكجام وهو عالم اجتماعي و مؤرخ وباحث رفيع في مركز هولوكوست لدراسات الأبادة الجماعية بجامعة كلارك الأمريكية ، ويعمل منذ اكثر من 30 عاماً في مسألة الأبادة الجماعية، وهو أحد الأكاديميين الأتراك الذي عرّف القتل الجماعي للأرمن كجريمة الأبادة الجماعية، وللحديث عن مخاطر جريمة الأبادة الجماعية في العالم الأن و خاصة في سنجار، اجرينا معه هذا اللقاء:
ترجمة/ بهاءالدين جلال
البروفيسور تانر اكجام وهو عالم اجتماعي و مؤرخ وباحث رفيع في مركز هولوكوست لدراسات الأبادة الجماعية بجامعة كلارك الأمريكية ، ويعمل منذ اكثر من 30 عاماً في مسألة الأبادة الجماعية، وهو أحد الأكاديميين الأتراك الذي عرّف القتل الجماعي للأرمن كجريمة الأبادة الجماعية، وللحديث عن مخاطر جريمة الأبادة الجماعية في العالم الأن و خاصة في سنجار، اجرينا معه هذا اللقاء:
* بعد الأبادة الجماعية في البلقان في تسعينيات القرن الماضي، تعهد المجتمع الدولي عموماً و الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً، بعدم السماح لحدوث ولتكرار الأبادة الجماعية، ولكن هناك في الوقت الحاضر اكثر من مليون نازح في الداخل يضم مسيحيين و ازديين، وتعرض المئات منهم الى القتل الجماعي، وذلك بسبب عدم استعدادهم لأعتناق الأسلام، اذاً كيف يمكن للعالم مواجهة هذه الظاهرة في هذا القرن؟
- لا اعتقد أنه حدث تغيير ملحوظ بين الجرائم التي تحصل منذ الحرب العالمية الأولى و حتى الآن، لم يكن للقوى العظمى اي ردفعل ضد هذه الجرائم على اساس الأخلاقية، بل انها تعمل على أساس مصالحها الخاصة، لذا لا اعتقد أنّه حدث أي تغيير كبير لأن تلك القوى تتعامل مع تلك الجرائم وفق مصالحها السياسية، ولا سيما الجرائم التي حدثت في المنطقة مؤخراًً.
* بعد الأحداث الأخيرة و الهجمات الأرهابية لداعش، اتضح انّ الدول الفاشلة ومنها العراق و سوريا، خلقت ارضية مناسبة للأرهابيين، ليعلن تنظيم داعش الأرهابي الخلافة الأسلامية، و الأحداث اثبتت ان تلك الدول الفاشلة تساعد على دعم العنف و التطرف على الأسس القومية و الدينية ما يترتب عليه حدوث الأبادة الجماعية، هل تعتقد ان هناك ثمة أمل في احلال السلام و التعايش في الدول الفاشلة؟
- لا أرى حلاً على المدى القصير، وذلك لسببين، الأول هو عدم وجود اتفاق بين امريكا و روسيا ، لأنّ وجود مثل هذا التفاق بين الدول العظمى سوف يؤدي الى استتباب الأمن و الأستقرار على صعيد المنطقة، والثاني هو انّ الأحزاب السياسية في منطقة الشرق الأوسط لاتريد التعايش معاً بسلام، و بعد احتلال العراق من قبل امريكا، نرى ان كل مجموعة دينية أو قومية تسعى الى تأسيس دولة مستقلة ضمن حدودها وطرد المجموعات الأخرى، لذا اتصور انه على المدى القصير، الشيعة على سبيل المثال،لا يظهرون أي اهتمام بالسنة، أو انّ التيار الأرهابي الجديد للسنة لا يولي أي اهتمام بالمسيحيين أو الأقليات الأخرى بل لديهم فكرة لأبادتهم، و بكل صراحة أريد القول بأنني متشائم جدا، لأنه ليس بوسع المجتمع الدولي ولا القوى المحلية احلال الأستقرار في المنطقة، و ما يحدث الآن في المنطقة الكوردية، خطوة جيدة، على الرغم من انني لست في موقع يسمح بتقديم المشورة، ولكن المهم هو اعلان الدولة الكوردية باسرع وقت ممكن، و المحافظة على هذا الكيان و جعله منطقة آمنة يقصدها النازحون من مناطق أخرى.
* لقد تعرض الكورد وعلى مدى التأريخ الى حملات الأبادة الجماعية و القصف الكيميائي، ولكن بعد ظهور داعش، تعرض اكثر من 300 الف كوردي أيزدي الى القتل الجماعي، و السبب هو انهم غير مسلمين، وتباع بنات و نساء المسيحيين و الأزديين باسعار زهيدة، السؤال هو: ماذا على المجتمع الدولي من مواقف ازاء هذه الكارثة الأنسانية وكيف يمكن التصدي لها؟
- اريد التاكيد في هذا الجانب و هو انه في مثل هذه الكوارث الأنسانية على المجتمع الدولي التعاون مع اقليم كوردستان او بالأحرى مساعدة الدولة الكوردية، لأنها القوة الوحيدة الآن في المنطقة التي تحارب داعش، و للأسف حسب الأنباء التي نسمعها لايوجد لدى تركيا أي موقف معين ازاء داعش، اذاَ من واجب المجتمع الدولي ارسال مساعدات انسانية الى الكورد، مع انني لست متأكداً من القيام بذلك، ولكن اكتفي بالقول ان ما يفعله المجتمع الدولي لايفي بالغرض لأنها مسألة مهمة و خطرة، و الخطوة الأخرى هي تعزيز الحكومة الكوردية في الأقليم، و وفق متابعاتي المستمرة للأحداث ارى انّ القوى العظمى لا تتفق فيما بينها على الحل الأخير للمنطقة، والنقطة الأخرى هي انّ عزل داعش و محاربتها على اساس انها تنظيم ارهابي فقط، سوف يكون عاملاً مساعداً، و يجب ان نعرف ان هناك عدداً كبيراُ من السنة يدعم هذا التنظيم، وهذه مسألة مهمة أخرى لايمكن تجاهلها، لأنه لا يمكن ايجازمشكلة الشرق الأوسط في مشكلة الأرهاب فقط، بل انه توجد مسائل اكبر. لذا فإن هناك مهمتين:الأولى عبارة عن التعاون و ارسال مساعدات انسانية الى العراق و بالأخص الى الكورد، و الثانية هي تعزيز و دعم الحكومة الكوردية، لأنها القوة السياسية الوحيدة في المنطقة التي تستطيع تأمين السلامة و الأستقرار للنازحين.
* لقد طالب الكورد المجتمع الدولي مراراَ بتوفير ضمانات له، كي لا يتعرض مرة أخرى الى الأبادة الجماعية. الى أي حد على العالم ان يساند مسألة استقلال كوردستان لعدم تعرض شعبها الى الأبادة الجماعية ثانية؟
- المجتمع الدولي لا يعمل وفق مبادىء الأخلاق، لذا لا اعتقد انه يدعم استقلال كوردستان على هذا الأساس، وانه يدعمه فقط عندما يجد في استقلال كوردستان مصلحة حقيقية و كبيرة، اعتقد انّ هذه الفكرة سوف تنجح عندما يتم التعاون مع الحكومة التركية عن كثب، ولكن في تصوري ان تركيا غير مستعدة للتعاون مع الحكومة الكوردية في(شمال) العراق و لمحاربة تنظيم داعش الأرهابي، للأسف انها مشكلة كل الدول السنية في المنطقة، وذلك لأنني لا أجد في ذلك بصيص أمل للنجاح على المدى البعيد الاّ عندما تقوم الدول السنية بدعم العمل السياسي ضد داعش و منظمات ارهابية مماثلة.
* لقد أقلقت الكارثة التي حلت بالأزديين و هروبهم الى جبل سنجار في الفترة الماضية عموم العالم حيث لازالوا يراقبون الأوضاع عن كثب، بتصوركم الى أي مدى يمكن للعالم ان يصف هذه الكارثة بجريمة الأبادة الجماعية؟
- انا اتفق تماماَ مع الرئيس الأمريكي اوباما في رأيه عندما تحدث عن الجريمة التي حدثت في سنجار و المنطقة ووصفها بجريمة الأبادة الجماعية، حقاً انها ابادة جماعية ولكن بسبب تدخل الولايات المتحدة الأمريكية و الكورد تم التصدي لها، وذلك عن طريق الضربات الجوية و تقدم القوات الكوردية، اتمنى على المجتمع الدولي ايجاد آلية أخرى للتدخل و انهاء الكارثة الأنسانية.
* هل هناك أوجه الشبه بين الأبادة الجماعية للأرمن و الأبادة الجماعية للأزيديين؟
- انا باحث في مجال الأبادة الجماعية و اعمل منذ ثلاثين عاماً في هذه المسألة، قد تستغربون عندما اذكر لكم ان المجتمع الدولي لم يعير اي اهتمام يذكر بهذه المسألة، استطيع طمأنتكم ان هذا هو تأريخ العالم، اصدقائي،لا يوجد شىء جديد في هذا المضمار، لقد حصل تدخل جزئي و منعت حدوث الأبادة الجماعية، في الوضع الأرمني لم يتم أي تدخل، وفي عام 1994 لم يتدخل أحد في رواندا، وكان العالم يتفرج على مقتل اكثر من مليون انسان، هذه ليست نكتة انها مقتل مليون شخص، اذاَ في 1994 ارسل المجتمع الدولي طائرات الى تيبالي لأنقاذ مواطنيه في رواندا و ليس غيرهم، تصوروا ترسل امريكا طائراتها الى شمال العراق لأنقاذ موطنيها فقط و يسمح لداعش بالأبادة الجماعية بين الأيزديين، اذاً في هذا المنحى يعتبر وضعاً مناسباً بالمقارنة مع الحالات الأخرى للأبادة الجماعية، هذا هو واقع العالم، و السبيل الوحيد لمواجهة هذه اللاعدالة و انتهاك حقوق الأنسان، هو بناء ملاذ آمن للأنسانية و انا لا ارى ذلك في العراق الآن، ولكن اتمنى لأقليم كوردستان و حكومته التوفيق و التقدم.[1]