عندما كنا ننوي اجراء هذا الحوار مع البروفيسور امازيا بارام كانت قوات البيشمركة بصدد الأنزال داخل ناحية سنوني قرب بلدة سنجار، لذا فقد اخبرناه بأن السيد مسعود بارزاني يشرف شخصياً على هذه الحملة و بمعيته مستشار مجلس الأمن الوطني الكوردستاني و البيشمركة الشجاع السيد مسرور بارزاني ، البروفيسور بارام هنأنا على هذه الأنتصارات الكبيرة، وقال بأعجاب كبير انا اعلم انّ السيد مسعود بارزاني هو البيشمركة و المقاتل الشجاع، و بارام على اطلاع كامل لأوضاع اقليم كوردستان و العراق و مقرب من القادة و لديه معلومات عنهم، و لكن بالرغم من ذلك فقد اجرينا معه الحوار الآتي:
ترجمة/ بهاءالدين جلال
* كيف تقيّم انتصارات قوات البيشمركة في الأيام الماضية بقيادة الرئيس مسعود بارزاني الذي خطط لها و اشرف على تنفيذها شخصياً لأعادة السيطرة على المناطق المحيطة بسنجار؟
- قبل كل شىء دعوني اتقدم لكم بالتهنئة الحارة على هذا الأنتصار العظيم، كلي أمل ان تتقدموا للوصول الى جبل سنجار، وما حققتموه حتى الآن يعدّ خطوة مهمة و انتصاراً كبيراً، لم اكن اعلم ان البارزاني يقود المعركة وحقاً انه البيشمركة و المقاتل الشجاع، الأهمية لاتكمن في تحرير مناطقكم فحسب، بل ان عموم العالم الأسلامي يتصور ان داعش هو المنتصر و القوي، لأن هؤلاء الأرهابيين في نظر الكثير من الدول الأسلامية و حتى الغربية هم المنتصرون في هذه الحرب، ان اي انتصار يحرزه داعش هو خطر عليكم و على عموم المنطقة في العراق و سوريا و الشرق الأوسط و الغرب، لذا فإن الأنتصارات التي تحققونها هي مهمة بالنسبة للأزديين و المنطقة بصورة عامة، انا على اطلاع بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقوم الآن بتدريب البيشمركة وهذا شىء مهم، فهي ليس لديها جيش يحارب بجانبكم، لذا عليكم القتال وهو من صلب واجبكم، الغرب يساعدكم عبر توفير المستلزمات العسكرية وتوفير الغطاء الجوي وقد قاموا بتزويدكم ببعض المستلزمات الجديدة، انا لاأتوقع انْ ترسل امريكا قريباً الجيش اليكم أو الى الموصل، عليكم و على العراقيين مواصلة المواجهة مع داعش، ولكن من المهم جداَ أنْ يتم دحر داعش بشكل نهائي.
* اعلن الرئيس البارزاني قبل يومين عبر مقابلة اجرتها معه قناة العربية بأنه مستعد للتضحية شخصياً من اجل كوردستان، ومؤكداَ ان عدو كوردستان و الأنسانية هو عدوي ايضاً، كيف تفسرون ذلك؟
- نعم مايقوله سيادته هو الصحيح، ان داعش ليس عدواً الكورد فحسب، بل عدواً للشيعة و الكثير من العرب السنة العراقيين، كما انه عدو الحضارة و التقدم، ان تفسير هؤلاء للأسلام هو تفسير راديكالي و بالأساس فإن محاربتكم لداعش هي العامل المساعد للأخرين، ففي الكثير من الأحيان الأنتصار لا يجلب الأنتباه، لذا فإن انتصاراتكم على هذا العدو كما يؤكد عليها الرئيس البارزاني تعدّ انتصاراً على عدو الأنسانية بصورة عامة.
* من المعلوم انّ قوات البيشمركة لا يقاتلون من اجل انفسهم فحسب، بل يقاتلون من اجل العالم كله، لأن داعش هو عدو للجميع، ما رأيكم بتزويد البيشمركة اسلحة و معدات حديثة و متقدمة و تدريبهم تدريباً عسكرياً متطوراً؟
- في تصوري ينبغي تزويد قوات البيشمركة بنوعين من الأسلحة و التي لا يملكونها في الوقت الحاضر، هناك صواريخ مضادة للدبابات، و مدافع و هاونات ثقيلة، اتمنى قيام الولايات المتحدة أمريكية بهذه الخطوة، من اجل استخدامها ضد الأسلحة التي يستخدمها داعش، اسمع بأن امريكا تقوم الآن بتدريب البيشمركة لذا عليكم الدفاع عن انفسكم، وعن اقليم كوردستان، لأنه لو نوى رئيس الوزراء الجديد في بغداد على دحر الكورد، كما فعله صدام حسين في 1987أو قبل ذلك، لذا عليكم الدفاع عن انفسكم، ولهذا السبب انتم بحاجة ماسة الى هذه الأسلحة.
* يوجد الآن ثقل كبير على اقليم كوردستان جراء نزوح اكثر من مليون و 500 الف شخص من العرب السنة و المسيحيين و التركمان و لاجئي الغرب، وان اقليم كوردستان لا يستطيع ايواء هذا العدد الهائل منهم و توفير المساعدات اليهم، اذاً كيف يمكن انْ يتصرف العالم من اجل مساعدة النازحين الى اقليم كوردستان؟
- بداية اقول ان اكثر من مليون و نصف نازح عدد كبير جداً بالنسبة الى سكانكم الذي لايتجاوز خمسة ملايين نسمة و اقصد السكان المحليين و كورد العراق، ولكن من الواضح ان العالم لا يهتم بهذا الأمر، اذاً ما العمل من اجل اجبارهم على الأهتمام بهذا الجانب؟ يمكن لأربع حكومات تقديم المساعدة اليكم أو على الأقل ثلاث منها، بالتأكيد فإن امريكا بمقدورها تقديم الدعم لكم، تليها فرنسا التي سبق و ان ساعدتكم و اخيراً المانيا و هذه الدولة هي من اقتراحي التي يمكنها ايضاً القيام بهذه المهمة، الخطوة الأخرى هي دعوة القنوات التلفزيونية و الصحفيين بزيارة مجمعات اللاجئين و الوقوف عن كثب على اوضاع النازحين الأنسانية و بالخاصة انهم يواجهون البرد القارص و الهدف من ذلك هو الضغط على حكوماتهم في اوروبا و امريكا للتحرك بشان تخصيص المساعدات الأنسانية لهذا الكم الهائل من النازحين، هناك وفد من الأزديين يزور امريكا حالياً وقد يلتقي بالكثير من المسؤولين ويتحدث اليهم عن معاناة الأيزديين في الشتاء و المقيمين حالياً في المجمعات بأقليم كوردستان. من جانب آخر عليكم الأتصال بالأمم المتحدة و تكثيف العلاقات من اجل الحصول على المزيد من المساعدات المالية، لذا عليكم بذل الجهود من اجل الوصول الى ممثل امريكا في الأمم المتحدة و الذي اظن ان لها ممثل في كل الدول، أو على الأقل اجراء اتصال مباشر مع السفير الأمريكي في الأمم المتحدة.
* يجري الحديث دائماً بأن الوقت غير ملائم لأستقلال كوردستان و الأنفصال عن العراق، ولكن ثلث اراضي العراق في الوقت الراهن هي بيد داعش، كما ان الشيعة شكلوا قوات الحشد الشعبي برئاسة هادي العامري، ما خطورة اندلاع حرب اهلية دموية بين الجانبين في الوقت الذي تنظر الشيعة الى داعش بأنهم من السنة؟
- علينا اعلام بغداد بكل صراحة بأنكم لاتسمحون لها بأرسال ميليشيات الحشد الشعبي الى المناطق الكوردية، أي انكم لستم بحاجة الى الجيش الوطني العراقي، لأنكم تمكنتم من مواجهة داعش بكل بسالة و جرأة، كما ان الطرف السني هو الآخر قد ابلغ بغداد بأنهم ليسوا بحاجة الى الميليشيات ولكن يقبلون بدخول الجيش الوطني العراقي الى مناطقهم، لااعتقد ان الكورد يقبل بدخول قوات الميليشيات الشيعة الى مناطقهم و حتى الى منطقة كركوك لأنهم يعلمون جيداً ان الكورد يسيطر الآن على تلك المناطق، اذاً المسألة واضحة جداً ، انا اتكلم عن بغداد، لو كنتُ محل العبادي لما استطعتُ ان افكر في ارسال الميليشيات الشيعة الى اقليم كوردستان، انتم تشاركون الآن في التشكيلة الوزارية الحالية في بغداد، وزير المالية هو كوردي، تستطيعون مفاتحة رئيس الوزراء على ضرورة وضع الميليشيات الشيعة في المناطق الشيعية، وليس في المناطق الأخرى، وهذه الخطوة هي في الصالح العام.
*لو ان الأنتصارات التي حققتها قوات البيشمركة في الفترة الأخرى كانت قد تحققت من قبل الحشد الشعبي او قوات اخرى، ماهي الصورة التي ستكون عليها الأوضاع؟
- اعتقد ان القوات الشيعية لن تكون موفقة في تلك المناطق، لذا لو انها قاتلت في المناطق السنية فإنها ترتكب خطأ فادحاً، لأن الكثيير من السنة يُقتلون، عليه يجب ان يكون موقف الكورد هو ان يبقى الشيعة في بغداد، أو في جنوبها لأنه لا يقبل السنة تواجد الشيعة في مناطقهم، بداية يجب ان يكون الجيش الوطني نظامياً و مبدئياً و النقطة الثانية هي انه صحيح هناك خلافات و قلق كبير بينكم و بين سنة العراق لأنهم كانوا يشغلون مناصب عسكرية كبيرة في جيش صدام حسين، ولكن النظام السابق سقط و بدأ واقع جديد، لذا عليكم التنسيق مع السنة و رؤساء عشائرهم و العمل معاً لأقناع بغداد على عدم ارسال أي قوات ميليشيا شيعية الى المناطق السنية. كما ينبغي ان يتوصل السنة في بغداد مستقبلاً الى اتفاق بهذا الشأن و تخصيص بعض افراد الحماية مع تأمين رواتب لهم، واذا ما توصل العشائر السنية الى الأتفاق مع بغداد عندها يستطيعون طرد و دحر داعش من العراق، و بالنسبة لكم ان كركوك و المناطق الأخرى اصبحت الآن تحت سيطرة القوات الكوردية و بما انكم تريدون عودتها الى اقليم كوردستان بصورة نهائية لذا ينبغي التعايش مع المكونات الأخرى من التركمان و العرب و المسيحيين ومنحهم حقوق المساواة، في الوقت الحاضر لديكم علاقات جيدة مع بغداد حيث استطعتم الحصول على بعض المكاسب ، اتوقع انّ بغداد سوف تقبل انْ تصبح كركوك جزءاً من اقليم كوردستان، وفي حال عدم موافقتها على ذلك بامكانكم القول أنكم قد سيطرتم على بعض المناطق التي هي الآن تحت تصرفكم، اذاً لديكم ورقة ضغط مهمة ازاء بغداد وهي بحاجة الى تصدير نفطكم، اتمنى ان تتقدمون خلال ايام قلائل نحو سنجار و الحدود السورية و السيطرة على المنطقة الكوردية فيها.
* في الوقت الذي نجري معكم هذا اللقاء تتقدم قوات البيشمركة نحو سنوني و مسرور بارزاني مستشار أمن اقليم كوردستان موجود في المنطقة و هو يتقدم مع قواته صوب سنجار و داعش في انهيار و هزيمة ، ماهي قراءتكم لهذا المشهد؟
- هذا خبر مهم جداً، انتم الآن قريبون و لكن لا اعتقد انْكم تستطيعون طرد داعش من الموصل، ولكن ما تحققونه اليوم شىء مهم، وقد اثبتتم للعالم انكم قادرين على دحر الأرهابيين و الدفاع عن اراضيكم لذا فإن عموم العالم الأسلامي ينظرون اليكم بعين الأحترام و التقدير.
* هل انّ تحرير سنجار والدفاع عن كوبانى تأكيد على ان تقديم المساعدات للبيشمركة يمكن ان يؤدي الى دحر ارهابيي داعش؟
- هذا صحيح بالنسبة الى المناطق الكوردية، ولكنكم لا تستطيعون ارسال الأسلحة الى الموصل، ولكن ما حققتموه من التقدم في مجال الدفاع و الهجمات فإنه مثار الأعجاب و التقدير مقارنة بشهر آب حيث وصلتم الآن الى جبل سنجار، وبالنسبة لي ايضاً انه أمر مدهش لأنني اعلم جيداً انّ البيشمركة و المقاتلين الكورد بصورة عامة هم شجعان ولديكم الروح القتالية و القدرة العسكرية الفائقة، واذا ما قورنت قدرتكم القتالية بما لدى الجيش العراقي فإنكم ادهشتم العالم ، واتساءل لماذا لايستطيع الجيش العراقي التحرك و التقدم و احراز الأنتصارات بالرغم من المساندة الجوية التي توفرها له دول التحالف اسوة بقوات بيشمركة كوردستان. كما ان لدى الجيش العراقي كتائب دبابات بينما انتم لاتملكون هذه العربات المصفحة، ان اقليم كوردستان لديه احتياطي النفط و موقع قوي و متميز في المنطقة، لذا على القيادة الكوردية التفكير في ما هو افضل لكم لتحقيق مكاسب كبيرة، لقد التقيتُ في شهر حزيران أحد الدبلوماسيين الأمريكان الكبار و ابلغتُه بأن داعش لا يملك الأسلحة الكافية و المقاتلين لأجتياح بغداد ولكن يستطيع التقرب منها، وفي الوقت ذاته بأمكانه توجيه الضربات للكورد و الحاق خسائر كبيرة منهم، لذا ينبغي انْ تعلموا انّ من اولويات امريكا ايلاء اهمية كبيرة بالكورد و دعمهم بكل انواع المساعدات، واوضحتُ لهم لو ان داعش احتل كوردستان لأصبحت النتائج وخيمة و شكّل خطراً على العالم الأسلامي والغرب و العالم بأسره، ان الكورد هم الحلفاء الطبيعيين لكم في الشرق الأوسط ، اذاً من واجبكم كأمريكان مساعدتهم قيد المستطاع، لقد استمع لي جيداً ، وفي المرة الثانية عندما التقيته اكّدتُ له على مسألة كان مقتنعاً بها وهي القيام بالغارات الجوية. انا متأكد بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم جيداً انكم احسنتم و لكم موقع متميز في محاربة الأرهاب، لأن الجيش العراقي لم يستطيع القيام بذلك، لذا على امريكا التعاون معكم في انجاح مفاوضاتكم مع بغداد، من اجل تحقيق ما تصبون اليه.
* السؤال الاخير هو هل انّ عام 2015 سيكون افضل من 2014 بالنسبة الى اقليم كوردستان؟
- ليس لدى أية شكوك حول هذا الأمر بان الأوضاع سوف تتجه نحو الأحسن، وعلى الرغم من انخفاض اسعار النفط الاّ انكم قد حققتم شيئاُ كبيراً فيما يتعلق بعلاقاتكم مع واشنطن و بغداد و انقرة، عليكم مواصلة الحوار مع العواصم الثلاث، لذا يجب انْ يكون عام 2015 عاماَ حافلاً بالنجاحات، ان السيد مسعود بارزاني قائد فذ و محنك ويستطيع التعامل مع الأحداث، ولكن عليكم المحافظة على وحدة صفوفكم و العمل المشترك، كما ينبغي التعامل بعقلانية مع المنافسين التقليديين ومهما تكون المسافة بينكم أو وجود خلافات فالوضع يتطلب منكم التعاون و التقارب لأن وحدة صفوف الكورد هي مفتاح الأنتصارات.[1]