نشر مركز وورد ولسن كراساً بعنوان( الوحشية: داعش كتهديد عنيف للمرأة) و يتألف من 11 تعليقاَ كتبته 11 سيدة من انحاء العالم واسهمت فيها سيدة كردية وهي زكية حقي و اخرى عراقية وهي صفية السهيل وقد عبرت هذه السيدات عن آرائهن ازاء نشأة داعش و التعامل اللاانساني الذي يمارسه التنظيم مع المرأة، وخاصة بعد اجتياح سنجار و بيع النساء و الفتيات الأزديات و من الشبك و التركمان و المسيحيين.
ترجمة/ بهاءالدين جلال
انعدام موقف الدول العربية اغضب العالم
في البداية تحدثت البوفيسورة هالة اسفنديار وهي سيدة فارسية- ايرانية و باحثة في المركز المذكور، حيث اكدت على ان دولة الخلافة التى اعلنها ابوبكر البغدادي من على المنبر بعد اجتياح الموصل اعتمدت على سياسة تنتهج القتل الجماعي و و قطع الرؤوس و الأعدامات و تغيير الديانات قسرياً و التهجيرالجماعي، الى جانب نهب و سلب الممتلكات و تدمير المساجد و الكنائس و الحسينيات و مراكز العبادة للأزديين، و الأخطر من ذلك ما تتعرض له النساء على يد الأرهابيين بعد الأعتداء عليهن جنسيا و اجبارهن على تغيير دياناتهن ومن ثم بيعهن في الأسواق، و بعد عرض هذه الحقائق تشير السيدة هالة اسفنديار الى انه بالرغم من كل هذه الجرائم لداعش الاّ ان الدول العربية تقف مكتوفي الأيدي و ساكتة دون اي موقف يُذكر، وتقول لنتسائل : تلك الحكومات العربية التي كانت تتباهى بأن عدداَ كبيراَ من فتياتها و نساءها ملتحقات بالمدارس و الجامعات و الدراسات العليا وفي الوظائف الحكومية، وقد وقّعت على الأتفاقيات و المعاهدات الدولية الخاصة بأحترام حقوق المرأة، اذاً لماذا اختارت الصمت؟ هل انّ هذا الموقف لا يعني انها تريد عودة العالم الى القرن السابع للميلاد و الى اوضاع الجزيرة العربية عندما كان العرب يتبعون الوأد أي قتل بناتهم وهن احياء؟
60 الف حامل تحت تهديد داعش
الباحثة و الصحفية المعروفة روبين رايت تشير في تعليقها حول الموضوع الى ان ما قام به تنظيم داعش ازاء المرأة من الأستعباد و بيعهن في الأسواق هو مضمون تلك التقارير الشفهية التي وصلتنا بصورة غير مباشرة من الناس، وتؤكد على انّ المجتمع المغلق الذي شكّله داعش لا يسمح بدخول الصحفيين و ناشطي المجتمع المدني للتأكد من بربرية جرائم داعش عن كثب، و لكن في الوقت ذاته فهو لا يقصّر في جرائم الأبادة الجماعية و قتل النساء و هتك اعراضهن بذريعة جهاد النكاح.
النساء التي يتعامل معهن داعش بهذا الأسلوب الهمجي يصل عددها الى نحو 250 الف امرأة، وبينها 60 الف من الحوامل، وهذا ما جعل ابوبكر البغدادي و خلافته يحوّل النساء الى سلاح مؤثر يستخدمه في الحرب، وهذا اخطر سلاح نفسي و خطير ويؤدي الى اجبار القوة المقابلة على الهروب امام هجمات داعش، خوفاً من قيام ارهابيي هذا التنظيم من اسرهن و من ثم استخدامهن كسلاح نفسي كما اشرتُ اليه سابقاً، وتشير الى ان النساء اللاتي وقعن بأيدي داعش مورس معهن جهاد النكاح، لأن هذه الجريمة حسب تصور هؤلاء المجرمين هي بمثابة الجهاد لذا فإنّ جميعهم قامو فعلاً بهذه التصرفات اللاانسانية.
تشكيل فرقة خنساء لجهاد النكاح
السيدة صفية السهيل التي كانت نائبة في الدورة البرلمانية العراقية السابقة تشير الى انّ البقعة الجغرافية التي اعلن فيها داعش خلافته اكبر من مساحة دولة الأردن، يمارس فيها كل انواع الجرائم اللااخلاقية و الوحشية بحق المرأة، ألا وهي جهاد النكاح، هؤلاء لايمارسون هذه الأفعال ضد النساء اللائي هن تحت سيطرة داعش فحسب، بل ان النساء المنظمات في صفوف داعش في الدول العربية و اوروبا و الصين و امريكا يحثن الفتيات و النساء بصورة عامة ومن الأعمار بين 18-25 الأتصال بداعش من اجل جهاد النكاح، وقد تشكلت فرقة خنساء التي تتولى جمع النساء من اجل الأسهام في جهاد النكاح، و بالنسبة الى اسعار النساء في الأسواق و خاصة و التي تسمى سبايا يتم بيعهن كل واحدة ب100 الف دينار عراقي أي ما يعادل 80 دولاراً، وتضم نساء من قوميات و ديانات و مذاهب مختلفة أي من الكورد و الأزدية و الشبك و المسيحيين و التركمان و من العرب الشيعة. و تؤكد السهيل على انّ هجمات داعش الى المناطق التي تم اجتياحها ادى الى نزوح قرابة مليوني شخص، و ان هؤلاء نزحوا من مناطقهم دون ان يتمكنوا حتى من نقل حاجاتهم الخاصة من الملابس و اجهزة الهاتف و الحلي و المستلزمات الحياتية البسيطة.
دول عربية تقدم الدعم لأرهابي داعش
اما السيدة كائنة بوهاشي وهي ناشطة حقوق المرأة و محامية دولية في الجزائر، تشير الى انّ ايديولوجية داعش أو الخلافة الأسلامية لا تختلف عن الأيديولوجيات التي انتشرت في دول الخليج و الشرق الأوسط و شمال افريقيا، ومع كل هذه الأيديولوجيات هناك ديانات تنتشر في تلك المناطق، و تتعرض شعوبها الى تهديدات التطهير العرقي و تغيير الدين قسرياً و هتك الأعراض و الذبح و بيع النساء، و تعيدنا هذه الأفكار و المعتقدات الى ماقبل 144 سنة في شبه الجزيرة العربية، اما بالنسبة الى النساء اللائي وقعن بيد داعش تشير الى انّهن الآن في حيرة كبيرة و خطيرة و منهن من تعرضت الى هتك الأعراض، و في حال عودتهن الى اهاليهن سيواجهن القتل بحجة غسل العار، اما اذا بقين في ظل داعش فإنهن سوف يصيبن بمرض الأيدز، او بعض منهن سوف تحال الى التفخيخ و الأنتحار القسري، و بالنسبة الى موقف الدول العربية تقول السيدة كاهينة انّ الدول العربية و منظمات المجتمع المدني لم تعرب عن أي موقف ازاء داعش، وفي الوقت ذاته فإنّ بعضاً منها قدمت تسهيلات و دعم لأرهابيي داعش، الى جانب المساعدات المالية، وبالنسبة الى زرع بذور هذه الأيديولوجية المتشددة في المنطقة، تشير هذه السيدة الى انّ هذه الفكرة قد تعمقت جذورها في دول الخليج و الشرق الأوسط و شمال افريقيا، حيث ان النظام التعليمي و البيئة الأجتماعية للدول العربية تعدّ ارضية خصبة لأنتاج المجاميع الأرهابية امثال داعش و الأخوان المسلمين، كما انها ملاذ آمن للخطاب المتطرف و حماية تلك المجاميع المتشددة، وفي الكثير من الدول العربية و بالأخص في دول الخليج فإن حكوماتها هي المسيطرة في مجال تعريف التفكير السياسي للمواطنين، وهذا نابع من التفكير القومي العربي الضيق، وهذا ما سهّل لداعش التصرف بهذه الوحشية و التي من الصعب السيطرة عليها الآن.
داعش وليد المدارس و المساجد و الخطاب الأجتماعي العربي
السیدة حنين غدار الى جانب كونها باحثة تعمل الآن مديرة لمكتب صحيفة (NOW NEWS) اللبنانية، تشير كصحفية الى انّ الناشطين من العلمانيين و المثقفين و الصحفيين الغربيين عندما تشكل داعش كانوا يتصورون انه ولد في الخارج و انتقل الى المنطقة، وله خطاب مذهبي سني و استغل الأزمة السياسية التي استجدت في المنطقة، ولكن ما يمارسه داعش الآن من الجرائم بحق المرأة ليست جديدة علينا، الفرق ان داعش الصقها بصيغة اخرى، و السبب هو ان القادة و الرؤوساء العرب لم يبدوا أي تقدير و رعاية لحريات المرأة و انّ هؤلاء المسؤولين عاملوا المرأة كمواطنة درجة ثانية ، فقد قاموا برجم المرأة أو الذبح وهي النقطة المشتركة بين داعش و الحكومات العربية، ولكن داعش و تلك الحكومات تلتقيان في مجالات عدة فيما يتعلق بتعاملها مع المرأة، فأرهابيي داعش ولدوا في مجتمعنا، ودرسوا في مدارسنا، و صلّوا في مساجدنا، كما انهم استمعوا الى الخطب الأجتماعية التي هي من انتاج مجتمعنا.
السيدة زكية حقي التي كانت نائبة في البرلمان العراقي لأكثر من خمس سنوات، تشير في تعليقها الى انّ ارهابيي داعش اختطفوا اكثر من 500 فتاة ازدية من قرى كوردستان غالبيتها لم تبلغ سن البلوغ وقد تم اغتصابهن، وهذه حالة خطرة وخاصة عندما يصبحن حوامل أو يصبن بفايروس الأيدز نتيجة جهاد النكاح، و تتسائل كيف هو حال الفتاة التي حملت نتيجة هتك عرضها وما تعانيها من الآلام الجسدية و ما يترتب على هذه الحالة من تأثيرات نفسية؟ الجواب هو انها ستصبح بين أمرين إما مواجهة القتل من قبل الأهل عندما تتخلص من الأرهابيين بحجة غسل العار، و إما البقاء مع داعش وهنا الخطر يكون أشد من ذلك حيث من المحتمل جداً أن يدربهن الأرهابيون من اجل تنفيذ عمليات ارهابية انتحارية و اقناعهن بدخول الجنة عند حالات الأنتحار.
السيدة ياسمين السيد هاني رئيسة تحرير صحيفة الأخبار المصرية، فقد كتبت تعليقاً صحفياً حول هذا الموضوع حيث تشير الى اننا لو شاهدنا اللقطات التي صوّرتها لوجدنا انّ معظم الشريط الأخباري يتضمن المناطق التي احتلها داعش وتضيف: انا كصحفية متفهمة جداَ لمشكلات العراق و قد قمتُ بتحليلها، لقد رفضنا القاعدة ولكن داعش هو الأخطر والذي تحول الآن الى اخطر منظمة ارهابية في العالم. هذه الأعلامية تضيف في تعليقها ان مشاهد الأبادة الجماعية و تهجير الكورد الأزديون توضح لنا ان المرأة تعرضت اكثر من غيرها الى المعاناة و الأعتداء لأنها تعتبر ضعيفة و مضطهدة في مجتمعاتنا، وتشير الى ثلاثة مشاهد و تقول: عندما ارى مشهداً امرأة مسنة ازدية اشعر بأن هذا هو الماضي، لأنه يشير الى المرأة في الزمن الماضي، انها تمتطي دابة و يحرسها أحد الشباب، المشهد الثاني هي لأم تحتضن طفلاً رضيعاً نائماً و تفترش الأرض لترتاح قليلاً ولكنها لاتملك الحليب لرضاعته، وهي تجهش بالبكاء، ان دموع هذه الأم تعبّر عن الكارثة الحقيقية في الوقت الحاضر، المشهد الثالث لفتاة صغيرة في السادسة من عمرها تسير مع اهلها و هي تحمل حقيبة و على كتفها ابريقاً من الماء، انها تنظر الى الأمام و تسير على الأقدام و لاتتوقف ولو للحظة، قد يجوز تفكّر بساعة انتهاء الرحلة، ولكن فجأة تضع الحقيبة و الأبريق و تصيح و تنخرط الى اللعب مع صديقاتها لأنها لا تعلم ماذا سيحدث بعد قليل، ان هذه المشاهد الثلاثة تشير الى انّ ما يحدث الآن من هذه المأساة و المعاناة هي وصمة عار في جبين العالم المعاصر.[1]