بيّننا فيما سبق، أن الفولكلور مرتبط أيما ارتباط بالمجتمعات البشرية، ويثمِّن الفينلنديون ملحمتهم الكاليفالا تثميناً عالياً إذ يعتبرونها الوسيلة التي عرَّفت الآخرين بهم. وأن علماء الفولكلور الألمان وغيرهم بحثوا في الفولكلور عن روح الشعب.
و تبين أيضاً أن الدراسات #الفولكلورية# إنما بدأت في أوروبا تحت تأثير الحركة الرومانسية القومية. و هو الأمر الذي يؤكده عالم الفولكلور ويليام آ. ويلسون إذ يقول: كانت الأعمال الفولكلورية منذ البداية مرتبطة بالحركات الرومانسية القومية، و بالتزامن مع هذه الحركات بدأ الباحثون الوطنيون بإنجاز الدراسات الفولكلورية، التي لم تكن غايتها الكشف عن كيفية معيشة الأقدمين فحسب، بل كانوا يطمحون إلى الكشف عن النماذج التاريخية ليبنوا عليها الحاضر، في سعيهم إلى بناء المستقبل.([1]) و يقول ريتشارد دورسون: كثيراً ما تتفاعل العلاقة المشتركة بين الفولكلور و الروح القومية.([2]) و من هنا يمكن القول إن الفولكلور و القومية مفهومان مترابطان.
إذاً، يمكن للمرء أن يذهب إلى أن الفولكلور يشكل عنصراً مهماَ من عناصر الفكر القومي، و هو عنصر غابت معرفة قيمته عن الكرد بسبب تجزئة وطنهم منذ أمد بعيد و ضمِّه إلى جغرافيات دول مختلفة عرقاً و لغة و فكراً، فلم يستدركوا هذه القيمة إلا متأخراً. و من المحزن أن المتنوِّرين الكرد لم يتفاعلوا مع صرخات أحمد #خاني#([3])، الذي أشار في ملحمته مَمْ و زين قبل أكثر من ثلاثمائة عام إلى أهمية دور اللغة و التاريخ في الفكر القومي قبل أن يعمل المفكرون الغربيون في هذا الاتجاه([4]).
لم تجد نداءات خاني صداها لدى المتنوِّرين الكرد إلا متأخراً، و كان ذلك بفضل القنصل الروسي ألكسندر( آڤكوست )ژابا، في أرضروم([5]) بين عامي ( 1848 – 1866 )، الذي لفت انتباههم إلى ضرورة البحث و التنقيب عن مواد الفولكلور و جمعها، و شكّل منهم فريقاً لهذه الغاية، لعل ملا محمود بايزيدي كان أبرزهم، فدوَّنوا مخطوطات كثيرة كان بينها مخطوطات في قواعد اللغة الكردية، و مواد فولكلورية و تاريخية و إثنوغرافية و أدبية.([6]) ولكن تلك الجهود اقتصرت على الجمع و التدوين دون أن ترافقها الدراسات المعمَّقة.
لقد اشتد ظلم الدولة العثمانية، قومياً و اجتماعياً في أواخر عهدها، ما أدى إلى نشوء حركات تحرر الشعوب و الأمم التي كانت خاضعة لها، إنْ في البلقان أو في البلاد العربية و بين الأرمن والكُرد.([7]) و كان من نتيجة ذلك أن قاد بعض المتنورين الكُرد نشاطاً سياسياً و ثقافياً، أسفر عن صدور صحف كردية باللغتين الكردية و العثمانية، مثل صحيفة كردستان التي أصدرها مقداد مدحت بدرخان في القاهرة بين عامي ( 1898- 1902 ) و صحيفة الكردي التي أصدرتها جمعية التعاون و الارتقاء الكردي ، و التي صدر العدد الأول منها في التاسع من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر عام( 1908)، و نشرت الجمعية نفسها مجلة شمس الكُرد عام ( 1909 ) و الاتحاد عام (1913) و يوم الكُرد في العام نفسه، و جميعها، باستثناءصحيفة كردستان صدرت في القسطنطينية / استانبول.
إلا أن بعض المتنوِّرين الكرد آنذاك بدلاً من أن يتحدثوا عن الهوية الكردية،كانوا يعتبرون أنفسهم عثمانيين([8]). يشير الفولكلوري #آزاد أصلان# أن عبدالرحمن بدرخان رئيس تحرير الصحيفة، بعد أخيه مدحت كتب في العدد السادس: بالنسبة لكل مسلم، يجب أن تبقى الدولة العثمانية، إن جسم الدولة كما رأينا مريض بسبب سوء الإدارة، يجب علينا أن نداوي هذا الجسم، نزيل أسباب المرض، فحياة الدولة حياتنا، و موتها موتنا.([9]) كما هو واضح لم يضع عبدالرجمن بدرخان حدوداً بين الكُردايتي و العثمنة، بل يرى حماية الدولة العثمانية و بقاءها واجباَ، و على الكردي أن لا يتخلف عن أدائه. و يرى آزاد أصلان أيضاً أن موقف صحيفة جمعية التعاون و الارتقاء لم يكن يختلف عن موقف صحيفة كردستان . فقد كتب اسماعيل حقي، وهو أحد مؤسسي الجمعية، في العدد الأول قائلاً: الكُرد قبل كل شيئ مسلمون، ثم عثمانيون، ثم كُرد.([10]) وهو موقف يضع الكُردايتي في الموقع الثالث بعد الدين و العثمنة. يتكرر هذا الموقف لدى بعض كُتَّاب مجلة شمس الكُرد، فقد كتب نجم الدين كركوكلي في العدد الأول قائلاً: تعمل جمعية هيفي و صحيفة شمس الكُرد على تنوير الشعب الكردي، لكي يكون عنصراً فعًّالاً في الدولة العثمانية. ([11])
يتبين مما سبق أن هؤلاء المتنورين الكُرد، حينذاك، لم يكونوا على علم،لا بأفكار أحمد خاني، و لا بأعمال ألكسندر ژابا، و ملا محمود بايزيدي و لا بالحركات القومية التي هزَّت أوروبا في القرن التاسع عشر، و لا بجهود المتنوِّرين العرب و الغربيين في الميدان الثقافي التنويري و الفولكلوري. إلا أن مواقف هؤلاء بدأت تتغير جرَّاء اشتداد ظلم الدولة العثمانية، فهذا عبدالرحمن بدرخان، بعد أن كان يدعو إلى الاصلاحات في الدولة، و يكتفي بأن ينتقد مساوئ الحكم و جور السلطات، بدأ منذ صدور العدد السابع من صحيفة كردستان في العام الأول من صدورها، أي عام ( 1898 ) يوجِّه سهامه إلى رأس النظام و السلطة، و يدعو إلى إسقاطه و المجيئ بسلطان آخر . ولكن هذا الموقف لم يَرْق إلى الدعوة إلى إسقاط الخلافة و النظام العثماني.
إن ما يدعو إلى الاستغراب في تلك المواقف المهادنة للدولة العثمانية، هو ما يمكن أن نصفه بانقطاع كلي أو شبه كلي بين الانتفاضات الكردية ضد الدولة العثمانية في سبيل الاستقلال و بين أصحاب تلك المواقف. فعلى سبيل المثال، لا نرى أصداء انتفاضة يزدان شير ( 1830 – 1868 ) عام ( 1841 ) و انتفاضة الشيخ عبيدالله نهري ( 1831– 1888 ) عام ( 1880 ) ضد الدولة العثمانية لدى أولئك المتنورين، علماً أن التاريخ الكردي يؤكِّد أن تلك الانتفاضات كانت تطمح إلى الاستقلال عن الدولة العثمانية، و أن رؤية الشيخ عبيد الله نهري كانت ذات براغماتيكية واضحة، تعكس مدى استغلاله الظروف لصالح حركته. فقد قال قبيل انتفاضته: إنه من الحكمة استخدام الظرف المناسب. ففي الوقت الذي يحارب الفرس فيه التركمان، سيرسلون كل قوتهم إلى هناك، و هذا يعني أن الوقت ملائم جداَ لدخولنا فارس... و بما أن قسماً من كردستان يتبع فارس، فإننا نكون قد حررنا إخواننا، و نكون بحربنا ضد الأضعف قد استولينا على بلد غني و خصب كأذربيجان، نملك فيه نبعاً لا ينضب من أجل حربنا ضد أعدائنا الآخرين و هم العثمانيون.([12]) و قبل تلك الانتفاضة دعا أولاد بدرخان بيك و عثمان بيك إلى انتفاضة كردية من أجل الاستقلال.([13])
ولكننا نرى تغييراً كبيراً بداً يطرأ على الحركة الثقافية الكردية مرافقاً لتلك المواقف، و تخطو خطوات ملموسة، فلم تعد ترى نفسها مرتبطة بالدولة العثمانية، بل تتجه نحو الاستقلالية الكردية، التي تشكل البنية الفكرية و السياسية للحراك الكردستاني.
لقد رأينا سابقاً، أن المتنورين الكُرد أصدروا بين عامي ( 1898 - 1913 ) مجموعة من الصحف، و أعلن الرئيس الأمريكي ويلسون مبادئه الأربعة عشر عام ( 1918 ) ، التي عُرفت في التاريخ ب مبادئ ويلسون الأربعة عشر ، و التي كان لها صدى واسع في العالم، و جذبت اهتمام الشعوب و الأمم المُستعمَرة، و خاصة البند الثاني عشر، الذي وضع حق تقرير مصير الشعوب و الأمم الخاضعة للدولة العثمانية في أيدي تلك الشعوب نفسها.
كتب المتنوِّر عبدالرحيم رحمي في العدد السادس من صحيفة ژين /الحياة ، التي كانت تُصدر في القسطنطينية / استانبول بين عامي ( 1918 – 1919 )، مقالة تحت عنوان أوضاعنا كما هي الآن، ثمَّن فيها قيمة تلك المبادئ و تأثيرها في حياة الشعوب و الأمم، و خاصة تلك التي كانت ترضخ للدولة العثمانية، تثميناً عالياً([14])، و كتب في العدد السابع من الصحيفة نفسها مقالة تحت عنوان انتهت حرب المدافع، و بدأت حرب الأقلام.([15]) إن هذه المقالة بدءاً من عنوانها تدعو إلى نهضة فكرية قومية، تتمحور حول إعادة إحياء التاريخ و التراث.
لعل لهذه المبادئ، و للحركة الأرمنية و حركات شعوب البلقان و الشعوب العربية التي كانت خاضعة للدولة العثمانية، و لسياسات الاتحاديين الترك القومية، وانهيار الدولة العثمانية نهاية الحرب العالمية الأولي ( 1914 – 1919 ) و قبلها الحركات القومية في أوروبا في القرن التاسع عشر. لعل كان لكل ذلك تأثيره المباشر في حركة التنوير الكردية، فظهرت مجموعة من المتنورين الكُرد، يدعون الكُرد إلى الإقبال على دراسة التاريخ الكردي و البحث فيه. و كان هذا دافعاً لهم لأن يتفاعلوا مع تاريخ الكُرد و كردستان باهتمام كبير، و ظهر هذا الاهتمام من خلال مقالات نُشِرت في الصحف آنذاك، فقد كتب أحدهم باسم ( كردي بدليسي ) في العدد الأول من صحيفة ژين /الحياة مقالة تحت عنوان اسطورة ضحَّاك المعروفة لدى الكرد، تحدَّث فيها عن انتصار ( كاوا ) الحداد على الطاغية و إعلان يوم الانتصار باسم نوروز بمعنى اليوم الجديد، عيداً وطنياً للشعوب الإيرانية بمن فيهم الكُرد([16]). و كتب ممدوح سليم في العدد السادس عشر من الصحيفة نفسها مقالة تحت عنوان أيامنا الخاصة ([17])، أي أيام الانتصارات و الانكسارات، ليتم تثبيتها و إحياؤها، مما يدل على أن متنوِّري تلك المرحلة اتجهوا نحو الدراسات التاريخية و الفولكلورية و إحياء التاريخ الكردي. و كتب اسماعيل حقي بابان زادة مقالة في العدد الثالث من جريدة الكردي عن دور اللغة القومية، متجاوزاً فيها موقفه السابق، داعياً إلى تعليم الأطفال الكرد لغتهم الأم. طرح الكاتب في تلك المقالة الأسس العلمية لتحسين و تطوير اللغة الكردية، و اقترح تدوين الأدب الشعبي و الأساطير القديمة و كتابة التاريخ باللغة الأم. و أشار إلى أن تطوير اللغة سيفتح الطريق أمام تطورنا،و في النهاية فإن التعليم سينقذ قوميتنا، فمفتاح التعليم هو اللغة.([18])
ثمة مقالة أخرى للكاتب يامولكي زادة منشورة في العدد الخامس من صحيفة ژين ([19]). هذه المقالة تتحدث عن الخصائص الأساسية لمواقف المتنورين الكُرد في تلك المرحلة حول تاريخ الكُرد. و تعيد إلى الأذهان ما قدمه الكُرد إلى الحضارة البشرية، و انطلاقاً من ذلك، فإنه ليس من الصعوبة أن يستعيدوا دورهم الحضاري، و يبنوا دولتهم.
كانت إعادة إحياء الثقافة الكردية أحد أهداف تلك الصحيفة، و لذلك تنوعت موضوعات مقالاتها، بين الفولكلور و التاريخ و الأدب، مثل رائعة أحمد خاني مَمْ و زين و القصص و الشعر، مما يدل على أن كُتَّابها كانوا قد أدركوا أن الثقافة عامة، أقصد الفولكلور، و اللغة و الأدب، أهم أعمدة الهوية القومية.
لعل المتنوِّر د. عبدالله جودت ( 1891 – 1932 ) أحد أولئك الذين نادوا بالبحث في التاريخ الكردي، فقد نشر مقالة في صحيفة شمس الكرد ، يرى فيها أن أمة ليست صاحبة تاريخها الصحيح، أمة لا تاريخ مكتوباً لها، هي أمة كأنها لم تعش.([20]) ما هو ملاحَظ هنا أن مواقف المتنوِّرين الكرد تغيرت بعد الحرب العالمية الأولى، لتشكِّل الاستقلالية الكردية بنية فكرية للحركة السياسية الكردية([21]). و نشر هذا المتنور مقالات عديدة في صحيفة هيفي / الأمل ،التي كانت تصدرها جمعية هيڤي، التي تشكلت عام ( 1912 )، دفعت يقظة الشعور القومي أشواطاً إلى الأمام، و حققت نجاحاً ملحوظاً في تطوير الثقافة الكردية.([22])
يكتب المتنوِّر كمال فوزي ( 1891 – 1925 ) في الصحيفة ژين/ الحياة سلسلة مقالات عن بعض أنواع أدب الفولكلور الكردي، مركِّزاً على القيمة القومية والتاريخية لهذه الأنواع، من حيث أنها تتضمَّن حقائق تاريخية، شرط أن تكون دراستها على ضوء المناهج العلمية. و هذا ما يوحي بتأثُّره بأعمال الفولكلوريين الغربيين([23]).
و لعل بتأثير كل ذلك أيضاً، تأسست جمعية كُرد تعميمي معريفت و نشريت / الجمعية الكردية للنشر وتعميم المعرفة عام (1919 )، التي يعتقد مؤسسوها أنه لا يمكن تحرير الشعوب و الأمم بالنضال السياسي فقط، بل لا بد من النضال الثقافي و الأدبي و التربوي وفق الأسس و المناهج العلمية.([24]) و من هنا ركزت الجمعية في برنامجها الذي أعلنته في بيان نشرته في العدد العاشر من صحيفة ژين على دور الفولكلور و التاريخ و اللغة في إحياء الروح القومية لدى الشعوب([25]). و قد تضمَّن البيان برنامج عمل الجمعية في عشرين بنداً([26])، و بناءً عليها تعمل الجمعية على:
1. نشر صحيفة أسبوعية.
2. طبع و نشر دواوين الشعراء و نتاج الأدباء المكتوب باللغة الكردية.
3. وضع معجم كردي يتضمن جميع لهجات اللغة الكردية.
4. طبع و نشر أدقّ كتب قواعد نحو اللغة الكردية.
5. طبع كتب المناهج الدراسية للمدارس.
6. إصدار صحيفة خاصة بالأمثال و الحِكَم، بحيث يكون لأمثال اللهجات المختلفة ركنها الخاص.
7. جمع و تسجيل المعلومات المتعلقة بالعادات و التقاليد الكردية، بالإضافة إلى القصص و الأغاني الشعبية.
8. إصدار الكتب الجغرافية، و كتب التاريخ القديم و الحديث.
9. ترجمة الكتب التي كتبها الباحثون الغربيون و الشرقيون عن الشؤون الكردية و نشرها.
10. إعداد و نشر السِّيَر الذاتية لمشاهير الكرد القدماء و المحدثين.
11. افتتاح المكتبات في مركزها ( مركز الجمعية ) و في المناطق الأخرى ذات الأهمية.
12. افتتاح دورات تعليمية مسائية.
13. إيفاد لجان بحثية إلى الأماكن التي تتواجد فيها الجاليات الكردية.
14. تأسيس دار نشر و مطبعة.
15. إعداد دورات و دروس تأهيلية للعمال الكرد.
16. تحمُّل نفقات إعداد و تهيئة الشبان العاطلين عن العمل في استانبول، بغية اندماجهم في سوق العمل.
17. افتتاح مدرسة صناعية ليلية للشبان الأيتام.
18. افتتاح دار للفتيات اليتيمات بغية إيوائهن و تعليمهن حِرَفاً يدوية.
19. افتتاح متحف للأدوات المستخدمة محلياً، و للنتاجات الشخصية و المنزلية اليدوية التي يستخدمها الرجال و النساء الكرد.
20. افتتاح مدرسة لإعداد و تخريج المعلمين.
و لكي تُترجم هذه البنود، و خاصة ما يتعلق بالبحث عن مواد الفولكلور، لا بد من المضي بخطوات عملية نحو جمعها و تدوينها. و ما يتبين من الكتابات التي نجدها في صحافة ذلك الوقت، أن المتنورين الكرد أدركوا القيمة القومية لمواد الفولكلور، و كانوا على اطلاع على مناهج البحث و تدوين المأثورات الشفاهية.
كان كمال فوزي يدرك أن النسيان و الضياع أكبر خطر يهدد تلك المأثورات من الحكايات و الأساطير، و لهذا كان من أوائل من دعا إلى جمعها و حفظها وفق منهج علمي يقوم على تسجيلها، كما يرويها الرواة ، و بهذا يكون أول المتنورين الكرد دعا إلى اتباع المناهج العلمية في الأعمال الفولكلورية.([27]).
أدرك المتنورون الكرد، الذين عاصروا تلك الجمعيات الثقافية و شاركوا في تأسيسها، و نشروا مقالاتهم في صحافتها، أدركوا القيمة الفكرية و القومية للمأثورات الشعبية. و لعل أحد أهم و أنشط الأسماء هنا هو الطبيب ضياء وهبي ( 1893 – 1960 ) و هو الأخ الأصغر لكمال فوزي. لقد نشر ضياء وهبي مجموعة كبيرة من الأمثال و الحِكَم في خمسة أعداد من صحيفة ژين هي الأعداد 3، 4، 5، 7 و 8، و أشار إلى القيمة الفكرية و القومية للأمثال الشعبية و دورها في حفظ اللغة الكردية، و في التعريف بالشعب. واتبع منهجاً علمياً في تصنيف الأمثال و الحكم حسب مضامينها إلى اجتماعية و تاريخية و حماسية و أدبية و حقوقية و زراعية و طرائفية.([28]). و قد كتب حلمي سويرَكي مثمِّناً صنيع ضياء وهبي، و مشيراً إلى القيمة التاريخية و الاجتماعية للأمثال و الحِكَم،([29])، كما نشر هو نفسه مجموعة من الأمثال و الحِكَم في ثلاثة أعداد من الصحيفة نفسها، هي الأعداد 14، 19 و 24، و قدم لها بمقدمة تحدث فيها عن قيمتها الفكرية و التاريخية.([30])
مما تقدم يتبين لنا أن عمل المتنورين الكرد في ميدان الفولكلور و الدعوة إلى جمعه و تصنيفه و دراسته، و إحياء التاريخ الكردي بدأ مع تفتُّح الوعي القومي لديهم، و خاصة في بدايات القرن العشرين و مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى، و كان ذلك نتيجة تغييرات أصابت المنطقة ككل أثناء احتضار الدولة العثمانية و بعد انهيارها.
([1]) Ramazan Pertew. Editor: Edebiyata kurdî ya Gelêrî, rû 112
([2]) د. دورسون: نظريات الفولكلور المعاصرة، مرجع سابق، ص 120.
([3]) أحمد خاني (1650 – 1708) أمير الشعراء الكرد، اشتهر بين الكرد و لدى الكردولوجيين بملحمته (مَمْ و زِين) التي ألفها عام (1695)، و أحيا فيها الملحمة الفولكلورية ( ممي آلان ) المعروفة لدى الكرد عامة، و لدى الكردولوجيين، سواء كانوا كرداً أو أجانب.
([4]) للمزيد، انظر كتابنا: أحمد خاني في الملحمة الشعريةمم و زين.
([5]) ألكسندر ژابا (1801 – 1894) ولد في مدينة كراسلاف في بولونيا، و توفي في مدينة إزمير في تركيا، و هو من عائلة أرستقراطية عسكرية. تخرَّج في جامعة فيلنسكي، ثم التحق بمعهد اللغات الشرقية التابع لوزارة خارجية روسيا القيصرية في سان بطرسبوك، حيث درس اللغات الفارسية و التركية و العربية==خلال السنوات (1824 – 1828)، و تخرَّج فيه، و تعلم اللغة الكردية أثناء عمله قنصلاً لروسيا القيصرية في أرضروم بين عامي (1856 – 1866)، و غدا أحد أبرز الكردولوجيين الرُّوُّاد، و خلَّف مخطوطات كثيرة في الفولكلور الكردي. للمزيد، انظر: جلال زنكابادي: الكردلوجيا. موسوعة موجزة، ص 66
([6]) Prof Qanatê Kurdo : Tarîxa Edebyata Kurdî, beş 1, weşanên Roj, Stockholm 1983, rû 14
([7]) Heyder Omer: Osman Sebrî helbestvan û nivîsevan, çapa yeke, Evra, Berlîn 2004, rû 13
([8]) Ramazan Pertew. Editor:Heman jêder, rû 122
([9]) Heman jêder, û heman rûpel
([10]) Heman jêder, û heman rûpel
([11]) Heman jêder, rû 123
([12]) جليلي جليلي: نهضة الأكراد الثقافية و القومية في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين. ترجمة باڤي نازى و د. ولاتو و كدر، الطابعة الأولى، منشورات رابطة كاوا للثقافة الكردية، دار الكاتب، بيروت 1986، ص 15- 16.
([13]) المرجع نفسه، ص 22. تُلفظ الكاف في كلمة ( بيك ) كالجيم في اللهجة المصرية.
([14]). M. Emîn Boz Arslan: Kovara Jîn, weşanên Deng, Uppsala / Sweden 1985, cild 2, hej 6 rû 347
([15]) cild 2, hej 7, rû 379 M. E. B. Erselan: Kovara jîn,
([16]) M. E. B. Arslan: Kovara Jîn, cild 1, rû 189
([17]) M. E. B. Arslan: Kovara Jîn, cild 4, hej 16 rû 717
([18]) جليلي جليل: نهضة الأكراد الثقافية و القومية. مرجع سابق، ص 69.
([19]) . E. B. Arslan: Kovara Jîn, hej 5, Cild 1, rû 297
([20]) Ramazan Pertev: Edebiyata kurdî ya gelêrî, rû 124
([21]) Heman Jêder, û heman rûpel
([22]) زنار سلوبي: في سبيل كردستان. ترجمة ر. علي، الطبعة الأولى، رابطة كاوا للثقافة الكردية، دار الكاتب، بيروت 1987، ص 37.
([23]) rû 260Ramazan Pertev: Edebiyata kurdî ya gelêrî, rû
([24]) Heman jêder, rû 269
([25]) انظر البيان في: M. E. B. Arslan: Kovara Jîn, hej 10, cild 2, rû 489
([26]) Heman j§eder, rû 493, 494
([27]) Ramazan Pertev: Edebiyata kurdî ya gelêrî, rû 264
([28]) M. E. B. Arslan: jîn; pêşgotin, rû 74
([29]) Heman jêder, û heman rûpel
([30]) Heman jêder, rû 73
[1]