اصطدمت أحجار القداح- في حمولتي- ببعضها. امتدت نيران الحدود في حقول القشّ التي تلتهب بحنين الأدغال المعلقة بالجبال، وأزيز الرصاص تهزّ أذان السماء السابعة.
غيمتي:
وشاح أمي الحريري!
السعال المستعصي في الحلق، للنفس الأول من سيجارة بافرا، المراقبة عن قرب لتوماتريس الذي يمرضني بصافرات الرحيل، في انتظار إشارة المغادرة،
محاولة تهريب إله ممنوع عبر الحدود المحرمة، وتعليقي كغيمة من الدماء القاتمة على الأسلاك الشائكة
ألم لدغ النحل ومغادرة الخلايا دون أية تلويحة.
وجودي:
كان كلمة مجمدة في كهف فمي، كلمة ضعيفة الركب في بطون طرق البلاد، رحيل جملة صوب قاموس الموت.
كان القلب الحافي وعري الأعين على الحافة الحادة للأيام الكئيبة، تسديد بوابل الرصاص على الصدغ، تحطيم الرأس والرصاص الذي يحول الناس إلى ذكريات في أغلفته، الذي لا يخترق الحب قط ويلتوي في التمائم.
الأصابع المعاقة من التسديد في الليالي الحدودية، المغطاة بذعر أحلام أصوات بنات آوى المرعبة ووداع مفاصل الألم على أدراج السماء، مغفرة الجن الأوهام اللانهائية، كان.
مرآة الألوان السوداء لدم يجاري سواد الألم، كظل إله يسود المحيط، ويسودني، السواد الذي كان.
أترك كنيسة القامشلي خلفك
ستصل نظرتك عبر كانيكا إلى مازيل آفدين
الدغل بين كانيكا وهيليليكة ليس بعيد أبداً، كان قدمي المتروك وحيداً يحدث نفسه ويزحف خلفي حبوا.
إلى الأسفل قليلاً
الفاكهة والعصير
مجففات وحلوى عنب أومريان، تتدفق خلفي
حلاوة أياديك الغضة، التي من أعشاب المراعي والبطم، تذبل في الوداع.
تتعثر حوافر حمار عزير بالسكة الحديدية والصحراء
تتناثر حبوب الحمص والتبغ التي في عبء قلبي، على الحدود المذعورة.
كان ينشر جدي علي سرختي، من أسفل الشال الكتاني الأبيض، على مسامع أذني جدتي أمويا باجاري، قصته المحظورة على وسادة الرأس الهارب ليلاً.. ويهطل يديه المساقطتين، زرقة، كالسماء على حواف الأثداء.
اسمع عليو، أنا أكبر بقليل من حبات الجوز من عمرك اللذيذ
أنا التي من مجففات وحلوى العنب الشتوية
تساقطت في موسم حصاد العنب الناعم، من دالية خلف السهل الصخري، إلى “بنختي”
أنا التي كالكمون المنثور على خبز العيد، في يدك الصغيرة في البعيد
يلفني ألم طويل، كالثلج غير المرئي المغطي جبال “أومريان”، مثل الشال الأبيض الذي يلف رأسي
قطعت الحدود بأقدام حافية وجروح مضمدة بالدماء.
كانت جدتي أمويا باجاري تمدح نفسها متملقة جدي، في الفراش السهلي.
صادفتك، كان حذائك تحت ذراعيك وجروح عمياء في يديك. أبعدت الأسلاك الشائكة عن بعضها، ذَهَبْتَ إلى الطرف السفلي للحدود، وأنا إلى الطرف العلوي. مررنا ببعضنا في هدوء وصمت، كنت أراقب فقط شرارات ولاعة الفرسان ثلاث مرات، أطفأت أنفاس سيجارتي في قبضتي الصغيرة وأخفيتها في جيبي المثقوب.
كنت هنا، على السكة الحديدية/ الحدودية، من أجل تأمين وشاح حريري لأمي، أصبحت حفنة من الفحم، أصبحت رماداً منثوراً على رأسها، اصطدمت بالحدود الموصدة وسقطت أمام البوابات المغلقة.
في الليل، كل الجهات مفتوحة أمام قدمي الطائشتين! ليس حذائي فقط، لكن قدماي المطبوختان في الحذاء المطاطي، بقيت معلقة بالأسلاك الشائكة.
كنت أبحث عن حذائي، وعن قدمي في فم ابن آوى.
من الحوذان وما بعد، تفوح رائحة الألغام على الحدود من قدمي الصفراويتين، العشب المصفر، أكوام “البوتاف” و”الخشوف” على سفح الجبل المضغوط وصولاً إلى السهول، انفجرت هنا بضحكة يانعة.
أطفأت سيجارتي وأوقدت كبدي شجاعة.
أبناء العهر مازالوا مستيقظين في أبراج المراقبة فوق رأسي تماماً.
ابقي هناك، كي تعثر قدمي على عتبة منزلك. يعرف الليل جيدا بأن العيون المنتظرة عمياء، البعد مجرد صورة يد غير نائمة على الحائط. الممرات غريبة، الأحذية مليئة بغبار العمر واللهاث، أقول ذلك لنفسي لاهثا.
أعرف أين فقدت قدمي تماماً. وأعرف إلى أي مكان زحف خلفي.
المهرّب الصغير: فصل من مشروع «رأس اللاجئ، وسادة الأحلام المذعورة»، الحاصل على منحة الآداب غير الألمانية من هيئة الثقافة وأوروبا في برلين.
– #عبد القادر موسى#: شاعر ومترجم كُردي مقيم في ألمانيا، من أبرز إصداراته: «أجنحتك علمتني الطيران (2013)»، و«خارج الحديقة، داخل السور (2019)».[1]
خاص قناص