في كل رحلاته المكوكية في دول العالم وبثقافته المميزة وأسلوبه الراقي وإبداعه في البحث والاستقصاء وإيجاد الجواهر الفكرية والدرر الشعبية واللآلئ التاريخية العميقة لكل بلد يحتاج إلى جهد وسفر وتمعن حاملا معه هموم الوطن وجراحاته وغربته التي لا توصف معاناتها ، الأديب الرحال المغترب #بدل رفو# المقيم في النمسا ، ليس غريبا عن وطنه ولكن الوطن غريبا عنه ، منذ أربعون عاما وهو يعطي للوطن من فكره وأدبه وترجماته وعصارة رحلاته ، لكن ماذا أعطاه الوطن ؟
في كل زيارة للوطن كوردستان يحمل معه طاقة فكرية ايجابية يحاول من خلالها أن يوهب ما عنده من تجليات حديثة وأفكار راقية تكون منارا وسبيلا للتجديد والتطور والتغيير والإبداع ، من هنا كانت همته كبيرة في الطرح التجديدي العصري الذي ينقله من عوالم رحلاته وأدبياته ، وجوده في الوطن حركة ، نشاط ثقافي ، إبداع ، وهذا ما يتجلى في قبوله للدعوات والأمسيات الثقافية مهما كانت بعيدة عن مكانه في #دهوك# .
فضمن نشاطات منتدى العزيمة الثقافي في مدينة عقره أقيمت يوم 18 / 2 / 2018 م أمسية ثقافية للأديب والشاعر والمترجم والرحال الكوردي بدل رفو ، ونبذة عن مدينة عقره حسب موقع كوردستان عقره هي بلدة تاريخية تعود إلى سنة 580 ق.م. شيّدها أمير كوردي، يُدعى الأمير زند، على سفوح جبال عدة منها سبيلك، كه لا كه ڤن، كل عقره و كرى توبا. تقع عقره بين عاصمة الإقليم ( أربيل ) و مدينة دهوك و على بعد 152 كم شرقا. تحتوي البلدة على العديد من المواقع التاريخية، المعابد، الكهوف و الينابيع المعدنية. يتوجه الكثير من السياح سنويا نحو هذه البلدة و محيطها. ومن المواقع الأثرية التي لا تزال بقاياها شاخصة و شاهدة عليها، نذكر كلا كفن، كلا عقره، كلا شوش، المعبد الزردشتي، تمثال بوكا جوا، رزى ميرى و غيرها . .
أقيمت الأمسية تحت عنوان الحب والشعر في رحلات بدل رفو ، بحضور كبير للسياسيين والمثقفين والفنانين والإعلاميين وعشاق أدب الرحلات في قاعة الشهيد شاكر فتاح الواقعة على قمة التل ، قدم نبذة عن المحاضر الشاعر شهاب عقراوي ، سلط المحاضر ضوءً جميلا على تجليات وتطور أدب الرحلات وشواهد من تجربته الغنية المليئة برحلات ومعاناة مختلفة وكما عانى بن بطوطة 1304 م - 1369 الذي قال : رحلت وحيداً. لم أجد أحداً يؤنس وحدتي بلفتات ودية، ولا مجموعة مسافرين أنضم لهم. مدفوعا بِحكمٍ ذاتي من داخلي، ورغبة عارمة طال انتظارها لزيارة تلك المقدسات المجيدة قررت الابتعاد عن كل أصدقائي، ونزع نفسي بعيداً عن بلادي. وبما أن والديَّ كانا على قيد الحياة، كان الابتعاد عنهما حملاً ثقيلاً علي. عانينا جميعاً من الحزن الشديد.
بدل رفو مع عصمت شاهين دوسكي
في صورة متناغمة حمل الرحال بدل رفو هموم شعبه ووطنه الذي تحدث عنها بإسهاب خلال نقل عادات وتقاليد الشعوب والأقوام وأهمية المدينة القديمة في تاريخ الأوطان وتعرج إلى الحوادث التي وقعت خلال رحلاته والبحث عن ذكريات الطفولة واستشهد المحاضر بحوادث من الهند والمكسيك وكازاغستان وفينيسيا والمغرب وغيرها ، استمتع الحضور بأسلوب المحاضر في الطرح والسرد وحضور الوطن كوردستان بقوة في محاضرته وقال : بأن هوية الأمم تستند على المثقفين والمفكرين والأدباء والفنانين ومن يهمش هؤلاء فهم يطمرون هوية الوطن . وافتتح باب النقاش وبصدر رحب أجاب المحاضر على أسئلة الحضور ، أهدت إليه في النهاية باقة نرجس عقراوي وكانت بالنسبة له تعادل كافة الجوائز والشهادات ، وكان هدف المحاضرة أهمية أدب الرحلات في تاريخ الشعوب ومدى ربط كوردستان بالعالم .
وفي يوم 19 / 2 / 2018 م وبعنوان باعذرى تستقبل الأديب بدل رفو بحفاوة وهي ناحية تابعة لمنطقة شيخان وبإشراف مركز لالش الثقافي وبالتعاون مع إعدادية باعذرى أقيمت أمسية ثقافية لطلبة إعدادية باعذرى المختلطة وبحضور كبير من الطلبة والأساتذة والضيوف ، قدم المحاضرة الأستاذ خلات باعذرى وتطرق الأديب بدل رفو عن أمور الطلبة وأهمية الثقافة في الحياة ، وتحدث لهم من قلب وجع الأزمات والمعاناة تخلق الإرادة القوية والإصرار التي تمهد السبيل للتفوق والنجاح والتغير والطموح وتحقيق الأحلام والإبداع .
في كل أمسياته الثقافية يتجدد روح الأمل في تغير الركود ، وتجسيد خيوط أشعة الشمس الجديدة على وطن جديد .
ولسان حاله يقول كما قال بن بطوطة يقول ابن بطوطة في كتابه تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار متحدثا عن نفسه :
بلغت بحمد الله مرادي في الدنيا وهو السيّاحة في الأرض، وبلغت من ذلك ما لم يبلغه غيري فيما أعلمه .
يبقى الأديب الرحال بدل رفو منبعا ثقافيا مهما في هذا الزمن الصعب ومصدرا قيما للثقافة الجديدة وتطور أدب عالم الرحلات في العالم .[1]