كان الشاعر والصحفي الكوردي #كاميران برواري# على موعد مع القدر يوم السبت 21 حزيران 2014 في احدى مشافي العاصمة التركية انقرة، بعد ان اجريت له عملية جراحية داخلية صعبة استغرقت 12 ساعة ودخل على اثرها غرفة العناية المشددة ليفارق الحياة بعد ذلك،
وكان الراحل يعاني من مرض صعب في الثلاث سنوات الاخيرة واجريت له اثر ذلك العديد من العمليات الجراحية، بالرغم من ما عاناه نتيجة مرضه فقد كان قوي الارادة والتصميم وبقي على رأس عمله حتى قبل سفره الى انقرة لاجراء العملية، وفي مراسيم شعبية ورسمية شيع جثمانه الطاهر الى مثواه الاخير في مقبرة شاخكي بمدينة دهوك بحضور محبيه واقربائه واصدقائه من المثقفين والصحفيين، والقيت كلمات مؤثرة من قبل كل من السيد عبدالخالق بابيري مسؤول الفرع الاول للحزب الديمقراطي الكوردستاني، ومسؤول مؤسسة خاني للطباعة والنشر والاعلام الشاعر محفوظ مائي، والسيد فهيم عبدالله رئيس مجلس محافظة دهوك جميعهم اثنوا على الراحل واشادوا بمناقبه واخلاقه وثقافته وشاعريته ومدى حبه وتفانيه في عمله ودوره في تطوير راديو دهوك، وفي ختام مراسيم الدفن القى نجله هاريوان كاميران كلمة شكر فيها كل من واساهم في مصابهم الجلل.
وبهذه المناسبة الحزينة فقد كنت قد اجريت معه لقاء صحفياً خاصاً، ونشر في جريدتنا الموقرة التآخي بتاريخ في 8-ايار-2014 حيث تحدث فيها عن حياته ونضاله ضمن #صفوف البيشمركة# وتجربته الاعلامية التي بدأت من راديو صوت كوردستان وانتهت بتسلمه مهام ادارة راديو دهوك منذ 11 عاماً، نعيد نشر بعض مقتطفات من تلك المقابلة التي لم يجف حبرها بعد.
واثناء ذلك اللقاء قال لي ينظره عمليه جراحية صعبة ودعاني للدعاء له للشفاء ولم ينكر حينها ان نشاطه الادبي والشعري في الثلاث سنوات الاخيرة قد قلت بعض الشيء نتيجة تعرضه لتلك الوعكة الصحية التي عانى منها لغاية وفاته، بالرغم من المعاناة والمرض والالم قال انه سيظل مواظباَ ومستمراً في آدائه الادبي والاعلامي حتى آخر لحظة من حياته، فقد كان الراحل مثقفاً ووطنياً ومحباً للانسان والانسانية بالاضافة الى كتابته للشعر الحر الذي كان يعبر عن عواطفه الجياشة اتجاه كوردستان وطبيعتها الخلابه وغنى من كلماته العديد من الفنانين من امثال حسن شريف واسماعيل جمعة واحمد زيباري، حيث كان الكلمات احدى وسائله للدفاع عن وطنه وكالرصاصة يوجهها الى اعداء الكورد وكوردستان وفي زمن الثورة وتحولت اليوم الى قصائد تحاكي الجمال والحسن وتعبير عن الفرح والمحبة بما ينعم به اقليم كوردستان اليوم من امن ورخاء وما هي إلا ثمرة من ثمار ذلك النضال الطويل.
واحدى الاسئلة التي طرحتها عليه في مكتبه اثناء اللقاء هو هل لا زال الراديو يحافظ على اهميته كما في السابق، في ظل سباق التكنولوجيا والمعلوماتية المتطورة؟ قال نعم بعد بروز الانترنيت والفضائيات المرئية وانتشار القنوات التلفزيونية التي غزت البيوت وجعلت من العالم كمدينة صغيرة، انتشرت آراء من قبيل فقدان الراديو لاهميته كوسيلة اعلامية وفقدان دوره، ولكنني اقول لا بالعكس لم يفقد الراديو بريقه الاعلامي، ودورها اكبر من الجرائد والمجلات والتلفزيونات لسهولة التقاطها اليوم من قبل الاجهزة الذكية كذلك سألته كيف تؤكد هذه المعلومة ما هي معايير النجاح في الاذاعة ؟ قال معايير النجاح تكمن في عدد المستمعين، حيث يتم الاستفتاء كل عام عبر استبيانات من قبل مؤسسات واكادميات معنية ومحايدة، ودائماً يكون راديو دهوك الاول من بين هذا الكم الكبير من الاذاعات وعلى صعيد اقليم كوردستان تأتي في المرتبة الثالثة او الرابعة، ولدينا مستمعين كثر خارج كوردستان في اوربا وامريكا وفي جميع انحاء العالم حيث تبث اذاعتنا على نظام الانترنيت والهواتف الذكية والستلايت.
بالفعل اثبت راديو دهوك حضوره الاعلامي في منطقة بهدينان كوسيلة اعلامية فعالة ومؤثرة تحت ادارته بحيث اينما تحل في دهوك تسمع اذاعة صوت دهوك، سواء اذا تنزهت في حديقة عامة او ركبت سيارة تكسي او رغبة منك في معرفة احوال محافظة دهوك وما يجري فيها لا بد لك من سماع إذاعة دهوك، والاستماع الى اذاعة دهوك تجعلك تعلم بما جرى وسيجري من مختلف الشؤون الاجتماعية والثقافية والاخبار السياسية المحلية والاقليمية والدولية بالاضافة الى برامج تعليمية معرفية وترفيهية، تبذها اذاعة دهوك خلال 24 ساعة متواصلة.
وما يسعنا في هذه المناسبة الحزينة إلا ان نذكر ببعض محطات حياة الراحل فهو من مواليد احدى قرى برواريا بمحافظة دهوك عام 1964، انخرط ضمن صفوف البيشمركة على ذرى جبال كوردستان بين اعوام 1881-1986، ونتيجة المامه بالاعلام والصحافة التزم مع راديو صوت كوردستان في منطقة خليفان بعد انتصار انتفاضة عام 1991، الى ان تأسس راديو دهوك حيث عمل فيها ككادر اعلامي لغاية استلامه ادارتها عام 2003 وبقي مديراً لها حتى رحيله.
ومنذ صغره كان محباً للادب والشعر وطبيعة كوردستان، ويقول في هذا الصدد لاجل ابراز وافراغ ما بداخلي من مشاعر تعبر عن حبي لتراب وطني ودفاعي عنه، مقابل الظلم والاعتداء الذي كان يمارس بحق ابناء شعبنا من قبل النظام البعثي في ذلك الوقت بدأت عام 1976 بكتابة الشعر وقام بنشرها آنذاك في المجلات والجرائد التي كانت تصدر في ذلك الزمان، كما انه كان مشاركاً في العديد من المهرجانات الادبية خارج الوطن، وكان عضواً اتحاد الادباء الكورد فرع دهوك وعضواً في نقابة صحفيي كوردستان، وعضواً في فيدراسيون الصحافة العالمية، كما انه كان عضواً في القلم الكوردي وشاعراً معروفاً حيث صدر له مجموعتين شعريتين، وقال اثناء الحوار ان ديوانه الشعري الثالث سيرى النور قريباً .
فقد كان الحوار معه يتسم بالهدوء وتدل على معرفته وخبرته الواسعة في العمل الاعلامي، لقد غادرنا ورحل وبقيت رائحة قصائده وعبقها تفوح في سماء الثقافة الكوردية وبقيت ذكراه العطره ومناقبه وروحه الطيبة تحوم في الافق.[1]
التآخي-العدد والتاريخ: 6881 ، 2014-06-29