تعتبر الديانة #الأيزيدية# من الديانات القديمة في بلاد #ميزوبوتاميا# ( بلاد مابين النهرين)، وترجع بأصولها حسب المؤرخين إلى مراحل تاريخية قديمة جداً وسحيقة في القدم، وتسبق الديانات السماوية بقرون، وتعد الايزيدية التي جددها الشيخ آدي بن مسافر في القرن التاسع للميلاد، وهي ديانة غير تبشيرية تؤمن بوجود الله وتؤدي طقوسها باللغة الكوردية،
وليس كما يشاع عنهم انهم ينحدرون من فرق إسلامية ومزيج من عدة اديان تشكلت مع مرور الزمن، او انهم من اتباع يزيد بن معاوية لا بل انها ديانة قائمة بذاتها وتستمد جذورها من الديانة المثرائية والزردشتية، على الرغم من التأثر الذي حصل على ديانتهم نتيجة الضغوطات والمجازر التي تعرضوا لها عبر تاريخهم القديم إلا انهم ليس كما يشاع عنهم، ويبدو ذلك جلياً من خلال أدعيتهم وصلواتهم وعاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم وكتبهم الدينية وأعيادهم التي ذات علاقة وثيقة بالطبيعة والأرض والشمس والنار والقمر والنجوم والضوء والنار وكل ماله علاقة بالضياء من التجليات المقدسة، وللشمس منزلة خاصة ومتميزة حيث تعتبر إحدى أشكال تجليات الله وبهذا فإن الديانة الأيزيدية هي من الديانات الشمسانية التي انتشرت في بلاد الرافدين من ازمان بعيدة.
ورغم الكوارث والحروب التدميرية التي تعرضوا لها والفرمانات التي صدرت بحقهم والتي تجاوزت الخمسين فرماناً ولا سيما في زمن الدولة العثمانية، إلا انهم كافحوا وناضلوا في سبيل الحفاظ على ديانتهم ويبدو ذلك واضحاً في الاماكن التي يقطنونها والتي تتميز بوفرة الخيرات والثروات الطبيعية والحيوانات البرية والنباتات الطبيعية، لاعتمادهم على الاكتفاء الذاتي والاقتصاد المنزلي واحتفظت عشائرهم بجميع مقومات العلاقات العشائرية، والترابط الاسري والتماسك الاجتماعي.
كما أن غالبية معتنقي هذه الديانة ينتمون إلى الشعب الكورديوموزعين في كوردستان العراق وسوريا وايران وتركيا وارمينيا وهاجوا الى اوربا بأعداد كبيرة في العقود الماضية ويبلغ عدد أتباع هذه الديانة أكثر من نصف مليون نسمة حسب مصادر غير رسمية ونسبة كبيرة منهم تسكن مناطق شيخان وجبال سنجار في محافظة الموصل، ويعتبر معبد لالش هي موقع مقدس بالنسبة لهم يقع في منطقة جبلية قرب عين سفني حوالي 60 كم شمال غرب مدينة الموصل ومعروف ب معبد لالش النوراني وقبر الشيخ آدي المقدس لدى أتباع الديانة كما انها مقر المجلس الروحاني للديانة الإيزيدية في العالم، حيث يحج الايزيديون مرة واحدة خلال حياتهم على الأقل إلى لالش حيث يستمر مدة سبعة أيام، أما الايزيديون القاطنون في المنطقة فيقومون بحج سنوي خلال فصل الخريف من 23 أيلول وحتى الأول من تشرين الأول.
وأمام كل التحديات التي واجهت الكرد الأيزيديين ،فإنهم ظلوا على معتقداتهم واحتفظوا بعاداتهم وأعيادهم حيث يحتفل كافة أبناء الديانة الإيزيدية في العالم بعيد جارشه ما صور الأربعاء الأحمر الذي يصادف أول أربعاء من نيسان وفق التقويم الشرقي، حيث يعتبر عيد رأس السنة الإيزيدية ( سه ر صال) وليسله تاريخ محدد كونه مرتبط بولادة الطبيعة، وبداية تجدد دورة الحياة وإنتهاء فصل الشتاء.
طقوس ( سه ر سال)
حسب الميثولوجيا الإيزيدية فإن الله خلق الكون والكواكب في هذا الشهر، وانتهى منها يوم الأربعاء، وخلق الطبيعة وما فيها من أرواح تسكنها أيضاً في هذا الشهر المقدس بالنسبة لهم، لهذا تقام مراسيم وطقوس دينية في معبد لالش وعموم مناطق التواجد الإيزيدي، فضلا عن ممارسة طقوس إجتماعية وإحتفالات وذبح القرابين وتوزيع الطعام على العوائل الفقيرة، ويتم تزيين أبواب المنازل بزهور شقائق النعمان التي تتفتح في هذا الشهر وتوزيع أرغفة الخبز والحلويات، كما ان للبيض المسلوق والملون بألوان الطبيعة الجميلة دلالة رمزية في هذا العديد حيث يقوم جميع الأسر بتقديم البيض المسلوق للضيوف كتعبير على تجدد الحياة، ويتم رش قشور البيض على الأراضي الزراعية لجلب البركة إلى مواسمهم، وفي صبيحة العيد يقومون بغسل وجوههم بقطرات الندى علامة على التطهر، ثم يقومون بزيارة بعضهم البعض وزيارة موتاهم، وبعد الظهر يقوم الفلاحين بالذهاب الى اراضيهم وينشرون قشور البيض على اراضيهم لجلب الخير والبركة، حيث ان في هذا اليوم ينزل طاؤوس الملك ( رئيس الملائكة) الى الارض ويزداد الخير، ويدعون الله بان يزيد رزقهم، كما للحيوانات نصيب من هذا العيد حيث لاتحلب الابقار والماعز وخاصة الاغنام وتترك حملهم يشربون الحليب حتى الشبع.
اوضاعهم اليوم
يعتبر الايزيديون من مكونات الشعب العراقي، وتعرضوا للظلم والغبن ابان حكومة البعث ومورس بحقهم العديد من الممارسات التي كانت تهدف الى صهرهم وانحلالهم وطمس هويتهم، ولكن بعد الانتفاضة المظفرة عام 1991 اعيد لهم جزء من حقوقهم وكرامتهم ومنذ ذلك الوقت يعيشون في عصرهم الذهبي في اقليم كوردستان العراق ويعتزون بأصولهم الكوردية بل يذهبون الى اكثر من ذلك ويصفون انفسهم بانهم جذور الكورد، ومن الاكراد الحقيقين الذين حافظوا على تراثهم، ويقيمون اعيادهم ومراسيمهم الدينية الإيزيدية بكل حرية، ولهم تمثيل نيابي في برلمان اقليم كوردستان، واصدرت حكومة إقليم كوردستان عام 2011 مرسوماً بإقرار عيد راس السنة الايزدية عطلة رسمية في عموم الإقليم، والحرية التي منحها حكومة الاقليم لهم دليل على التسامح والتعايش الديني الموجود في كوردستان، ويتمنى اغلب الايزيديون في المناطق التي تخضع لسلطة الحكومة المركزية، عودة جميع المناطق الإيزيدية إلى بما فيها قضاء شنجار الى حدود إقليم كوردستان ليتمتعوا بالسلام والطمأنينة، ولديهم مركز لالش الثقافي والاجتماعي والذي يحظى برعاية رئيس اقليم كوردستان ولديهم العديد من الفروع داخل وخارج العراق ويصدرون كتب ومجلات ثقافية متنوعة تعنى بالديانة الايزيدية.[1]
التآخي