قامشلو/ رشا علي
جمالية الطبيعة، وألوانها المتعددة، تأسر لب الفنان، فيعكسها بروحه المصورة، وعمق شعوره النبيل، قصصا معبرة بصمت عن واقع الإنسانية والمجتمع، ممتزجة روحه وريشته بخيال فكره الأخاذ النبيل، وبهذا يتمحور فن الرسم التشكيلي عمر إسحاق موجدا للأطفال ببراءة فنه ورسم شخوص قصصه عالما حلوا مليئا بالفرح والحبور.
فنان تشكيلي نابغ وهاوٍ لفن “الكوميكس” بالغ مقام الإبداع ودرجة التميز، إنه الفنان عمر إسحق الذي يعد رائدا من رواد الفن التشكيلي، المعبر عن فكرة قصة، أو حدث معين مختصًّا بفن الكوميكس، وهو عباره عن فن تصويري، غالبا ما يتكون من مجموعه صور، تحكى أحداثا متتابعة تكون قصة، ويكون نص الكلام ما بين الشخصيات، في رسم ضمن دائرة، أو ضمن مربعات، أو رسومات هندسية أخرى.
فتعددت الفنون، التي تلفت الأنظار لها بطريقة عرضها وتقديمها، ويضع كل شخص بصمته الخاصة ليحفر اسمه في عالم مليء بالإبداع والموهبة، الخطوط، والألوان المرافقة لشخصيات مرسومة، وعالم مليء بالحكايات والخيال، تمثل فن “الكوميكس” الذي قرر الفنان التشكيلي “عمر إسحاق” أن يكون ممن يطرقون أبوابه؛ ليتميز به.
وحول فن القصص المصورة لدى الأطفال، ولتسليط الضوء على الرسائل التي يريد الفنان التشكيلي “عمر إسحاق” إيصالها للأطفال من خلال هذا الفن، ولمعرفة بعض جوانب مسيرته الفنية التقت صحيفتنا “روناهي” به.
مسيرته الفنية…
ولد عمر إسحاق في عام 1957 في ناحية #عامودا#، وتعلق بفن الرسم؛ بسبب نشأته في عائلة تحب، وتمارس فن الرسم، وكانت أدوات الرسم وألوانها متوفرة لديه منذ طفولته، فمارس فن الرسم، وكان بالنسبة له حياة يومية، وتعلم الرسم بسرعة كبيرة؛ بسبب وجود من كان يعلمه ضمن العائلة، وموهبته المبدعة في الرسم أدخلته كلية الفنون الجميلة في جامعة #دمشق#، ولكن طموحه كان أكبر من ذلك، فاستمر في تعلم الفن التشكيلي النظري بجامعة “سوربون” الفرنسية عام 1988: “وعلى الرغم من تفوقي في كلية الفنون الجميلة في مدينة دمشق قسم التصوير الزيتي، إلا أن حبي لفن الرسم كانت ثقافة، وليس شغفاً، بأن ادرس الفن التشكيلي فقط، وأصبح فناناً، ثم تابعت دراستي النظرية في جامعة السوربون الفرنسية، ولكن بسبب الأمور العائلية لم أكمل دراستي، وعدت إلى الوطن”.
“أخي أستاذي الأول”
أحب الفنان التشكيلي “عمر إسحاق” فن الرسم منذ نعومة أظفاره، حيث نشأ في عائلة فنية متخذاً أخاه الكبير قدوةً له، فكان أخوه يجيد فن الرسم، ويشجعه دائماً بكلمات تجعله يحب فن الرسم أكثر، مؤكداً بأنه أخذ الكثير من خطوات الرسم، والتشجيع في ممارسة الرسم من أخيه، الذي كان يكبره بثماني سنوات، وكان يشجعه كثيراً من أجل أن يمتهن فن الرسم أكثر منه، وبأن كلمات أخيه التشجيعية، خلقت لديه الإرادة لإكمال دراسة فن الرسم: “أخي كان يقول لي عندما ترسم، اجعل ريشتك أقوى من ريشتي، هذه الكلمات كانت تقويني، أخي هو أستاذي الأول”.
فوائد القصص المصورة “كوميكس” للأطفال
وبخصوص فوائد القصص المصورة، أشار إسحاق إلى أن أهمية القصص المصوّرة للأطفال تكمن في تعزيز التعليم، واكتساب المفردات، وتركيب الجمل وتحليل القصة: “فوائد القصص المصورة لدى الأطفال تنقسم إلى نقطتين أساسيتين وهما: التفكير البصري الملهم حيث تساعد الرسوم التوضيحية في قصص مصورة للأطفال على فهم ما يقرؤونه؛ ما يسمح لهم بتحليل القصة، إذا كان الأطفال يواجهون صعوبة في فهم الكلمات، فيمكن أن تساعدهم الرسوم التوضيحية في اكتشاف السرد؛ ما قد يزيد من فهمهم.
أما النقطة الثانية، فهي بناء المهارات اللغوية، فعند القراءة من خلال الكتب المصورة أثناء وقت القصة، في المنزل أو في المدرسة، يمكن للأطفال التدرب على نطق اللغة بينما يشرح الكبار كلمات جديدة ومثيرة للاهتمام”.
ولفت إسحاق إلى مع تطور التكنولوجيا، وإصدار برامج الرسم والفوتوشوب من خلال الحواسيب في عام 1998 فتحت له أبواب آفاق جديدة، وبأن كان لديه صديق في فرنسا يعمل في مجالات الإعلانات للمنتجات الغذائية، وقصص الأطفال؛ فأرشده أن يعمل من خلال برامج الرسم على الحاسوب: “عندما بدأت العمل على برامج الرسم على الحاسوب لم أجد الأمر صعباً، وكانت النتائج جيدة”.
دراسته لفن الكوميكس
بين إسحاق، أن اختياره لرسم قصص الأطفال، كان بسبب حبه لنمط هذا الرسم وسرعته، وأضاف: “يختلف رسم قصص الأطفال بحسب عمر الطفل، فالطفل الذي عمره بين 12 إلى 16 عاماً يكون قد رسم قصصاً بشكل واقعي، ولكن الأطفال الأصغر سناً تختصر الفكرة بالحركات فقط، أحببت هذا النمط من الرسم؛ لأنه سريع، عندما لم يكن هناك حواسيب كنت أرسم على الورق، ولكن الرسم من خلال الحاسوب أسهل بكثير، ويساعدني على أن أرسم بالطريقة التي أرغب بها”.
نوه إسحاق، إلى صعوبة تدريس الأطفال هذا النوع من الرسم: “لقد قمت بتدريس الأطفال، من خلال مزج العلم مع الطفولة، بطريقة إيصال المعلومات بالإشارات، التي يفهمونها ويفرحون بها، ويندمجون معها، قمت بتدريس الأطفال بالجمعيات الخاصة لمدة ثلاث سنوات، ودرست في كلية الفنون التشكيلية بمدينة حلب، وقامشلو، والآن أعمل رسام قصص مصورة في مجلة مزكين للأطفال، التي تصدر عن مؤسسة روناهي”.
الاهتمام بفن الرسم أكثر
وبين إسحاق، بأنه يجسد ضمن قصصه المصورة الكثير من الحركات الشرقية، وبأنها تختلف عن حركات الغرب، ويركز على الشرقية؛ لأنها من تراث شعبه: “اهتم بالقصص المصورة بالشكل الواقعي بشكل أكثر، على الرغم من أنها قصص خيالية، فرسمت أكثر من عشرين قصة حلبية “كوميكس” بعضها من أمثال شعبية رائجة في المنطقة، وأرغب أن أرسم قصصاً مستوحاة من الأمثال الكردية، كما رسمت الكثير لمنتجات غذائية ودوائية”.
وفي نهاية حديثه أشار “عمر إسحاق” الفنان التشكيلي إلى ضرورة الاهتمام، واحترام، وتقدير الطلبة، والأشخاص، الذين يهتمون بفن الرسم: “يجب أن نشجع فن الرسم في مناطقنا، ويجب أن توجد مؤسسات شبه تطوعية من أجل تعليم الأجيال، لأن الفن له وعي كبير، فالشخص الذي يرسم يمكن أن يصبح شاعراً وكاتباً، فالكثير من الدول الكبرى، بدأ وعي شعوبها، وتقدمها من خلال الفن، ثم انتقلت إلى المجالات الأخرى”.[1]