حاوره: هوزان أمين- تعتبر الحوارات الصحفية أحد الفنون الصحفية المهمة والتي لا يجيدها أغلب الصحفيين وللحديث الصحفي أهمية بين الفنون الصحفية لأنه مصدر جيد للحصول على الأخبار والمعلومات عن الشخص الذي يراد التعرف عليه
سواء كانت على الصعيد الشخصي أو العملي وعبر الحوار يمكن للمرء ان يتعرف على واقع أو حدث سياسي ثقافي أجتماعي...الخ و هو حديث يستهدف بالدرجة الأولى استعراض وجهة نظر شخص ما في قضية أو قضايا معينة تهم القراء و بالإضافة الى انه يستهدف البحث في حياة الشخص الذي يجري معه الحديث للتعريف به.لهذه الاسباب تكمن أهمية الحوارات والمقابلات الصحفية.
سنحاول عبر هذا الحوار التحدث حول صحفي وكاتب ماهر وضليع في هذه المهنة الصحفية المعروفة بمهنة المتاعب، حيث قضى أكثر من عقد من الزمن في هذا المضمار الصعب أعد خلالها مئات المقابلات الصحفية مع مختلف الشخصيات الكوردية والعربية وعلى جميع الاصعدة والفنون الابداعية حيث يقول في احدى مقالاته ( عملت جاهداً على تقديم الصورة الواضحة للشخصية التي كنت أحاورها و أناقشها لتقديمها للمشهد الثقافي الكوردي والعربي بهيأتها الناصعة والجميلة معاً) وبالطبع لا يختار الطرف المجاوب عن عبث بل يدرس ويقرأ عنه ويقدمه للناس بأسلوب مباشر وصريح وينشرها في المواقع الالكترونية والجرائد.
إنه الكاتب والصحفي حسين أحمد من مدينة #عامودا# في روزآفا كوردستان، والذي راودتني فكرة عمل حوار معه من منطلق إنه دائماً يأخذ دور السائل فلماذا لا يأخذ دور المجيب هذه المرة؟! وبالفعل بكل رحابة صدر تقبل الامر خاصة بعد قدومه الى أقليم كوردستان وتقديم محاضرات في #دهوك# و #زاخو#.
س- مرحباً بك في البداية، وحبذا لو تحدثنا عن فحوى محاضراتك في دهوك وجامعة زاخو؟
- تمرالذكرى السنوية لفاجعة حريق سينما ( شهرزاد ) في 13 تشرين الثاني من كل عام تلك الحادثة الاليمة التي جرت احداثها في بلدة عامودا عام 1960، هذه البلدة التي قدمت من فلذات اكبادها 383 طفلاً من اطفالها الصغار وحيث اغلبهم كانوا من تلامذة مدارس :( المتنبي و أبي فراس الحمداني وخديجة الكبرى وذات النطاقين وعمار بن ياسر .ولاهتمامي بهذا الحدث الذي يعني بلدتي اولا واخيراً قدمت محاضرة في قاعة جمعية (سوبارتو) التي تعني بالثقافة والتاريخ في قامشلو بمناسبة قدوم ذكرها السنوية، ثم صادف انني سافرت إلى إقليم كوردستان العراق في ذات المناسبة، وتمت دعوتي من قبل ادارة جامعة ( زاخو ) قسم العلوم الانسانية لاجل تقديم محاضرة عن ذكرى مرور 56 على حريق سينما عامودا، خاصة بعد ظهور معلومات وحقائق جديدة عن خفايا (هولوكوست) الذي جرى في داخل سينما عامودا. ولطالما كان ذلك الحدث محل سؤال واستفسار لدى ذوي ضحايا هذه الجريمة التي عاشوها لسنوات طويلة هم يسألون عن تلك الايادي المجرمة التي كانت وراء قتل أطفالهم وقد اخذت هذه الجريمة ابعاداً اخرى فمنها سياسية واجتماعية وثقافية، حيث لامست مسيرة عامودا وحياتها العامة .. ان ما جرى كان سبباً مباشراً في تأخر تطور عامودا الثقافي والاجتماعي والسياسي .. وكذلك بدعوة من مديرية الثقافة والفنون في دهوك قسم النشاطات الثقافية ايضاً قدمت بتاريخ 6- 12- 2016 محاضرة قيمة في مركز جكرخوين – كامبا دوميز - عن مفهوم : العنف ضد المرأة .. وكانت زيارتي فرصة ممتعة للقاء مدير الثقافة والفنون في دهوك السيد ايوب رمضان والاستاذ حسن سليفاني رئيس اتحاد الادباء الكورد في دهوك وشخصيات أدبية وثقافية في محافظة دهوك بالاضافة الى اجراء بعض اللقاءات الصحفية وبالاخص في راديو دهوك ...؟؟
س- أنت ابن تلك المدينة التي احترقت مرات عديدة والمعروفة (عامودا المحروقة) حدثنا عن تلك المدينة قليلاً لماذا جرى عليها كل تلك الويلات؟
- ان مناولة تاريخ عامودا وتحديداً المراحل التاريخية التي مرت فيها و عن اهلها وعن سكانها قد نحتاج الى صفحات أو ربما الى مجلدات ايضاً، ولذلك وباختصار شديد ان عامودا هذه المدينة الوحيدة من #المدن الكوردية# في روجآفا كوردستان فقد أنهكتها الحرائق بداً منذ زمن الطوش والحريق الفرنسي الذي جرى أبان دخول فرنسا الى سوريا في عام ( 1937 ) وحرائق انتفاضة آذار عام ( 2004) ومروراً بمشاركة ابنائها الثورة السورية 2011 واحداث مختلفة وليس انتهاء عند الحدث الكبير، والذي وحد كل هذه الحرائق عبر تاريخها ألا وهو حريق سينما شهرزاد الكبير في عام ( 1960 ) من هذه الزاوية من يقرأ لشعرائها ولكتابها: سوف يلاحظ مدى اكتوائهم بنيران ،الالم والوجع ، لكن عامودا التي احترقت من كبدها مرات ومرات فهي أكبر مما تداوله هؤلاء الكتاب الكورد عبر قصائدهم ونتاجاتهم الثقافية والسياسية عن عامودا ،هذه المدينة التي باتت مثقلة بالأوجاع ربما الزمن الآتي وهيهات أن تستطيع مداواة وتضميد جرحاً واحداً من جروحها النازفة ، أو ربما حتى تهدئة ذاكرة شرمولى لحظة واحدة منوعذاباتها وخاصة عبر مشاهدتها هذه الأحزان والأوجاع التي لا تزال حتى الآن وهي تتحمل تلك الكدمات التاريخية الموجعة التي عاشتها عامودا كما لم تعشها مدينة أخرى في أي من أصقاع العالم أو ربما ما تحملتها هذه المدينة (عامودا) على كاهلها من عذابات السنين من الصعب أن يتحمله جبل كجبل الجودي وهي تمضي من حريق إلى حريق ومن مأساة إلى مأساة من متاهة إلى متاهة فعامودا المدينة التي دفعت ضريبة مواقفها التاريخية. كما انها اصبحت ملاذاً لخيرة الرجال والمناضلين الذين قدموا اليها من شمال كوردستان وسكنوها وبدورهم قدموا عصارة فكرهم وفتحوا مدارس للعلم والمعرفة والفقه.
س- هذا يعني انها تدفع ثمن وطنيتها وثقافتها الكوردية لهذا يتم عقابها كل تلك المرات؟
- اجل انها دفعت ضريبة باهظة من طاقتها الانسانية والبشرية والمعنوية بسبب مواقفها التاريخية منذ عام 1920 منذ ان قدمت اسماء مهمة الى عامودا وخاصة بعد فشل ثورة الشيخ سعيد بيران 1925 ليبنوا مدارس ثقافية وجمعيات ومنتديات سياسية وخيرية لينضموا اليها سكان عامودا افواج بعيداً عن العنصرية المقيتة، بالفعل هي عامودا التي سموها بدرة العالم، وأنها في كل القلوب ..؟؟ على الرغم من بساطتها ومشاكساتها اللذيذة، وحرائقها المشتعلة بين أجنحة المدينة على كامل مساحتها الإنسانية، فهي بالنسبة لساكنيها ولزائريها حالة ذهنية ، فكرية، تعيش مع ضيفها في الواقع والأحلام وبيوتها الطينية في مجمل بنائها ، حيث أخذ كل ترابها من ارض (شرمولى). هي المياه الباردة التي تنحدر فيضاناً من قمم جبال اومريان مروراً بنهر( دارا و كولا عنتر). و (نوالا زراعي). هي النساء اللواتي ضحين بفلذات أكبادهن ليصبحوا رماداً لسينما شهرزاد .!! هي قبلة التلاميذ الأشقياء الباقية من جمار سينماها المتقدة حتى الآن والذين باتوا يحومون حول (بئرصراف) رقصاً وآلماً على الفراق . هي قلوب العذارى وهن يتمايلن بجدائلهن على صدر مملكة أوركيش مملكة الحوريين .
س – لنعد الى مسألة الحوارات الصحفية التي أجريتها بالفعل انها اصبحت أرشيفاً مهماً كيف كانت بداياتك الصحفية؟
- تبرزأهمية دور الحوار ووظيفته في الحالة الانسانية العامة في المجتمعات في جدلية العلاقة بين الانسان والإنسان ليرفعها الى مستوى ديمقراطي عال من العلاقة والتواصل ،وكذلك في التعرف إلى حياة الكاتب والسياسي والفنان الذي نحبه ونتابع أعماله وفي التواصل معهم ومعرفة آرائهم في مجمل قضايا الحياة والكون وطرق معيشتهم وتكوينهم وتفكيرهم هذا بحد ذاته يشكل العمود الفقري الذي يستند إليه نجاح هذه الحوارات واستمراريتها والتي تؤكد من خلالها على أهمية كوامن الانسان نفسه ان كان فنانا او سياسياً او اديباً وان كان في مجالات اخرى من الحياة ..؟؟؟
س- كيف يتبادر الى ذهنك عمل حوار شخص معين، هل تتركها للصدفة ام تعد للامر وتحاول بمختلف الطرق الوصول اليه؟
- كان ذلك في عام 2000 عندما راودني إحساس قوي في القيام بجهد كتابي- مهني – لعله يساهم قدر الامكان في ردم كل هذه التصدعات التي كان يعيشها مجتمعنا الكوردي – اولا- بجل كوامنه السياسية والفكرية والتي كنت اجدها منذ وقت طويل جاهداً لان اقدم الحالة الكوردية للمشهد العام بهيئة حضارية ... من هذه الزاوية راودتني فكرة الحوارات واللقاءات ، واذكر انني أجريت حتى هذه اللحظة أي بدأ من عام 2000 وحتى 2016 انجزت ( 300) حواراً مع مختلف الشخصيات: (السياسية والأدبية والفنية والاجتماعية) وكذلك انجزت عشرات الملفات الساخنة التي تلامس الاحداث في المنطقة وفي روجآفا كوردستان والبعض منها خصصت لاسماء غير كوردية ...
س- كيف تقيم الواقع الاعلامي في روزآفا كوردستان اليوم في ظل الادارة الذاتية الكوردية؟
- إن الإعلام في جوهره اللغوي يعني التبليغ والإيصال، وهو في مفهومه الاصطلاحي يعني ذلك تماماً . اما في مفهومه الحضاري والثقافي والتقني ، يمكن القول ودون مواربة، إذا كان هناك إعلام كوردي ، فهو إعلام بكل تاكيد خاضع للإيديولوجيات الحزبية والسياسية والذي يحمل ضيق الافق من الجدال، فالإعلام الكوردي على الرغم من هذه التغيرات الكونية الكبيرة والمدهشة والمبهرة هو إعلام تبعي وتابع للاعتبارات السياسية والسياسة الكوردية كما أصبح معروفاً للجميع سياسة مشتتة، وخطابها مشتت في اجزائه الأربعة لذلك فالإعلام التابع سيكون سلبياً أيضاً . ولا يمكن في هذه الحالة أن يقدم هذا الإعلام خطاباً راضياً ورصيناً و ان يكون مؤسساً لأرضية ديمقراطية وتجسد لرأي محايد .. يمثل نبض الشارع الكوردي في روجآفا كوردستان...
س- أسأل نفسك سؤالاً كنت تحب ان أسئله ولم أفعل وجاوب عليه لو سمحت؟
- اعتقد ان الاسئلة التي طرحتها تكتنز في اغوارها دلالات عميقة في جانب البحث عن خفايا واحداث جرت في مدينة عامودا ، وكما انها صبت في سبيلها الحقيقي ..
في ختام هذا الحوار الجميل لا يسعنا إلا ان نقدم لك الشكر الجزيل، وبأختصار حدثنا عن نتاجاتك الصحفية والثقافية على العموم وهل تفكر في دمجها في كتاب؟
- مشاريع كتابية ( ثقافية – ادبية – سياسية ) كثيرة تستدعي مني الخوض فيها والعمل الجاد على تجسيدها واقعاً ملموساً، وآمال كثر اتمنى ان استطيع تحقيقها في القريب العاجل وان اتمكن من طباعة نتاجاتي الكتابية وهي كثيرة وخاصة تلك المقالات المعنونة بعناوين فكرية واضمها في كتاب( مطبوع ) وكذلك لدي ايضاً مجموعة هائلة من الحوارات واللقاءات التي اجريتها منذ سنوات وهي تستحق ان تتداول وتصبح رصيداً في المكتبة الكوردية والعربية فهي تعني اسماء من قوميات اخرى ... وجدير بالذكر طبعت في عام 2003 كتاب بعنوان : (حوارات في الثقافة والفن ) احتوت في داخله مجموعة من اللقاءات الصحفية لأسماء بارزة لها مكانتها في الشأن الادبي والسياسي والثقافي في داخل روجآفا كوردستان وخارجها ايضاً .[1]
جريدة التآخي