حاوره : هوزان أمين - #دهوك#
الفن التشكيلي كباقي الفنون الراقية التي تعتمد على الذوق والجمال والحس الفني الذي يكتمل بالموهبة المميزة، ليعطي نتاجه الفني سواء كان #لوحة تشكيلية# او تمثالنحتي عواطف ومشاعر حسية جياشة و نبيلة تترك على النفس والمتفرج اثراً بليغاً ويطغى عليه مشاعر البهجة والانبهار، والفن هو ترجمة لما يريد الفنان تركه من اثر تخليداً او تذكيراً بحادثة أو حكاية جرت وهو تعبيرعن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته وهو ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام لولاها لما عرف التاريخ ومن خلال تلك الرسوم والنحوت فكت طلاسيم كثيرة وعرف التاريخ الانساني.
ويعتبر الفن موهبة إبداعية وهبها الخالق للفنان لكن بدرجات تختلف من شخص الى آخر ومن هؤلاء الذين وهبهم الله موهبة هائلة وقدرة إبداعية كبيرة الفنان التشكيلي والنحات #عدنان شينو# الذي ولد في قضاء #آميدية# ( العمادية) التابع لمحافظة دهوك عام 1963 وتخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1986 وهو عضو جمعية الفنانين المغتربين في أورباEu –Man) ) وعضو جمعية الفنانين التشكيلين في برلين أقام عدنان شينو عشرات المعارض الشخصية في العراق وخارجه وكذلك أقام العشرات من المعارض الجماعية في العراق والعديد من المدن الاوربية، غادر الوطن مغترباً اقام في العاصمة الالمانية برلين وعرف الفن الكوردي ومعاناة الكورد بالجمهور الاوربي عبر لوحاته الفنية الجميلة ومنحوتاته التي تلفت الانظار وتتميز بإتقان عال مجبول بالذكريات والحنين لوطنه وطبيعته الجميلة التي هو جزء منها حيث ترعرع ضمن طبيعة جغرافية خلابة من جبال ووديان وانهار واستلهم منها خياله الخصب، أضاف اليها هموم شعبه ومعاناته وآماله وتطلعاته وطموحاته ونضال شعبه وتاريخه الطويل المليء بالمجازر والظلم والمحن والتضحيات والنجاحات والإخفاقات، وشكل منها لوحات تشكيلية وتماثيل ضخمة كرس رحله عذابه التي هي جزء من عذاب شعب كامل.
الشيء الابرز في حياة ذلك الفنان عودته الى احضان الوطن ليكرس ويحقق حلمه بتمثيل معاناة شعبه عبر تمثالين كبيرين اصبحا فيما بعد بمثابة الرمز وعنوان لمدينة دهوك وضعت في حديقة بانوراما آزادي (الحرية) والتي وصلت كلفت ذلك المشروع الحضاري الهام الى 10 مليار دينار والذي افتتح عام 2010 على ارض قدر مساحته بأكثر من 92000 الف متر مربع و يحتوى على عدد من الحدائق و منتزهات و مطاعم وكافتيريات و طرق للجري و احواض مياه بالاضافة الى سينما مفتوحة.
وحول تمثال الحرية قال الفنان عدنان شينو ان هذا التمثال هو نتاج عمل دؤب على مر خمسة اعوام يعبر عن تاريخ الكورد وحياتهم ونضالهم من اجل الاستقلال والحرية، هذا حسب ما ادلى به الفنان عدنان شينو لجريدة التآخي وتحدث لنا عن بوادر تشكل الفكرة لديه ومن دعم مشروعه .
حيث سألناه في البداية عن الجهات المسؤولة عن تنفيذ هذا المشروع من تخصيص للارض الى دعم مادي ومعنوي قال يعود الفكرة الى بداية أعوام التسعينيات حيث خططت لجزء من هذا التمثال ولكن لم استطع ان احققه نظراً لما يكلفه من مبالغ طائلة تفوق طاقتي وظلت الفكرة تجول في خاطري وتتطور مع الزمن، كما المرأة الحامل التي لا بد لها من ان تضع مولودها لا محال، بعد مدة عملت نماذج مصغرة من المشروع وقدمتها الى محافظ دهوك آنذاك السيد تمر رمضان كوجر والمدير العام للثقافة والفنون في دهوك آنذاك السيد عادل حسن واعجبهم الفكرة واتخذ قرار التنفيذ، حيث اتفقنا ان ننجز التماثيل بارتفاع سبعة أمتار في البداية ولكننا كبرنا المشروع ليصبح ارتفاع التماثيل 12 متراً هذا بمساعدة العديد من الفنانيين وطلاب معهد الفنون الجميلة في دهوك حيث تجاوز عدد المشاركين في المشروع الثلاثون شخصاً وبالطبع تحت اشرافي وجهدي المتواصل وعزيمتي التي لا تلين انجزنا المشروع الذي اعتبره تكليلاً وخلاصة لفني.
وعن كيفيه توليد فكرة هذا المشروع الفني الضخم قال استقيت فكرة التمثال من عدة لوحات فنية كنت قد قمت برسمها في فترات سابقة وهي تعبر عن خصوصية الانسان الكوردي، وانا فنان تشكيلي وأمارس الرسم لأكثر من ثلاثون عاماً، نتيجة العمل الدؤوب والممارسة المتواصلة وتشكل خبرة فنية وعملية كبيرة لدي وبهذه اللغة لغة الاحاسيس والجمال وجدت بأنني لا أجد الشيء الذي ابحث عنه في اللوحة الفنية التشكيلية وكان لا بد من ايجاد شيء آخر يسد رمقي لهذا تشكلت لدي فكرة دمج كل تلك الانفعالات والاحاسيس التي كانت تغمرني وتلخيصها في عمل نحتي كبير، ومعلوم ان فلسفة التماثيل والاعمال النحتية يعيش مع الناس وحسب اعتقادي ان الانسان قادر على ابراز من يجول في خاطره عبر عمل نحتي اكثر من لوحة تشكيلية ومهما يكن العمل ضخماً يبرز حقيقته أكثر ويؤكد على واقعية تلك الحياة، لهذا لخصت كل تلك المجريات والاحداث التي مرت عبر حياتي وحياة شعبي في ذلك العمل الذي أسميته بانوراما الحرية.
وعن قصة البانوراما ومن أين يبدأ قال يبدأ من حيث بدأ تاريخ الشعب الكوردي، ومعاناته عبر التاريخ واغترابه وسلبه لارادته وحريته، ويتألف التمثال الى ثلاثة أقسام ومراحل الاول مرحلة بداية تشكل المجتمع الكوردي والثاني مرحلة المئة عام الاخيرة من تاريخ الشعب الكوردي ويشمل بالطبع تراجيديا ومعاناة هذا الشعب في سبيل نيل حقوقه والقسم الثالث يعبر عن أحلام ومستقبل الشعب الكوردي حيث عملت كرسيين ليجلس عليه العرسان والجيل الجديد الذي كان محروماً ومجرداً من الانسانية والحرية في الازمان السابقة، ويتكلل العمل بتحقيق حلم نيل الانسان الكوردي لحريته وانسانيته.
وعن المادة التي صنعت منها تلك التماثيل الضخمة قال كنت ادرس فكرة تنفيذ المشروع من مادة الاسمنت الابيض ولكن مع الزمن كانت تتبدل الافكار بحيث يكون المشروع اكثر انبهاراً وملفتاً ومقاوماً اكثر، عملناه من البرونز وبالطبع عمل التماثيل من البرونز عمل شاق ويحتاج الى خبرة وتشاور حيث تشاورنا مع فنانين من بغداد، وقدموا الى دهوك واستمرينا بالعمل المتواصل قرابة خمسة أعوام الى تم انجاز نصب الحرية في دهوك حيث بلغ كمية البرونز المصبوب 500 متر مكعب ومعلوم خاصية البرونز انه يبقى ولا يزول ويقاوم عوامل الطبيعة من حر وبرد.
وفي ختام حديثه قال بعد انجاز المشروع وصب التماثيل وتسميتها بنصب الحرية ( بانوراما الحرية) التي تعبر عن ذاكرة شعب بأكمله ويجب اعطاء الاهمية لهذه المعالم التي يفتخر كل بلد بنصبه في مدنهم، وحاولت ان أشمل في هذا العمل الفني الضخم دمج العديد من المدارس الفنية من واقعية الى رمزية الى تعبيرية.
وفي نهاية هذه اللقاء الذي شكرنا فيه الفنان المبدع عدنان شينو وابداعه وخدمته للفن الكوردي استذكر هذه المقولة المنشورة له على صفحته الفنية، حيث كتب عدنان شينو ويرى ان الفن بحسه الجمالي هو الملجأ الوحيد الذي يأوي قلقي وصراعي واغترابي مع الحياة، ومن خلال الفن اخاطب واتوجه لاعماق الانسان محاولة مني باللغة البصرية واللغة التشكيلية لتفسير وتحليل بعض مشاهد الحياة غير المألوفة الى الواقع المألوف سيبقى الفن حاجة انسانية لسد حاجاته الروحية و الاخلاقية و العاطفية و هي الوسيلة لكي يعطى للحياة معناها و وجودها و يبقى الفن في النهاية مسيرة نحو البحث عن الجمال الحقيقي و رحلة نحو المجهول وهذه محاولة مني للمساهمة في هذه الرحلة واضافة صغيرة مني للمسيرة الانسانية.[1]
التآخي -تاريخ النشر: الاثنين 05-10-2015