في ظل ما تعيشه سوريا من اقتتال ودمار ونقص في مستلزمات الحياة الضرورية، ربما يكون الحديث عن الشعر والادب عموما نوعا من الترف غير المناسب في زمانه ومكانه، ولكن للشاعر لقمان محمود - ابن مدينة #عامودا# الكوردية السورية- رأي آخر فهو يرى ان الشعر سيبقى ضروريا طالما الخلود للكلمة لا للسلاح و ستبقى القصائد ضرورية، طالما الكلمة هي أمل المستقبل هكذا يرى الشاعر الحياة من منظور قد يبدو مختلفا لدى البعض.
هذه الرؤية الجمالية للحياة والشعر تدفعنا لخوض مغامرة محفوفة بالحب لتعرف على حياة هذا الشاعر الذي طالما عرفناه من خلال كتبه سواء في النقد أو الشعر أو مقالاته في العديد من الصحف العربية والكوردية.
يقول الشاعر لقمان محمود في لقاء مع (التآخي ) ان بدايته مع الكتابة والشعر بدأت في طفولته عندما كان يراوده الفضول وهو يرنو الى الكتابين المعلقين بقدسية في صدر البيت ،ولمعرفته المسبقة ان الحقيبة الصغيرة الاولى المنسوجة يدويا تضم في طياتها القرآن الكريم كان يتعامل مع الحقيبة الثانية التي تحتوي على ديوان الشعر ل(#ملاي جزيري# )بذات القدسية.
ويضيف محمود انه بالرغم من كونه لم يكن يفهم سوى القليل مما هو مكتوب في ديوان (ملاي جزيري) إلا ان تقديسه له لم يكن اقل عن قدسية القرآن من هنا ولد حبي وتقديسي للشعر الذي دفعني لقراءة الكتب التي كانت تضمها مكتبة والدي الصغيرة والتي كانت تعتبر في حينها من أكثر الأشياء الممنوعة نظرا للسياسات الشوفينية للسلطة الأمنية التي كانت تنظر الى كل شيء عن الكورد باعتباره خطر على الأمن القومي هذه المكتبة الصغيرة كانت بمثابة كنزي الكبير الذي كنت اقضي معه ساعات طويلة و عثرت فيه على العديد من الوثائق والمخطوطات الكوردية النادرة التي كان يحتفظ بها والدي بسرية تامة.
ويتابع محمود، ان هذا الحب قاده فيما بعد الى قراءة الشعر العربي بجميع مراحله (الجاهلي والحديث ) وادب المهجر تبعا لدراسته الجامعية في قسم اللغة العربية قائلا لم اكتفي بما هو موجود في المنهاج الجامعي بل سعيت الى قراءة كل ما يقع بين يدي حول الشعر العربي بجميع أنواعه لاكتشف عالماً جديداً من الشعر والقصة والرواية.
وعن عامودا تلك المدينة الكوردية التي انجبت العديد من المبدعين أمثال سليم بركات وغيره يقول الشاعر لقمان محمود ان للمكان ثقافته التي تشبه البذور المغموسة في الرحم الارض ولابد لها ان ترى النور مهما طال بها الزمن مضيفا انه هناك في عامودا دائما اسماء مبدعة جديدة قبل سليم بركات وبعده ،معتبرا ان عامودا هي المدينة التي لا تعرف العقم وكما ان هناك مدن دائمة الابداع فهناك امكان اخرى مريضة لا تنجب سوى الموت مهما حاول ابناؤها . وبما ان الشاعر يكتب باللغتين العربية والكوردية فهو يرى انه عندما يكتب بالكوردية يطغى على تفكيره جسد اللغة العربية الجميل تأخذني هذه الصداقة الطويلة الى دهاليزها واعماقها كي لا اشعر بالغربة والحيرة ويضيف عندما اكتب بالعربية يكون جسد اللغة جزء من روحي وافكاري لذا تأتيني الافكار لينة وواضحة وغير محجوبة ومع العربية احلم بالافكار لكني حتى اللحظة لم اجد لي حلما وانا اتكلم فيه بالعربية.
وبالنسبة للشاعر فان كلاً من اللغة العربية والكوردية تكملان بعضهما البعض ولا يستطيع الاستغناء عن احداهما لانهما جناحا الكتابة وبدون احداهما ستكون اعمالي معاقة.
وحول ازمة القراءة في ظل المنافسة القوية من الوسائل الاعلامية ولا سيما الالكترونية منها وقلة قراء اللغة الكوردية في كوردستان سورية يقول محمود عموما الانسان الكوردي مقل في قراءاته سواء أكان المطبوع باللغة العربية ام الكوردية وعلى سبيل المثال كم كوردياً قرأ لسليم بركات وليشار كمال ؟ الجميع يعرفون ان سليم بركات شاعر كبير و روائي عظيم لكنهم يعرفون ذلك شفويا لا من خلال القراءة.
ويضيف الشاعر ان لكل عصر مشهده الشعري لذلك نجد انه في ظل الاعلام الالكتروني ان الشعر صار سهلا وصار الكل شعراء واصبح بإمكان أي كوردي ايصال صوته ووجعه بشكل اسرع زمنياً ومكانياً قائلا انا متفائل ان يصبح الجميع شعراء.
وحول جديد الكاتب أوضح محمود انه بعد ان اصدر كتابه الاخير والذي يحمل عنوان (البهجة السرية )حول انطولوجيا الشعر الكوردي في غرب كوردستان فهو على وشك انجاز كتابه عن صديقه الراحل الشاعر الكوردي العظيم شيركو بيكس حيث سينهي منه خلال الاسابيع القادمة.
كما يعمل حاليا على كتاب آخر حول السرد الكوردي في غرب كوردستان ،ووصله حتى تاريخه اكثر من ثلاثين مشاركة من الكتاب الكورد السوريين متوقعا ان يصبح هذا الكتاب من اهم المراجع للسرد الكوردي في غرب كوردستان.
يذكر ان الشاعر والناقد لقمان محمود ولد في مدينة عامودا عام ( 1966)وهو عضو في اتحاد الادباء الكورد - فرع السليمانية- وعضو في نقابة صحفيي كوردستان وعضو في نادي القلم الكوردي ومحرر في مجلة (سردم العربي) كما عمل مديرا لمكتب مجلة اشراقات كوردية الصادرة في القاهرة ونشر في العديد من الصحف والمجلات العربية والكوردية.
و من أعماله المطبوعة:
-أفراح حزينة ( 1990) دمشق.
-خطوات تستنشق المسافة : عندما كانت لآدم أقدام (شعر) 1996 بيروت.
-دلشاستان (شعر) عن دار الحداثة (2001) المغرب.
-إشراقات كوردية: مقدمة للشعر في كوردستان (نقد) عن مركز كلاويز الادبي، 2009 السليمانية.
- -مراتب الجمال: قراءات في الشعر الكوردي الحديث، (نقد) منشورات دار سردم للطباعة والنشر 2011، السليمانية.
-ترويض المصادفة: (نقد) منشورات منظمة كتاب بلا حدود2011
--القمر البعيد من حريتي : (شعر) منشورات مؤسسة سردم للطباعة والنشر السليمانية2012
-شرارة الاناشيد القومية في الغناء الكوردي (نقد) اتحاد الادباء الكورد2012
-اتابع حريتي (شعر) منشورات اتحاد الادباء الكورد -اربيل-2013
-تحولات النص الادبي ، دار مارغريت ،كوردستان - السليمانية2013
--البهجة السرية (انطولوجيا الشعر الكوردي في غرب كوردستان) عن دار سردم للطباعة والنشر -السليمانية2013
المصدر: جريدة التآخي البغدادية[1]
الخميس 26-09-2013