عبد الرحمن محمد
بداية من العنوان، وليس نهايةً بنص الخاتمة، تحلق بنا الشاعرة فيروز رشك، ولكن ليس في سماوات الخيال، بل في عوالم الحقيقة، التي تحجبها غيوم رمادية اللون، غيوم وسحاب من الوجع والتعب، تعب أدمى العين وأبكى القلب، ضباب أسود خلقته الحرب ورعته أيادٍ سوداء، تربصت بكل الورود والابتسامات.
في رسائل فيروز عظات ولوم وعتب، وثورة هي رسائل لجندي نزق، وموظف مرتش، وجد لأمي، وأم خجولة، وأمة أضاعت مفاتيح أبوابها، فبات أبناؤها يتسولون البقاء.
هي رسائل توقظنا من سبات تجاوز سبات أهل الكهف في طوله، رسائل للكردي للإنسان المنسي، لأمجاد سادت، ثم كادت أن تتلاشى، رسائل تطرح ألف سؤال؟ من أنا، ولم أنا بالذات ينكرون علي اسمي؟ يزوِّرونه، ينكرون وجودي، ويحضرون لي قبراً بدل شهادة ميلادي، يقتلون زهور حدائقي، ويقطفون فلذات كبدي، فتترمل أمتي، وتيتم شعبي.
عشر رسائل وغيمة، هي ألف رسالة ورسالة وغيمة سكوب، تسوقها فيروز رشك إلى قلوب عطشى، وتنهمر حروفاً وكلمات، ولوحات تتناثر هنا وهناك، في قرانا ومدننا وأزقتنا الحانية.
عشر رسائل وغيمة، هي عشرات من أسئلة صمتت دهوراً لتثور الآن، وتنهمر علينا مصحوبة بغيمة معطاء، تروي أرضنا الخصبة فتضحك لها السماء.
عشر رسائل وغيمة مجموعة قصائد معتقة، منمقة، جزلة اللفظ، عميقة المعنى شهيه الحروف، دانية القطوف، تستحق بل، وتستلزم الغوص في عوالمها الرحبة المتفردة.
الكتاب هو العمل المنشور الثاني للشاعرة فيروز رشك، بعد مجموعتها الشعرية الأولى، أشتاقك في هديل احتراقي، وهو من إصدارات اتحاد الكتاب الكرد – سوريا، وبرعاية هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، ومن منشورات دار شلير للطباعة، والاخراج الفني، والغلاف للكاتب والشاعر جواني عبدال، وجاءت المجموعة في مئة صفحة من القطع الوسط، واحتوت قرابة الأربعين نصاً شعرياَ في مواضيع إنسانية وجدانية مفعمة بالألم والأمل، والكثير من الصور العابقة بحس شاعري مرهف، وتذوق رقيق للمفردة والصورة، التي تدفقت كينبوع مشاعر بين دفتي الكتاب.
ومن النصوص التي احتوتها المجموعة.
وأنا أدق باب الحياة
تألم قلب أمي المسكين
حين وبخها جدي الكردي
لقدومي اللا مرغوب فيه
وتألم أكثر
حين عرفت أن أبي خدعها
ولم يؤذن لي كباقي صغار القرية
بل نبه قلبي لقصائد الريح
والماء الكثير الذي تحتاجه أنثى
لإخماد حرائقها
الآن أتألم أكثر من أمي
فالقصائد كالبلاد الجميلة
تبقى مغتصبة.[1]