الإله الكوردي شاتەن ŞATEN وشيطان الأديان الإبراهيمية
مهدي كاكەيي
في المقال المعنون (الإيزيديون وكذبة عبادة الشيطان)، كنتُ أتكلم عن كذبة عبادة الإيزيديين للشيطان اليهودي والمسيحي والإسلامي. في هذا المقال أتحدث عن كلٍ من الشيطان الإبراهيمي والإله الكوردي (شاتَنŞATEN)) الذي يعبده أصحاب الدين اليزداني، وعن مصادرهما ومعناهما اللَذَين يتناقضان مع البعض.
الشيطان اليهودي والمسيحي والإسلامي
كلمة (شيطان) يتم إستعمالها في كثير من اللغات، مثل اللغة الكوردية والعربية والفارسية والتركية وأوردو وغيرها. كلمة (شيطان) مأخوذة من الكلمة العبرية (ساطان) التي تعني (خصِم أو مُناوئ أو مُعارِض). هذه الكلمة تمّ إستخدامها أيضاً في اللغة اللاتينية واليونانية ومنها إنتقلت الى اللغات الأوروپية الأخرى. في اللغة الإنگليزية والألمانية تُستعمل هذه الكلمة بصيغة .(Satan) هذا الشيطان هو الشيطان المُستخدَم في الأديان الإبراهيمية والذي لم يُطِع أمر الخالِق بالسجود لِآدم، حسب هذه الأديان ويخدع البشر للقيام بالأعمال الشريرة!!
الإله الكوردي شاتەن(ŞATEN)
قبل ظهور الإسلام، كان الكورد يستخدمون كلمة (شاتەنŞATEN ) التي معناها يُناقِض تماماً معنى الشيطان اليهودي والمسيحي والإسلامي. شاتەنŞATEN) ) هو عبارة عن كلمة مركبة، تتألف من كلمتَين، هما (شا ŞA) التي تعني في اللغة الكوردية (إله) أو (مَلَك MELEK))، [كلمة مَلَك هي مفرد كلمة ملائكة]، ومن كلمة (تَن TEN) التي تعني في الكوردية (جسم أو هيكل أو هيئة)، وبذلك الكلمة المركبة (شاتەنŞATEN ) تعني (شئ على هيئة مَلَك) أي (الإله). أنا أرجح أنّ تكون كلمة (تەن) تعني (وحيد) أو (أوحد)، حيث أن الكلمة الكوردية (تەنيا) التي تعني (وحيد)، هي نفسها (تەن). على هذا الأساس، كلمة (شاتەن) تعني (الإله الأوحد).
الإيزيديون لا يعرفون مصدر ومعنى كلمة (شاتەنŞATEN ) ولذلك لا يستخدمونها. المسلمون بِدورهم، لِجهلهم بهذه الكلمة الكوردية، يستخدمون الكلمة الكوردية (شاتەن ŞATEN) بِنفس صيغة ومعنى الكلمة اليهودية والمسيحية والإسلامية (شيطان) الذي يختلف معناهما كُلّياً عن البعض، بل أنهما مُتناقضان.
السيد (نعمت اللٰه جیحون آبادی) (1871- 1920 م)، مؤلِف كتاب (شاهنامه حقيقت) الذي كان يُعتَبر المرجع الديني الأعلى لليارسانيين في بداية القرن العشرين، يقول في كتابه المذكور (أن الگۆرانیين أفراد عشيرة گۆران ساذجون وجهلة الى درجةٍ لا يُفرّقون بين كلمة (شاتەنŞATEN ) وكلمة (شيطان.
هكذا نرى بأنّ (شاتەنŞATEN ) هو الإله (يزدان)، بينما (الشيطان) اليهودي والمسيحي والإسلامي، كما نعرف هو مصدر الشرور حسب معتقدات أصحاب الأديان المذكورة. هكذا فأنّ معتنقي فروع الدين اليزداني (الإيزيديين والهلاويين واليارسانيين والشبك والدروز) يعبدون (شاتەنŞATEN ) أي (يزدان) الذي هو إسم الخالِق في هذه الأديان، وليس شيطان الأديان الإبراهيمية. لذلك يجب على أصحاب فروع الدين اليزداني أن يُفرّقوا بين (شاتەنŞATEN ) الكوردي والشيطان اليهودي والمسيحي والإسلامي، وأن يعلنوا على الملأ بأنهم يعبدون (شاتَن ŞATEN)أي (يزدان) وأن يردّوا التُهمة الموجّهة لهم بعبادة الشيطان اليهودي والمسيحي والإسلامي، حيث أنه لِعدم عِلم المسلمين بِوجود (شاتَن ŞATEN ) في فروع الأديان اليزدانية ولِقُرب نطقها مع كلمة (شيطان)، يظنون أنّ الإيزيديين يعبدون الشيطان المذكور في الكُتب المقدسة للأديان الابراهيمية، وبسبب هذا الاعتقاد الخاطئ، تعرض الايزيديون للقتل والإضطهاد.
من الجدير بالذكر، أنّه في الأديان الكوردية لا وجود للشيطان أو إبليس أو أهريمن الذي هو مصدر الشرور في الأديان الإبراهيمية والزردشتية، بل أنّ الخالِق في الأديان الكوردية هو خيرٌ مُطلق ولا يخلق الخالِق مخلوقاً شرّيراً مثل الشيطان لِخداع البشر ودفعهم لإرتكاب المآثم والجرائم، بل إن الخالِق منح الإنسان العقل ليكون مُخيّراً بين أن يكون إنساناً جيداً أو شرّيراً، حيث أنه في الأديان الكوردية، الإنسان الشرّير هو الشيطان المذكور في الأديان الإبراهيمية.
ملاحظة: المعلومات عن (شاتَنŞATEN) ) مأخوذة من الكتاب الإلكتروني المعنون {نۆبەرهەم ژمارە [8] - وشەنامەكی ئێتیمۆلۆژیای زمانی كوردی} للعلّامة الدكتور جەمال نەبەز، الصادر في سنة 2008، صفحة 309 – 310.[1]