إعداد/ رشا علي
“كان سيُزفُ عريساً هذه الليلة، ولكن ارتقى شهيداً” هكذا تتحول الأفراح في مناطق شمال وشرق سوريا إلى مآتم، أحلام كثيرة لا تكتمل، تتبخر، ليس لأنها مجرد أوهام، بل لأنها تصطدم بوحشية الاحتلال التركي.
من الأجدر أن يخجل ضمير البشرية أمام هذه الوحشية الهمجية، التي لا سبيل لها إلا قتل الإنسانية، ولا تفرق بين صغير، وبين كبير، وبين شاب ومسن، فهي تقتل الأحلام والطفولة، فهمجية الاحتلال التركي، بوحشيتها المعهودة، تسفك دماء الأبرياء، وتحول المناطق كافة في شمال وشرق سوريا الآمنة، إلى مستنقع تكثر فيه الدماء، فينتشر فيها الخوف، كل ذلك يحدث بالتعاون مع المرتزقة التابعة له “الدواعش”، في سعي منهما لزعزعة الاستقرار العام في عموم المنطقة.
استخدمت دولة الاحتلال التركي، في الآونة الأخيرة الطائرات المسيرة، مستهدفة أبناء المنطقة من مدنيين، وحماة قوات سوريا الديمقراطية، وقوى الأمن الداخلي، ووحدات حماية المرأة، ووحدات مكافحة الإرهاب… وذلك بعد إفلاسها وخساراتها في هجومها لمناطق الدفاع المشروع، إضافة إلى ذلك، عودتها خائبة من الاجتماع الثلاثي، الذي عقد مؤخرا مع طهران وموسكو.
وكان آخرَ استهدافها الوحشي للمدنيين في مناطق شمال وشرق سوريا، قصفٌ لسوق ناحية تل رفعت، صباح يوم الأربعاء المصادف ل 24 من شهر آب الجاري المكتظ بالمدنيين، بواسطة طائرة مسيرة؛ ما أسفر عن استشهاد ثلاثة مواطنين، وإصابة سبعة آخرين بجروح متفاوتة.
الشهيد العريس
وكان من نتائج ذلك القصف، استشهاد الشهيد “حمزة بريم” حيث كان في سوق الناحية يحضر لحفل زفافه، وتزيين سيارته، إلا أنه أضحى شهيداً في استهداف طائرة مسيرة من قبل جيش الاحتلال التركي.
الشهيد “حمزة بريم”، حيث كان من المقرر أن يقام عرس له في تلك الليلة، إلا أن يد الاحتلال التركي طالته بالقصف، فارتقى إلى مرتبة الشهداء؛ ما يظهر تعمد جيش الاحتلال التركي استهداف المدنيين من أجل ترهيبهم، وتهجيرهم من مقاطعة الشهباء.
فرحٌ لم يكتمل
وفي هذا الصدد، يروي “إبراهيم بريم” والد الشهيد “حمزة بريم” لوكالة أنباء هاوار، ما جرى بينه، وبين ابنه قبل وقوع المجزرة، التي أودت بحياة ابنه: “في الصباح كنا مجتمعين على مائدة الطعام، وبعد تناولنا الفطور، قال لي حمزة: إنه ذاهب ليغسل السيارة، التي تقوده إلى عرسه، فطلبت منه ألا يستعجل بذهابه، فالوقت ما زال مبكراً، ولكنه أصر كي يذهب لغسل السيارة”. لقد كان حمزة متلهفا بقيام حفلة زفافه، واستعجاله للتحضيرات النهائية لعرسه، ولكن هذا الفرح لم يكتمل، فقد حوله المحتل التركي إلى مجلس عزاء.
وتابع والده في حديثه، وبعد ذهاب حمزة بفترة وجيزة، سمع صوت دوي قوي، من داخل المدينة: “وفي هذه اللحظة بالذات أخبرني حدسي، أن مكروهاً قد وقع، فلم أنتظر، وهرعت مسرعاً إلى مكان وقوع المجزرة، وأنا لا أعلم ما يحدث، بل كل ما كنت أراه الدماء منتشرة في كل مكان”.
وأضاف: “لحظة وصولي إلى مكان المجزرة، سألت كل من رأيتهم عن ابني، لم يكن أحد يعرف ما حل به، حينها رأيت صديقه واقفاً هناك، فركضت إليه، وسألته عما حدث لابني، فقال: “لقد أسعفوه إلى مشفى تل رفعت” وكان وجهه مضرجاً بالدماء، فقد تعرض للإصابة؛ نتيجة قصف مسيّرة الاحتلال التركي لسوق المدينة، شعرت بالصدمة، حيال سماع هذا النبأ، ولكنني آمنت بقضاء الله وقدره”.
هي أعراسنا منذ الأزل، هذه حالنا مع الدولة التركية، فهي دائما تبدل أفراحنا أحزانا، مع غروب كل شمس، كان موعدك مع عرسك يا حمزة، فأحرقت رسائل عشقك؛ لتخلد شهيداً لشهباء العز.
المقاومة والتضحية في سبيل الوطن
وأكد بريم خلال حديثه، أنهم لن يخرجوا من ناحية تل رفعت، مهما زاد جيش الاحتلال التركي ومرتزقته من وحشيتهم، تجاه الأهالي المهجرين: “مهما حاول جيش الاحتلال التركي، ومرتزقته ترهيبنا؛ كي نخرج، ونهجر مرة أخرى، فلن نخضع لممارساتهم اللاإنسانية، بل إن هذه الوحشية تزيدنا إصراراً على التشبث بالأرض، ولن نخرج، غير أننا نرجع إلى وطننا عفرين”.
وعاهد بريم، بالسير على درب الشهداء، وإن كان ثمن ذلك التضحية روحه: “حتى، وإن فقدت حياتي شهيدا فلن أبرح تل رفعت، وسنبقى نقاوم حتى نحرر عفرين، ونسير على درب الشهداء؛ لنحقق أهدافهم”.[1]