#قامشلو#/ دعاء يوسف
لا يزال مواطنو قامشلو يصنعون المؤونة محافظين على الموروث الشعبي الذي تناقلوه لأجيال، فهي توفر القليل من المصاريف على المواطنين في ظل ارتفاع الأسعار في فصل الشتاء.
أصبح الشتاء على الأبواب، ولكل فصل طقوس يقوم بها أهالي المنطقة، لتبدأ النساء بالتجهيز للمؤونة كتقليد سنوي، والمؤونة الشتوية عادةً قديمة كثيرون يفضلونها على ما يُباع في الأسواق، وفي هذا الوقت من كل عام يبدأ تحضير “مؤونة الشتاء”، حيث تنشط ربات البيوت ويعملن بدأب وهمة لتحضير أنواع مختلفة منها، وذلك من أجل تخفيف مصاريف الشتاء، والذي غالباً ما تتضاعف فيه أسعار الخضروات والفاكهة وتفادياً لذلك؛ فإنَّ موسم المؤونة هام وضروري كنوعٍ من التوفير.
موسم المؤونة موروث شعبي
ها هنَّ النساء في مناطق شمال وشرق سوريا يبدأنَّ رحلتهنَّ من جديد مع تجهيزات المؤونة، وفي قامشلو تستعد النساء لاستقبال الشتاء، وهنَّ على كافة الأهبة ليكون بيت المؤونة الموجود في كل منزل جاهزاً وممتلئاً من كافة الخيرات.
ورصدت صحيفتنا “روناهي” رأي المواطنة روجين إبراهيم، وهي تعد رب البندورة، لتحدثنا بينما تقوم بغسل حبات البندورة الطازجة قائلةً: “مع اقتراب نهاية الصيف يبدأ التجهيز لبعض أنواع المؤونة، كالمخللات ومعجون الطماطم والمحمرة والباذنجان المجفف والمكدوس”.
وعن طريقة إعداد رب البندورة التي تعلمتها روجين من أجدادها قالت: “نقوم بغسل حبات البندورة بالماء جيداً ونقطعها ثم نضعها تحت الشمس لتجف قليلاً مع بعض الملح، لنعصرها، ثم نصفيها لتعاد إلى أشعة الشمس من أربعة إلى خمسة أيام”.
وبعد أن تجف البندورة تخزنها روجين في علب مع وضع قطعة قماش قطنية، ونوهت أن هذه الطريقة تحفظ رب البندورة من التعفن ليقاوم طوال الشتاء.
وعن الكمية التي تعدها روجين كل سنة فبينت لنا أنها تعصر قرابة ال 200 كيلو بندورة لينتج 20 كيلو من رب البندورة، وزادت: “كل ملعقة من رب البندورة المنزلية تضاهي أربع معالق من رب البندورة الجاهز، غير أن الطعم يختلف جداً”. وأشارت روجين إلى أن سعر البندورة غالي، ولا يمكن لكل الناس صنعها، فالجاهز يكون أرخص لهم: “لقد جلبت كيلو البندورة من سوق الهال ب 1200 ليرة، وهذا السعر غالٍ من أجل صنع المونة، وكون زوجي يعمل في سوق الهال أستطيع تخزين مؤونة متنوعة بينما الكثيرين ما عاد بمقدورهم ذلك”.
وتطرقت روجين أنها تعد المونة كل سنة رغم ارتفاع الأسعار لكنها لم تتخلَ عن هذا الموروث الشعبي: “في كل سنة أعد المونة كما تعلمتها من أمي فأنا لم أتخلَ عنها لأن عمل اليد أفضل، كما كان يقول أجدادنا: المؤونة تعطي البركة في المنزل”.
تخفيف أعباء الشتاء
قامت روجين بصنع المخللات كالخيار والفليفلة وبعض أنواع المربى، وهي على مشارف أن تنتهي من رب البندورة، مبينةً رغبتها في صنع المكدوس فقد أحضرت الفليفلة لتباشر بها، مع الباذنجان الذي جففت بعضه بعد نقرة وحفره، بالإضافة للذي ستصنع منه المكدوس بعد أن تجف المحمرة، وعلّقت على الأمر: “ما زلت في البداية ولدي الكثير من العمل لينتهي بيت المؤونة”.
وعن ارتفاع الأسعار وتأثيرها على التموين قالت روجين: “لا يمكن إنكار تأثر بيت المؤونة بارتفاع الأسعار، في السابق كنا نخزن ونموّن بكميات كبيرة جداً تكفينا وتزيد عن حاجاتنا على مدار العام، لكن اليوم نقوم بتموين الشيء القليل، الأسعار سياحية مقارنةً بالسابق، ومع قلة التيار الكهربائي فإننا لا نجرأ على تخزين كميات كبيرة”.
واختتمت روجين حديثها: “عملية التموين والتخزين ضرورية جداً للتخفيف من المصروف في فصل الشتاء، بالإضافة إلى أن ما نصنعه أكثر نظافة وصحة مقارنةً مع المنتجات التي تُباع في الأسواق، نعم اليوم كل شيء متوفر ومن السهل الحصول عليه لكن ثقافة صنع الأطعمة في المنزل وتجفيف الخضار وتعليبها من التراث القديم ولا زلنا نحافظ عليها”.
بطرق بدائية ومن دون مواد حافظة تُخزن النساء وتمون مختلف أنواع الأطعمة، لتعبئة بيت المؤونة في منازلهن والذي يعد المخزون الذي تعتمد عليه العائلات لتلبية احتياجاتهم من الطعام خلال فصل الشتاء.[1]