#قامشلو#/ رشا علي –
“وحشية الاحتلال حرمت ابني الشهيد آهنك من إتمام الثانوية، وكذلك تحقيق حلمه الطفولي، بأن يصبح لاعباً لكرة القدم “حارس مرمى” هكذا أصبحنا نودع أبناءنا وأطفالنا من دفن أحلامهم وطموحاتهم معهم؛ بسبب أفعال دولة الاحتلال اللاإنسانية”.
للدولة التركية سجل حافل جداً بمجازر الإبادة ضد الأطفال، ولطالما كان الأطفال الكرد هدفاً للمجازر، حدثت أكبر وأكثر المجازر ضد الأطفال الكرد، خلال فترة حكم حزب العدالة والتنمية، وتجاوزت هذه المجازر حدود باكور كردستان لتمتد إلى روج آفا، والتي كانت هدفاً للاحتلال والإبادة الجماعية.
جراح لن تلتئم..
منذ اندلاع الثورة في روج آفا، تعرض الأطفال، الذين يعيشون أحراراً في وطنهم، ولو في أدنى المستويات، للهجوم من قبل الدولة التركية، فدمرت مدارسهم، وقضت على ملاعب صباهم، التي كانوا يلعبون فيها، وقُتلوا، فيما ظل البعض يعاني جراحاً، لن تلتئم أبداً.
ارتكاب الدولة التركية للمجازر بحق أطفال شمال وشرق سوريا، لم تتوقف، وما زالت مستمرة، الطائرات المسيرة التابعة للدولة التركية الفاشية، تقصف الأطفال في روج آفا، وكل ذلك يحدث أمام أعين العالم كله.
ومن بين المجازر، التي ارتكبها الاحتلال التركي بحق الأطفال في روج آفا مؤخراً، كانت مجزرة السادس من شهر آب 2022 في قامشلو، حيث قصفت طائرة مسيّرة تابعة لدولة الاحتلال التركي حي الصناعة بمدينة قامشلو، وتسبب القصف في استشهاد الطفلين “أحمد علي حسين” و”آهنك أكرم حسين” وإصابة الأطفال “محمد صالح، وميران صلاح، وإيلان صلاح، وبلند محمد شمس الدين”.
وأدوا الطفولة وأحلامها
لكل طفل اغتالته الفاشية التركية قصة، وحلم لم يتحقق، ومن بين هؤلاء الأطفال الشهيد “آهنك حسين” ذو 14 عاماً، من سكان مدينة قامشلو، حي “العنترية” صاحب الصفات الفريدة كما تصفه والدته “محفوظة سليمان” وتروي لنا جوانب أخرى من حياة الطفل الشهيد.
تقول والدة الشهيد آهنك حسين: إنه كان يملك صفات تميزه عن أخوته، وبأنه غرس محبته في قلب كل من عرفه، من قريب أو من بعيد”، كانت والدة آهنك حسين تعدّه سر السعادة في هذه الحياة، حيث كان هادئاً، ودوداً، مهذباً، مطيعاً، والأهم من كل ذلك كان طفلاً باراً بوالديه، حسب ما تحدثت والدته عنه.
للشهيد آهنك حسين أربعة أخوة، وأخوات، فهو أوسطهم، لديه أخ وأخت يكبرانه، وأخ وأخت أصغر منه، فتقول والدته بأنه عندما كان يدخل من باب المنزل، كان يحوّل المنزل إلى صالة أفراح، وبأنه كان ينشر البهجة والسرور أينما يكون.
تروي والدة آهنك حسين لحظات الاستهداف الغادر، وتقول: “إن هجوم الاحتلال الوحشي والغادر لحي الصناعة، حول كل شيء إلى حزن وصدمة، وإن آهنك كان يعد حي الصناعة منزله الثاني؛ لأنه كان يقضي الكثير من الوقت في هذا الحي مع أصدقائه الأطفال، وفي عمله”. لحظات قاسية كانت كفيلة بغرس الحزن والصدمة في قلب والدة آهنك حسين، وكل محبيه، استشهد آهنك، وابن عمه أحمد، وأصيب اثنان من أقربائه.
حلمٌ لم يتحقق
وبخصوص الصفات الأخرى، التي كان يملكها الشهيد الطفل آهنك حسين، وهواياته، التي كان يمارسها، بينت لنا والدته محفوظة، بأن ولدها الشهيد كان يحب المسؤولية، ومساعدة والده في إعالة الأسرة، رغم صغر سنه، وبأنه تعلم أكثر من صنعة، وهو بهذا العمر الصغير، فتقول والدته: بأنه تعلم صيانة كهرباء وميكانيك السيارات إلى جانب دراسته، وبأنه أنهى دارسته في المرحلة الإعدادية، وكان ينتظر افتتاح المدارس لأجل أن يلتحق بالمرحلة الثانوية.
كان حلم آهنك، أن ينهي دراسته، وأن يصبح ميكانيكياً ويفتتح محلاً خاصاً به، كان يقول لوالدته دائماً: “أمي هل ستفتحون لي محلا خاصاً بي عندما أكبر”، ولكن إرهاب الفاشية التركية، حالت دون تحقيق آهنك لأحلامه البسيطة. تروي والدة الشهيد آهنك عما حدث قبل المجزرة، فتقول: إن آهنك تناول وجبة الغداء، ثم خرج من المنزل، وذهب لحي الصناعة من أجل تصليح دراجته الهوائية، التي كان يستخدمها من أجل الذهاب إلى العمل، وعندما رأى عمه، وابن عمه في دكانهم، ذهب إليهم وحدث الاستهداف واستشهد آهنك وابن عمه، على الرغم من إنه لم يكن يعمل في الصناعة ذلك اليوم، إلا أن يد الغدر طالت آهنك، وابن عمه لينالا مرتبة الشهادة”.
“نعلم أن جميعهم متفقون لقتل أحلام الطفولة في وطننا”
أما والد الشهيد آهنك “أكرم خليل حسين” يصف ولده الشهيد، بأنه كان يحب الدراسة كثيراً وكان متفوقاً في دراسته، وبأنه كان يعمل في الصيف، من أجل أن يتعلم صنعة ما، ويكتسب الخبرة من أجل مساعدة والده، وزاد: “إنه كان طفلاً، لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره بعد، استهدفه الاحتلال التركي، أين هي منظمات حقوق الإنسان، ومنظمات حقوق الطفل، والدول الضامنة من هذه الجرائم، التي يرتكبها المحتل؟ نعلم بأن جميعهم متفقون لقتل أحلام الطفولة في وطننا”.
حلمه أن يصبح حارس مرمى في المستقبل
ومن هواياته، التي كان يمارسها ويحبها كثيراً، وكان يحلم أن يستمر بها هي لعبة كرة القدم، وأضاف حسين: “كان يحب كرة القدم، ويعشقها منذ صغره، التحق بنادي الأسايش كحارس مرمى منذ ثلاث سنوات”.
يشير والده إلى أنه كان دائماً يمازحه بأن اختياره اللعب كحارس للمرمى ليست لها أهمية، وبأن آهنك كان يرد على والده، بأنه يفضل أن يكون حارس مرمى كبيراً في المستقبل.
يتحدث والد آهنك عن عمله إلى جانب دراسته، وبأنه كان يعمل مع عمه في محل لتصليح المولدات، والآليات الزراعية الصغيرة، وبأن آهنك عندما كان ينهي عامه الدراسي، وفي أثناء فصل الصيف كان يذهب إلى الصناعة ليتعلم المهنة أكثر “رغم صغر سنه، إلا أنه كان يحمل الكثير من العلم والصنعة في مجال الميكانيك والكهرباء، فكانت هوايته لعب كرة القدم”.
“نساند عملية القسم لمحاسبة قتلة أطفالنا”
يضيف والد آهنك عن محبة أصدقائه ومدربيه له، وبأنهم كانوا يقولون: “آهنك كان يفرض علينا أن نحبه ونعشقه، فهو كان نشيطاً ويكد ليتقدم ويتطور”.
والد الشهيد آهنك حسين يتمنى أن يتوقف الاحتلال التركي عن استهداف المدنيين الأبرياء، وأن تتم محاسبة الدولة التركية على المجازر، التي ارتكبتها بحق الطفولة والمدنيين، وتابع: “لدينا إرادة قوية، فدولة الاحتلال تمارس الظلم والإبادة بحق شعوبنا من الأطفال والكبار، أنها تهاجم شعوب المنطقة، وهناك من يساعد ويساند الاحتلال للقيام بهذه الأفعال، ونحن نساند عملية القسم، التي أطلقتها قوات سوريا الديمقراطية، ونحن كعائلة شهيد نطالب بمحاسبة الجواسيس، وتنفيذ أشد العقوبات بحقهم”.[1]