قرية “حموكر” الأثرية في سوريا من أهم المواقع الأثرية، التي عملت فيها بعثات أثرية مشتركة وجامعات أجنبية، ومنها بعثة سورية-أميركية مشتركة ما بين المديرية العامة للآثار والمتاحف، وجامعة “شيكاغو” التي بدأت التنقيب في هذا الموقع منذ عام 1999م.
استقرت بعض المجموعات البشرية الناجية من الطوفان في جنوب “ميزوبوتاميا”، كما استقرت مجموعات أخرى في شمال سوريا في سهول الجزيرة بسوريا، بالتحديد لتأسس هناك حضارة من جديد، وكلا النظريتين تؤكدان وجود صلة قرابة بين المجموعتين البشريتين، اللتين يجمعهما الموطن الأصلي المشترك.
السويات الأثرية
كشف التنقيب عن استمرار طبقي سكني في هذا الموقع من العصر الكالكوليتي النحاسي، وحتى العصر الإسلامي، واتبع التنقيب السبر الأفقي بدلاً من العمودي نظراً لسهولة هذه الطريقة في موقع “حموكَر” الذي يرتفع حوالي 20متراً.
أما أهم المكتشفات الأثرية فهي الفخار، بالإضافة لأفران، قطرها متران، كانت تستخدم للطبخ، وخاصة اللحوم نظراً لاحتوائها على كمية كبيرة من عظام الحيوانات، وبعضاً من المواد النباتية المتفحمة، كما وجدت في سوية أوروك أيضاً قبر لطفل معه تماثيل عرفت بتماثيل العيون؛ لأنها كانت مطعمة بعيون كبيرة تشبه مثيلاتها المكتشفة في “تل براك”، وتمثل هذه التماثيل آلهة وأشخاصاً عاديين، أما فيما يتعلق باللقى الأثرية الأخرى، التي وجدت في قبر الطفل فكانت ثمانين ختماً وخمسة عشر رقيما، وكثيراً امن الخرز وبالإضافة إلى هذه الأختام، وجدت أختام عليها أشكال حيوانية مختلفة وخاصة الأشكال الحيوانية ذات القرون.
كما كانت التمائم (التعاويذ) المكتشفة مادة مهمة للدراسة، وتشبه مثيلاتها المكتشفة في تل براك، لكن نجد تمائم وتعاويذ حموكَر تمثل شبه أختام لوجود الختم عليها، وقد أثبتت الحفريات والتحريات، أنه ربما بدايات نشوء الحضارة المدنية، كان من “حموكَر”، وليس من “أوروك”، أو أن يكون موقعنا هذا متزامناً مع “أوروك”، من ناحية الحضارة المدنية على الأقل، وهناك من يرى أن بعض المجموعات البشرية في جنوب “ميزوبوتاميا” هجرت موطنها إلى شمال سوريا، واختلطت بالسكان الأصليين في موقع “حموكَر” واستطاعت أن تنقل الثقافة الحضرية المدنية من جنوب “ميزوبوتاميا” إلى منطقة “حموكَر”».
التطور العمراني: أهم سويتين في موقع “حموكر” نسبة إلى التطور العمراني، كانتا سويتي “أوروك” و”العصر الأكادي” إذ اكتشف هنا عن أقدم نظام للتكيف الهوائي في التاريخ نظراً لوجود جدران ثنائية متوازية تفصل بينها مسافة من الفراغ حوالي 15سم، تسمح بتسرب الهواء الصافي المقاوم لحرارة الصيف الشديد، كذلك ساعدت جغرافية موقع “حموكَر” الرائعة، الذي يخترقه عدة أنهار من الشمال باتجاه الجنوب، ومن جبل “سنجار” باتجاه الشمال للاختراع أنظمة وقنوات للري التي لا مثيل لها، واكتشفت أيضاً أبنية ضخمة من اللبن، ملأى بالفخار، أما فيما يتعلق بالأختام، فكانت كثيرة وعلى نوعين، كبيرة لأشخاص مرموقين مهمين كالملك والوزير ورئيس الحجاب، وصغيرة لأشخاص عاديين تجار، وحرفيين يضعون أختامهم على سلعهم وبضائعهم، وهذا دليل على علاقات “حموكَر” التجارية الواسعة، ولاحقا هجر الموقع وأصبح على شكل قرى بسيطة صغيرة في الفترات اللاحقة الآشورية، والكلاسيكية، والإسلامية».
وكالات[1]