حاجي علو
لا يُمكن لعاقلٍ أن يتجاهل تأثير التجاور في العلاقات بين المُتجاورين في مختلف المجالات خاصةً الإعتقادية والدينية منها , هكذا الدين الئيزدي أيضاً, لكن يجب أن لا نسميه بالئيزدي لأننا نتكلم عن آلاف السنين وليس عن قرون, فالدين الئيزدي لم يكن قبل عهد الشيخ حسن بل وفي زمنه أيضاً فالشهادة التي صاغها هو لم يذكر فيها إسم دينٍ ئيزدي ولا في كتاب الجلوة الذي دوّنه هو بيده في 625ه يذكرفيه اليهود والنصارى والإسلام ولا يوجد ئيزدي بل يُخاطبهم ب(يا أيّها الذين آمنوا) ولا النصوص المقدسة التي قيلت قبله ولا بعده قد ذُكر فيها الإسم الئيزدي غير إسم (عدويون, مؤمنون, مريد, سونةت, سونيا, ويتدخل شيشمس وملكفخردين بإسم: زرباب وزركًون وهو دين حسين الحلاج دين طاوسيملك بحسب المرحوم فقير حجي) فأين الإسم الئيزدي الذي قبل آلاف السنين, ثم طوره وجدده الشيخ عدي والد الشيخ حسن وبدون إسم؟
في مقالٍ سابق يُشير كاتبه إلى كاتبٍ إيراني في قوله (إلى أنَّ الئيزديين يتبعون ديانة ترجع إلى ما قبل الزرادشتية) نعم وهو كذلك وليس توكلي وحده يقول ذلك, المارسوني أكّد ذلك وكذلك توفيق وهبي وهو الدين المزداسني الميدي, الدين العام حتى نهاية الساسانيين, وقد ذكره أمين زكي بالإسم الزرادشتي بعد ظهوره, زرادشت لم يخلق ديناً ولا سمّى دينا ولا إنشق عن دينه, هو دوّنه و وحّدَ جميع الآلهة في الشمس واهبة الحق/ الخير(اهورامزدا) الذي هو إسم كوردي بمقاطعه الثلاثة, يعني الشمس وليس رب الشمس أو إله الشمس أو أيّ إسم مضاف للشمس, وكأني به لم يعترف بالآلهة غير المنظورة, لا أحد فوق الشمس التي تعطي الدفء والحياة والنور وهذا ما أثار غضب الميديين ناهيك عن تغيير السرصال ومنع القرابين عماد إقتصاد الكهنة فهرب إلى بلخ ب ,
يُحاول الأخ كاتب المقال السابق وضع اللوم على زرادشت في إلحاق إسم إبليس بالئيزديين , فيقول سمّاهم (دئيفةيسنة) نعم لكل فعل رد فعل, هم حاربوه وهو إتهمهم بالغباء وعبادة الأشباح, الرسول نفسه سمّى قريش بالمشركين والكفار والسفهاء لكن بعد نجاحه لا تجوز الخلافة الإسلاميّة إلا لقريش هكذا هي بداية النضالات ونهايتها, كنت أتمنى أن أفهم الغاية من فصل الئيزديين عن الأصل الزرادشتي الكوردي بل عن الكوردايةتي كلها, لقد حاولوا سابقاً فكانت النتيجة مُؤلمة هذه الفوضى التي يعيشها العراق الآن هي إحدى ثمارها
إبليس أُلصق بالئيزديين بعد الإسلام فمن لا يسلم عدا أهل الذمة هو كافر عابد إبليس أيّاً كان معبوده, ليس له غير السيف وذراريهم سبايا حتى أسلمت جميع طوائف وشعوب الإمبراطورية الساسانية المزداسنيّة وما بقي منها إلا من إختفى في الجبال حتى مجيء صلاح الدين فتجمع قادتهم في لالش وجددوا دينهم والسيف لا يزال يتبعهم وإبليس يُرافقهم إلاّ أن يسلمو
ولم يبرز إسم زرادشت إلاّ بسبب كتابته لدينه المزداسني وهو أول كاتب يكتب دينه بيده فنسب إليه, ولم يتسمّى بإسمه إلاّ بعد الإسلام نُسب الدين إلى الشخص تحقيراً للدين , ولا نبي رأى كتابه بعينه غيره ومع ذلك لم يعترف الإسلام به كالكتب السّاميّة التي لا علاقة لأصحابها بها وهو لم يدع النبوة ولا تأسيس دين جديد فثوابت القوم لم تتغيّر الشمس كانت مقدسة قبله ومن إسمها إشتق دينهم الميدي ( اهورامزداسني/ عبدة الشمس الحق) وهو نفس الدين حتى هذا اليوم إختصر عبر الزمن والإضطهاد إلى داسني والنار كانت مقدسة قبله, وكذلك الثور, وهي التي نقدسها نحن حتى اليوم إضافةً إلى تقديس الماء وعناصر الطبيعة التي إلتقطها ملكفخردين من فم زرادشت والخير والشر التوأمان اللذان جمعهما ملكفخردين في الإنسان الواحد, وتناسخ الأرواح التي لم يتحدث عنها أنكيدو ولاعشتار التي نزلت العالم السفلي لتتفقد أحوال الموتى, الشيء الوحيد الصحيح الذي إقتبسناه من السومريين عيد الخلود /خدر الياس لايذكرونه, لأنهم لا يستطيعون قول الحقيقة
يُؤكّد توفيق وهبي أن المزديسنا ظل ديناً للدولة حتى الزحف الإسلامي, الكتابات الإيرانية أيضاً تؤكد أن مزديسنة كان الدين الرسمي للدولة الساسانية, وتذكر جميع أديان الدولة : يهوديان مسيحيان بوداي صابئين ثمّ مانويان ومزدكيان وزروانيان هذه أيضاً فروع زرادشتية إنقرضت قبل الإسلام ولم تذكر الئيزديين, فهل كانوا مجموعة صغيرة يسكنون كهفاً مغلقاً فلم يسمع بهم أحد وأنتم تقولون كانوا 85 مليوناً في ذلك الزمن؟
ثم هل تمكن الئيزديون من الإحتفاظ بمصحف رش حتى يحتفظوا بالآفستا؟ لكنهم يحتفظون بإسمه في تراثهم الشفاهي الزرادشتي وهو إسم يوم الجمعة (ئيني) المشتق من ئيناهيتا إله الماء المختص ب(الآفستا) الكلمة الكوردية الفارسية( ئاف أست/ إنه الماء It is the water ) وإذا لم تتضمن النصوص الئيزدية إسم زرادشت فهل هي تتضمن إسم نابو أو عشتار أو إنليل أو آنو أو حتى الإسم الئيزدي كدين .؟ يذكرون أنبياء الأديان الإبراهيمية مقتبسين من الإسلام حتى أسماؤهم الحقيقية لا نعرفها إلاّ ما لقنها الإسلام إيانا, يرد إسم ئيزيد كثيراً وهو إسم فارسي يعني الإله كان معروفاً في بابل قبل 1500سنة قبل الميلاد وهو إله الكيشيين الكورد أو فرس, فلنا نص ديني مقدس في ملكهم جمجمي سلطان الذي يسميه الفرس جمشيد جم
وما هي الدلائل التي تشير إلى بروز صراعات بين الئيزديين والزرادشتيين أثناء إنتشار الزرادشتيّة , متى كان هذا؟ زرادشت هرب لا نشر ديناً ولا أحد عرف له ديناً, إنما بعد الفوضى يكون إعادة تنظيم دائماً, بعد إستيلاء كورش الأخميني على الحكم يبدو أنه لم يكن مزداسنياً ولم يهتم بأيّ دين, لكن إبنه قمبيز كان ملحداً تزوج أخته وطعن الثور المقدس فثاروا عليه وإستلم دارا الميدي الحكم ونظم دين الدولة المزداسني معترفاً بتغيرات زرادشت, بعد الإسكندر أيضاً حدثت فوضى وفراغ ديني كبير, فلما قام
الأشكان أول عمل قام به أرشاك هو تنظيم الدين وجمع شذرات الآفستا التي دونها زرادشت وبدأ إسم زرادشت يلحق بهذا الدين وهو نفس الدين لم يتبدل, حتى إستيلاء المجيور أردشير الساساني على الحكم من الأشكان وكان كاهناً متديناً لمعبد أصطخر أعاد جمع نصوص افستا الدينية وتنظيمها, لكن خلَّفه إبنٌ عسكري ملحد هيّأ الجو لظهور ماني الأشكاني والمانوية التي لم تكن ديناً بل حزب و ثورة سياسية أراد استعادة سلطة الأشكان من الساسانيين فتقرب للمسيحية فحدثت فوضى دينية أخرى قتل فيها ماني ثم قضى سابور الثاني على مخلّفاته وأعلن الدين المزداسني ديناً رسميّاً للدولة ولم يبق أثر للمانوية ومثل ماني فعل مزدك وقضى عليه نوشي رَوان المعرف عند الئيزديين ب شيرواني عادل, وليس هناك أثر لدين إسمه ئيزدي
كل حدث تاريخي له أربعة عناصر: المكان الزمان طرفي النزاع, كنت أتمنى من الأخ أن يذكرلنا عنصرين فقط لحدث حربي واحد بين الزرادشتيين والئيزديين كي نفهم الموضوع ويكون لنا تعليقٌ عليه
ثم يقول الأخ ((حيث كان زرادشت قد نشر ديانته في نفس المنطقة٬ فواجه الايزيدية التي تشبثت بديانتها٬ وتباهت من انها اول من استبدلت عبادة الظواهر الكونية بٲله التوحيد)) لكن العكس هو الذي كان, زرادشت هو الذي جمع جميع آلهة الظواهر الطبيعية في الشمس الخير كما قلنا أو إله الخير كما يقولون, والشعب هو الذي لم يتخلّى عنها وحتى اليوم الئيزديون يقدسون أرواح الموتى وغيرها من الآلهة التي لها آثارها في التراث الشفاهي, لكنه لم يتمكن من إلغائها دفعة واحدة فسماها
معاونو اهورمزدا المقدسون, ومنها تطورت فكرة الملائكة عند الأديان الساميّة أو الآلهة الثانوية عند غيرهم
في مكانٍ آخر يقول : ((الديانة الأَيزيدية تتبنى الشمس وتعتبرها قبلة بينما الديانة الزرادشتية تقدس النار ويراها مظهر عظيمًا من مظاهر تجلي الله بدون الشمس )), على العكس تماماً زرادشت ألغى جميع الآلهة إلاّ الشمس الحق, هورمزدا كلمة كوردية حية بمقاطعها الثلاثة حتى اليوم والفرس لا يفهمون معناها إلا كإسم مجرد لإله, كلمة(هور)شبكية هورامانية تعني الشمس و(مز)كلمة بلهجتنا يعني: الحق, الخير , الثمن, و(دا)أعطى وهب منح بجميع اللهجات, والئيزديون يقدسون النار تماماً كالشمس وبالضبط نسميه نور الله ونحلف به ولنا للنار عيدان, زرادشت هو الذي إختصر الصوم إلى ثلاثة أيام مفروضة بدلاً من 120 يوماً مفروضة للجميع, ثم من قال أن الزرادشتيون الحاليون لم يتغيّرو بمقدار لا يقل عن 120 عما كانوا عليه قبل الإسلام , و من قال أن زرادشتية العراق كانت ,في أيّ وقت, بالضبط كزرادشتية إيران وأفغانستان وغيرها,نحن لم نتخلَّ عن القرابين ولا لحظة, حتى في العراق, الجنوبيون لم يكونو كالشماليين طاوسي بير كان في الشمال وئيزيد إله جنوبي كيشي, بعد الإسلام إختلطت الأجناس والمعتقدات بفعل الهروب من الزحف الإسلامي العربي وكل تغيير كان نحو الإسلام وتعظيمه حتى وإن لم يسلمو, بحيث أن ئيزيد الذي دخل إلى الشمال جاء متلبساً في شخص يزيد بن معاوية خليفة المسلمينم
وأخيراً نترك الدين لنبحث في التراث اللغوي أقوى مظهر من مظاهر الأقوام وصلاتها ببعضها وقد طرحنا الإستفتاء مراراً ونعيده الآن أن يستشهدوا لنا ببضع كلمات من لغة السومريين أوالآراميين الكلدانيين أو الآشوريين في لغتنا فيسكتون وهم الذين تدينون بديانتهم القديمة ولا كلمة من لغتهم دخلت لغتنا ونحن نعيش معهم متجاورين لثلاثة آلاف عام , شيءٌ عجيب لا يُصدقه عاقل سليم
الإستفتاء مطروحٌ للئيزديين المتضلعين في نصوص الدين والتاريخ الئيزدي وما كتبه الأخ هو إعتمادٌ على الئيزديين فهو معفوٌ من الإستفتاء.[1]