كشف صحفي وباحث مصري مختص في شؤون الجماعات الإرهابية عن سعي قوى دولية، لم يسمها، إلى ترسيخ مشكلة #داعش# لاستخدامها لأهداف سياسياً مستقبلاً، كما أكد أن الاحتلال التركي لشمال سوريا يعرقل جهود قسد في محاربة داعش.
أعلنت قوى الأمن الداخلي، انتهاء المرحلة الثانية من حملة الإنسانية والأمن ضمن مخيم الهول، في ال 17 من أيلو الجاري عقب 24 يوماً من عمليات البحث والتمشيط داخل المخيم الواقع في مقاطعة الحسكة.
وحذّرت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا المجتمع الدولي والتحالف الدولي من مخاطر عودة داعش، إلا أن دعواتها لم تلقَ أي استجابة حتى الآن.
ومؤخراً، شن مرتزقة داعش هجوماً على سجن الصناعة الذي كان يحوي قرابة 5 آلاف مرتزق في مدينة الحسكة، لإطلاق سراح المحتجزين، أعقبته تحركات مكثفة لخلايا داعش النائمة في المنطقة، وحاولت أُسر داعش إحداث فوضى ضمن مخيم الهول، عبر ارتكاب العشرات من عمليات القتل.
خلال حملة الإنسانية والأمن تمكنت قوى الأمن الداخلي، وبمساندة قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب، من العثور على العديد من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والعشرات من الأنفاق ومقار لتلقين الأطفال فكر داعش المتطرف، بالإضافة إلى اعتقال العشرات من عناصر الخلايا النائمة.
أكد الصحفي والباحث المصري المختص في شؤون الجماعات الإرهابية، علاء عزمي، على أهمية الحملة التي أطلقتها قوى الأمن الداخلي، وقال: ما من شك أن استمرار وتواصل مثل هذه الحملات يعد أمراً مطلوباً وحيوياً، وربما يكون السبيل الأنجع لفرض الاستقرار داخل المخيم.
تأكيدات علاء عزمي جاءت في حوار مع وكالتنا، حول أهمية الحملة، والدور الذي تؤديه قوات سوريا الديمقراطية من أجل القضاء على خلايا داعش، مشدداً على قسد اتخاذ كافة الإجراءات الدولية التي تحفظ حقوقها فيما يتعلق بأي دعم تركي موثق لداعش.
وفيما يلي نص الحوار:
* يعد مخيم الهول الخاص بأسر مرتزقة داعش من أخطر المخيمات في العالم، وشهد مؤخراً حملة أمنية أطلقتها القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي في 25 آب، لملاحقة خلايا ت داعش وتجفيف البيئة الدموية المساعدة لها وتخليص القاطنين من شرها وإرهابها، كيف تقيّمون هذه الحملة؟
بدون شك، إن العمليات الأمنية لقوات قسد لتطهير مخيم الهول من العناصر الداعشية المتعاطفة، أو تلك التي تساعد التنظيم الإرهابي بالتخطيط والدعم، هو أمر مطلوب وفاعل في إطار المواجهات الحاسمة مع ما تبقى من المرتزقة المتطرفين في شمال وشرق سوريا.
وعلى صعيد الحملة الأخيرة، تبدو النتائج لافتة، وخاصة ما يتعلق باكتشاف عدد ضخم من الأنفاق، وإزالة خيام كانت تستخدم لبث الفكر المتطرف في صفوف نزيلات المخيم وبين أطفالهن الصغار، بالإضافة إلى جمع عدد من الأسلحة وتوقيف العشرات من المتورطين في الإرهاب الداعشي.
وما من شك، أن استمرار وتواصل مثل هذه الحملات يعد أمراً مطلوباً وحيوياً، وربما يكون السبيل الأنجع لفرض الاستقرار داخل المخيم، والأهم أن مثل هذه الحملات تساعد في خلق أفكار جديدة لفرض الأمن، ومنها ما تفكر فيه الإدارة الذاتية من فصل مناطقي داخل المخيم، بحيث يتم تحويله إلى جزر غير متصلة، بما يؤدي إلى ضرب التواصل بين العناصر الخطرة.
لكن وفي المقابل، فإن حجم الإنجاز والنتائج التي تحققت في الحملة، يطرح بعضاً من علامات الاستفهام التي ربما تحتاج ليس إلى إجابة، ولكن إلى خطة عمل مختلفة داخل المخيم، فمثلاً الإعلان عن اكتشاف العديد من الأنفاق، يطرح تساؤلاً حرجاً، مفاده كيف ومتى تمكن الدواعش من حفر كل ذلك الكم من الأنفاق رغم الرقابة من قبل قوى الأمن الداخلي وقسد.
ومن ثم، وحتى لا نسقط في دوامات التأويل والهمز واللمز التي يسوقها أعداء قسد بشأن جدية الحملة، والتشنيع عليها ومحاولات الإيهام بأنها حملات دعائية لأغراض سياسية كردية، أرى أنه من الحري أن تتشدد قسد في الضغط على التحالف الدولي لمزيد من المساعدات الأمنية والتقنية لفرض النظام في المخيم مع تغطيته ومراقبته بالصوت والصورة على مدار الساعة، مع وضع خطط أمنية جديدة أكثر إحكاماً واستمرارية تحول دون تعاظم قدرة التنظيم على إثارة القلائل أو استعادة النفوذ داخل المخيم من حين إلى آخر.
بمعنى إعادة صياغة الحملات الأمنية لقسد لتكون دورية لا على فترات متباعدة، بحيث لا يُترك الحبل على الغارب للدواعش للقتل والخطف والهروب وشق الأنفاق وغيرها.
* كيف تقيّمون دور قوات سوريا الديمقراطية وقوى الأمن الداخلي في إنهاء خطر عودة داعش؟
قطعاً هو دور مهم وبارز، وربما يمثل إحدى صور التفاؤل فيما يتعلق بمعضلة مجابهة الدواعش. وما من شك أن هذا الدور لا يجد العون الكافي على المستويات السياسية والتقنية والعسكرية والقانونية من قبل المجتمع الدولي، ومع ذلك فهو يحقق الكثير من النجاحات المهمة.
وأرى أن تلك النجاحات لا يجب أن تغري قسد في الإصرار على المواجهة المنفردة مع الدواعش، وإن عليها أن تزيد من الضغط من أجل أن تصبح تلك المواجهة التي تقودها بتعاون دولي حقيقي وأساسي لا رمزي.
* يعد مخيم الهول من أخطر المخيمات في العالم، ولكن إلى الآن لم تظهر أي بوادر لحل ملف مرتزقة داعش من قبل التحالف الدولي والمجتمع الدولي، برأيكم ما السبب؟
المجتمع الدولي لا يريد أي حلول تكلف دول الشمال عودة عناصر داعشية الهوى والهوية إلى أراضيها بما يزيد من مخاطر الإرهاب في مجتمعاتها، أضف إلى ذلك أن عدداً من القوى الدولية في المنطقة لا تريد حل مشكلة مخيم الهول، بل وتسعى إلى ترسيخه كقنبلة موقوتة يمكن استخدامها أو توجيهها؛ لتحقيق أهداف سياسة تخص تلك الدول مستقبلاً.
*أطلقت قوات سوريا الديمقراطية حملة مماثلة في السابق ضمن المخيم، إلا أن الحملة توقفت نتيجة هجمات دولة الاحتلال التركي على شمال وشرق سوريا، برأيكم إلى أي حد تعيق الهجمات التركية حملة القضاء على داعش؟
الوجود التركي في الشمال السوري وهجماته ضد قسد وغيرها، إنما يعّقد الأمور ويفاقم التوتر في المنطقة أكثر، ناهيك عن كونه يمنح الجماعات الإرهابية فرصة للحياة، إما باستخدامها من وراء ستار، أو بمنحها فرصة الحركة والانبعاث من جديد مستغلة حالة الفوضى الأمنية، وعليه فإن أي أسباب تسوقها أنقرة لوجودها داخل الحدود السورية، أو في تبرير ضربها لمكون سوري بحملات عسكرية أو غارات أمنية، لا تبدو موضوعية أو تدعو للتفهم، بل على العكس تبدو كإشارات خطر ومحفزات لتصاعد الوضع.
* هناك معلومات تفيد بأن تركيا تُغذي مرتزقة داعش وأسرهم في مخيم الهول، وفي 28 آب عثرت قوى الأمن الداخلي على زي عسكري عليه علم تركي، كيف تقيّمون ذلك، ولماذا لا يتم محاسبتها على تعاونها ودعمها لمرتزقة داعش؟
على قسد أن تتخذ كافة الإجراءات الدولية التي تحفظ حقوقها فيما يتعلق بأي دعم تركي موثق لداعش.. وعلى قسد، إذا كانت متثبتة من الدعم التركي للدواعش أن تتخذ كل ما يكفي من الإجراءات السياسية والعسكرية لضرب ذلك.. أما ما يتعلق بعدم محاسبة تركيا على ما يثار بشأن دعمها لداعش، وبعيداً عن جدلية صحة ذلك من عدمه، فإن الأمر مرتبط بالأساس بفيضان المصالح المشتركة والمتداخلة بين عدد كبير من القوى الفاعلة دولياً وإقليمياً، وعليه فإن مسألة حساب نوافذ إثارة التوتر وعدم الاستقرار ستظل أمراً بعيد المنال إلى حين.
*حذر مختصون في شؤون الجماعات المتطرفة أن أي تصعيد تركي ضد المنطقة يمثل خطراً حقيقياً على استراتيجيات مواجهة داعش، وأكدوا على ضرورة مواجهتها من قبل المجتمع الدولي، كيف تقيّمون هذه التصريحات؟
على تركيا وأي قوى فاعلة في المنطقة عدم اللعب بالنار فيما يتعلق بمعضلة داعش، لأن الجماعات الإرهابية الوظيفية ولو تحالفت يوماً مع قوة عسكرية أو دولية فإن ذلك التحالف لن يستمر، وسرعان ما ستشتعل النيران لتحرق الجميع وينقلب السحر على الساحر.. وتجربة واشنطن مع الإسلاميين في أفغانستان تظل حاضرة في الأذهان ويجب أن يتعلم منها الجميع قبل أن يسقط في فخ تكرار كارثة 11 سبتمبر مجدداً وبصورة أكثر فداحة في ظل إرهاب الذئاب المنفردة والتطرف العابر للحدود.
ونصيحتي لقسد أن تضع المجتمع الدولي في محك حقيقي لمواجهة الدواعش، بالإعلان عن جدول زمني لإنهاء عملياتها ضد الدواعش في شمال سوريا، فمن جهة سيمثل ذلك تبرئة عملية لنفسها من اتهامات استخدام فزاعة داعش لتحقيق مكاسب سياسية، ومن جهة ثانية سيدرك الجميع أن حل كارثة داعش لا يجب أن يتحملها طرف وحيد قليل الإمكانات.
*ما المطلوب الآن من المجتمع الدولي لإنهاء ملف داعش وأسرهم في شمال وشرق سوريا؟
إن وضع تصور قانوني سياسي شامل للأزمة صار فرض عين على الجميع، مع تحمّل كل دولة لها رعايا محتجزة في المخيم مسؤولية استرجاعها ومحاكمتها أو إعادة تأهيلها نفسياً ومجتمعياً وفكرياً.. وحتى نصل إلى تلك المرحلة يجب أن تتدخل الأمم المتحدة والقوى الفاعلة دولياً فوراً للمشاركة في ضبط الأمن وإعادة التأهيل للعناصر المحتجزة عبر برامج تثقيفية وتعليمية ذات فاعلية.
* من هو علاء عزمي؟
علاء عزمي، صحفي ومترجم وباحث مصري، ومختص في شؤون الجماعات الإرهابية والشأن السياسي والعلاقات الدولية، قدم في مجال عمله عدداً من الأبحاث والدراسات والكتب تتعلق بمجال الإسلام السياسي، خاصة الجماعات الإرهابية والجهادية.
(ل م)
ANHA
[1]