قامشلو/ دعاء يوسف –
كاتب موريتاني يتأثر بقصص #المرأة الكردية# فَيُحيك قلمه الحروف والكلمات، ليكتب قصة تحمل اسم إحدى أيقونات النضال الكردي بارين كوباني، فكيف تأثّر وتعلّق بنضال المرأة الكردية يسرد أحداث قصة باسم إحدى شهيداتنا وينشرها في وسائل إعلامية عدة.
شاب موريتاني شغوف بالكتابة، يُسطّر قلمه قصة كردية، عاش بين ثناياها، ليغوص في بحر الكلمات، حيث تناغمت الحروف لتروي الأحداث في منزل طفلة تتساءل دوماً عن صاحبة صورة عُلِّقت على جدار منزلها “كانت الصورة لمقاتلة كردية تبتسم بسعادة ولطف شديدين، تقف وسط المارّة، ترتدي زيّاً عسكرياً تعتليه ثلاثة حروف Y.P.J.”، لتأتي خالة الصغيرة وتُرضي فضولها مخبرةً إياها من صاحبة الصورة وتروي قصة إحدى أيقونات النضال الكردي.
مُقاتلة كردية شخصيّة قصته
طالب جامعي في كلية الآداب، من نواكشوط عاصمة موريتانيا، يملك الشغف بالمجال الأدبي والسردي تحديداً، فلم يمضِ وقت طويل على محمد الأمين في كتابة القصص القصيرة لتشده قصة إحدى المقاتلات الكرديات، فتكون ملهمة لإحدى كتاباته.
فتعيش مع سطور القصة رغم قصرها العديد من المشاعر بين الحزن على الإيزيديات، اللواتي قابلتهم بطلة القصة خلال قتالها مع مرتزقة داعش، والقوة والألم عند نضال وصمود كوباني تلك المدينة الكردية الصغيرة في وجه من خشي العالم قتالهم، والغضب بموت بطلة القصة والتمثيل بجسدها ليقطع ويداس ويوثق فيديو مصوّر كل تلك الأفعال القذرة.
لتتسلسل الأحداث مع الطفلة بيريتان وهي تراقب والدتها التي تُعِد الشاي بكل حرص وإتقان، ليُطرق الباب فتسابق أقدام بيريتان الصغيرة الريح لفتحه، فتغمرها السعادة عندما ترى أن الزائر خالتها زيلان.
استخدم الكاتب محمد الأمين فضول الأطفال، وحبهم للمعرفة، حيث بقيت بيريتان الصغيرة تتساءل عن صاحبة صورة قد احتلت منتصف أحد جدران منزلها، لتجيبها خالتها عن صاحبة الصورة عند سؤال الطفلة كما ورد في قصة الأمين: “لم أعرف شخصاً في حياتي تأثرت وتعلقت به بقدرها، هذه يا صغيرتي هي فخرُ النساء الكرديات أينما كنَّ، وإحدى أقوى دعائم القضية الكردية إنها الشهيدة بارين كوباني”.
الغياب شكل من أشكال الحضور
وقد استحضر محمد الأمين حياة بارين التي قررت الانضمام إلى وحدات حماية المرأة بعد أن قابلت نساء إيزيديات روين لها ما جرى لهن في شنكال، ونضالهن ضد المرتزقة ببسالة، وعبّر عن بسالة نضالها ضد داعش بقوله: “كانت بارين التي شاركت في الحرب بشراسة وكأنها تنتقم للحرائر اللائي تم بيعهن بثمن دون الماشية حتى، والخمسة آلاف التي قُتِلت ظلماً وعدواناً في شنكال، تقول: صدقوني إن الدين والإنسانية بريئان من هؤلاء براءة الذئب من دم يوسف”.
كما وصفت القصة نضال الكرد ضد الاحتلال التركي ومرتزقته في كوباني: “حصل هذا الغزو لشمال سوريا أمام العالم أجمع، وبمباركة روسيا التي انسحب جنودها قبل الغزو بقليل والولايات المتحدة الأمريكية التي انسحبت ودمرت قاعدتها هناك”.
وعبّرت كلمات الأمين عن المعركة في القصة بلسان زيلان قائلةً: “بدأ الغزو ب 70 طائرة حربية فوقنا، في مشهد كأنه غيمة سوداء تلتهم سماء المدينة… انطلقت وحدات حماية الشعب: Y.P.G، ووحدات حماية المرأة Y.P.J، أخذنا مواقعنا… الطائرات التركية تقصف.. دم المدنيين يسيل…الدبابات تدمر… أرواح الأبرياء تصعد… الجيش التركي والجيش السوري الحر يرتكبون أبشع الجرائم في تقدمهم من قرية إلى قرية… ومجازر لا تنتهي”.
ولربما عبّرت كلمات الأمين في ختام قصته عما بداخل كل امرأة كردية، عندما تستذكر قصة بارين وغيرها من الشهيدات فوصفها بدمع زيلان وهي تقول: “لقد غابت بارين لكن ما لا يعرفونه أن الغياب شكل من أشكال الحضور، فبارين ليست غائبة بقدر ما هي حاضرة في أذهاننا وقلوبنا ودمائنا”.
انجذابه للثورة وتعرّفه عليها
ولمعرفة المزيد عن محمد الأمين أجرت صحيفتنا روناهي لقاء معه ليحدثنا عن كيفية تقرّبه من ثورة روج آفا: “تعرفت على ثورة روج آفا والقضية الكردية ككل عن طريق صديقة كردية، من أطيب وأعز الأصدقاء الذين تعرفت عليهم في حياتي”.
ولم يتأثر الأمين بما قرأه في مواقع الإنترنت فالكثير منها أخفى الصورة الحقيقية: “أثناء قراءتي لتاريخ القضية، لم أستعن على ذلك بما تحتويه المواقع على النت فقط، رغم أني قرأت ما يتوفر في المواقع الكردية وغيرها، لكن كان لدي مرجعي الخاص الذي أستنهل منه من بحر القضية الكردية وهي صديقتي الكردية”.
أكثر ما لفت انتباه الأمين في ثورة روج آفا هي الثورة بحد ذاتها، وعن السبب قال الأمين: “لأنها جاءت رداً على قمعٍ طال منذ تأسيس الانتداب الفرنسي على سوريا، وأعقبه تجريد 120 كردي من جنسيتهم في عام 1962م، وتركهم بلا جنسية وقمع لغتهم وثقافتهم لهذا كانت الثورة في 2012م، هي أكثر ما يلفت الانتباه ويثير الإعجاب”.
وقد شارك الأمين بقصته عن بارين بمشروع عربوك، الذي ولِد على يد الدكتور محمد خالد مصطفى لتنال إعجاب الكثير من الأعضاء سواء الكرد منهم أو العرب، كما أنه مؤخراً تم نشرها على صحيفة عرب اليوم وكذلك في صحيفة روناهي.
المرأة الكردية رمز للكفاح
وقد تفاعل الأمين مع أحداث الثورة وعاش بين ثناياها أثناء قراءته عنها فقال: “أحببت الشعب الكردي وأعجبتُ بالكثير من مقولات القائد آبو، وكثيراً ما تمنيت أن تتاح لي الفرصة يوماً لزيارة روج آفا والتعرّف عليها عن قُرب”.
وقد نال نضال المرأة الكردية حب الأمين، وعن سبب كتابته عن بارين قال الأمين: “أردت أن أُسطّر بقلمي تاريخ النضال الثوري لهذا الشعب العظيم، تعرفت على شهيدات لسنَ أقل نضال ولا عظمة وشجاعة من بارين، ولكن مسيرة بارين من بدايتها حتى لحظة استشهادها كانت أكثر ما شدني فصرت ألتهم ما وجدت من معلومات عنها”.
وأوضح الأمين أنه لا توجد كلمات يمكن أن تصف نضال المرأة الكردية، فقد رآها قدوة للأجيال ورمز للكفاح وأقوى دليل على تمسك الشعب وتشبثه بتاريخه العريق والدفاع عن الوطن: “كم تعرضت للقمع منذ مئات السنين، ذبحت، وسلبت الحرية، فكانت الحلقة الأضعف، ومع كل هذا استطاعت المرأة الكردية التمرّد والقتال في وجه الطغيان فكان لها تاريخ حافل بالإنجازات”.
واختتم الأمين حديثه متمنياً الكتابة عن النساء الكرديات: “القصة التي كتبتها يعود الفضل فيها لصديقتي التي أمدتني بكل المعلومات والأحداث، حتى أصبحت كمن يسكن بين المقاتلين والأهالي في شمال وشرق سوريا فكانت قصة الشهيدة بارين الصورة التي جسّدها عن هذه المشاعر ولكن ليس من يرى كمن يسمع”.[1]