لمياء حسو
رواية “#مم و زين#” أجمل ما قرأت ومازالت تحيطني بجمالها وسموها حتى هذا اليوم، إنها رواية فريدة من نوعها لأنها رائعة جداً وأخذت بشغاف قلبي وبسماء خيالي إلى البعيد وأجرت مدامعي وغصتُ في أعماقها أتصور كل وصف وأتعمق كل فكرة.
رواية “مم و زين” هي قصة حب حدثت مجرياتها في الأرض لكنها من شدة قداستها أينعت في السماء ومن شدة تأثيرها العميق يتقمص عشاق هذه الزمان أسماء “مم و زين” الشهيرين بقصة حبهما التاريخية، فترى أحدهم قد سمى نفسه “مم” وحبيبته تسمي نفسها “زين”، رغم مرور قرابة 400 عام على هذه القصة.
القصة التي خلّدها الحب على الرغم من نهايتها الحزينة، تستحضر من قبل أي عاشقين تحول الظروف بين ارتباطهما في مجتمعها الذي تحكمه عادات وتقاليد وقواعد بغيضة يجد العشاق في بعضها إجحافاً لهم وقتلاً لحبهم.
هناك تعلق وانجذاب شديد للأهالي بقصة “مم و زين” لأنها أبعد بكثير من حكاية يحكونها لبعضهم البعض، بل هي أقرب إليهم من حكاياتهم الخاصة فقد يكون لدى أغلبهم في ذاكرته قصة حب مدفونة لم تتكلل بالنجاح، لكن من شدة واقعية “مم و زين” تجد الناس حتى الأمس القريب يذهبون إلى “بوطان” لزيارة قبر “مم و زين” ويضعون الورود على قبرهما.
ولكل من يجهل ما هي قصة “مم و زين”؟ فأنها قصة حب حدثت في القرن السابع عشر الميلادي وتركت أثراً واسعاً بين الناس حتى أن المرحوم الشيخ “محمد سعيد رمضان البوطي” كتب عنها في أحد كتبه، مشيراً إلى أنها قصة حب عذرية أليمة، تُظهر التفاوت الطبقي بين عاشق فقير وأميرة.
الحكاية بدأتْ عندما التقى “مم” وهو عامل القصر مع “زين” وهي شقيقة الملك، وذلك في حفل عيد النوروز الذي يحييه الكرد السوريون وغيرهم كل عام في 21 آذار، وأحبا بعضهما من النظرة الأولى، وسرعان ما ذاع صيت حبهما، فقام الملك بطلب “ممو” العاشق إلى قصرهِ. يقول الشيخ “البوطي” في نقله لقصة الحب إن الملك زج العاشق في السجن وعاقبه عقاباً شديداً، تأثرت “زين” نتيجة ذلك وسقطت مريضة ومتألمة لحال حبيبها، وتحولا إلى سجين ومريضة.
حاول بعض أبناء المنطقة الاحتجاج من أجل فك أسر العاشق إلا أن احتجاجاتهم لم تحقق غايتها، ولكن تدهور حالة “زين” الصحية دفعت شقيقها للإشفاق عليها ووعدها بالزواج من ممو. صحوة ضمير الملك لحالة الحب التي منع تتويجها بالارتباط جاءت متأخرة فقد كان حال السجين قد تدهور أيضاً، أخذ الحاكم شقيقته إلى السجن وهي مرتدية ثياباً زاهية وكأنها عروس، قال ل”ممو”: “سأربط “زين” معك لتبقى زوجة وحبيبة”، رد الشاب قائلاً ، وهو بأسوأ حال: “إن رباطها المقدس بيد السلطان الأعلى وليس بيدك”. وهنا فارق الحياة من شدة القهر والجوع والعطش، ارتمت زين على جثته، وبعد لحظات فارقت الحياة، ودُفِنا في قبر واحد.
تحوّلت جنازة الشابين إلى عرس حقيقي، فقد انتفض لها أصدقاء العاشق، وأهل الضمير والوجدان، علماً لا تزالُ أسماء “مم و زين” على كل لسان باحترام ووقار، يرغب بسماع قصتهما الأطفال، ويقتدي بحبهما كثير من شباب اليوم والأمس وحتّى الغد، فهي قصة الحب الحزينة التي توجت بالحُزنِ.[1]