رامان آزاد
تستمر عمليات التحطيبِ الجائر في كلِّ قرى #عفرين# المحتلة، وتطال الأحراش الحراجيّة والغابات الطبيعيّة وكذلك الأشجار المثمرة وفي مقدمتها الزيتون من قبل مرتزقة الاحتلال التركيّ وبإشراف متزعميهم في الوقتِ الذي تصدر قياداتهم أوامر شكليّة للحدِّ منها، فيما شركاء في مكاسب التحطيب، وتأتي عمليات التحطيب بهدف الاتجار بالحطب وصناعة الفحم، وكذلك لإقامة التجمعات السكنيّة الاستيطانيّة، وتستمر عمليات التحطيب رغم التقارير العديدة التي نظمتها المنظمات الإعلاميّة والحقوقيّة والإنسانيّة.
اختفاء غابات كاملة
لم تتوقف عمليات قطع الأشجار منذ احتلال منطقة عفرين، ولا توجدُ إحصائياتٌ دقيقةٌ لعددِ الأشجار المقطوعة، والتي شملت الأشجار الحراجيّة والغابات المعمرة التي تضم أشجار السنديان والبلوط، وأشجار الزيتون ومختلف أنواع الأشجار المثمرة، مثل الرمان والجوز واللوز والفستق الحلبيّ والمشمش.
ويشكّلُ بيعُ الحطبِ أحد المواردِ للحصولِ على الأموال عبر الإتجار بالحطبِ أو صناعة الفحم، كما يتم قطع الأشجار لتحضيرِ الأرض لبناءِ التجمعاتِ السكنيّة الاستيطانية، والجدير ذكره أنّ كمياتٍ كبيرةً من الحطبِ يتمُّ إدخالها إلى الأراضي التركيّةِ، وتنشطُ هذه العملياتِ مع اقترابِ فصل الشتاءِ.
وانتشرت منذ أيام صور ومقاطع مصورة متعددة للمنطقة المحيطة ببحيرة سد ميدانكي، تظهر قيام ورشة كبيرة تقوم بقطع الأشجار مستخدمة مناشير آليّة، وبذلك تحولت الأحراش إلى تلال جرداء خالية من الأشجار نتيجة عمليات التحطيب المكثفة.
وتصاعدت وتيرة عمليات قطع الأشجار في الغابات الصنوبرية والحراجية، في آب الماضي، ما يهدد بزوال الغطاء النباتيّ، مع عدم وجود أيّ آليات مراقبة أو محاسبة، فالمرتزقة هم الذين يقومون بالقطع الجائر، وكذلك المستوطنون الذين يحتمون بهم. وعلى هذا النحو اندثرت غابات كاملة من الوجود جراء العمليات وخاصة الغابات المحيطة ببحيرة ميدانكي وباقي مناطق ناحية شرا، وغابات كاملة في ناحية جنديرس، كما أنّ الغابة الصنوبريّة (غابة المحموديّة) التي كانت تشرف على مدينة عفرين تم قطعها بالكامل من قبل مرتزقة أنقرة.
معظم الحطب المقطوع يتم نقله من عفرين إلى محافظة إدلب ومنطقة إعزاز، وبذلك فالشاحنات تمر على عشرات الحواجز العسكريّة والأمنيّة دون أدنى مساءلة، رغم الكميات الكبيرة.
تم تداول صور ومقاطع مصورة متعددة للمنطقة المحيطة ببحيرة سد ميدانكي قبل يومين، والتي أظهر أحدها قيام ورشة كبيرة تقوم بقطع الأشجار مستخدمة مناشير آليّة، وبذلك تحولت الأحراش إلى تلال جرداء خالية من الأشجار نتيجة عمليات التحطيب المكثفة.
ويشرف على عملية قطع الأشجار مرتزقة “لواء شهداء السفيرة” التابع لفصيل “السلطان مراد”، وتداولت صفحات التواصل الاجتماعيّ ومواقع محليّة مقاطع مصوّرة وصوراً تُظهر مرتزقة ما يسمى “الجيش الوطني” يقطعون الأشجار في أحراش في محيط بحيرة ميدانكي بناحية شرا. وأظهرت الصور حجم التغيّر الهائل الذي طرأ على الأحراشِ في منطقة عفرين، وتحولت إلى جرود خالية من الأشجارِ.
مصادر محليّة قدّرت عدد الأشجار الحراجيّة التي تم قطعها 600650 ألف شجرة المحيطة بسد وبحيرة ميدانكي وقرى كفرومة، قرتقلاق كبير وصغير، حلوبية، وصولاً إلى قرى في ناحية شران: ماتينا وكوبلاكا وسنكرلي وبعرافا وجمان وأومارا وديكمداش وعرب ويران وفيرغانه ودير صوان، وتستخدم المناشير الآلية كما يطلق الرصاص الحارق وسط الغابة ما يؤدي إلى اندلاع النيران، فيما تتم عرقلة وصول عناصر الدفاع المدنيّ وسيارات الإطفاء لزيادة رقعة الحريق، وبالنتيجة توفر الحجة لقطع ما تبقى من الأشجار.
وأفادت مصادر محليّة بأنّ مرتزقة “الشرطة العسكرية” التابعة للاحتلال التركيّ اعتقلت الناشط الإعلاميّ المدعو فايز الدغيم بسبب نشره مقطعاً مصوراً لقطع الأشجار الحراجيّة المحيطة ببحيرة ميدانكي التابعة لناحية شرا/شران منذ عدة أيام على يد مرتزقة “السلطان مراد” حيث تم قطع آلاف الاشجار الحراجيّة خلال ساعات معدودة.
ويرى مراقبون أن عمليات القضاء على الغطاء النباتي تتم بشكل منظم وممنهج وبإشراف الاستخبارات التركية التي تخطط لتغيير هوية عفرين الطبيعيّة، وسط مخاوف من خطط لبناءِ مستوطنات مكان تلك الغابات.
ثورة حتى آخر شجرة
وتداولت صفحات على مواقع وسائل التواصل الاجتماعي هاشتاغ “ثورة حتى آخر شجرة”، تعبيراً عن التنديد بقيام مرتزقة الاحتلال التركيّ بعملياتِ قطع الأشجار الجائرة والقضاء على الغطاء النباتيّ في عفرين المحتلة، والاتجار الجشع بأحطابها، وجاء تداول الهاشتاغ بعد تسارع وتائر عمليات قطعِ الأشجارِ وبخاصةٍ في ناحية شران/ شرا.
وعلى إثر الضجّة التي أحدثتها المقاطع المصوّرة، أصدرت ما تُسمّى “الإدارة الأمنيّة” في “هيئة ثائرون للتحرير” تعميماً إلى كافة الأقسام والمفارز والقاعات التابعة لها، تضمن إيقاف أيّ آليّةٍ تحمل مادة الحطب بشكل غير شرعيّ وتحويلهم إلى الإدارة الأمنيّة، ومراقبة ومتابعة الأحراش وتوقيف أيَّ شخصٍ أو جهة تقوم بقصِّ أو قطعِ الأشجار ومصادرةِ المعداتِ والآلاتِ المستخدمة وتحويلهم إلى الإدارة الأمنيّة.
رصد قطع 1182 شجرة
في 31/8/2022 ذكرت شبكة “عفرين بوست” أنّها خلال شهر آب الماضي أعمال قطعٍ عشوائيّة من قبل مرتزقة الاحتلال التركي في ريف عفرين المحتل، طالت مئات أشجار الزيتون وغيرها من الأشجار المثمرة، وتم توثيق قطع نحو 1182 شجرة أغلبها زيتون إضافة لأشجار الرمان والسرو والجوز، وجاءت عمليات قطع الأشجار كما يلي:
في 2/8/2022، تم رصد قطع 70 شجرة زيتون للمواطن “عزيز محمد أبو جوان” في قرية جوقيه – ناحية المركز، من قبل مرتزقة يتبعون لميليشيا “فرقة الحمزة /الحمزات”، تحت تهديد “أبو جوان” بالضرب في حال تقدّم بشكوى ضدهم.
كما تم رصد قطع 25 شجرة زيتون من أرض المواطن “حسين محمد”، المقيم في حي الأشرفية بمدينة عفرين، وكان قد قرر في 29/7/2022، تفقد أرضه ليجد أشجاره مقطوعة.
في #05-08-2022# قطع مرتزقة 35 شجرة زيتون من جذوعها للمواطن المهجّر قسراً “حسين محمد معمو” من أهالي قرية عبلا – ناحية بلبله، وعندما حاول ابن عمه منعهم من قطع الأشجار طردوه وتذرعوا أنَّ صاحب الأرض “حزبيّ” حسب توصيفهم.
في 6/8/2022، تم رصد قطع 85 شجرة زيتون للمواطن “شيخ موس مختار” من أهالي قرية قسطل كشك – ناحية شرّا، من قبل مرتزقة “السلطان مراد”، و35 شجرة رمان للمواطن “حسين محمد” من أهالي قرية عين دارة، إضافةً إلى قطع أشجار سرو على طريق ترندة – عفرين.
في 7/8/2022، تم رصد قطع أشجار الزيتون بشكل عشوائيّ على طول امتداد قناة نهر عفرين وطريق الترفيق الممتد من حاجز القوس حتى محطة شركة الكهرباء بمحيط مدينة عفرين المحتلة من قبل مرتزقة “جيش الإسلام”، ومن ثم نقلوا الحطب إلى إدلب لبيعها في أسواقها، وشمل القطع العشوائي أراضي عدد من المواطنين الكرد هم “نوري نجار” من أهالي قرية عين دارة، وأولاد شيخ حس وأولاد بيت عمو من أهالي قرية ترندة، و”حسن حسن – نوري عبدو” من أهالي قرية قيبار، وأولاد شيخ سليم من أهالي قرية أناب/عنابكة.
قطع مرتزق من فصيل “ملكشاه” حقل زيتون بالكامل ويضم 80 شجرة وتعود ملكيتها للمواطن المهجّر قسراً حنان عبد الرحمن من أهالي قرية قرت قلاق.
في 13/8/2022، قطع مرتزقة “المعتصم”، عدداً من أشجار الزيتون على أطراف حي الأشرفية باتجاه نهر عفرين في محيط مدينة عفرين المحتلة.
في 17/8/2022، تم رصد قيام مرتزقة بقطع نحو 600 شجرة زيتون في ناحية بلبله، ما دفع ببعض المتضررين من أصحاب الأراضي في بلدة بلبله إلى تقديم شكوى لدى لجنة رد الحقوق والمظالم، عُرف منهم المواطن “أحمد علي محمد” الذي قطعت 85 شجرة من حقله، والمواطن “جمال خليل” 60 شجرة.
وأقدم مرتزقة “أحرار الشرقيّة” على قطع 3 أشجار الجوز بعدما جنوا محصول الجوز من أرضِ المواطن المهجّر قسراً “ابراهيم سيدو” من أهالي قرية أستير. علماً أنّهم قطعوا 60 شجرة زيتون من أرض المواطن إبراهيم سيدو نفسه في وقت سابق.
في 20/8/2022 رصد قيام مرتزقة بقطع نحو 155 شجرة زيتون بتهمة أن أصحابها على علاقة مع الإدارة الذاتية، منها 80 شجرة زيتون من أرض المواطن “نعسان رشيد” من أهالي قرية قيبار، و75 شجرة زيتون من أرض المواطن “أحمد أبو عكيد” من أهالي بلدة بلبله.
30/8/2022 أقدم مرتزقة على قطع 35 شجرة زيتون بمحيط مقصف النجوم على طريق حلب – عفرين، تعودُ ملكية الأرض للمواطن “محمد عارف إبراهيم” من أهالي قرية بعدينا – ناحية راجو.
في 31/8/2022 بدأت عمليات قطع واسعة للأشجار في الأحراش الصنوبرية المحيطة بقرية مسكتا – ناحية شيه/شيخ الحديد، على يد مجموعة مرتزقة “الجبهة الشامية” المسيطرة على القرية، ولا زالت مستمرة حتى اليوم. وفي 2/9/2022 تم رصد نقل جذوع الأشجار المقطوعة من قبل مرتزقة “السلطان مراد” في حرش الصنوبر بحي الزيديّة.
تحطيب جائر في الغابات الطبيعية
في 3/9/2022 ذكرت شبكة عفرين بوست أنَّ المستوطن المدعو “أبو البراء” والمنحدر من حرستا بريف دمشق، يقوم بشراء مناطق انتشار الأحراش والغابات الطبيعية من مرتزقة “فيلق الشام” المسيطرة على المنطقة في ناحية راجو بقصد قطعها والإتجار بأحطابها. ودفع المدعو “أبو البراء” مبالغ لمرتزقة “فيلق الشام” مقابل السماح له بقطع أشجار البلوط والسنديان والزيتون البري والقطلب على أطراف قرى ميدان أكبس وسوركا وقره بابا قرب الحدود السورية التركية بناحية راجو.
ويعتمد المستوطن في عملية القطع الجائر على ورشة عمل مؤلفة من 8 عمال وسيارتين هونداي وثالثة سوزوكي، ويتم نقل الحطب المقطوع إلى مدينة عفرين، ويباع الطن الواحد منه بمبلغ 140 دولار.
في محيط بلدة ميدان اكبس بناحية راجو بدأ عناصر أمنيةِ “فيلق الشام” بحملةٍ كبيرةٍ لقطعِ الأشجارِ الحراجيّة قبل أيام واستهدفت أشجار البلوط المعمّرة والتي يتجاوز عمر بعضها 200 سنة، ويشرفُ على الحملة كل من المدعو “صليل الخالدي وأبو عرب”.
ويتم تجميعُ الحطبِ المقطوعِ بجانب خزانِ الماءِ، على شكلِ أكوامٍ كبيرة، وهناك زيادةٌ ملحوظةٌ بقطعِ الأشجارِ منذ يوم الأربعاء 31/8/2022، ولا يعلم تماماً عدد الأشجار المقطوعة، وهناك مخاوف من أن عمليات القطع تطال أشجار الزيتون أيضاً.
ألف طن من الحطب للبيع
ذكرت شبكة نشطاء عفرين أنّها حصلت على مقطع مصور يظهر متزعماً من مرتزقة “الجبهة الشامية” التابعة للاحتلال التركيّ يدعى المدعو سمير دنون، وهو يعرض على تاجر من محافظة إدلب، منذ يومين للبيع كمية ألف طن من الحطب المقطوع من الأشجار الحراجيّة في جبل برصايا/قسطل والأشجار المحيطة بقرية بافليون بناحية شرا/ شران.
يقوم مرتزقة “لواء الوقاص” بقيادة المدعو سعد عباس، برفقة المسؤول الأمنيّ للواء المدعو أبو رشيد، المسيطرين على قرية أشكان غربي بناحية جنديرس، بقطع الأشجار الحراجيّة (الصنوبر السرو) من جذوعها، بدءاً من جبل بيرقدار وصولاً إلى وادي عرب بمسافة تقدر بنحو 2 كم وبمساحة إجماليّة تتجاوز 50 هكتاراً، ويقدّر عدد الأشجار المقطوعة حتى الآن بنحو 3 آلاف شجرة، وتبدأ أعمال القطع من الساعة الخامسة صباحاً حتى وقت الظهيرة، ويتم نقل الحطب إلى محافظة إدلب ومنطقة إعزاز، كما يتم تمرير كميات كبيرة إلى التجار داخل الأراضي التركيّة.[1]