الشهباء/ جودي سيبان
عند رؤية الخيم، التي يسكنها مهجرو مقاطعة #عفرين# المحتلة في مخيم سردم، أول ما يلفت الأنظار اللون الأخضر المتوهج الطاغي، المحيط بالخيم، التي تزينها الأشجار، والأزهار المزروعة المتنوعة.
تتزين كل خيمة بأنواع عديدة من الأزهار المزروعة، بجانبي الخيمة، وبالأشجار التي تؤمن الفيء في أيام الصيف الحارة، وتضفي جمالية إلى الخيم.
فمقاطعة عفرين المحتلة تشتهر بطبيعتها الخلابة، وسهولها الخصبة، وأراضيها المزروعة بملايين أشجار الزيتون، والرمان والعديد من الأنواع الأخرى.
هذه الطبيعة تمتد عمرها مئات السنين، فقد كان أجدادنا، العفرينيون يهتمون بالطبيعة، ويزرعون ما يحلو لهم من المزروعات في كل منزل، وفي كل أرضٍ زراعية.
ونتيجة توارث هذا العمل، فقد أصبح ثقافةً يشتهر بها أهالي مقاطعة عفرين المحتلة، ولهذا عندما هُجِروا إلى مقاطعة الشهباء، وأقاموا في مخيم أسموها “مخيم سردم” بعد أن كانت أرضها قاحلة في بداية الهجرة إلى أن حوّلها المهجرون إلى أرضٍ مملوءة بالخضرة والنماء.
وأبى أهالي عفرين المهجرون الخروج من مقاطعة الشهباء، بالرغم من الحصار المستمر، والخانق من قبل حكومة دمشق، بالإضافة إلى التهديدات المستمرة للمحتل التركي، ومرتزقته بالهجوم على المقاطعة، وقصفهم لها بشكل شبه يومي عشوائياً، والذي تسبب في غالب الأحيان إلى استشهاد المدنيين.
وفي هذا السياق، يقول العم المهجر (محمد حنيف)، الذي بلغ عقده السادس، ويقيم في مخيم سردم، حيث قارن حياته عندما كان في أرضه مع حياته الآن في مخيمات الهجرة: “كنا ننعم بالعيش الهانئ في عفرين، قبل أن يهاجمنا المحتل التركي؛ فهجرنا قسراً إلى حيث مخيمات الهجرة، هذه الأرض كانت قاحلة في بداية هجرتنا، فنحن العفرينيون بفطرتنا لا يمكننا التعايش مع طبيعة كهذه، فقد قمت بزراعة شجرة الزيتون، والأزهار، والمزروعات حول خيمتي؛ لأجل أن يبقى منزلي في ذاكرتي، حيث كنت أقوم بالأمر نفسه حينها أيضاً”.
ويسكن العم حنيف مع زوجته، ووالدته، ويتشاركون كل يوم جلسة مع جيرانهم، الذين يجتمعون تحت ظل الأشجار: “أعيش مع زوجتي وأمي التي تبلغ من العمر 106 أعوام، في عفرين كانت أمورنا ميسورة، فقد كنت أعمل في تجارة السيارات ولكن هنا لم تعد هذه المصلحة تدر بالأموال، كما كانت قبلها، زرعت الخضروات مثل (لوبيا، القتة، القرع، الفلفل وباذنجان بالإضافة إلى زراعة شجرة الزيتون، زنزلخت الشمسية، كرم العنب والمشمش)، وهذه الأشجار تكون لنا بعض الظل فنجتمع نحن الجيران، تحت ظلها ونروي قصص حياتنا في عفرين”.
ولفت المواطن (محمد حنيف) في ختام حديثه، بأن وجهتهم الوحيدة بعد هجرتهم لن تكون سوى باتجاه مقاطعة عفرين المحتلة: “نحن نأبى الخروج من هنا بالرغم التهديدات المستمرة من قبل جيش الاحتلال التركي، ومرتزقته، وإن كان لنا خروج من هنا ستكون وجهتنا إلى عفرين حصراً”.[1]