“تظاهرات ثقافية، بين حضور الإبداع، وغياب الدعم”
آراس بيراني
السينما، ورغم مرور أكثر من مائة عام على حضورها على الساحة الفنية، ورغم التطور التقني، والثورة الرقمية في عالم التصوير، فمازالت السينما تحتفظ بسحرها وألقها، كفن سابع وجامع لمجمل الفنون، فمن رحلة السينما الصامتة، إلى عصر السينما الجماهيرية، ومن سينما شارلي شابلن إلى عالم كلينت ايستورد في أفلام الكاوبوي، مروراً بالسينما الهندية، وإطلالة جيمي كابور، والسينما المصرية مع “حرافيش” فريد شوقي، إلى عتبة الواقعية في السينما العربية، لندخل ثمانينات القرن العشرين إلى عالم أفلام يلماز غوناي الأب الحقيقي للسينما #الكردي#ة، مع فلميه “القطيع “و”الطريق” الذي نال جائزة السعفة الذهبية بمهرجان “كان” رائداً للسينما الكردية.
وتتلاحق الجهود الإبداعية في إنتاج أفلام سينمائية واقعية، ولتتنوع انتاجية الأفلام الكردية بين سينما المرأة، وسينما الطفل، وسينما الإنيميشين، مواكبة لأوضاع المنطقة الكردية والإقليمية بما شهده من نزوح، وتهجير وعنف وأوبئة، ولعلها هذه المفردات قد أعلنت نفسها، في الأفلام التي تم عرضها ضمن فعاليات مهرجان كوباني السينمائي الدولي، الذي انطلق في العاشر من أيلول، بدورته الثالثة التي حملت اسم “يلماز غوناي” تقديراً لدوره الريادي في انطلاقة السينما الكردية على المستوى العالمي.
المهرجان حمل اسم كوباني تخليداً للمقاومة البطولية، وتصدرها المشهد إعلامياً في فضح مرتزقة داعش، وهزيمتهم من قبل وحدات حماية الشعب بمؤازرة ودعم أبناء الشعب الكردي.
انطلقت الدورة الثالثة من المهرجان من مدينة “بوخوم” الألمانية؛ ما منحه الحضور العالمي، والمكانة اللائقة، التي يستحقها وسط اهتمام إعلامي.
وأمتاز المهرجان باعتماده الروح التطوعية، والدعم المحدود من قبل فعاليات اجتماعية، للانطلاق، وهذه النقطة رغم إيجابيتها في المحافظة على استقلالية المهرجان، وعدم انجراره لأي جهة ما، إلا إن هذا لا يعني ترك هذه التظاهرة الثقافية الفنية دونما اهتمام جدي، ودونما دعم مادي من قبل هيئات الثقافة، وكومينات صناعة السينما، وذلك لأهمية هذه التظاهرات الثقافية، ودورها في تعريف العالم بقضايا الشعب الكردي، هذا من جهة، ومن جهة ثانية حلاً للمصاعب، التي ظهرت خلال المهرجان؛ بسبب قلة السيولة المالية، والتي استطاع القائمون على إدارة المهرجان تجاوزها بإمكاناتهم الخاصة، وبذلك فإن أي مهرجان ثقافي لابد من متابعته عن كثب، وتخصيص ميزانية دعم مقبولة، ومهرجان كوباني السينمائي من أهمها؛ بما يمتلك من بنية تأسيسية، وقاعدة جماهيرية، وبما يقدمه من سوية عالية للفن، وتحوله إلى منصة عالمية، ومشاركته بأفلام من أنحاء كردستان؛ ما يشكل مظلة فنية تهيئ فرص تعارف، وتلاقي بين الشخصيات العاملة في السينما؛ ما يعزز مناخات مستقبلية للتعاون في إنتاج مشترك، وخاصة بالنظر إلى ما تم عرضه من #أفلام كردية#، وبلهحات مختلفة، بالإضافة إلى مشاركة مصر، والمغرب، ولبنان، وبالمتابعة لهذه الأفلام نكتشف مدى مواكبة المهرجان للحالة السياسية، والاجتماعية، والثقافية من خلال موجة الأفلام، التي حملت صبغة الحرب، وتأثيراتها على الأسرة، والمرأة والعنف الموجه ضدها في المجتمعات الشرقية، التي مازالت تشهد حروباً، وعمليات تهجير…
هذه التظاهرة لاقت نجاحاً؛ لتوفر الإرادة الجماعية من طاقم العمل، وعبر البصمة المميزة للمخرجة الكردية السورية، أفين برازي ابنة كوباني، التي ترأست لجنة التحكيم، وللفنان جنكو شريف مدير المهرجان، واستطاع المهرجان أن يرسم ملامح الفترة القادمة، والقادرة على ولوج العالمية من خلال أفلام محلية، تحمل صبغة مميزة، لغةً وأزياءَ، وجغرافية.[1]