#قامشلو#/ دعاء يوسف-
أقيمت مؤخراً دورة تدريبية لتعلّم الباليه في شمال وشرق سوريا، هي الأولى من نوعها كفنٍّ نبيل هادف، وهو ما يسمى بالدراما الراقصة، وكانت ناجحة في تدريب خمس عشرة فتاة، فتخرجن منها بمهارة فائقة، واتقان، يتلمسنَ طريق النجاح في تحقيق أحلامهنَّ المبتغاة.
الدراما الراقصة، هي التي تحكي بالرقص قصصاً، وحكايات، ومعاني، فتعد الأساس للفن التعبيري، أو الباليه، والباليه فن يقدم على المسرح خلال رقصة تعبيرية رافقها موسيقا معبرة.
رقص الباليه من أشهر رقصات العالم، حيث تتناغم الحركات مع الأنغام، فتعبر عن العديد من الانفعالات المزدوجة كالغضب، والفرح، والحزن من خلال الأداء الحركي للجسم، تتراقص فيه الألحان مع كل حركة تقوم بها راقصة الباليه، إلا أنها لا تزال غير مقبولة في المجتمعات الشرقية، فينظر إليها بمنظار العار، والخطأ؛ كونها تخالف التقاليد، التي تربى عليها المجتمع، فمن النادر جداً أن تجد إحدى الفتيات تحاول تعلمها، وندرة دورات تدريبية للباليه سابقاً، وفي بادرة تعد الأولى من نوعها في شمال وشرق سوريا، فتحت أول دورة تدريبية للفتيات من عمر ثلاث سنوات إلى 14 سنة، فضمت خمس عشرة طفلة، أطلقت العنان لشغفها وحبها.
ولمعرفة المزيد عن هذه الدورة التدريبية، التقت صحيفتنا روناهي بالمدربة، وبعض الفتيات المشاركات في الدورة، ليبدين سعادتهنَّ بهذه الخطوة، ويطالبن بدورات أخرى، فإن ما تعلمنه لم يكن كافياً؛ لإرضاء شغفهن.
“أحب الرقص التعبيري كثيراً”
الطفلة ديلبر هكار حسن البالغة من العمر ثماني سنوات، حدثتنا عن حبها وغرامها بهذا النوع من الرقص: “عندما سمعت بوجود دورة تدريبية لتعلم الباليه، سارعت بالتقدم إليها، وكأن حلمي يتحقق فأنا أحب الرقص كثيراً”.
وديلبر لم تواجه إي صعوبة أثناء التدريب، كما أخبرتنا، بأنها كانت تشعر بمتعة كبيرة، وحتى عند عودتها للمنزل كانت تتدرب على الحركات، التي علمتها إياها المعلمة: “كنت أنتبه كثيراً لما تقوم به معلمتي من حركات، فلم يكن الأمر صعباً بل ممتعاً للغاية”.
واختتمت ديلبر هكار حسن حديثها: “أريد أن أصبح راقصة باليه محترفة في المستقبل، وأعلم الأطفال، حتى ينتشر فن الباليه، وينظر المجتمع إليه كما نراه نحن الأطفال”.
وبدورها قالت الطفلة لانا سعيد كانو، أنها تعلمت الكثير من هذه الدورة، وأضافت: “لقد تعلمت الكثير من الحركات الصعبة أثناء التدريب، وكون رقص الباليه يعتمد على الرشاقة، فهو مفيد جداً للجسد ولصحته، كنت أعتقد أن هذا الرقص صعب، لكن لم أواجه الكثير من الصعوبات؛ لأني عندما أرقص أذهب إلى عالم آخر من الجمال، وكأني أطير كالعصافير”.
وأشارت لانا، أن والدتها كانت سعيدة جداً بتعلمها الباليه، وكانت تشجعها لتستمر في التعلم: “في بعض الحركات صادفت بعض الصعوبة، ولكني تغلبت على الأمر، فقد كانت أمي خير داعم لي”.
واختتمت لانا سعيد كانو حديثها، بطلب اتباع دورات تدريبية أخرى، حتى يتمكن كل عاشق لهذا الرقص، أن يتعلمه، ويطوره أكثر: “لقد مر وقت التدريب سريعاً، أتمنى أن تُقام دورة أخرى؛ حتى أستفيد أكثر”.
حب التعلم كفيل بإتقان المهارة
وفي لقاء آخر مع مدربة الباليه، نازك العلي حدثتنا عن الدورة التدريبية الأولى في شمال وشرق سوريا، وحضورها من دمشق حتى تلبي رغبة الأطفال في تعلم الباليه: “العديد من الأطفال في قامشلو عشقوا الباليه، ولم يستطيعوا تعلمه وحدهم؛ كون الباليه من أنواع الرقص، التي تحتاج إلى مرونة، وصبر فأي حركة خاطئة قد تضر الجسد، وقد لبيت طلبهم لتعليمهم أساسيات الباليه”.
وقد لاقت نازك رغبة وحباً كبيراً في قلب الفتيات للتعلم: “لم تستمر الدورة طويلاً فقد كانت لخمسة عشر يوماً فقط، ولكن الفتيات قد تعلمن بسرعة؛ كون أجسامهن مرنة أكثر من الكبار”.
وبينت نازك لنا، أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم من ثلاث لخمس سنوات، تعلموا أسرع الكثير من الحركات، وزادت: “إن الأطفال الصغار أسرع قابلية للتعلم، ولا يجدون صعوبة في القيام بالحركات الصعبة، لكن البعض الآخر واجه الصعوبة بالقيام بها”.
وأضافت نازك: “عندما أرى الحماس في عيونهم الصغيرة، ومحاولاتهم الكثيرة للتعلم، دون كلل أو ملل، كنت أشعر بالسعادة، أنني أنمي حبهم للباليه، وأضعهم في أول الطريق نحو الحلم”.
ولم تكتفِ نازك بالساعات المحدودة للتدريب، بل كانت تتواصل مع الأطفال، ومع ذويهم وتريهم مقاطع فيديو خاصة بتعلم الباليه من أجل تحسين مستواهم.
واختتمت مدربة الباليه نازك العلي حديثها، بأن الباليه فن جميل، ومفيد جداً للجسد؛ كونه يعد رياضة تحافظ على الرشاقة البدنية، ولذلك أملت من المجتمع أن يقدر هذا الفن، وتمنت: “لكل امرئ حلم يسعى لتحقيقه، وربما بعض الأحلام تخالف معتقدات وتقاليد مجتمعاتنا الخاطئة، ولكن من يبحث عن طريق حلمه سيجده، وأتمنى أن تستمر الفتيات في طريق تعلم الباليه حتى يحققن أحلامهن”.
والجدير بالذكر إنه في 18 من الشهر الجاري، كرمت هيئة الثقافة والفن في إقليم الجزيرة 15 راقصة باليه من الأطفال، خضعوا للدورة التدريبية الأولى في شمال وشرق سوريا.[1]